تفاصيل الخبر

قهوجي للضباط: لا تتزلفوا للسياسيين الذين تفرغوا لخلافاتهم بدلاً من الاستثمار في الأمن الذي وفّره الجيش للبلاد!

06/11/2015
قهوجي للضباط: لا تتزلفوا للسياسيين الذين تفرغوا لخلافاتهم  بدلاً من الاستثمار في الأمن الذي وفّره الجيش للبلاد!

قهوجي للضباط: لا تتزلفوا للسياسيين الذين تفرغوا لخلافاتهم بدلاً من الاستثمار في الأمن الذي وفّره الجيش للبلاد!

kahwaji-3askariyinلم تكن اللقاءات التي عقدها قائد الجيش العماد جان قهوجي بضباط الجيش من مختلف الرتب وعلى مدى أربعة أيام متتالية في نهاية الشهر الماضي، مماثلة لتلك التي كان يقودها سنوياً منذ دشّن تقليداً قبل ثلاث سنوات بلقاء الضباط وعرض الأوضاع العامة أمامهم، إضافة الى أوضاع المؤسسة العسكرية. ولعلّ ما ميّز <لقاءات تشرين> في السنة الحالية، هي اللغة التي اعتمدها العماد قهوجي في مخاطبة الضباط، والمعطيات التي أدلى بها أمامهم، والمواقف التي أكد عليها، ناهيك بالتشدد في تطبيق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في المؤسسة العسكرية.

ويقول مطلعون إن ما دفع العماد قهوجي الى اعتماد هذه <المصارحة المسؤولة> أمام الضباط، سلسلة اعتبارات، لعلّ أبرزها الظروف الأمنية التي يمرّ بها لبنان لاسيما بعد الحرب على التنظيمات الإرهابية والجهوزية العسكرية المستمرة على مدار الساعة، والظروف السياسية التي وضعت المؤسسة العسكرية في صلب الجدال السياسي في مسألة الترقيات التي كانت مطروحة لإيجاد <تسوية> تشمل الملفات العالقة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، خصوصاً أن تسرّب السياسة الى صفوف الضباط لم يعد سراً بعد المواقف التي كانت تُعلن أمام الإعلام حول ترقية هذا الضابط أو ذاك، وحصول اتصالات سياسية واسعة النطاق لمصلحة هذا الضابط أو ذاك. ومن البديهي أن يكون النقاش الحارّ الذي دار حول ترقية القائد السابق لفوج المغاوير العميد المتقاعد شامل روكز وما رافقه من مواقف وردود فعل داخل المؤسسة العسكرية، أحد أبرز الأهداف التي جعلت العماد قهوجي يصارح الضباط، علماً أن موعد اللقاءات حصل بعد خمسة أيام على إحالة العميد روكز الى التقاعد.

ويرى المطلعون أن العماد قهوجي أراد من خلال هذه اللقاءات التأكيد على أن ما قيل ويُقال حول التمديد للقيادات العسكرية العليا، أو الدعوة من الاحتياط لمدير المخابرات، لن يبدّل شيئاً من الوضع القيادي للمؤسسة العسكرية ولن يؤثر استطراداً على أدائها وانضباطية أفرادها ضباطاً ورتباء وأفراداً، بدليل أن العماد قهوجي قال للضباط إن الوضع العام للجيش <ممتاز وهو الأقوى على الأرض لأن قوّته مستمدّة من الشرعية>، وكان لافتاً تكرار القائد بأن الجيش هو <الشرعية>. وقد تمّ إبراز هذه العبارة في المقاطع الصوتية التي وُزّعت على وسائل الإعلام المرئية والتي تضمنت <مونتاجاً> لكلام قهوجي أمام الضباط. واعتبر أن الأوضاع في عرسال <مضبوطة وهناك نجاحات تتحقّق يومياً وبشكلٍ دائم، إضافة الى إمساك الجيش بالأوضاع على الساحة الداخلية، والأحداث الأمنية يمكن أن تحصل كما هي الحال في معظم الدول كفرنسا مثلاً وغيرها>.

 

تنفيذ الهبتين السعوديتين

 يتمّ ببطء

وتنقل مصادر اطلعت على مضمون كلام العماد قهوجي قوله بأن وتيرة المساعدات للجيش <تسير بشكلٍ جيد>، فالأميركية منها تضاعفت في المدة الأخيرة على صعيدي التدريب والتسليح، والمساعدات البريطانية تأخذ طابعاً لوجستياً، أما في ما يتعلق بالهبة السعودية الأولى (3 مليارات دولار) فالأموال المرصودة لم تُترجم بعد الى عتاد وتسليح، وهي تسير ببطء على الرغم من إنجاز الإجراءات الإدارية كافة. كذلك الامر بالنسبة للهبة السعودية الثانية المخصصة في معظمها لتحقيق طائرات متطورة وتجهيز الطوافات بأسلحة ذكية، وهاتان الهبتان ستساهمان بتطوير الجيش ودفعه قُدُماً لـ25 سنة مقبلة عند تحقيق الأسلحة والأعتدة المرجوة. وفيما أكد العماد قهوجي أن الجيش هو <مصدر ثقة كبيرة واحترام> لدى اللبنانيين كافة، بدليل كثافة طلبات التطوّع، أشار الى جهوزية الجيش للتدخل في أي وقت ومكان، لافتاً الى أن المؤسسة العسكرية هي محل تقدير عالٍ لدى الوفود الأجنبية الزائرة كافة مدنية كانت أم عسكرية. وأعاد قهوجي التأكيد على سعي القيادة بشكلٍ دائم لتحرير العسكريين المخطوفين <الذين لن يُترَكوا أبداً>، مشيراً الى أن الدولة بأجهزتها كافة فعلت كل ما في وسعها وهي مستمرة، وليس من الإنصاف اتهامها بالتقصير، <فالتنظيمات الإرهابية الخاطفة هي حقيقة مجموعات لصوصٍ كذبة، ولا علاقة لها بالدين، بعضها يبتز الدولة والبعض الآخر قطع الاتصال معها>.

وإذا كانت <التطمينات> التي أوردها العماد قهوجي في لقاءاته مع الضباط، تأتي تأكيداً على مواقف سابقة كان قد أكّد عليها في مناسبات عدة، فإن الشق السياسي من أحاديثه بدا لافتاً لاسيما بعد إشارته الى استمرار الشغور في موقع الرئاسة بسبب الاختلاف السياسي الداخلي وارتباطه بالخارج، مُعتبراً أنه من <الواجب> أن يتمّ انتخاب الرئيس لاسيما وأن عدم إجراء هذه الانتخابات <سببه الأساسي داخلي>، وهو ما أدى الى تعطل الحكومة ومجلس النواب وتوقف عجلة الدولة، وهذا يشكّل صعوبة أمام الجيش على صعيد أخذ القرار حيث يُصبح تقدير العمل المطلوب مُلقى على عاتق القيادة لأنها تأتمر بأوامر السلطة السياسية المُتمثلة بمجلس الوزراء الذي أصابه الشلل أيضاً. كذلك على الصعيد المالي حيث تجهد المؤسسة العسكرية في اجتراح الحلول لتأمين مصادر الأموال نظراً لتأثّر عملية التمويل بالواقع السياسي الحالي، إضافة الى ما نتج عنه من وقف صدور مراسيم الترقيات وعدم تطويع تلامذة ضباط وضباط اختصاصيين وتلامذة رتباء وتأخّر إقرار معاهدات التعاون العسكري.

 

<أداء السياسيين دون المستوى

ولم يخفِ العماد قهوجي انزعاجه من أداء السياسيين في لبنان حيال الأوضاع الجارية في البلاد <لأنهم دون مستوى الوعي الكافي والتقدير الصحيح للأمور>، مُعتبراً أنهم لا يدركون حقيقة التوازنات والاتفاقات الدولية الكبرى التي يمكن ألا يكون لبنان جزءاً مهماً فيها، وألا يؤثر انهيار الوضع فيه عليها، لا بل هم <تفرّغوا> الى خلافاتهم بدلاً من أن يستثمروا في الأمن الذي وفّره الجيش، وبات عليهم ألا يجرّوا لبنان الى الخراب بفعل خلافاتهم السياسية! كذلك تطرق العماد قهوجي الى <الحراك المدني> الذي انطلق من مطلب رفع النفايات ليشير الى أنه مع المطالب المُحقّة والتعبير عنها بشكلٍ ديموقراطي، <لكننا لسنا مع إهانة أي عسكري أو تحطيم المتاجر والمنشآت في الوسط التجاري لبيروت، ولن نكون أبداً مع تدمير الدولة. صحيح أننا أبعدنا الجيش عن الصدام لأن المحافظة على أمن التظاهرات هي من صُلب مهام قوى الأمن الداخلي المجهّزة أساساً لمكافحة الشغب، لكننا أبقينا الجيش في وضعية الاحتياط للتدخل في حال تطوّرت الأمور أو تدهور الوضع العام، ولن نسكت حين نرى ما يهدّد الدولة>.

ويقول مطلعون على مواقف العماد قهوجي خلال لقاءاته مع الضباط إن مسائل عدّة تحدّث عنها بصراحة ومسؤولية، لاسيما ما خصّ أوضاع النازحين السوريين الذين زاد عددهم عن مليون ونصف مليون نازح، والوضع الاقتصادي العام في البلاد (باستثناء الإشادة بفعالية عمل القطاع المصرفي)، لكنه حرص في المقابل على دعوة الضباط والعسكريين للتعاطي مع المدنيين باحترام وحزم خصوصاً عند الحواجز العسكرية، والمحافظة على المناقبية العسكرية وعدم التزلّف للسياسيين، مُقدّراً تعب العسكريين وعظمة جهودهم، وقال: <نحن نتعب الآن لخلاص لبنان الذي يُشكّل الجيش عموده الفِقري، وقد مرّت علينا ظروف صعبة وتخطيناها، وسنمرّ بظروف أخرى وسنتجاوزها بقوّة وصلابة، وبعزيمة العسكريين ووحدتهم لأن الحفاظ على المؤسسة العسكرية حفاظ على عائلاتنا ووطننا>.