تفاصيل الخبر

خـطـــــــة الـكـهــربـــــــاء حــــــلّ مـــــــــؤقــت أو طــويــــــــل الأمـــــــد يــــــــوقــف الـتـقـنـيــــــــن؟!

07/04/2017
خـطـــــــة الـكـهــربـــــــاء حــــــلّ مـــــــــؤقــت  أو طــويــــــــل الأمـــــــد يــــــــوقــف الـتـقـنـيــــــــن؟!

خـطـــــــة الـكـهــربـــــــاء حــــــلّ مـــــــــؤقــت أو طــويــــــــل الأمـــــــد يــــــــوقــف الـتـقـنـيــــــــن؟!

 

بقلم طوني بشارة

1

تم تأمين الكهرباء في لبنان للمرة الأولى في العام 1885 في عهد العثمانيين ولكنها لم تكن تلبي الحاجة المطلوبة، أما شركة كهرباء لبنان فتأسست العام 1964 وتولت إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء على كامل الأراضي اللبنانية.

والمتتبع للامور يعلم ان المؤسسة تملك سبعة معامل حرارية تستخدم المحروقات مثل الفيول أويل، الديزل أويل أو الغاز أويل لتوليد الطاقة الكهربائية وهي كالآتي: معمل الذوق (4 مجموعات) وينتج حوالى 607 ميغاوات، معمل الجية (5 مجموعات) وينتج 346 ميغاوات، معمل صور (مجموعتان) وينتج 70 ميغاوات، معمل بعلبك (مجموعتان) 70 ميغاوات، معمل الزهراني (3 مجموعات) 435 ميغاوات، معمل دير عمار (3 مجموعات) 435 ميغاوات، معمل الحريشة (مجموعة واحدة) 75 ميغاوات، وبذلك يصبح مجموع الإنتاج الحراري 2038 ميغاوات في حال تم تشغيل كافة المجموعات.

أما المعامل المائية والتي تستخدم المياه لإنتاج الطاقة فهي: معامل الليطاني وتضم ثلاثة معامل تابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني: أولي (3 مجموعات) 108 ميغاوات، جون (مجموعتان) 48 ميغاوات، عبد العال (مجموعتان) 34 ميغاوات، وبذلك ينتج الليطاني 190 ميغاوات. أما معامل شركة نهر البارد فهي إثنتان: البارد 1 (3 مجموعات) 13.5 ميغاوات، البارد 2 (مجموعتان) 3.7 ميغاوات فيكون المجموع العام 17.2ميغاوات، إضافة الى معمل الصفا (3 مجموعات) 13.4 ميغاوات، وبذلك يكون مجموع إنتاج المعامل المائية 220.6 ميغاوات.

وهكذا يتوزع إنتاج الكهرباء بين معامل حرارية (2038 ميغاوات) ومائية (220.6 ميغاوات) في حال تم تشغيل كامل المجموعات بالقدرة القصوى المجهزة لها.

 الفساد يرهق

ولم يعد خافياً على أحد أسباب أزمة كهرباء لبنان حيث ترزح المؤسسة تحت عجز مالي وديون تتخطى الـ 4 مليارات دولار وبات من المستحيل شراء كميات الفيول اللازمة لتشغيل كافة المجموعات لتأمين التيار بدون توقف، بالإضافة الى حاجة بعض المجموعات الى الصيانة وتبديل القطع الغالية الثمن، وتعود مشاكل كهرباء لبنان الى الحروب التي مرت بها البلاد منذ العام 1975 وصولاً الى العام 1990 حيث تعطلت محمد-قباني-1----Mمعظم شبكات الكهرباء.

علما انه بعيد إنتهاء الحرب حاولت الدولة تأهيل المحطات المعطلة وأنفقت أكثر من ملياري دولار لإصلاح الأعطال وبناء محطات جديدة ووعدت الحكومات المتعاقبة من تلك الفترة حتى 2010 بزيادة كمية الإنتاج من 800 ميغاوات الى أكثر من2000 ميغاوات والكفيلة بتأمين مجمل الحاجات المطلوبة للتيار، لكن الفساد كان سيد الموقف في معالجة قضايا الكهرباء حيث تسربت الأموال الى بعض الجيوب ناهيك عن الصفقات والمحسوبيات لدى شراء معدات توليد الطاقة خاصة في فترة التسعينات، وتوزعت الأموال على بعض المشاريع غير المثمرة مثل بناء محطتي كهرباء على الغاز في الشمال والجنوب، واذا تمعنا في أسباب الازمة ندرك بأن الجسم البشري الذي يعمل في مؤسسة كهرباء لبنان يساهم في زيادة الأزمة بوجود موظفين إداريين ذوي رواتب عالية وينتمون الى جهات سياسية وحزبية وبالتالي تخضع عملية التعاطي بهذا الملف للمحسوبيات... علماً أنه في العام 1996 تقدم أحد رجال الأعمال السعوديين بإقتراح عمل يتم فيه إنشاء شركة إستشارية للكهرباء تُطبق فيها أساليب تقنية حديثة من ناحية تشغيل المولدات الكهربائية وتخفيف كلفة اليد العاملة لإطفاء المولدات وإنزال القلابات، ومن شأن هذه التقنيات توفير نسبة من الأموال وبالتالي العجز الذي ترزح تحته مؤسسة كهرباء لبنان إلا أن هذا الإقتراح لم يتم الأخذ به.

وفي العام 2010، طرح الوزير باسيل حلا لمشكلة الكهرباء عن طريق باخرتين تركيتين ولكن لسبب او لآخر ما زالت مشكلة الكهرباء موجودة ومستمرة لا بل متفاقمة. والحكومة الحالية عن طريق الوزير سيزار ابي خليل طرحت خطة انقاذية للكهرباء لعام 2017، فما مضمون هذه الخطة؟ وما ردود الفعل عليها؟ وهل هي انقاذية ام مرحلية؟ وهل ستنهي فعلا ملف الهدر بقطاع الكهرباء؟

<الأفكار> جالت على المعنيين بالامر حاورتهم ونقلت أفكارهم وتطلعاتهم نحو ملف الكهرباء.

 

أبي خليل وتأخر خطة الكهرباء

بداية مع وزير الطاقة سيزار أبي خليل الذي أكد بأن خطة الكهرباء تأخر تنفيذها بسبب عدم استكمال بناء المعامل التي كان مقدراً لها أن تنتج طاقة بقوة 7 ميغاوات إضافية، ونحن أنجزنا معملين جديدين هما الزوق والجية، في حين أن دير عمار لم ننته بعد من بنائه.

وأشار أبي خليل الى أن الحكومة أقرت خطة طوارئ لمواجهة الأزمة التي سنشهدها خلال الصيف بسبب تراكم عدة عوامل، والتي تتمثل بزيادة الطلب الطبيعية، والزيادة غير الطبيعية الناتجة عن النازحين السوريين، وقد كشفت دراسة الـ<UNDP> أن هؤلاء يستهلكون 490 ميغاوات في اليوم أي يكلفون الدولة ما يزيد عن 330 مليون دولار ويحرمون اللبنانيين مما يقارب الـ5 ساعات يومياً من التغذية الكهربائية.

غازي-وزني---g وأضاف ابي خليل:

- أمّا في فصل الصيف، فسيرتفع الاستهلاك بسبب توقع قدوم المغتربين اللبنانيين والسياح العرب والأجانب، وستؤمن الخطة 7 ساعات اضافية يومياً عبر معامل عائمة، وذلك عن طريق استدراج عروض، وهذا الحل سريع لأنه لا يستغرق وقتاً اذ ان بواخر الطاقة جاهزة للإنتاج وسترسو قرب معامل انتاج الطاقة.

الى ذلك، كشف أبي خليل أن قطار إشراك القطاع الخاص بانتاج الكهرباء انطلق منذ عام 2010، والحكومة حضرت في السنوات الأخيرة دفتر الشروط وادارة المناقصات، مشيراً الى أنه ليس جديداً مسار اشراك القطاع الخاص، أما المسار الآخر فهو استخدام الغاز بإنتاج الكهرباء الذي سيوفر 30 بالمئة على فاتورة الكهرباء بحسب الأسعار الحالية، وسيتم استدراج عروض لبناء محطات استيراد الغاز أو إقامة خط بحري للغاز، في حين أن مسار الانتاج من الطاقة المتجددة ومنها الرياح بدأ، وهناك مناقصة أطلقت في هذا القطاع، كما في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، بالإضافة الى توليد الطاقة من المعامل الكهرومائية أي من المياه، وقد تم تلزيم دراستها الى البنك الدولي الذي سيضع خارطة طريق، وجميع هذه القطاعات تتم بالشراكة مع القطاع الخاص.

وتابع ابي خليل:

- الحل اليوم إما ان نرضى بأن تبقى الكهرباء مقطوعة وإما سنعتمد خطة طارئة ومستعجلة لتأمين الكهرباء ريثما يتم الإنتهاء من بناء معاملنا وهذا ما سنعتمده.

وأكّد أبي خليل أن <إنشاء الشبكة الذكية للكهرباء من شأنه أن يخفف الهدر، وتأمين الكهرباء 24/24 ليس معجزة، وهو أمر يحتاج الى إنهاء المشاريع الواردة على الخطة الموضوعة والحصول على قدرة إنتاج أكبر من الطلب>.

 

سركيس توضح موقف القوات من الخطة

شانتل-سركيس---3

الأمينة العامة لحزب القوات اللبنانية شانتال سركيس اعتبرت ان من حق الناس ان تكون لديهم تساؤلات وشكوك حول موضوع الكهرباء، لانهم عانوا منه طويلاً، موضحةً <ان الخطة التي اقرّها مجلس الوزراء ليست جديدة، وإنما قديمة - جديدة، وقد وضع جزءاً منها الوزير جبران باسيل، وعندما دخلت <القوات> الى الحكومة طالبت بإشراك القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء وقد اعتمد هذا البند في الخطة>.

وتابعت سركيس:

- علمنا كجهات مسؤولة بان شركات عدة ستلزّم موضوع الكهرباء وان البواخر الثلاث لن تكون تابعة لشركة واحدة، ولفتت سركيس الى ان وزراء <القوات> <وافقوا على فكرة البواخر كمرحلة انتقالية واصرّوا على وضع دفتر شروط واضح، وتقديم عروض اسعار تُعرض على مجلس الوزراء من اجل اخذ القرار المناسب بالعرض الأفضل، وألا يُحصر التلزيم بشركة واحدة كما جاء في الخطة الأصلية، موضحةً ان البواخر ستؤمّن الكهرباء بكلفة اقل من اسعار المولدات، كذلك فان مؤسسة كهرباء لبنان ستغطي كلفة استئجار البواخر عبر التعرفة التي سيدفعها المواطن الى مؤسسة كهرباء لبنان بدلاً من دفعها لاصحاب المولدات، وهذا الأمر سيؤمّن الكهرباء 24/24، وسيتم بشفافية تامة.

واستطردت سركيس قائلة:

- خلال هذه المرحلة الانتقالية سيتم التحضير لدفتر الشروط الخاص باشراك القطاع الخاص في إنتاج الطاقة، مشيرةً الى <ان هناك دراسات تؤكد ان الجباية تبلغ 80 بالمئة، لكن المشكلة <بالتعليق> على الشبكة، ووزارة الطاقة تعمل على تعليق عدادات ذكية، وقد طالبنا بالإسراع بهذا الأمر>.

وجزمت سركيس بان القوات ستكون بالمرصاد لأي معارضة للخطة بهدف حماية منطقة من الجباية، وتابعت قائلة:

- لا اعتقد ان هناك جهة سياسية لديها الجرأة لأن تعارض خطة تخدم المصلحة العامة، وشددت بان الضغط الذي تمارسه <القوات> من خلال نوّابنا ووزرائنا مستمر، ولن نستكين ولن نتعب حتى تنفيذ خطة الكهرباء كاملة وبسرعة، ووزير الصحة غسان حاصباني سيشرف مع وزيري الطاقة سيزار ابي خليل والمال علي حسن خليل على موضوع تمويل استئجار البواخر بشكل لا يؤدي الى زيادة العبء على الخزينة.

وزني ووجه الشبه بين

خطتي 2010 و2017

pierre-bou-assi----5

بدوره الخبير الاقتصادي غازي وزني رأى أن الخطة الإصلاحية لقطاع الكهرباء التي أقرّت في جلسة مجلس الوزراء شبيهة إلى حدّ ما بالخطة الموضوعة عام 2010، باستثناء بندَي استقدام باخرتين جديدتين لإنتاج الطاقة واللتين توفران معدل 850 ميغاوات بتكلفة 825 مليون دولار، ثم بند زيادة التعرفة الكهربائية، يُضاف إليها القانون الرقم 288/ 2014 الذي يجيز للقطاع الخاص إنتاج الكهرباء.

ولفت وزني إلى إجماع كافة القوى السياسية على إقرار خطة الكهرباء، كونها خطوة إصلاحية مرتبطة بطريقة غير مباشرة بالموازنة، وهي أحد الأسباب الرئيسية للعجز المرتفع في المالية العامة، معتبراً أن إقرارها أو عدمه هو سياسي بامتياز.

محمد قباني والحل الأسهل

انما ليس الأفضل

من جهته، اعتبر رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب محمد قباني ان استقدام بواخر جديدة هو الحل الاسهل والاسرع اذ يكفي الاتصال بالشركة صاحبة البواخر للتفاوض على السعر فتصل البواخر الى لبنان في غضون شهرين، لكن هذا الحل ليس الافضل.

وذكر قباني انه عند استقدام الباخرتين «فاطمـــــة غــــــول» و<اورهـــــان بيــــه» كان الاتفاق ان تبقى هاتان الباخرتان لسنتين يتم خلالهمـــا تأهيل معملي الجية والذوق، اما اليوم وبعد 4 سنوات ونصف السنة لم يتم تأهيل المعملين وتم التمديد لعمل الباخرتين، ولا قدرة للاستغناء عنهما في الامد القريب.

وتابع قباني:

- وبالتالي ان استقدام المزيد من البواخر هو استكمال السير على الخطط القديمة من دون تقديم حلول على الامد البعيد، ولا يمكن الاستمرار بالاتكال على البواخر، ومن المتوقع ان تصل كلفة استئجار باخرتين تركيتين الى 850 مليون دولار سنوياً بهدف تأمين 825 ميغاوات، تضاف إلى الباخرتين الحاليتين «فاطمة غول» و«اورهان بيه» بقدرة 370 ميغاوات.

بـو عاصـي والتوتر

بسبـــب الخطة

سيزار-ابي-خليل----4

اما وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي فشدد قائلا:

- كقوات لبنانية كنا حريصين منذ بدء النقاش في الموازنة على إيجاد حل لملف الكهرباء، وزيادة ساعات التغذية والتوفير على الموازنـــــة، وجـــــرى تداول كلام كثير عن توتر بيننا وبين وزراء التيار الوطني الحر، علماً أن هدفنا ليس خلق توتر مع أي طرف بل الوصول إلى نتيجة، وهذا ما حصل خلال جلسة المناقشة ونشكر وزير الطاقة على الخطة التي قدمها وأتمنى أن تكون الخطة المناسبة وفرصة لإشراك القطاع الخاص كما كنا متفقين على الموضوع.

حاصباني والاتفاق على الخطوط العريضة للخطة

ولخص نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني لـ «الأفكار> ما حصل في خطة الكهرباء بالقول:

- بناء على كل التجارب السابقة تم طرح خطة الكهرباء ومناقشتها وتعديل العديد من التفاصيل، وكان هناك إتفاق عام على الخطوط العريضة للخطة، والتفاصيل ستأتي تباعاً مع استدراج العروض والدراسات التي ستحصل في هذا الاتجاه، والاساس في هذه الخطة هو البدء بإنتاج سريع وتأمين الطاقة. وقد طلبنا كوزراء <قوات> تأمين أطر واضحة للتمويل كي لا تلقى أعباء إضافية على خزينة الدولة اللبنانية، وهذا ما كان يتم نقاشه، ووزير الطاقة سيعرض حلولاً لهذه النقاط، والرد كان من قبلنا بضرورة إيجاد حلول للمخاطر المالية والتقنية بتعددية مصادر توليد الطاقة، والحفاظ على مبدأ الشفافية في المناقصات، وإستدراج العروض، وتسريع الموضوع لترجمة الخطة إلى نتائج ملموسة، وحصر التمويل بالقطاع الخاص كي لا نتكلف أعباء إضافية بل يجب خفض الاعباء تدريجياً عن خزينة الدولة والوصول إلى 24 ساعة تغذية.