تفاصيل الخبر

خلاف جديد بين المجلس الأعلى والمدير العام على مشروع قانون يحدّ من صلاحيات ضاهر!

30/08/2019
خلاف جديد بين المجلس الأعلى والمدير العام على مشروع قانون يحدّ من صلاحيات ضاهر!

خلاف جديد بين المجلس الأعلى والمدير العام على مشروع قانون يحدّ من صلاحيات ضاهر!

 

من بين النقاط الاصلاحية التي طرحها الاجتماع المالي والاقتصادي في قصر بعبدا قبيل جلسة <المصارحة والمصالحة> بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط ورئيس <الحزب الديموقراطي اللبناني> النائب طلال ارسلان، إقرار قانون جديد للجمارك يتماشى مع الحاجة الاقتصادية من جهة، وتطور العمل الجمركي من جهة أخرى. وإذا كان المجتمعون شددوا على وجوب إقرار هذا القانون الذي أعدته وزارة المالية وينتظر أن يدرسه مجلس الوزراء قريباً، انطلاقاً من الحرص على استكمال <الاصلاحات> التي يفترض أن تطرأ على الواقعين الاقتصادي والمالي في البلاد، فإن بعضهم اصطدم بجدل قائم حول الصيغة الجديدة لقانون الجمارك يعكس خلافاً يتنامى يوماً بعد يوم، بين المجلس الأعلى للجمارك برئاسة العميد المتقاعد أسعد الطفيلي، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، الذي يخشى أن يتطور ليصبح خلافاً بين حركة <أمل> التي تدعم العميد الطفيلي و<التيار الوطني الحر> الذي يدعم ضاهر ويؤيد خطواته الاصلاحية في الجمارك لاسيما بعد الانجازات التي تحققت ومنها زيادة مداخيل الدولة من الرسوم الجمركية، وضبط عمليات التهريب، ومباشرة اجراءات لضبط الحدود البرية ولو نسبياً.

أما أسباب الخلاف حول مشروع القانون الجديد، فتعود الى كون الصيغة المقترحة تسحب صلاحيات واسعة من المدير العام للجمارك وتحوّلها الى المجلس الأعلى الذي يديره ثلاثة أعضاء، هم إضافة الى العميد الطفيلي، السيدة غراسيا قزي (المدعومة من <القوات اللبنانية>) وهاني الحاج شحادة (المدعوم من تيار <المستقبل>). ومن بين هذه الصلاحيات ما يوصف <بالصلاحيات التنفيذية> منها تحديد آلية رسوم الاستيفاء وإصدار قرارات منع ادخال البضائع وإعادة تصديرها، وغيرها من النقاط التي كانت محصورة بالمدير العام ويعمل المجلس الأعلى على سحبها منه. وتقول مصادر مطلعة على الملف ان القانون حدد صلاحيات المجلس الأعلى للجمارك بمراقبة عمل المديرية العامة للجمارك ورفع التقارير الى وزير المال، وتنظيم الرسوم الجمركية انطلاقاً من حق التشريع الجمركي المعطى للحكومة والذي يمارسه عملياً المجلس الأعلى. وتضيف المصادر ان الصيغة المقترحة هي حصيلة ترجمة لقانون الجمارك الانكليزي التي لم تنته بعد وبالتالي لم تعرض الصيغة على أي سلطة ادارية، لكن يروج سلفاً لـ<ايجابياتها> حتى تصبح أمراً واقعاً. ويرى معارضو الصيغة المقترحة ان القانون المعمول به في الجمارك حالياً هو قانون حديث صدر العام 2000 وهو يقوم على تبسيط الاجراءات وفقاً لتوصيات المنظمة العالمية للجمارك ومنظمة التجارة الدولية، وتبعاً لهذه التوصيات، فإن المديرية العامة تحظى بموجب هذا القانون باستقلالية. إلا ان ثمة من يعمل على تعديل النص الانكليزي الذي لا يلحظ مجلساً أعلى للجمارك ورثه لبنان عن المجلس الأعلى للجمارك المشترك بين لبنان وسوريا قبل الانفصال، ثم ألغته سوريا. واللافت ان اللجنة المكلفة إعداد القانون والمؤلفة من تسعة أعضاء بدأت عملها منذ حوالى سنة ويتقاضى كل عضو فيها 75 بالمئة من مجموع رسم الخدمات العائدة له، وبالتالي فإن الكلفة تتعدى مليون دولار من أجل ترجمة حوالى مئة صفحة يقول المتابعون انه يمكن أن يتولى ترجمتها مترجمون لا يتجاوز ما يتقاضونه من تعويض مبلغ الألفي دولار أميركي، ويمكن انجاز الترجمة في غضون أسبوع!

موقف عون... والتوازنات!

وتخشى مصادر معنية أن يصار الى تمرير مشروع القانون بالصيغة التي يعترض عليها المدير العام للجمارك، وذلك تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية وضرورة القيام بخطوات اصلاحية تنتظرها مؤسسات التصنيف الدولية قبل أن تحدد تصنيف لبنان للمرحلة المقبلة. ومرد هذه الخشية، عدم عرض الصيغة، ولو في مراحلها الأولية غير النهائية، على المدير العام للجمارك لإبداء رأيه، ما جعل منسوب الارتياب يتصاعد لدى ضاهر الذي ارتفع صوته لافتاً الى التجاوزات التي تحصل لصلاحياته ومسؤولياته. وتراهن المصادر نفسها على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تلقى تقريراً مفصلاً حول الصيغة المقترحة والواقع الراهن، تمهيداً لاتخاذ الموقف المناسب منها، لاسيما وان لدى الرئيس عون ثوابت في مقاربة الشؤون الادارية، منها رفضه المساس بالتوازنات أو عرقلة الحركة التجارية وعملية اخراج البضاعة وغيرها من المسائل التي تحتاج الى قرارات سريعة يتخذها المدير العام للجمارك، بينما لو باتت هذه الصلاحيات في عهدة المجلس الأعلى فإن الأمر يختلف لأن قرارات المجلس الأعلى تتخذ بالاجماع، وأي اصطفاف سياسي أو دافع ميليشياوي الهوى من شأنهما أن يعرقلا اتخاذ القرار مع ما يعني ذلك من انعكاسات سلبية على مردود الدولة من جهة، وعلى الحركة التجارية من جهة ثانية.

من هنا فإن هذا الملف مقبل على مزيد من المواجهة بين المدير العام وأعضاء المجلس الأعلى للجمارك، لاسيما وان <مشكل> التعيينات في الجمارك لم يمر بعد، ولا يزال أكثر من 843 شاباً ينتظرون مصيرهم وتصديق قرارات نجاحهم ليباشروا العمل في جهاز يعاني من نقص لافت بعديده، ويقوم بمهام شبه عسكرية، اضافة الى اتساع مسؤولياته بعد الفلتان الذي أصاب الحدود البرية اللبنانية ــ السورية وتزايد أعمال التهريب وإغراق الأسواق اللبنانية بمنتوجات مهربة تنافس الانتاج اللبناني الزراعي والصناعي على حد سواء.