تفاصيل الخبر

خيار حكومة الأقطاب بين مؤيد ومعترض ويبقى البديل عن الحكومة الثلاثينية المتعثرة!

28/12/2018
خيار حكومة الأقطاب بين مؤيد ومعترض ويبقى البديل عن الحكومة الثلاثينية المتعثرة!

خيار حكومة الأقطاب بين مؤيد ومعترض ويبقى البديل عن الحكومة الثلاثينية المتعثرة!


في الوقت الذي كانت فيه الاتصالات تدور لحل العقدة التي واجهت تشكيل الحكومة العتيدة، كان بعض الساعين الى الخروج من الأزمة الحكومية يسوّقون لمخرج لتفادي العراقيل القائمة هو تشكيل حكومة من 14 وزيراً تضم الصف الأول من رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، ويتوزع التمثيل الطائفي فيها كالآتي: 3 وزراء سنة، 3 شيعة، 3 موارنة، ارثوذكسيان، درزي واحد، كاثوليكي واحد، أرمني واحد. وتنقّل الاقتراح بين المقرات الرئاسية على أساس انه يعني <حكومة انقاذ وطني> تواجه المرحلة الدقيقة والصعبة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على غرار حالات مماثلة مرّ بها لبنان في عهود سابقة.

<التبريرات> التي حملها أصحاب هذا الاقتراح قامت على ركائز ثلاث:

ــ الركيزة الأولى ان حكومة من 14 وزيراً سوف تضم فقط الأقطاب من كل الطوائف ما يعطيها <هيبة> استثنائية تشكل ضمانة داخلية وخارجية في مقاربة الملفات المتنازع عليها حيث لا رأي واحداً. ومع وجود <الأقطاب> داخل الحكومة فإن قرارات عدة تتخذ بسهولة لا تتم مع وجود <ممثلين> عن هؤلاء الأقطاب يعودون الى <معلميهم> في كل شاردة وواردة ما يؤدي الى تأجيل الكثير من القرارات الى حين انتهاء <التشاور>.

<حكومة أقطاب>

ــ الركيزة الثانية تقوم على أن <حكومة أقطاب> تبعد المطالبة بحصص أكبر لتمثيل الأحزاب والكتل النيابية لأن العدد يقتصر على الأساسيين في كل كتلة أو حزب ما يلغي عملياً شهية الاستيزار الموجودة بقوة في صيغة ثلاثينية كتلك التي باتت الحكومات تشكل علىاساسها في معظم حكومات ما بعد الطائف. وفي هذا السياق يقول أصحاب هذا الاقتراح ان توزع الأقطاب في حكومة الـ14 يمكن أن يكون على الشكل الآتي:

ــ عن الموارنة: جبران باسيل، سمير جعجع، سليمان فرنجية.

ــ عن السنة: الرئيس سعد الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس تمام سلام أو الرئيس نجيب ميقاتي.

ــ عن الشيعة: علي حسن خليل، محمد رعد (أو من يختاره الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله)، وشخصية ثالثة تشكل تقاطعاً بين <الثنائي الشيعي> إذا تعذر تمثيل شخصية مستقلة مثل اللواء جميل السيد أو اللواء عباس ابراهيم، أو النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين.

ــ عن الأرثوذكس: وزير يختاره رئيس الجمهورية (الياس بوصعب مثلاً) وآخر يختاره رئيس الحكومة (فريد مكاري مثلاً أو عاطف مجدلاني مثلاً).

ــ عن الدروز: النائب السابق وليد جنبلاط.

ــ عن الكاثوليك: وزير يختاره رئيس الجمهورية بالتنسيق مع الرئيس الحريري بحيث يكون على تقاطع من الرئيسين، علماً ان طائفة الروم الكاثوليك زاخرة بالوجوه التي تنطبق عليها صفة الاعتدال والتلاقي مع الجميع.

ــ عن الأرمن: الأمين العام لحزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان أو من يختاره الحزب.

وبمثل هكذا تركيبة يمكن تفادي المطالبة بحصص منفوخة، أو بوزراء من كتل صغيرة، أو بازدواجية التمثيل الطائفي كما هو حاصل بالنسبة الى الدروز، إضافة الى حل عقدة النواب السنة من أعضاء <اللقاء التشاوري>.

ــ أما الركيزة الثالثة فتقوم على ان حكومة الـ14 ستكون، من خلال وجود الأقطاب فيها، أكثر صلابة في اتخاذ القرارات ولاسيما منها مكافحة الفساد التي باتت عنواناً مشتركاً لدى كل الكتل والأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني. ومثل هذه المشاركة سوف ترفع عملياً يد الأحزاب عن مخالفات يرتكبها أنصارهم سواء في الادارات أو من خلال الصفقات والالتزامات لأنه لن يقبل أي زعيم مشارك في الحكومة على نفسه أن يغطي فاسدين ومفسدين. إضافة الى ان وجود الأقطاب المسيحيين والمسلمين في حكومة واحدة يعزز الوحدة الوطنية ويحمي صيغة العيش المشترك ويشكل رداً واضحاً وقوياً على أي محاولة لزرع الفتنة أو استغلال الاعتبارات الطائفية والمذهبية لخلق أمر واقع معين خلال مقاربة مجلس الوزراء لأي من الملفات!

وثمة من يرى من هذا الاقتراح، ان حكومة من 14 قطباً ستعطي ثقة للتواصل الديبلوماسي وتكوّن انطباعاً ايجابياً قد يتمكن محبو لبنان من الدول الكبرى المانحة وغيرها من تشجيع عملية الوفاء بالالتزامات التي تقررت في مؤتمر <سيدر> وغيرها من المؤتمرات الداعمة للبنان. ذلك ان الحجج التي كانت تساق للتلكؤ في تقديم المساعدات أو لحجبها كلياً، كانت دائماً بأن الخلافات قائمة بين القيادات اللبنانية ولا مجال لأي مساعدات في أجواء خلافية!

<حجج> المعترضين

إلا ان <حماسة> الساعين الى حكومة من 14 وزيراً، جوبهت برفض بعض القياديين الذين آثروا عدم دعمها أو الترويج لها وتسويقها لاعتبارات عدة أبرزها الآتي:

ــ أولاً: رغبة المعترضين في أن تبقى الحكومة موسعة لتوفير أوسع تمثيل لهم داخل السلطة التنفيذية من خلال تسلم حقائب أساسية وأخرى ثانوية يمكن أن تسهّل عليهم التعاطي مع أنصارهم وتوفير الخدمات لهم، فضلاً عن <استفادتهم> من تقديمات هذه الوزارات.

ــ ثانياً: الترويج بأنها لم تعتمد في مرحلة ما بعد الطائف، فإن الحكومات الثلاثينية كانت الخيار المعتمد لتحقيق أوسع تمثيل ممكن ولإيجاد ادارة متكاملة لشؤون البلاد من خلال الوزراء في وزاراتهم. غير ان هذا <الترويج> يناقضه تشكيل حكومات مصغرة في عهود ما بعد الطائف، سواء في أيام الرئيس الراحل الياس الهراوي، أو الرئيس اميل لحود، في حين لم يعتمد ولا مرة في عهد الرئيس ميشال سليمان الذي شكلت حكومة من 24 وزيراً في عهده، وكانت الوحيدة بهذا العدد، أما الوزارات الأخرى فكانت ثلاثينية.

ــ ثالثاً: محاولة المعترضين الإيحاء بأن هكذا حكومة تضم أقطاباً لن تكون منتجة لأنها ستصرف معظم وقتها في النقاش السياسي والجدل حيال المسائل السياسية الكبرى ولن تهتم بأمور الناس وحاجاتهم، ولا بالأوضاع الاقتصادية التي تشهد تراجعاً مقلقاً، ولا بالأوضاع الاجتماعية التي تتكاثر المعطيات السلبية فيها. إضافة الى عدم إعطاء <الوزراء الأقطاب> الوقت الكافي للاهتمام بوزاراتهم أو الحضور الى مكاتبها إما لاعتبارات سياسية أو لمحاذير أمنية مثلما هو وضع رئيس <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع الذي يؤثر عدم مغادرة مقره في معراب إلا عند الضرورة القصوى وغالباً ما ينيب زوجته النائب السيدة ستريدا جعجع أو أحد نواب كتلة <الجمهورية القوية> لتمثيله في المناسبات السياسية أو الدينية وغيرها.. إلا ان الرد على هذا <الطرح> الاعتراضي يقوم على ان بامكان <الوزراء الأقطاب> الاستعانة بخبراء أو مستشارين يدرسون الملفات العائدة لوزاراتهم ويضعون ملاحظاتهم ويناقشونها مع الوزراء المعنيين أو نظرائهم عند الوزراء الآخرين على أن يعدوا القرارات أو التوجهات المناسبة التي يوقعها <الوزير ــ القطب> ويرفعها الى مجلس الوزراء جاهزة للدرس والإقرار.

وتقول مراجع سياسية على علم بالصيغة الـ14 التي يتم التداول بها ان ردة فعل المعترضين تراوحت بين رافض بالمطلق ومتحفظ وثالث مستعد للنقاش فيها، ما يعني ان الفكرة ستبقى حية وقيد التداول خصوصاً بعد تعثر تشكيل الحكومة على رغم المبادرات التي توحي باستمرار السعي لولادة الحكومة الثلاثينية. إلا ان خيار حكومة الـ14، أو <حكومة الأقطاب> يبقى الخيار الأخير إذا سُدت السبل في وجه الحكومة الموسعة، خصوصاً ان صفة <الانقاذ> تنطبق على هكذا حكومة، لأن الوضع بات بحاجة الى انقاذ... ومنقذين!