تفاصيل الخبر

خيار «الرئيس الانتقالي» عاد الى التداول كما في 2007 وعدم التجاوب «الطوعي» قد يجعله «أمراً واقعاً» بإرادة خارجية!

16/10/2015
خيار «الرئيس الانتقالي» عاد الى التداول كما في 2007  وعدم التجاوب «الطوعي» قد يجعله «أمراً واقعاً» بإرادة خارجية!

خيار «الرئيس الانتقالي» عاد الى التداول كما في 2007 وعدم التجاوب «الطوعي» قد يجعله «أمراً واقعاً» بإرادة خارجية!

لحود-سليمانبين النداء الذي وجهه الأمين العام للأمم المتحدة <بان كي مون> الى الزعماء اللبنانيين لوضع خلافاتهم جانباً وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن البلاد لا يمكنها تحمّل تأخير إضافي في إنجاز هذا الاستحقاق، وبين السعي المتواصل الذي يقوم به الفاتيكان في الاتجاه نفسه، وإن كان يبقيه خارج التداول الإعلامي، فإن مصادر سياسية مطلعة أكدت لـ<الأفكار> وجود مشاورات داخل لبنان وخارجه للاتفاق على انتخاب <رئيس انتقالي> يمهّد لإعادة تكوين المؤسسات الدستورية من خلال تشكيل حكومة جديدة تعمل مع مجلس النواب على إقرار قانون انتخابي جديد يفسح في المجال أمام إجراء انتخابات نيابية تفرز سلطة تشريعية تقوم على توازنات جديدة، وتنتخب هي رئيساً للجمهورية، بعدما يقدّم الرئيس <استقالة طوعية> للإفساح في المجال أمام انتخاب المجلس النيابي الجديد رئيساً جديداً.

وقالت المصادر نفسها إن النقاش في هذه الفكرة أملته سلسلة معطيات لعل أبرزها <استحالة> الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الراهن، نظراً للانقسام العمودي الذي يشطر التركيبة السياسية اللبنانية الى شطرين، إضافة الى فشل كل المحاولات التي بُذلت منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان للاتفاق على رئيس <توافقي> في ظل رفض فريق أساسي من اللبنانيين مثل هذا الخيار، ومطالبة هذا الفريق بـ<رئيس قوي>، إضافة الى الترشيح غير المعلن لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والذي يحظى بدعم قوى 8 آذار مجتمعين ومنفردين. وقد سعت مراجع دولية سياسية وروحية مثل الفاتيكان للوصول الى صيغة تؤمن إنهاء الشغور في قصر بعبدا، وتوالت المحاولات وكان آخرها دخول البابا <فرنسيس> على الخط مباشرة داعياً القيادات المارونية الى <الاتحاد والتضامن> لانتخاب الرئيس، فضلاً عن انه طرح هذا الأمر مع الرئيس الأميركي <باراك أوباما> خلال اللقاء الذي جمعهما قبل أسبوعين في واشنطن، إضافة الى التحرك الذي قام به الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> مع ايران وغيرها والذي بقي من دون نتيجة.

وتضيف المصادر السياسية المعنية، أن ما شجع على طرح فكرة <الرئيس الانتقالي> عدم تنازل أي من الأطراف اللبنانيين عن مواقفهم وبروز تناقض كبير بين الفريق الداعي الى إجراء انتخابات نيابية تسبق انتخاب الرئيس، والفريق الذي يرى العكس، ويقدّم الفريقان تبريرات لمواقفهم التي يتمسكون بها ولا يريدون التنازل عنها. كذلك فإن من الأسباب المحرّكة، عدم قدرة الخارج على <فرض> رئيس على اللبنانيين كما حصل في العام 2008 بعد فراغ رئاسي استمر ستة أشهر، وذلك بسبب انشغال الخارج في متابعة التطورات الأمنية الدامية التي تشهدها دول الجوار اللبناني، ولاسيما سوريا والعراق، وهذا <التخلي> الخارجي عن الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي على غرار ما حصل في العام 2008، لمسه الرئيس تمام سلام وأعضاء الوفد الذي يرافقه الى نيويورك، ما جعل فكرة <الرئيس الانتقالي> تتقدم من جديد على أساس أن وجود رأس للدولة يمكن أن يشكل حكماً بين الاطراف المتخاصمين ويساعد في تقريب وجهات النظر أو <ينظم> الخلافات في ما بينهم، ويقيم توازناً يؤدي في مرحلة أولى الى تشكيل حكومة مهمتها الإشراف على إجراء الانتخابات النيابية تُشكل من وزراء غير مرشحين للانتخابات، بالتزامن مع إقرار مجلس النواب القانون الانتخابي الجديد الذي يُفترض أن تجري الانتخابات النيابية على أساسه. وفي مثل هذه الحالة <تسقط> حجج كثيرة يتمسك بها الطرفان حول من يملك الأكثرية الشعبية التي يُفترض أن تؤثر في انتخاب الرئيس العتيد لأن الانتخابات النيابية ستفرز واقعاً سياسياً جديداً يؤمل أن يعكس التمثيل الشعبي الحقيقي لدى المسيحيين والمسلمين في آن.

واستذكرت المصادر السياسية نفسها أن فكرة <الرئيس الانتقالي> ليست جديدة، إذ سبق أن طُرحت قبيل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود ببضعة أسابيع، حين تأكدت استحالة انتخاب رئيس جديد وسقطت محاولة تشكيل حكومة انتقالية كان يرشح الرئيس لحود، قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان لرئاستها. يومذاك، تضيف المصادر، برز توجه جدي للاتفاق على <رئيس انتقالي> لمدة سنتين أو ثلاث سنوات على أساس أن الانتخابات النيابية كانت ستجري في العام 2009، وبالتالي فإن التركيبة المجلسية الجديدة ترسم صورة الرئيس العتيد. وبالفعل أُجريت اتصالات بعيدة عن الأضواء استقرت على أن يكون الوزير السابق ميشال إده هو الرئيس العتيد الذي يتولى الإشراف على انتخاب مجلس نيابي جديد بعد تشكيل حكومة تحصر مهامها بهذه الغاية، على أن يقدّم <الرئيس> إده استقالته بعد ذلك، أي بعد مرور سنتين أو سنتين ونصف السنة، للإفساح في المجال أمام انتخاب المجلس الجديد، لرئيس جديد، وقد أتى طرح <الاستقالة الطوعية> بعدما رفضت مرجعيات مارونية - وكان من بينها الوزير إده نفسه - تعديل الدستور لتقليص مدة ولاية رئيس الجمهورية المحددة بست سنوات، لئلا تُسجل سابقة في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية. وتؤكد المصادر نفسها، ان هذا المخرج كاد أن يُعتمد وتبلّغ الوزير السابق إده موافقة غالبية رؤساء الكتل النيابية و<مباركة> الفاتيكان والبطريركية المارونية، الى أن تعرقل تنفيذ هذا الاتفاق نتيجة <اعتراض آخر ساعة> من الرئيس سعد الحريري، إضافة الى حملة غير مسبوقة نظمها الإعلام الإسرائيلي ضد الوزير إده المعروف بعدائه للصهيونية العالمية ودفاعه عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والإقليمية.

وتقول المصادر السياسية أن التاريخ يعيد نفسه بعد أكثر من ست سنوات، لاسيما وان لبنان يعيش <السيناريو> السياسي نفسه والمشهد الخلافي نفسه، إذ لا يزال الصراع على أوجه بين فريقي 8 و14 آذار، فيما تبقى الملاحظات حول التمثيل النيابي هي ذاتها من دون أي تعديل، فضلاً عن المطالبة إياها بقانون انتخابي يُحقق التمثيل الشعبي الصحيح. لذلك عادت فكرة <الرئيس الانتقالي> من جديد للتداول بعيداً عن الإعلام على أمل أن تلقى تجاوباً من الجهات المعنية لتفادي استمرار الفراغ الرئاسي في البلاد من جهة، ومن جهة ثانية لإعادة إحياء المؤسسات الدستورية بدءاً من رئاسة الجمهورية، وصولاً الى مجلسي النواب والوزراء، في ظل التطورات العسكرية المتسارعة في دول الجوار اللبناني والتي يُخشى أن تؤثر سلباً على الوضع اللبناني مع تفاقم موجة النزوح وما يرافقها من تداعيات اجتماعية وأمنية وإنسانية.

إلا أن المصادر نفسها تخشى أن يكون <نصيب> خيار <الرئيس الانتقالي> في عام 2015 مماثلاً لما حصل في العام 2007، لاسيما وأن المرجعيــــات نفسهــــــا لا تــــــزال <تـــــقبض> على زمام اللعبة السياسية بكل مكوناتها الرئاسية والنيابية والحكومية، وإن اختلفت نسبة تأثير هذا الفريق عن ذاك والقدرة على التعطيل.