تفاصيل الخبر

خط مفتوح في الايليزيه مع بيروت لمتابعة تنفيذ مبادرة "ماكرون" وضمان نجاحها!

09/09/2020
خط مفتوح في الايليزيه مع بيروت لمتابعة تنفيذ مبادرة "ماكرون" وضمان نجاحها!

خط مفتوح في الايليزيه مع بيروت لمتابعة تنفيذ مبادرة "ماكرون" وضمان نجاحها!

[caption id="attachment_81036" align="alignleft" width="399"] السفير "بيار دوكان".[/caption]

 ما إن وصل الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" الى قصر الايليزيه عائداً من العراق التي زارها بعد زيارته لبيروت، حتى سارع الى اجراء اتصالين هاتفيين، وأصدر قراراً. الاتصالان كانا مع الرئيس الاميركي "دونالد ترامب" والامين العام للامم المتحدة "انطونيو غوتيريس" حيث اطلع الاول على حصيلة لقاءاته في بيروت وضرورة الاستمرار في اقناع المسؤولين اللبنانيين بضرورة الوصول الى تفاهم سريع لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى اديب وان تلعب الولايات المتحدة الاميركية دوراً في تذليل العقبات امام ولادة الحكومة الجديدة من خلال اقناع حلفائها في الخليج بدعم هذه الحكومة. اما الاتصال مع "غوتيريس" فدار حول ضرورة تنسيق عمل المنظمات الدولية مع الدول المساعدة في المجتمع الدولي لتصل هذه المساعدات الى المحتاجين الفعليين اليها، والمباشرة بتحضير مؤتمر اقتصادي دولي يريد "ماكرون" عقده في شهر تشرين الاول (اكتوبر) المقبل على غرار المؤتمر الذي عقد في 9 آب (اغسطس) الماضي بعد خمسة ايام من الانفجار الكبير في المرفأ وحدد "ماكرون" الاولويات وهي اعادة اعمار الاحياء البيروتية المدمرة لاسيما التراثية منها وهو الذي زارها ومشى بين ركام الحارات القديمة التراثية، معتبراً ان هذه المهمة منوطة بمنظمة الاونيسكو التي زارت مديرتها بيروت قبل ايام.

 اما القرار الذي اتخذه "ماكرون" فكان انشاء خلية ازمة لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في بيروت من اركانها الاساسيين "ايمانويل" آخر هو السفير السابق في بيروت "ايمانويل بون" ومدير الاستخبارات الفرنسية "برنار ايمييه" الذي كان هو الاخر سفيراً لبلاده في العاصمة اللبنانية، ومعاون مستشاره السياسي "اورليان لو شوفالييه" الذي عمل ايضا في بيروت مديراً للمركز الثقافي الفرنسي لسنوات خلت، خلية تضم ثلاثة مطلعين على الوضع اللبناني ومدركين لكل تفاصيله كي لا تحصل اي "دعسة ناقصة" في سياق متابعة ما بعد زيارتي "ماكرون".

ولم تتأخر الخطوط حتى فتحت مع بيروت، ولاسيما خط سياسي مع الثلاثي "بون" و"ايمييه" و" لو شوفالييه"، وخط انمائي اقتصادي مع السفير "بيار دوكين" الذي رافقه الى بيروت وهو يحفظ ملف "سيدر" بكل تفاصيله، اي ما له وما عليه.

هل من أدرك رسائل "ماكرون"؟

 المصادر الديبلوماسية المتابعة اكدت ان تكليف اربعة من كبار الديبلوماسيين الفرنسيين بمتابعة الملف اللبناني يؤشر على ان "ماكرون" لم يكن "يمزح" عندما قال في قصر الصنوبر امام القيادات السياسية انه سيسهر شخصياً على تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه من خلال الورقة الامنية التي قدمت للقيادات وللمسؤولين ولاسيما الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري. وان المهل التي اعطاها جدية وسوف "يحاسب" من لا يتقيد بها لان اي قيادي او مسؤول سينكث بالوعد الذي اعطاه لـ"ماكرون" بتسهيل مهمة الرئيس المكلف اديب لتشكيل الحكومة، سينال نصيبه من العقوبات التي المح اليها "ماكرون" في معرض حديثه لان المخالف يكون وضع جانباً مصلحة البلاد العليا ونظر الى مصالحه واهتماماته غير آبه بالمستوى المتردي الذي وصلت اليه البلاد. لقد اكثر "ماكرون" في ارسال الرسائل مباشرة او من خلال غرفة العمليات التي استحدثها في خلية الازمة الخاصة بلبنان حيث كانت اتصالات من اركان هذه الغرفة مع سياسيين ومسؤولين لبنانيين لــ "الاطمئنان" الى مسار الدعوة الفرنسية لتسهيل مهمة الرئيس اديب في تشكيل الحكومة العتيدة، ثم بعد ذلك في مرحلة ما بعد صدور المراسيم. وفي المعلومات ان موفداً فرنسياً سيصل الى بيروت خلال ايام ويمضي فيها فترة زمنية غير قصيرة ليواكب مباشرة من العاصمة الفرنسية التطورات ويبقي الرئيس "ماكرون" على بينة مما يجري خصوصاً وانه قال للرئيس دياب إنه يمضي في جهوده لتشكيل الحكومة واذا صادفته صعوبات يمكنه الاتصال به مباشرة وزوده برقم هاتف يمكن ان يصله به أينما يكن!

 وتجزم المصادر المطلعة على الموقف الفرنسي بأن "هامش المناورة محدود، خصوصاً ان القوى السياسية كافة تعهدت امام الرئيس "ماكرون" بالالتزام بأجندة المبادرة الفرنسية خصوصاً لجهة ترك الرئيس المكلف يؤلف حكومته وفريق عمله بوجود غطاء فرنسي ودولي له، وغطاء من

[caption id="attachment_81037" align="alignleft" width="444"] مدير الاستخبارات "برنار ايمييه "[/caption]

رؤساء الحكومات وباقي الافرقاء، وهو الامر الذي لم يكن متوافراً لحكومة حسان دياب".

 وحماسة" ماكرون" واضحة لأنه مستند الى دعم دولي من اكثر من جهة اقليمية وعالمية وفي مقدمها واشنطن وطهران وفق ما لاحظ احد الذين التقاهم "ماكرون" في قصر الصنوبر. واذا كان البعض قد لمس ان الزائر الفرنسي خرج في بعض الاشارات عن القواعد الديبلوماسية لاسيما عندما لّوح بالعقوبات بحق من لا يتعاون، فإنه لم يكتف بذلك بل قال بوضوح ان سياسة فرنسا ستتغير حيال لبنان اذا لم يتم الاسراع والاقدام على الاصلاحات في اسرع وقت ممكن، وفيما اظهر الجميع عن الاستعداد لتطبيق هذه الخطة ولو جاءت على شكل تعليمات مكتوبة، ووصل الامر بالرجل الى مخاطبة الشخصيات التي التقاها وبلغة الامر الى ضرورة ايجاد حل لازمة النفايات في بيروت والمناطق بعد تعريجه على الاصلاحات المالية واجراء عمليات التدقيق المطلوبة في مصرف لبنان. ولم ينس بالطبع "كارثة الكهرباء". وانه عند القيام بهذه المهمات سيكون على استعداد لعقد مؤتمر دعم للبنان في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل وسيبذل كل جهوده لاشراك الدول العربية والغربية للمشاركة في هذا الدعم. وظهر في مكان ما وكأنه سيتواصل في هذا الخصوص مع الدول الخليجية وفي مقدمها السعودية والامارات.

 في اي حال، تصميم "ماكرون" على ملاحقة مبادرته حتى النهاية له ما يبرره، فالرجل يريد ان ينجح في لبنان ليس لان هذا البلد صديق لفرنسا منذ قرون، بل لانه يريد ان يحفظ لبلده مكانة في منطقة الشرق الاوسط التي تشهد تغيرات جيوسياسية متسارعة مع اندلاع الحروب في اكثر من دولة ودخول الولايات المتحدة على الخط ما جرّ دولاً اخرى الى المواجهة ايضاً، فانفتحت التجاذبات على اشدها وبقي لبنان بمنأى عنها الامر الذي دفع بالرئيس الفرنسي الشاب ان يخطو خطوات متقدمة ليبقي لبلده موطىء قدم في الشرق عبر البوابة اللبنانية، وهو نجح حتى الان من خلال مبادراته المتكررة في تحقيق هذا الوجود وإن كان ينظر اليه الاميركي بشيء من القلق. لقد بدا واضحاً ان "ماكرون" يريد استغلال الاشهر الستة التي تبدو فيها الولايات المتحدة منشغلة بانتخاباتها الرئاسية حتى يحقق تقدماً على الساحة اللبنانية يكون منطلقاً لحضور فرنسي راسخ وثابت بموافقة اميركية ولو على مضض، وهو اعدّ العدة لذلك وماض في ترجمة تفاصيل خطته على نحو كامل من دون ان يبتعد عن الولايات المتحدة لانه يعرف جيداً قدرتها على "الخربطة" عندما ترى مصالحها مهددة!

العقد الإجتماعي لا يعني الطائف

في غضون ذلك توقف المراقبون عند دعوة "ماكرون" لعقد اجتماعي سياسي جديد لاسيما وان البعض ذهب بعيداً في تفسير هذه الدعوة، لكن المصادر المتابعة للتحرك الفرنسي اكدت ان "ماكرون" اراد حث المنظومة الحاكمة والقوى السياسية الاخرى على ان تعيد النظر في النهج والاداء والسلوك الذي كان وراء الانهيار المالي والاقتصادي الذي اوصل البلاد الى الهاوية، وذلك من خلال قناعة موجودة لدى "ماكرون" من انه لا بد من التفاهم على تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الاسراع في تنفيذ ورقة تفاهم تنطلق من تحقيق الاصلاحات المالية والادارية ليكون في وسعها الاستفادة من عودة الاهتمام الدولي بلبنان ومده بالاوكسجين اللازم للحياة من جديد.

واعتبرت المصادر ان ما قصده "ماكرون" بدعوته للتوافق على عقد جديد يبقى في حدوده الماليه والاقتصادية التي تدفع باتجاه استعادة الثقة الدولية بلبنان على ان يسبقها انفتاح الحكومة برئاسة مصطفى اديب، على مطالب الحراك المدني والاستجابة لتطلعات الشباب في التغيير والاصلاح على قاعدة تسليم من يعنيهم الامر بقيام دولة القانون والمؤسسات بدلاً من المحاصصة وتوزيع الغنائم.

ورأت ان "ماكرون" الذي يراهن على عامل الوقت يتوخى من دعوته لعقد اجتماعي جديد حشر المنظومة الحاكمة اكانت في الموالاة او في المعارضة، وقالت انه لكل هذه الاسباب والدوافع مجتمعة لم يكن يقصد بدعوته هذه اعادة انتاج نظام سياسي جديد، وانما انتاج سلطة جديدة توحي بالثقة غير تلك التي باتت مرفوضة من الذين شاركوا ويشاركون في الانتفاضات ضد الحكومة والحكم على السواء.

وعزت السبب الى ان مجرد فتح الباب امام تغيير النظام يعني حكماً ان مثل هذا الطرح سيقحم البلد في سجالات قد تطول وهذا ما يأخذ البلد الى الهاوية ويفقده فرصة الافادة من الاهتمام الدولي. وقالت ان مجرد لجوء هذا الفريق او ذاك الى تحوير ما قصده "ماكرون" بتشكيل "حكومة مهمات" يعني ان هناك من يريد اقحامه في جدول اعمال لا شأن ولا علاقة له به، والا لماذا لم يتطرق الى سلاح "حزب الله" الذي يشكل مادة خلافية بين اللبنانيين وهذا باعتراف القيادات التي التقته في قصر الصنوبر في زيارته الاولى لبيروت لان مجرد طرحه سيدفع باتجاه تأزيم الوضع.

 وبوضوح اكثر من غير الوارد لدى "ماكرون"، كما تقول المصادر نفسها، ان يقيم بديلاً لاتفاق الطائف لانه يدرك جيداً كم كلف الوصول الى هذا الاتفاق الذي يلتقي الجميع على التمسك به... حتى اشعار آخر!...