تفاصيل الخبر

خيار إعادة هيكلة الدين بطريقة منظمة... يتقدم فهل يقبل مالكو السندات بالحل أم يدّعون على الدولة؟

20/02/2020
خيار إعادة هيكلة الدين بطريقة منظمة... يتقدم فهل يقبل مالكو السندات بالحل أم يدّعون على الدولة؟

خيار إعادة هيكلة الدين بطريقة منظمة... يتقدم فهل يقبل مالكو السندات بالحل أم يدّعون على الدولة؟

 

قبل 9 آذار (مارس) المقبل، يفترض أن تبت الحكومة اللبنانية بمصير الاستحقاق المترتب عليها لسندات <يوروبوندز> البالغة قيمتها مليار 276 مليون و500 ألف دولار أميركي، والخيار بين اثنين إما تدفع هذا السند مع ما سيترتب عن ذلك من مضاعفات مالية في ظل الشح المالي الذي تعاني منه ميزانية الدولة، وإما أن تطلب إعادة هيكلة الدين المتوجب وفق برنامج منظم لهذه الغاية. ويبدو ان الاتجاه هو لصالح الخيار الثاني على أن يتم التنسيق مع صندوق النقد الدولي للحصول على مشورة تقنية انطلاقاً من خبرة الصندوق والبنك الدولي في هذا المجال. وهذا القرار الذي ينتظر أن يُحسم في الأيام القليلة المقبلة سيشكل نقلة نوعية في تعاطي الحكومات اللبنانية مع الديون التي ترتبت عليها عبر السنوات والتي توزعت استحقاقاتها حتى العام 2037، هذا إذا قررت الحكومة دفع المتوجب عليها، أما إذا اختارت إعادة الهيكلة واعتماد جدولة جديدة، فإن الاستحقاقات <ستشطح> الى ما بعد 2037. ومن يطلع على جدول استحقاقات الدولة اللبنانية من سندات <اليوروبوندز> يلحظ انها تتدرج من 21 استحقاقاً في سنة 2020 وصولاً الى سند واحد في 2037، بمعنى ان عدد السندات يتراجع كل سنة فهو في 2020 يوازي 21 استحقاقاً، ليصبح في 2021، 19 استحقاقاً، وفي 2022، 18 استحقاقاً وصولاً الى استحقاق واحد في 2037.

أما المبالغ المترتبة في كل استحقاق، فتندرج هي الأخرى نزولاً، إذ تبلغ في العام 2020 ما يوازي 4 مليارات و393 مليون دولار، و3 مليارات و897 مليوناً في العام 2021، و3 مليارات و672 مليوناً في العام 2022، و3 مليارات و107 ملايين في العام 2023، ومليارين و897 مليوناً في العام 2024، وصولاً الى 804 ملايين دولار في العام 2037. وهذه الأرقام تعني عملياً، ان لبنان سيواصل دفع استحقاقاته حتى العام 2037 مع الأخذ في الاعتبار فوائد الدين التي تجعل الرقم يتضاعف ليصل الى 87 مليار دولار متوجبة على لبنان، علماً ان الرقم مرشح للارتفاع بعد إضافة فوائد الدين. والواقع ان لبنان التزم خلال الأعوام الماضية تسديد استحقاقاته تباعاً، لكنه يقف اليوم عاجزاً عن السداد خوفاً من تراجع مجموع احتياط مصرف لبنان من العملة الأجنبية من جهة، وتوقع زيادة العجز على الموازنة في حدود 6 مليار دولار وفق تقديرات السنة الحالية... إذا لم يكن أكثر. ويقول مطلعون على الواقع المالي للدولة ان الاستقرار الحالي والنقدي مهدد نظراً للظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد من جهة، والأوضاع الاقليمية التي تؤشر الى مزيد من التوتر في المنطقة، ويورد هؤلاء معلومات ان الموجودات المالية لمصرف لبنان هي في حدود 30 مليار دولار فإذا تم سحب 6 مليارات منها كدين من المصرف المركزي للمصارف، يصبح المبلغ 24 مليار دولار وهو مبلغ ينبغي للدولة أن تحافظ عليه حتى تستطيع تأمين حاجات لبنان من القمح والأدوية والمعدات الطبية والبنزين والمشتقات النفطية الخ... من هنا دقة المرحلة وضرورة مقاربتها بواقعية تأخذ في الاعتبار قدرة لبنان على السداد والتي تبدو الآن محدودة.

بيع مصارف لبنان سندات للخارج!

إلا ان <الفضيحة> التي يجدر بالمسؤولين التوقف عندها ومعالجتها بشكل جدي، هو انه قبل شهر تقريباً كان مجموع استحقاقات لبنان مليارين و500 مليون دولار، الاستحقاق الخارجي منها مليار و150 مليون دولار، لكنه ارتفع فجأة بعدما أقدمت مصارف لبنانية على بيع سندات <يوروبوندز> الى جهات خارجية ما جعل الزيادة على الاستحقاق الخارجي في 9 آذار (مارس) المقبل بنحو 450 مليون دولار مطلوب دفعه نقداً الى الجهات التي باتت تملكه. ومرد هذا البيع الذي حصل، وفقاً لمصادر مطلعة على هذا الملف، هو معلومات وردت الى المصارف عن توجه لدفع الشق الخارجي من استحقاق آذار (مارس) المقبل، وإعطاء المصارف اللبنانية التي تملك الشق الداخلي من الاستحقاق، سندات أو إجراء عملية <سواب>. حيال هذه المعلومات أقدمت مصارف تملك سندات <يوروبوندز> الى بيعها للجهات الأجنبية بأسعار أقل مما كانت اشترتها كي <تتخلص> منها من جهة، وتؤمن مدخولاً اضافياً لهذه المصارف من جهة أخرى. ووفق معلومات <الأفكار> فإن السندات الخارجية المستحقة على لبنان اضافة الى تلك التي باعتها مصارف لبنانية توزعت كالآتي: سندات بقيمة 400 مليون دولار اشترتها مجموعة <اشمور> المالية، وسندات بقيمة 100 مليون دولار اشترتها مجموعة <فيديلتي> العالمية، وسندات بقيمة 100 مليون دولار كانت من نصيب مجموعة <بلاك روك> الدولية، فضلاً عن سندات بقيمة 250 مليون دولار موزعة على زبائن عدة من ضمنها مصارف محلية.

واتضح من خلال المداولات التي أجريت مع مالكي السندات ان هناك من تجاوب مع عملية برمجة المبلغ المتوجب على لبنان، بعد دفع قيمة منه على أن تكون عملية <السواب> التي ستُجرى <معقولة ومقبولة>، إلا ان هذا الاجراء لم يتم الاتفاق عليه نهائياً بعد،  علماً ان عمليات <السواب> لا تعني عدم الدفع، بل تأجيله لفترة بعد إعادة جدولته.

مخاطر الدفع وتداعيات عدم الدفع!

وخلال النقاش الذي يدور راهناً في سبيل الوصول الى حلول عملية لمشكلة سداد <اليوروبوندز>، وفي ظل الحوار القائم مع مالكي السندات من أجل إعادة البرمجة واجراء عمليات <سواب>، ظل خيار الدفع قائماً وان بنسبة قليلة قياساً الى الخيار الثاني. ويقول دعاة دفع المستحقات ان الامتناع عن الدفع قد يعرض لبنان لعقوبات ودعاوى سبق للبنان أن واجه مثيلات لها عندما امتنع عن دفع تعويضات لشركة <سيليس> التي أدارت القطاع الخليوي، وكذلك الشركة الثانية التي كانت تدير القطاع، وحينها رفعت الشركتان دعويين على مصرف لبنان حيث تم حجز الأموال التي يملكها والمودعة في مصارف في نيويورك، لكن الشركتين خسرتا الدعويين واستعاد مصرف لبنان أمواله بعد ثلاثة أسابيع. كذلك تعرض لبنان لحجز ثان لممتلكاته حين امتنع مجلس الانماء والإعمار عن دفع مستحقات شركات أجنبية عملت لحسابه، فأقدمت هذه الشركات على حجز طائرة لطيران الشرق الأوسط خلال وجودها في مطار اسطنبول على أساس ان الطائرة ملك الدولة اللبنانية، واستمر الحجز ثلاثة أسابيع على رغم ان لبنان أبلغ القضاء في تركيا ان شركة طيران الشرق الأوسط هي شركة تجارية. ويخشى دعاة دفع الاستحقاق من تكرار مثل هذه الاجراءات في حق لبنان إذا لم يتم الدفع، لاسيما وان المخاطر موجودة ويفترض توقع كل الاحتمالات.

في أي حال، يبدو استحقاق 9 آذار (مارس) المقبل أمام خيارات عدة لكن أبرزها ثلاثة: الأول يقول بسداد المبلغ المستحق وهذا يعني استنزاف المزيد من احتياطي مصرف لبنان بحدود مليار و970 مليون دولار مع ما سيتركه هذا الخيار من انعكاسات شعبية وسياسية بعدما تكونت لدى اللبنانيين قناعة بأن الدفع سيكون من أموالهم ومدخراتهم التي وضعتها المصارف في عهدة مصرف لبنان (وهو أمر ينفيه الحاكم رياض سلامة). والخيار الثاني عدم السداد من دون برمجة مدروسة فيكون التخلف عن الدفع عشوائياً وله تبعاته الخطيرة. ويبقى الخيار الثالث وهو جدولة الدين أو إعادة الهيكلة بطريقة مدروسة ومنظمة. ويبدو، حسب مصادر وزارية مطلعة، ان البنك الدولي أوصى باعتماد إعادة الهيكلة وفق برنامج منظم ومدروس لأنه ــ أي البنك الدولي ــ يعتبره الخيار الأنسب بعد توفير الأجواء المناسبة لاعتماده، لاسيما وان الأوضاع العامة في البلاد لا توحي بامكانية حصول تحسن مضمون يمكن أن يحقق النهوض الاقتصادي المرجو. ولم تخفِ المصادر نفسها خشيتها من عدم قبول أصحاب السندات، لاسيما الأجانب منهم، بإعادة هيكلة الدين، إلا ان ثمة معطيات تشير الى امكانية حصول لبنان على قبول من الجهات الدائمة لاسيما إذا ما تمت عملية إعادة هيكلة الدين بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال نصائح وخبرات تقدمها المؤسستان الدوليتان للبنان.

وينقل زوار الرئيس بري عنه اعتقاده بأن خيار اعادة الهيكلة له ايجابيات عدة، خصوصاً إذا ترافق مع مكافحة الفساد ومعالجة قضية الكهرباء من خلال بناء معملين كبيرين من دون اللجوء الى الحلول المؤقتة مثل بواخر انتاج الطاقة الكهربائية، أو المولدات الصغيرة التي توزع على المحافظات وغيرها. ومن هذه الايجابيات المحافظة على احتياط العملات الأجنبية في مصرف لبنان لتأمين شراء المستلزمات الحياتية والطبية، وحماية أموال المودعين، وتوفير ما يقارب من ملياري دولار من الاحتياطي للعام 2020، مع العمل للحصول على مساعدات مالية من دول أو من الأسواق المالية، إضافة الى معالجة خدمة الدين العام.

وفيما يبدو ان خيار إعادة الهيكلة بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يتقدم على ما عداه من خيارات، يميل أيضاً المعنيون الى الاستعانة بخبراء وقانونيين أجانب يعاونون اللجنة الوزارية التي ستتولى البحث مع ممثلي صندوق النقد والبنك الدولي للوصول الى نتائج ايجابية قبل 9 آذار (مارس) المقبل لعرض ما يتم التوصل إليه من اقتراحات حلول على الجهات التي تملك سندات <اليوروبوندز> والحصول على موقفها من الحلول التي تكون اللجنة الوزارية مع الخبراء وممثلي صندوق

النقد قد توصلوا إليها. ويبقى السؤال هل سيقبل أصحاب السندات لاسيما الأجانب منهم بخيار إعادة الهيكلة؟

 

توزيع الاستحقاقات حتى العام 2037!

 

في ما يأتي توزيع الاستحقاقات المترتبة على لبنان من العام 2020 الى العام 2037: ــ العام 2020: 4,393,040,481 دولار أميركي. ــ العام 2021: 3,897,489,481 دولار أميركي. ــ العام 2022: 3672,391,788 دولار أميركي. ــ العام 2023: 3,107,201,788 دولار أميركي. ــ العام 2024: 2,897,668,788 دولار أميركي. ــ العام 2025: 2,911,497,601 دولار أميركي. ــ العام 2026: 2,811,897,601 دولار أميركي. ــ العام 2027: 2,356,297,501 دولار أميركي. ــ العام 2028: 3,546,369,601 دولار أميركي. ــ العام 2029: 1,774,775,000 دولار أميركي.

ــ العام 2030: 2,106,275,000 دولار أميركي. ــ العام 2031: 3,413,175,000 دولار أميركي. ــ العام 2032: 1,413,425,000 دولار أميركي. ــ العام 2033: 1,843,425,000 دولار أميركي. ــ العام 2034: 1,720,425,000 دولار أميركي. ــ العام 2035: 696,675,000 دولار أميركي. ــ العام 2036: 54,375,000 دولار أميركي. ــ العام 2037: 804,375,000 دولار أميركي.