تفاصيل الخبر

خــطــــــــــــة الــكــهـــربــــــــــــاء تـــــــــحـــت مـــجـهــــــــــــر الـتـقــيــيـــــــــــم والـــتــوقــعـــــــــــــات!

25/04/2019
خــطــــــــــــة الــكــهـــربــــــــــــاء تـــــــــحـــت مـــجـهــــــــــــر الـتـقــيــيـــــــــــم والـــتــوقــعـــــــــــــات!

خــطــــــــــــة الــكــهـــربــــــــــــاء تـــــــــحـــت مـــجـهــــــــــــر الـتـقــيــيـــــــــــم والـــتــوقــعـــــــــــــات!

بقلم طوني بشارة

تأتي أزمة وتذهب أزمة، وتبقى أزمة ثابتة تعاصر كل التطورات والازمات وتأبى الذهاب، هي الكهرباء في لبنان.

 منذ سنوات خلت خرج وعد الى اللبنانيين بكهرباء 24 على 24 ساعة عام 2015، مر العام 2015 وسينقضي العام 2019 والحلم ليس بـ24 ساعة بل بنصف هذه الساعات، وتطبيق الخطة الكهربائية واجه مرات عدة، ما يمكن تسميته بالخلافات السياسية فوضعت في الادراج، واكتفى المسؤولون آنذاك <بتوصيف الواقع> فيما المطلوب منهم الحلول.

في الواقع يبقى ملف الكهرباء من الازمات <العويصة> التي تعتبر فضيحة في التاريخ اللبناني وقد اصبحت جزءا من الحياة اليومية للبناني حتى تهافت اللبنانيون على تطبيقات هاتفية تخبرهم بمواعيد انقطاع وحضور التيار الكهربائي في اليوم الذي يحدده مستعمل التطبيق وهي من المفارقات المضحكة المبكية.

في الشتاء لا كهرباء بسبب الاعطال والطقس العاصف كما يقولون، وفي الصيف لا كهرباء بسبب الضغط على الشبكة مما يتسبب باعطال وتصبح رؤية الكهرباء من الامور النادرة خلال اشهر الصيف الثلاثة، وكل عام يكون الوضع الى اسوأ.

 هل المبررات منطقية في ذلك وهل كل ما صرف على الكهرباء ليس كافيا لتلافي الضغط والأعطال وهل دول العالم تعاني من كل هذه الاعطال في الشتاء والصيف ام ان هناك سوء ادارة وهدر اموال؟ نعم هناك تعديات على الشبكة ولكن من الذي يمنع الدولة من ازالتها وهي فعلا عمدت الى ازالة تعديات في مناطق عدة ولم يعترض احد، نعم هناك ازمة جباية ولكن من يمنع المؤسسة من الجباية؟ نعم هناك خطة ولكن ما الرادع لتطبيقها؟

 

الوضع الحالي لكهرباء لبنان!

 

والمراقب لقضية الكهرباء يلاحظ ان الوضع الحالي هو على الشكل الآتي:

- العجز في توليد الكهرباء نسبته 40 بالمئة من حاجة البلاد وقد ازداد بشكل كبير مع حصول النزوح السوري.

- يدفع المواطن اللبناني فاتورتي كهرباء تضاف الى عشرات الفواتير والضرائب في ظل تراجع الوضع المعيشي.

- عشرات الاف المولدات الكهربائية الخاصة تعمل في لبنان وبتعرفات عالية وذلك بالرغم من تركيب العدادات.

- تسبب هذه المولدات تلوثا بيئيا خطيرا يزيد من التلوث الخطير اصلا في المدن التي تضيق بسكانها.

- يزداد الامر سوءا في ايام الصيف وفي ظل الحرارة العالية التي تفاقم المعاناة.

إزاء هذا الواقع عرضت وزيرة الطاقة ندى البستاني خطة للكهرباء وتمت الموافقة عليها من قبل القادة المعنيين، فما طبيعة هذه الخطة؟ وهل من الممكن تطبيقها؟ وهل من مغالطات معينة تشوبها؟ وما اثرها البيئي؟

أسئلة عديدة للإجابة عنها التقت <الأفكار> البروفيسور جاسم عجاقة ونقلت اراء كل من الدكتور ايلي يشوعي ومسؤول الحملات في <غرينبيس> الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوليان جريصاتي.

عجاقة وركائز الخطة!

بداية مع البروفيسور جاسم عجاقة الذي افادنا بإن خطّة الكهرباء بحسب المُستند المُقدّم والمُقرّ من قبل مجلس الوزراء تعتمد ثلاث ركائز أساسية:

أولاً: خفض الهدر بنوعيه الفني وغير الفني كما وتحسين الجباية.

ثانياً: زيادة القدرة الإنتاجية من خلال إستخدام المعامل على الغاز وبالتالي تكبد كلفة أقلّ.

ثالثاً: زيادة التعرفة.

وتنص الخطّة على إعتماد المدى القصير والبعيد مع ترك الخيارات مفتوحة بالنسبة للحلّ على المدى القصير مما يعني أن حل البواخر لم يعد حصرياً، ويقضي الطرح باستقدام أو إنشاء معامل مؤقتة بقدرة ١٤٥٠ ميغاوات لفترة تتراوح بين ٣ و٥ سنوات مع إقتراح لبضعة مواقع.

ــ وماذا يتضمن هذا الاقتراح؟

- لفهم الاقتراح لا بد من العودة الى الجدول الآتي:

وتحوي الخطّة على تأمين الغاز الطبيعي المسال (في حدود العام ٢٠٢٠) من خلال إنشاء محطات تخزين وإعادة التغويز (أي إعادته إلى حالته السائلة)، هذا بالإضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة مع محطات توليد كهرباء شمسية بقدرة ٨٤٠ ميغاوات ومزارع طاقة على الرياح بقدرة ٦٠٠ ميغاوات مع هدف الوصول إلى ٣٠ بالمئة من هذه الطاقة من إجمالي الإنتاج في لبنان في حلول العام ٢٠٣٠.

وتعد الخطّة بخفض الهدر من ٣٤ بالمئة حالياً إلى أقل من ١١ بالمئة بحدود العام ٢٠٢٦ مع تحصيل ١٢٠٠ مليار ل.ل كما وتفعيل الجباية (٥٥٥ مليار ل.ل إضافية).

أضف إلى ذلك هناك هدف لرفع التعرفة من ١٣٨ ل.ل للكيلوات ساعة إلى ٢١٧ ل.ل في العام

٢٠٢٠.

وتتدرج الخطة على الشكل الآتي:

2019:

- البدء بتنفيذ معمل دير عمار 2.

- خفض الهدر الفني وغير الفني على شبكة التوزيع.

- العمل على تحصيل متأخرات المخيمات الفلسطينية، المؤسسات العامة ومصالح المياه.

- البدء بتركيب العدادات الذكية والإعداد لمركز التحكم.

2020:

- وضع 1450 ميغاوات من الطاقة المؤقتة في مواقع مختلفة.

- وضع 180 ميغاوات من الطاقة الشمسية على الشبكة.

- وضع 220 ميغاوات من طاقة الرياح على الشبكة.

- فصل معمل الحريشة الحراري عن الشبكة لاستبداله بمعمل جديد.

2021:

- وضع 360 ميغاوات من معمل دير عمار 2 على الشبكة كمرحلة أولى (OCGT).

- تنفيذ محطات تغويز الغاز المسيل في دير عمار وسلعاتا والزهراني.

2022:

- خروج 370 ميغاوات (البواخر الحالية) عن الشبكة.

- وضع 550 ميغاوات من معمل دير عمار2 على الشبكة كمرحلة نهائية (CCGT).

- وضع 360 ميغاوات من معمل الزهراني 2 على الشبكة كمرحلة أولى (OCGT).

- وضع 360 ميغاوات من معمل سلعاتا 1 على الشبكة كمرحلة أولى (OCGT).

- فصل معملي الذوق والجية عن الشبكة تحضيراً لاستبدالهما بمعملين جديدين.

- وضع 300 ميغاوات محطات طاقة شمسية مع قدرة تخزين 210 ميغاوات ساعة على الشبكة.

2023:

- وضع 550 ميغاوات من معمل الزهراني 2 على الشبكة كمرحلة نهائية (CCGT).

- وضع 550 ميغاوات من معملي سلعاتا 1 على الشبكة كمرحلة نهائية (CCGT).

- وضع 400 ميغاوات من طاقة الرياح على الشبكة.

2024:

- وضع 360 ميغاوات من معمل الذوق الجديد على الشبكة كمرحلة أولى (OCGT).

- وضع معمل الحريشة الحراري الجديد في الخدمة عبر 300 ميغاوات.

2025:

- وضع معمل الجية الجديد في الخدمة عبر 360 ميغاوات كمرحلة أولى (OCGT).

- خروج كامل الـ1450 ميغاوات من الطاقة المؤقتة عن الشبكة.

- وضع 550 ميغاوات من معمل الذوق الجديد على الشبكة كمرحلة نهائية (CCGT).

2026:

- وضع 550 ميغاوات من معمل الجية على الشبكة كمرحلة نهائية (CCGT).

ــ ولكن اليست هذه الخطة هي نفسها التي اقترحها باسيل؟ وهل من تعديلات عليها؟

- من الواضح أن الخطّة هي نفسها الخطّة التي وضعها وزير الطاقة والمياه في العام ٢٠١٠ جبران باسيل، وهي خطّة تحوي على (Mix-Energy) أي تنويع مصادر الطاقة واستخدام الطاقة المُتجدّدة والغاز الطبيعي، وهذا يعني أن الكلفة ستكون أقل والآثار البيئية ضئيلة.

وتابع عجاقة:

- اما الفوارق الوحيدة التي يُمكن ملاحظتها فهي:

أولاً: عدم إعتماد البواخر كحلّ حصري على المدى القصير.

ثانياً: ربط رفع التعرفة برفع القدرة الإنتاجية.

ثالثاً: تعيين الهيئات الناظمة.

إلا أن هذه الفوارق لا تُغيّر في جوهر الخطّة التقني.

ــ وما هي الانعكاسات الاقتصادية المتوقعة لهذه الخطة؟

- اقتصادياً، ستكون لهذه الخطّة انعكاسات اقتصادية ايجابية خصوصاً من ناحية تأمين الكهرباء ٢٤/٢٤، والكلفة التي من المفترض أن تنخفض مع إدخال الطاقة المُتجدّدة والغاز إلى المعامل الإنتاجية.

واستطرد قائلاً:

- في الواقع في المراحل الأولى ستكون هناك كلفة إضافية جراء الاستثمارات المنوي القيام بها، لكن مع إعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص فالكلفة ستكون أقلّ وسيتمّ تخفيف العبء عن خزينة الدولة في السنوات الثلاث المقبلة إذا ما تمّ تنفيذ الخطّة كما هو منصوص عليها.

ــ وماذا عن الخلافات السياسية؟

- من المحتمل ان تبرز مُشكلة الخلافات السياسية التي قدّ تُطيح بالتنفيذ نظراً إلى أن الخطّة سيتمّ مُتابعة تنفيذها من قبل لجنة وزارية، وهذا الأمر ستكون له تداعيات رقابية إيجابية لكن في الوقت نفسه يضع التنفيذ تحت خطر التعطيل.

وأنهى عجاقة حديثه قائلاً:

- في الواقع إن خطّة الكهرباء كان يجب تنفيذها منذ أن وُضعت في العام ٢٠١٠ ولو تمّ هذا الأمر لكنا اليوم ننعم بكهرباء ٢٤/٢٤، إلا أن الخلافات السياسية حالت دون ذلك. في كل الأحوال يظهر من خلال التصاريح المُختلفة أن البنك الدوّلي وضع كل وزنه وربط الدعم المالي بحسن تنفيذ الخطّة، وهذا يعني أن إحتمالات تنفيذ الخطّة مُرتفعة جداً.

 

يشوعي وخطة الكهرباء!

 

بدوره الدكتور ايلي يشوعي اشار الى أن خطة الكهرباء مخالفة للقانون 462/2002، الذي ينص بشكل واضح وصريح على تشكيل مجلس إدارة من عشرة أعضاء من بينهم مفوضان من الحكومة، ومن ثم تشكيل هيئة ناظمة تضع خطة للكهرباء وترسلها الى وزير الطاقة لكونه وزير وصاية، سائلا المعنيين عن المادة القانونية التي تجيز لوزير الطاقة ان يضع الخطة بنفسه ويسمح بتشكيل هيئة وزارية لمناقشتها، عدا عن ان مراحل الخطة يجب ان تبدأ بإزالة التعديات على الشبكة وتفعيل الجباية بمؤازرة القوى الأمنية، ثم إعادة النظر في العقود الموقعة مع مقدمي الخدمات، ثم إصلاح شبكات التوتر العالي والمتوسط لتأمين نقل التيار الى المناطق اللبنانية كافة، ومن ثم البدء بإنتاج الطاقة الكهربائية بعد إنشاء المعامل، على ان يصار بعدها الى تعديل القانون 462 /2002 مما يسمح للحكومة بتلزيم قطاع الكهرباء من ألفه حتى يائه لشركتين عالميتين مع إعطائهما مهلة أقصاها ستة اشهر لتحديث معملي الذوق والجية الى حين إنشاء معامل سلعاتا.

جريصاتي والتداعيات البيئية!

 

 أما مسؤول الحملات في <غرينبيس> الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوليان جريصاتي، وردا على اقرار مجلس الوزراء خطة الكهرباء الجديدة، فقد أشار الى ان <هذه الخطة قد تؤمن لنا الكهرباء 24/24 ولكنها لن تؤمن لنا الهواء النظيف>.

وقال جريصاتي:

- ان استبدال إدماننا على وقود النفط الثقيل والديزل بإدمان آخر يقوم على الغاز الطبيعي لن يحل مشاكلنا، انطلاقاً من الإنذار المدوي لتلوث الهواء الذي وصل الى أعلى مستوياته، والذي يهدد صحة المواطنين اللبنانيين.

واضاف:

- ما تفتقر إليه هذه الخطة هو الاستثمار الجدي في الطاقات المتجددة وسرعة انتشارها بالتوازي مع الغاز الطبيعي، لتوفير كهرباء رخيصة ونظيفة.

وأكد جريصاتي بأن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المعلنة في هذه الخطة غير كافية إلى حد كبير، ولن يتحقق هدف الطاقة المتجددة في لبنان إذا قمنا ببناء عدد كبير من المحطات العاملة على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء منها في السنوات الخمس المقبلة.