تفاصيل الخبر

خمـــس ساعـــات مــن المصارحــــة أنعشت ”التسويــــة“ و”مينــي بـيــــان وزاري“ حـــدد مســـار المرحلـــة المقبلــــة!

20/06/2019
خمـــس ساعـــات مــن المصارحــــة أنعشت ”التسويــــة“  و”مينــي بـيــــان وزاري“ حـــدد مســـار المرحلـــة المقبلــــة!

خمـــس ساعـــات مــن المصارحــــة أنعشت ”التسويــــة“ و”مينــي بـيــــان وزاري“ حـــدد مســـار المرحلـــة المقبلــــة!

هل أعادت الساعات الخمس التي أمضاها رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس <التيار الوطني الحر> الوزير جبران باسيل، في السرايا أولاً ثم على <خبز وملح> في بيت الوسط، المياه الى مجاريها في العلاقات بين الرجلين، وهل طويت صفحات التباعد التي فتحت خلال الأسابيع الماضية الى غير رجعة، وهل سينتظم نتيجة هذا اللقاء عمل الحكومة في الآتي من الأيام؟ أسئلة وغيرها كثير، طرحتها الأوساط السياسية بعد ساعات من انتهاء لقاء الحريري ــ باسيل وصدور بيان عن مكتب الإعلام التابع لرئيس الحكومة مساء يوم الاثنين الماضي، خصوصاً ان الأيام التي سبقت اللقاء حفلت بمناوشات كلامية وهجمات غير مرتدة في وسائل الإعلام، وشنت <الجيوش الالكترونية> لكل من تيار <المستقبل> و<التيار الوطني الحر> حروباً لم تبقِ ولم تذر لقطبي التسوية السياسية التي اعتمدت منذ ثلاثة أعوام وتوجت بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، والرئيس الحريري رئيساً للحكومة.

قد يكون من المبكر الجزم بأن الخلافات بين حليفي الأمس واليوم والغد قد زالت الى غير رجعة، خصوصاً ان أحداث الماضي أظهرت انه كلما كانت تتم مصالحة بين <الحزب الأزرق> و<الحزب البرتقالي>، كانت تبرز معطيات تعيد التناحر من جديد وإن بنسب متفاوتة، فتضع <التسوية> على المحك فتترنح من دون أن تسقط، وتتعطل لغة الكلام الهادئ ثم يعود الحوار من جديد. لكن من تابع أجواء لقاء الاثنين الماضي بين الرجلين خرج بانطباع ان تقييم المرحلة الماضية بين الرجلين أفضى الى نتائج تحتاج الى رعاية دائمة، كتلك التي تولاها الرئيس عون بعيد عودة الرئيس الحريري من عطلة عيد الفطر المبارك خلال اجتماع في قصر بعبدا انتهى بـ<تمشاية> للرئيسين في بهو القصر الجمهوري تحت أنظار الاعلاميين وكاميرات النقل المباشر، ما ترك ارتياحاً انعكس في اليوم التالي <راحة> في الأسواق المالية وفي الأوساط الاقتصادية والمصرفية التي عاشت منذ بدء الخلافات المعلنة بين <التيار> و<المستقبل> أياماً من القلق والحذر.

 

تجديد الاستقرار وخارطة الطريق!

من أولى النتائج، تأكيد الزعيمين السني والماروني على أهمية الاستقرار السياسي، وفي ذلك اعتراف بأن ما حصل بينهما كاد أن يطيح بهذا الاستقرار، خصوصاً بعدما وصلت الحملات الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حداً صعباً تزداد خطورتــــه عندمــــا يتابع المعنيـــون التطـــــورات الاقليميــــــة المتسارعـــــــة و<حروب> ناقلات النفط والتهديدات بالتصعيد والحسم. وثاني هذه النتائج إقرار الرجلين بأن الحوار <الصريح والمســــؤول> يــــوضح التباينــــات في وجهات النظر من جهة، ويؤسس لتعاون مبني على ثقة واكبت الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون والتي حققت انجازات عدة في كل المجالات، أبرزهـــــــــا الانتخابــــــــات النيابيــــــــة والانتصارات الأمنية والعسكرية على الارهاب إضافة الى انتظام الحياة السياسية بعد جهود امتدت طويلاً.

وثالث هذه النتائج التسليم المطلق بتفعيل العمل الحكومي وتهيئة المناخات الملائمة لإنجاز الموازنة وإعداد العدة اللازمة لوضع البرنامج الاستثماري الحكومي والخطة الاقتصادية وقضايا النفايات والنزوح والمهجرين والتعيينات الخ... على السكة من جديد، ما شكل في نظر مطلعين <ميني بيان وزاري> وخارطة طريق تعيد الثقة التي اهتزت بالحكومة وهي بعد لم تنجز موازنة العام 2019 ولا حققت أي خطوة تؤول فعلياً الى النهوض الاقتصادي الضروري لحماية البلاد من السقوط. أما رابع هذه النتائج فقد برز من خلال التزام <الحليفين> الاهتمام بالملفات الحياتية وتلك التي تعالج الهدر وتكافح الفساد وتؤدي الى رفع انتاجية الحكومة والدولة بشكل عام، لتكون عناوين جدول أعمال المرحلة المقبلة، ما يعني ان البلاد مقبلة ــ إذا صحت

المعلومات ــ على ورشة عمل يفترض أن تحتاج الى جلسات متتالية للحكومة على خلفية توافقية هي أساس أي عمل منتج تحققه الحكومة الثانية في عهد الرئيس عون.

وتبقى خامس هذه النتائج ــ ولعلها الأهم ــ وهي <انعاش> التسوية (راجع العدد السابق من <الأفكار>)، أو ما يُسمى التفاهم الذي حصل قبل ثلاث سنوات، بحيث تستمر قوية وفاعلة نتيجة جلسة المصارحة و<الخبز والملح>، بالتعاون مع مكونات الحكومة لتوفير الاستقرار المطلوب وتحقيق أعلى درجات التجانس في العمل الوزاري. وهذا <الاعتراف> بضرورة استمرار التسوية ومدها بجرعات من <الأوكسجين التوافقي>، يعكس ارادة الطرفين في طي صفحات ما حصل بينهما خلال الأسابيع الماضية، على خلفية الاعتراض الحريري على <ممارسات باسيل الفوقية> وإثارته مواضيع حساسة مثل <السنية السياسية> خليفة <المارونية السياسية> والتي قال باسيل ان الأولى قامت على جثة الثانية، وأدى قوله هذا الى <اشتعال الجبهات> بين <التيار> و<المستقبل>، حيث قيل كلام كبير بألسنة وزراء ونواب <مستقبليين> حاليين وسابقين، قوبل بكلام أكبر من وزراء ونواب <باسيليين> أعطي لهم الضوء الأخضر لاستباحة كل شيء... ما هدد <التسوية> يومها بالسقوط والبحث عن بدائل عنها لم يكن من السهل توافرها، خصوصاً بعد حديث الرئيس الحريري عن <حالة الغضب> التي تسود الشارع السني مع حديث عن <طائفة مكسورة> أو <مغلوب على أمرها>... إضافة الى تنامي الشعور بأن رئيس الحكومة يواصل الدفع من رصيده السياسي على أقساط، من دون أن يلاقيه حليفه البرتقالي في نصف الطريق للحد من <تذمر> الشارع السني مما يجري.

ترجمة عملية للمشاعر!

ورأت مصادر سياسية معنية، ان المناخات الايجابية التي شاعت بعد لقاء السرايا و<بيت الوسط>، لا تكفي لإعادة الأمور الى نصابها وعودة الصفاء الى الحياة السياسية والعمل الحكومي، إذ ان المطلوب ترجمة <المشاعر> التي برزت بعد لقاء المصارحة بخطوات عملية <تعيد الروح> الى الحكومة المرتبكة رئيساً وأعضاء، وتمكن <العهد القوي> من الانطلاق من جديد بعد التعثر الذي أصابه. ولعل أبرز هذه الخطوات وضع حد للجمود الذي حل بمؤسسة مجلس الوزراء من خلال تزخيم حضوره وانتاجيته، وهو ما كان الرئيس عون قد اتفق عليه مع الرئيس الحريري من خلال عقد جلستين لمجلس الوزراء أسبوعياً لانجاز ما تراكم من مواضيع واستحقاقات بالتزامن مع اقرار مجلس النواب لموازنة 2019 كي تنطلق العجلة الحكومية من جديد، ويطمئن أصدقاء لبنان بأن توصيات مؤتمر <سيدر> ستشق طريقها الى التنفيذ، وان <نصائح> المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سوف تجد من يسمعها ويأخذ بها. ولم يعد سراً أن الدول الداعمة للبنان أصيبت بخيبة أمل كبيرة نتيجة ما آلت إليه الأوضاع السياسية في البلاد بفعل <الحروب> التي وقعت في أكثر من جبهة.

كذلك فإن استحقاق التعيينات الادارية سوف يشكل امتحاناً لمدى جدية ما قيل في السرايا و<بيت الوسط> من رغبة في التعاون من جديد للتصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي ترزح البلاد تحت وطأتها، وذلك بعد تبديد أسباب الغضب الشعبي الذي نجح الرئيس عون باستيعابه خلال حديثه <الودي والصادق> مع الرئيس الحريري العائد من عطلة الفطر، والذي عليه أن يواصل سياسة الاستيعاب هذه من خلال <ضبط إيقاع> رئيس <التيار الوطني الحر> الوزير باسيل الذي يعتبر الرئيس الحريري وفريقه السياسي انه <شطح> كثيراً ولامس الخطوط الحمر. ودور الرئيس عون في هذه المرحلة، يعتبره الرئيس الحريري، دوراً أساسياً لأنه الرئيس القوي القادر على جمع اللبنانيين كلما ابتعدوا، وعلى التدخل في الوقت المناسب لقطع الطريق على تطور الخلافات وتمددها. وفي تقدير المتابعين ان اعادة الانضباط في التعاطي مع الملفات السياسية المطروحة، وفي مقاربة النقاش الدائر بين رؤساء الكتل والأحزاب والأقطاب، هي مهمة رئيس الجمهورية خصوصاً إذا ما لعب دوره المرسوم في <اتفاق الطائف>، أي دور الحكم الذي يضع <الزيح> المناسب لكل الأطراف بحيث لا يتجاوزه أي طرف على حساب الطرف الآخر، علماً ان رسم هذه الخطوط لا يمكن أن يستثني أحداً سواء كان من المقربين أو الأقرباء لا فرق، والحديث الصريح الذي دار بين الرئيسين عون والحريري، واستكمل بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية، من شأنه أن يصحح المسار ويمنع تسرب المواد الملتهبة الى كرة النار التي تتقاذفها أيدي السياسيين وتنقلها من مكان الى آخر.

تبقى مسألة مهمة لا بد من مواجهتها بمسؤولية وواقعية، تضيف المصادر المتابعة، وهي ان الطموحات المشروعة التي كانت وراء <صدامات> الأمس، يجب أن تعلق راهناً لمنع تكرار ما حصل، بحيث يكون الآتي من الأيام أفضل من تلك التي رحلت، فالاستعجال في تحقيق <الطموحات> لا مبرر له في الوقت الحاضر، خصوصاً ان مقومات نجاح هذه الطموحات غير متوافرة راهناً وقد تحتاج وقتاً اضافياً كي تصبح <جاهزة> ويكون من السهل تحقيقها... وإلا فإن <غسل القلوب> بين السرايا و<بيت الوسط> ستزول مفاعيله سريعاً!