تفاصيل الخبر

خطة الانقاذ الاقتصادي لن تبصر النور قبل أيار المقبل ودور أساسي فيها لصندوق النقد الدولي!

23/04/2020
خطة الانقاذ الاقتصادي لن تبصر النور قبل أيار المقبل ودور أساسي فيها لصندوق النقد الدولي!

خطة الانقاذ الاقتصادي لن تبصر النور قبل أيار المقبل ودور أساسي فيها لصندوق النقد الدولي!

[caption id="attachment_77259" align="aligncenter" width="596"] رئيس الحكومة حسان دياب مترئساً اجتماع اللجنة الاقتصادية المالية[/caption]

خطة الانقاذ المالي التي تعهدت حكومة الرئيس حسان دياب بإقرارها والاعلان عنها ومحاكاة أصحاب السندات المعلق دفعها واطلاع المجتمع الدولي عليها، لا تزال أسيرة التغييرات في المضمون حيناً، وفي الشكل أحياناً، وفي الاسم أيضاً وأيضاً فهي كانت "البرنامج الاقتصادي الشامل للحكومة اللبنانية"، ثم أصبحت "خطة الاصلاح الاقتصادي"، ثم "خطة الانقاذ المالي"... كلها تسميات لمضمون واحد يعمل فريق عمل وزاري ومن الخبراء على انجازه على رغم ان تعديلات يتم ادخالها عليه من حين الى آخر، ونسبة انجاز الخطة التي قال الرئيس حسان دياب انها 57 بالمئة، اتضح انها لم تصل بعد الى نسبة 40 بالمئة بدليل ان ما قدم من عناوين يتعرض للتغيير يوماً بعد يوم، إلا ان التغيير لا يطاول التبويب وبعض الأفكار الثابتة من نص الى آخر، بل ان التغيير يشمل بنوداً جرى الاعتراض عليها بعد رميها في السوق لرصد ردود الفعل عليها في الأندية السياسية والاقتصادية والاعلامية، كما تمت الاستفادة من النصوص الأولية (Draft) لمعرفة ردود الفعل الدولية عليها، لاسيما من المعنيين، سواء في البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي وأيضاً المستشارين الذين يعاونون الحكومة في المسار الطويل لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي لا يزال أسير التراجع مع ازدياد المخاوف.

ورقة العمل الحكومية التي سوف يستقر اسمها على "خطة الانقاذ المالي والاقتصادي" نعرضها في مستهل خلفية الوضع اللبناني وآخر التطورات المرتبطة بالأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي تقول الورقة انها "تعود الى تاريخ طويل من الاعتماد المفرط على تدفقات العملات الأجنبية الضخمة ومن المحاولات الفاشلة لتنفيذ سياسات اقتصادية تتسم بالمصداقية" ثم تتحدث عن اندلاع "انتفاضة شعبية في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 التي أدت الى استقالة الحكومة السابقة، لتصل بعد ذلك الى الإشارة الى اختلالات مالية ضخمة وصلت الى مستوى قل نظيره في دول أخرى تواجه أزمات متعددة الجوانب". بالإضافة الى ذلك ــ تشير الورقة ــ دفعت سنوات من العجز الكبير في الموازنة ومعدلات الفوائد العالية برصيد الدين العام الى مستوى مرتفع بشكل غير مستدام راوح من 131 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2012 الى ما يُقدر بـ176 بالمئة من الناتج الاجمالي في العام 2019، وبما ان مدفوعات الفائدة وحدها تمثل نحو 50 بالمئة من ايرادات الحكومة في العام 2019، فقد استنفدت الحسابات المالية لدرجة انها لم تعد قادرة على الاستمرار بالاستثمار في القطاعات الانتاجية والبنى التحتية الكفيلة بتعزيز الانتاجية. وتتطرق الورقة بعد ذلك الى ضرورة اتخاذ اجراءات فورية على عدة جبهات في الوقت نفسه، مع الاقرار بأنه من غير الجائز ان يترك لبنان وحيداً في مواجهة هذه الأزمة.

أهداف البرنامج!

وتعرض الورقة أهداف البرنامج واستراتيجيته والإطار الاقتصادي الكلي على المدى المتوسط، بعد توقع أولي لانكماشات في الانتاج الحقيقي بنسبة 12.0 بالمئة في العام 2020 و7 بالمئة في العام 2021 حيث سيبدأ الاقتصاد بالتعافي تدريجياً وسيصل الى نمو حقيقي بنسبة 2.0 بالمئة بحلول العام 2024 قبل أن يستقر عند نمو محتمل بنسبة 3 بالمئة على المدى الأبعد. وستكون السياسة المالية مدفوعة بخطة طموحة ولكن ضرورية لتصحيح الأوضاع المالية تمتد على خمس سنوات حيث من المتوقع أن يتقلص عجز المالية العامة الاجمالي من 11.3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019 الى 7.2 بالمئة في العام 2020 وصولاً الى 1.3 بالمئة بحلول العام 2024 في ظل مجموعة من الاقتراحات التوضيحية لإعادة هيكلة الديون. وتشير الورقة الى ان الاحتياطيات النقدية القابلة للاستعمال في مصرف لبنان وصلت الى مستوى مقلق، وتظهر جميع المؤشرات انه من غير المحتمل أن تنعكس حالة الاستنفاد بشكل طبيعي كما كان يجري في حالات سابقة مماثلة من خروج العملات الأجنبية وإن كانت أقل حدة. من هنا ــ تضيف الورقة ــ ثمة حاجة ماسة الى الدعم الخارجي في شكل التزامات مالية، ولكن أيضاً لدعم برنامج الاصلاح الحكومي بهدف الحد من حجم الانكماش الاقتصادي واستيراد السلع الأساسية واستعادة الثقة بلبنان. وتتوقع الورقة أن يتراوح صافي حاجات التمويل الخارجي على مدى السنوات الخمس المقبلة بين 10 و15 مليار دولار أميركي في كل سيناريو اقتصادي متفائل من الانتعاش التدريجي، كما تتوقع وصول دعم خارجي في شكل برنامج تدعمه مؤسسات دولية متعددة الأطراف في مثل هذه الحالة، الأمر الذي يشكل طريقة واقعية وفعالة لاستعادة الثقة. ويُجمع مجتمع المانحين والمقرضين على ان التدخل المتعدد الأطراف في لبنان من شأنه أن يستقطب دعماً مالياً خارجياً اضافياً في إطار المؤتمر الاقتصادي من أجل التنمية من خلال الاصلاحات ومع الشركات (مؤتمر سيدر) وما سواه وسيساعد أيضاً في تحقيق إعادة هيكلة ناجحة للدين العام.

دعم خارجي بين 10 و15 مليار دولار!

وفي الورقة أيضاً أن أي خطة انعاش لبنانية خارج برنامج لصندوق النقد الدولي وتتوانى عن معالجة جميع الاختلالات الموروثة من الماضي لن ترقى الى مستوى الهدف الرئيسي المتمثل في اعطاء انطلاقة جديدة للاقتصاد اللبناني مع وضعه على مسار طويل الأجل وقابل للاستمرار. وفي السيناريو المطروح يتوقع أن يتراوح اجمالي الدعم الخارجي الوارد من مصادر مختلفة بين 10 و15 مليار دولار أميركي على مدى 5 سنوات، على أن يُستكمل عند الحاجة بمساهمات من جانب حملة السندات في سياق عملية اعادة هيكلة الديون واستراتيجية العودة الى أسواق رأس المال الدولية على المدى المتوسط. وتجدر الإشارة الى انه قبل التخلف عن السداد كانت التوقعات تشير الى ان اجمالي مدفوعات الديون التعاقدية لحاملي سندات "يوروبوندز" سيناهز 19 او 20 مليار دولار أميركي في السنوات الخمس المقبلة. وبصرف النظر عن الخصم الاسمي، فإن التفاوض على فترة سماح تمتد على خمس سنوات بالنسبة إلى اصل الدين وتخفيض قيمة القسائم الى الحد الأدنى خلال الفترة عينها من شأنه أن يؤمن مبلغاً اضافياً من 15 الى 18 مليار دولار أميركي من أصل مبلغ الـ25 الى 30 مليار دولار اللازم لتمويل ميزان المدفوعات. أما بقية الفجوة فسيتم تغطيتها بموجب استراتيجية لإعادة الدخول التدريجي الى السوق مع تعافي الاقتصاد اللبناني وتحسين التصنيف الائتماني إضافة الى ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ستحفز نشوء اقتصاد لبناني جديد. وقد يكون المبلغ الاجمالي للدعم الخارجي أعلى في حال وجود معايير أكثر صراحة من حيث تجميع صافي الأصول الأجنبية من قبل البنك المركزي (أي اعادة تكوين احتياطيات أعلى).

حزمة اصلاحات!

بعد ذلك تعتبر الورقة السياسية المالية العامة ان المكون المالي في حزمة الاصلاحات يهدف الى تحقيق فائض أولي في الموازنة يتراوح بين 3 و4 بالمئة بحلول العام 2024. أما الاستراتيجية المالية المتوسطة الأجل فتشمل تدابير خفض الانفاق من خلال اصلاح قطاع الكهرباء وخفض فاتورة الأجور واصلاح نظام التقاعد والحد من التحويلات الى الشركات المملوكة للدولة والهيئات العامة الأخرى وخفض الانفاق الرأسمالي الممول حالياً اضافة الى تدابير أخرى لخفض الانفاق. وستترافق حزمة الاصلاحات المالية مع إنشاء شبكة أمان اجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً. أما في ما يخص التدابير لتعزيز الايرادات فتورد الورقة سلسلة اجراءات تؤمن ما يصل الى 4.1 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول العام 2024 من خلال توسيع القاعدة الضريبية ودعم جهود التصحيح المالي من خلال الاصلاحات الموسمية وزيادة الضرائب وفق اصلاح شامل للنظام الضريبي لجعله أكثر عدالة وكفاءة، اضافة الى تدابير أخرى لزيادة الايرادات لاسيما لجهة تعديل الرسوم وغيرها. إلا ان هذا الشق من الورقة يبقى خاضعاً للتعديل من حين الى آخر بإضافة أبواب جديدة أو حذف أخرى. وفي تقدير معدي الورقة ان السياسة المالية المتشددة لن تؤدي الى تحسين وضع الموازنة وحسب لكن ايضاً الموقف الخارجي، كما ستقلل اجراءات تصحيح أوضاع المالية العامة من مستوى التمويل النقدي من جانب مصرف لبنان مما يساهم في معالجة الضغوط التضخمية.

هيكلة الدين!

وتفرد الورقة حيزاً كبيراً لإعادة هيكلة الدين فيه الكثير من المقترحات التي تندرج تحت عنوان استراتيجية حكومية تهدف الى العودة الى مسار تراجعي واضح للدين العام على المدى القصير الى المتوسط بموازاة العودة الى حوالى 90 بالمئة كنسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي بحلول العام 2027. كما تتضمن الاستراتيجية اعادة هيكلة مصرف لبنان واعادة هيكلة القطاع المصرفي وكيفية التعويض عن المودعين بعد انشاء صندوق خاص لتعويض خسائر المودعين الناتجة عن اعادة الهيكلة، وسيتلقى هذا الصندوق الخاص عائدات برنامج تتبع وإسترداد الأصول المكتسبة بطريقة غير مشروعة الذي سيتم انشاؤه من قبل السلطات المختصة بمساعدة الشركاء الدوليين.

وفي الورقة أيضاً التزام من الحكومة بتنفيذ برنامج شامل للاصلاحات الهيكلية بهدف ايجاد بيئة أعمال تنافسية، إضافة الى مكافحة الفساد واسترداد الأصول المنهوبة وتعزيز البنية التحتية القانونية لمكافحة الفساد، كما ستعزز الحكومة العمل بين الوزارات لضمان الكفاءة ومراقبة التكاليف، وستسعى لتحديث نظام ادارة الأراضي واصلاح الجمارك وتنفيذ التحول الرقمي للحكومة. وهناك أيضاً اصلاحات في قطاعات مختلفة كمثل النفط والغاز والكهرباء والنفايات الصلبة والمياه، وتحديث ادارة النظام القضائي، والاتصالات، ووضع استراتيجية لتنويع القطاعات الانتاجية في لبنان وتحقيق امكانات التصدير من لبنان، فضلاً عن اصلاحات سوق رأس المال.

وتؤكد مصادر حكومية ان انجاز الورقة الاصلاحية أو "الخطة الانقاذية" سيكون في منتصف شهر أيار (مايو) المقبل لعرضها بصورة نهائية على مجلس الوزراء واقرارها وإحالة مشاريع القوانين الى مجلس النواب لتنفيذها!