تفاصيل الخبر

خطة الانقاذ المالي خلال أيام... والتقييم الدولي الأولي بأنها "جيدة وجدية"!

30/04/2020
خطة الانقاذ المالي خلال أيام... والتقييم الدولي الأولي بأنها "جيدة وجدية"!

خطة الانقاذ المالي خلال أيام... والتقييم الدولي الأولي بأنها "جيدة وجدية"!

 

[caption id="attachment_77437" align="aligncenter" width="610"] اجتماع لجنة اعداد "الخطة الانقاذية" برئاسة حسان دياب[/caption]  

"خطة الانقاذ المالي" أو "الخطة الاصلاحية" قد تبصر النور خلال أيام كما وعد رئيس الحكومة حسان دياب مَن سأله عن موعد صدور هذه الخطة التي ينتظرها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية... والرأي العام اللبناني بعد الآمال الكبيرة التي عُلقت عليها على أساس انها ستحمل "الانقاذ المنشود". أسبوع بعد أسبوع يتأجل صدور الخطة، والاجتماع تلو الاجتماع ولا معطيات دقيقة لأن التعديلات تتم دورياً في تفاصيلها... والشيطان يكمن في التفاصيل...

إلا ان الرئيس دياب حسم أمره وأبلغ الوزراء ان عليهم انجاز الخطة خلال أيام لتكون جاهزة مع مطلع شهر أيار الجاري للانطلاق بها نحو المؤسسات المالية التي يفترض أن تساعد لبنان في تجاوز أزمته الاقتصادية والمالية، وكذلك الدول التي تنتظر ولاسيما تلك التي شاركت في مؤتمر "سيدر". لا يخفي الرئيس دياب وأكثر من وزير ان التأخير الذي حصل كان خارج ارادة الحكومة، فهناك الظروف الصحية التي أفرزتها أزمة "كورونا"، وهناك العطل التي مرت مع عيدي الفصح لدى الطوائف المسيحية الشرقية والغربية على حد سواء، وهناك أيضاً التعديلات التي كانت تحصل من حين الى آخر وتفرض إعادة صياغة النص الذي زاد عدد صفحاته عن 55 صفحة. ويقول وزير معني بالخطة ان هناك أيضاً قوى سياسية تحاول بمختلف الوسائل افشال الحكومة في مسارها عبر استهدافات سياسية ومصرفية ومالية، وهي تحاول استغلال الأزمة لوضع العصي بالدواليب، الأمر الذي جعل الحكومة تصرف جهداً اضافياً للرد على هذه الحملات وتتعمق أكثر في درس الخطة تفادياً لأي "دعسة ناقصة" تستغلها المعارضة لاستهداف الحكومة أكثر وأكثر... ويورد الوزير المعني ان المثل الأكثر صراحة برز من خلال اسقاط مشروع القانون لفتح اعتماد بقيمة 1200 مليار ليرة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لوباء "كورونا" في مجلس النواب و"تطيير" النصاب قبيل طرحه على الهيئة العامة للمجلس.

حكم على الخطة أو على النوايا؟

وفي مقلب آخر، تبدو الانتقادات المعدة سلفاً ــ حسب الوزير نفسه ــ حول "خطة الانقاذ" التي لم تعلن بعد رسمياً ولا تزال مسودة يتم ادخال تعديلات عليها تباعاً، مظهراً آخر من مظاهر الحملات التي تستهدف الحكومة وتعرقل مسيرتها الاصلاحية، فيكف يُحكم على الخطة قبل انهائها؟ وكيف تُنتقد الحكومة على "النوايا" وليس على الوقائع؟ ولا يخفي الوزير نفسه ارتياحه للمناقشات التي دارت مع الهيئات الاقتصادية والنقابية خصوصاً ان الملاحظات التي ظهرت حول بعض بنود الخطة كانت "مشجعة" ومفيدة في آن لأنها وفرت مادة اضافية للبحث واوردت نقاطاً أمكن ادراجها وادّت إلى تعديل بعض ما جاء في الصيغة وعكست حرصاً على الوصول الى أفكار عملية تساعد على جعل الخطة أكثر واقعية وقابلة للتنفيذ من دون عراقيل.

ولعل ما يريح الحكومة، رئيساً ووزراء، هي ردود الفعل الأولية التي صدرت عن المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهيئات مانحة، فضلاً عن بعض السفراء ولاسيما منهم السفير الفرنسي "برونو فوشيه" الذي سجل اهتمامه معتبراً ان الخطة لا تزال تلحظ مندرجات مؤتمر "سيدر" ما يعني التزامها ما جاء في توصيات المؤتمر لاسيما ما يتعلق منها بالاصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من جديد. وفي تفصيل مشجع، يروي الوزير انه في الوقت الذي يأخذ فيه النقاش الداخلي مداه تاركاً بصمات متعددة تبعاً لمصادرها، فإن ردود الفعل الدولية كانت لافتة وايجابية وعبّرت عن ارتياح لـ"جدية" الحكومة في مقاربتها للخطة الاصلاحية وفي التعاطي معها بشكل ايجابي. ويتوسع الوزير في شرحه ليقول بأن البنك الدولي مثلاً أرسل ملاحظات طويلة على الورقة الاصلاحية مع تأكيده على انها ــ أي الورقة ــ "خطوة ايجابية وقاعدة صالحة للمتابعة". كذلك فإن صندوق النقد الدولي اعتبر الخطة بأنها "جريئة وشجاعة" وأورد ملاحظات تقنية منها انه مطلوب جهد أكبر لتخفيف نسبة الدين قياساً على الناتج المحلي، وهو ــ أي الصندوق ــ قدم اقتراحات جدية واعتبر ان ما ورد فيها كان صريحاً ويؤشر لرغبة حكومية حقيقية بالمضي في الخطة الاصلاحية.

ردود فعل مشجعة!

[caption id="attachment_77441" align="alignleft" width="375"] السفير الفرنسي "برونو فوشيه" يؤكد انسجام "الخطة الانقاذية" مع مندرجات مؤتمر "سيدر"[/caption]

ويتحدث الوزير باستفاضة عن ردود فعل الفرنسيين والبريطانيين وممثلي الاتحاد الأوروبي فيقول انها كانت "مشجعة"، وطالب ممثلو هذه المجموعات ببعض الشروحات حول عدد من المسائل الواردة في الخطة، لكن مقاربتهم لمضمونها تدعو الى الارتياح، وإن كانوا طالبوا بورقة شاملة ونهائية تورد مكامن الخلل والحلول المقترحة لها، مع تسليمهم بـ"جدية" الطروحات الواردة فيها، لاسيما ما يتعلق منها بالأرقام وسبل المعالجة. لكنهم ــ يضيف الوزير ــ توقعوا حصول انكماش اقتصادي لم تشر إليه الخطة الانقاذية وبالتالي لم ترد معطيات دقيقة حول كيفية معالجته. أما الملاحظات التي التقى على تسجيلها سائر المرجعيات التي تم عرض مسودة الخطة عليها فهي ضرورة ادخال تصحيحات حول الدين والناتج القومي، وعدم تأجيل حل المشاكل المطروحة لأنه بقدر ما يتم "تنظيف" الخسائر بقدر ما تنطلق عجلة الاقتصاد وتُمتص الخسائر، وهذه التجربة مرت بها دول أخرى، قبل لبنان، وأعطت نتائج جيدة. و"نصح" الدوليون ــ كما يقول الوزير ــ بوضع مسارات للمعالجة تنطلق كلها دفعة واحدة، وإن كانت هذه الخيارات لا يمكن اعتمادها في بلد مثل لبنان له خصوصيته وظروفه غير الموجودة في دول أخرى. وأعرب الدوليون أيضاً عن أملهم بأن تواكب تنفيذ الخطة خطوات اقتصادية مماثلة لما ورد في "سيدر" كما يمكن تجاوزها أيضاً شرط تحديد التواريخ بوضوح وآلية التنفيذ ومواعيده. ورحب الدوليون ــ حسب الوزير نفسه ــ بقرار الحكومة تعيين مدققين دوليين في الأوضاع المالية لمصرف لبنان، معتبرين ان الشركات التي اختيرت لهذه المهمة، شركات دقيقة وسمعتها جيدة وخبرتها واسعة ويمكن أن تعطي تقارير تعكس بدقة الواقع المالي للمصرف المركزي.

في أي حال، الوقت بات داهماً والخطة الانقاذية باتت على الأبواب لاسيما في ما تقترحه من اصلاح للمالية العامة، وإعادة هيكلة الدين العام الداخلي والخارجي، وإعادة هيكلة النظام المالي الذي يشمل مصرف لبنان والقطاع المصرفي، واصلاحات بنيوية للتحفيز الاقتصادي. ويختلف لبنان عن رأي المؤسسات المالية الدولية لجهة جعل الاصلاحات تدريجية فيما يرى الدوليون ان تكون دفعة واحدة وهو أمر غير ممكن في التركيبة اللبنانية الراهنة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً... لكن الواضح ان ما تحقق حتى الآن يمكن التأسيس عليه للمضي في وضع اصلاحات أساسية تريح الداخل وتطمئن الخارج الذي لم يتردد في وصف ما عُرض عليه من الخطة بأنه "جيد وجدي"!