تفاصيل الخبر

خبير النفط والغاز الدكتور فادي جواد: يجب الاسراع باستخراج الثروة النفطية قبل استبدالها بمصادر طاقة اخرى مع التقدم التكنولوجي المتسارع!

29/03/2019
خبير النفط والغاز الدكتور فادي جواد: يجب الاسراع باستخراج الثروة النفطية قبل استبدالها بمصادر طاقة اخرى مع التقدم التكنولوجي المتسارع!

خبير النفط والغاز الدكتور فادي جواد: يجب الاسراع باستخراج الثروة النفطية قبل استبدالها بمصادر طاقة اخرى مع التقدم التكنولوجي المتسارع!

 

بقلم طوني بشارة

 

مع اعلان الحكومة ان التنقيب في البلوك رقم 4 سيبدأ مع مطلع العام 2020 عادت قضية النفط الى الواجهة من جديد، وذلك في ظل تساؤلات عدة تمحورت حول مدى تأثير الخلافات السياسية على هذا التاخير، ومن المستفيد الأكبر، وما قضية البلوك رقم 9، وهل سيكون للخلاف على ترسيم الحدود اثر على النفط اللبناني، وهل سيتمكن لبنان من الاستفادة من نفطه في ظل هذا التأخير؟

أسئلة عديدة طرحتها <الأفكار> على خبير اقتصاد النفط والغاز وتنمية الموارد البشرية الدكتور فادي جواد الذي تعتمد كبرى الشركات النفطية والبترولية على خبراته في وضع أسس وخطط لتنمية المجموعات البشرية لديها، على اعتبار ان لديه خبرة تفوق العشرين عاما في تأهيل وتطوير الموارد البشرية في اهم الشركات العالمية مثل: نفط الكويت، ارامكو لاعمال الخليج، قطر غاز، عمان غاز وكبرى الشركات النفطية في المنطقة، بالإضافة الى كونه حائزاً عدداً من الجوائز العالمية: جائزة التنمية والابداع البشري (الكويت 2009)، جائزة رائد اعمال قطاع تنمية الموارد البشرية لعام 2014 من مجلة <Entrepreneur> الاميركية، جائزة <World Leader Person> لعام 2014 من <الاتحاد العالمي للاعمال> <WORLDCOB> اميركا، تقدير خاص من جائزة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم للاعمال والابداع (دبي 2017)، وقد تم اختياره من ضمن اهم 100 شخصية عربية لعام 2018 من قبل مجلة  <Arabian Business>.

 

جواد والخوف من الصراع السياسي!

وكان السؤال المدخل:

ــ من الملاحظ ان هناك تأخيراً بإستخراج النفط في لبنان فما تأثير ذلك؟

- موضوع النفط موضوع قديم في لبنان منذ الستينات وقد تأخر لبنان خمسين سنة عن دول الخليج لاستكشافه وتنقيبه وعشر سنوات لاستدراج العروض وترسيتها ولا ندري المدة التي سنصل بها للإنتاج في ظل الاسلوب السلحفاتي الذي نمشي به في لبنان! والسبب الحقيقي لاستخراجه سبب داخلي بامتياز وافضل تعبير عن ذلك تشكيلة الهيئة العامة للبترول الموزعة على 6 طوائف بغض النظر عن خبراتهم النفطية والرئاسة بالمداورة، هذه الصورة اليوم ونحن بمراحل الاستكشاف والخوف عند الوصول لمرحلة الانتاج من صراع سياسي طائفي اكبر سوف يؤخر الاستفادة من ثروتنا النفطية التي سوف نصل ليوم تصبح بلا فائدة انتاجية بسبب البدائل المقبلة للطاقة.

ــ تشير في حديثك الى وجود تجاوزات معينة فما سبب عدم إدارة هذا القطاع بطريقة جيدة؟

- التجاوز الاهم هو فرض الاقرار بخط <هوف> على لبنان لذا يجب الاسراع بحل موضوع المنطقة الخلافية مع اسرائيل للوصول الى ضمان توزيع المناطق المشتركة معها بشكل لا يجعلها تسرق ثروتنا النفطية بدون حسيب او رقيب.

ــ هل تعتقد ان استخراج النفط والغاز من لبنان سيخدم المصالح اللبنانية؟

- بالتأكيد حيث سيحمل ثروة لم يشهدها لبنان في تاريخه وسوف يؤمن مدخولاً لعشرات السنوات المقبلة حيث ستكون هناك قدرة على حل جميع المشاكل الاقتصادية اذا ادير الملف بشكل جيد ومستقل.

ــ هل الاستفادة ستكون للبنانيين ولبنان أم للشركات المعنية فقط؟

- لبنان هو المستفيد الاكبر من اليوم الاول للانتاج حيث النسبة الاكبر من العائدات هي للبنان والافادة الاكبر هي في خلق اقتصاد نفطي في البلد مما يؤسس لصناعات ومؤسسات جديدة لم يشهدها لبنان سابقا سوف تدر على المواطن ايرادات وفيرة وترفع من المستوى المعيشي للبنانيين على كافة الاصعدة.

ــ استنادا الى خبرتك الطويلة في هذا القطاع حوالى 20 سنة كم تتوقع ان تكون الكمية الموجودة في لبنان؟

- يتوقع وجود حوالى 32 تريليون قدم مكعب من الغاز وحوالى المليار برميل من النفط وقيمتها السوقية حاليا حوالى 220 مليار دولار، ويكفي العلم ان هذه الكمية قادرة على حل جميع مشاكل لبنان الاقتصادية وتسديد الدين العام بوضع خطة اقتصادية ذكية ومؤثرة.

 ــ متى ستبدأ عملية الحفر في لبنان؟

- من المتوقع أن يبدأ حفر اول بئر في البلوك رقم 4 في نهاية 2019 والبلوك رقم 9 في اوائل 2020.

ــ برايك هل للخلافات السياسية تأثير في تأخير عملية التنقيب؟

- هي المؤثر الاكبر سابقا وحاليا لذا نتمنى الوصول الى استبعاد هذا الملف عن الخلافات السياسية ولكن يبقى ذلك تمنياً لأننا جميعا نعرف ان عيون الجميع على هذه الثروة وطريقة تقسيمها.

ــ هذا التأخير لا يخدم اطلاقا المصالح اللبنانية ولكن في حال بدأ التنقيب عام 2020 هل سيلحق لبنان الدول المجاورة التي بدأت بالتنقيب؟

- كما ذكرت سابقاً تأخر لبنان كثيراً والدول المجاورة سبقتنا باشواط حيث وصلت لمرحلة الانتاج ولكن هذه الدول ما زالت تعاني في مجال تسويق الغاز وكلفة المنشآت مقارنة بالكميات المستكشفة، والتحدي الاكبر هو خط الغاز البحري الذي لا تمتلك دولة واحدة تكلفته لذا قامت عدد من دول البحر المتوسط بالتعاون في ما بينها ومن ضمنها اسرائيل لإنشاء هذه الانابيب والتي لن يكون لبنان قادراً على المشاركة بها بسبب العداء لاسرائيل لذا ارى في الافق تشكل تحالف اخر تقوده روسيا وتركيا في طور النشوء للوصول الى الاسواق الاوروبية واول تباشير هذا التحالف اتفاق شركة <روسنفط> لإدارة المنشات النفطية الموجودة في طرابلس.

ــ هناك خلاف بين لبنان وإسرائيل حول المنطقة الاقتصادية الخالصة قرب الناقورة وفي البلوك رقم ٩ فإلى أين سيصل هذا الخلاف اذا لم يتم ترسيم الحدود؟

- نتائج زيارة وزير الخارجية الأميركية <بومبيو> لبيروت ستكشف اذا تم الاتفاق على هذه المنطقة التي تبلغ حوالى 854 كلم مربع والتي تسعى اسرائيل لتقاسمها مع لبنان بدون وجه حق كعادتها في اقتطاع اجزاء من الأراضي المجاورة لها، وباعتقادي اذا لم يتم ترسيم الحدود فورا وبشكل عادل يحفظ حق لبنان ببره وبحره فسوف يؤثر ذلك على البلدين في استخراج ثروتهما النفطية بسبب الصراعات التي سوف تنتج عن ذلك.

ــ هل باستطاعة إسرائيل الاستيلاء على النفط في هذه المنطقة ومن يردعها؟

- بالتأكيد خصوصا ان حقل <كاريش> الذي يبعد عن البلوك 9 خمسة كلم سوف يتشارك بحوض واحد مع 9 مما يمكنها من شفط الكمية الموجودة بالحوض المشترك، لذا يجب التحرك بشكل سريع من قبل الحكومة اللبنانية لدعوة اليونان والشركة اليونانية الملتزمة هذه الرقعة البحرية بالتوقف فورا لحين الوصول الى اتفاق بين البلدين، وهذا ينطبق على جميع البلوكات المشتركة مع الحدود الاسرائيلية.

ــ أعلنت وزارة الطاقة أن التنقيب بالبلوك رقم ٤ سيبدأ مطلع ٢٠٢٠ فكيف تنظرون إلى ذلك؟

- خبر جيد واتمنى عدم التأخير في تحقيق ذلك لأنه سوف يؤثر ايجابيا على الملف النفطي اللبناني دوليا ليؤكد جدية لبنان في التعاطي مع هذا الملف الحيوي والحساس.

جواد والاثر الإيجابي للتنقيب!

ــ وهل سيكون للتنقيب اثر إيجابي بمعالجة أزمة الديون وبتحسين النمو الاقتصادي؟

- لا يبدو خافياً على أحد ان المؤشرات الاقتصادية للبنان التي انتهى اليها عام 2018 مؤرقة، مع توّقف معدل النمو عند سقف الـ1 الى 0.5 بالمئة، وتعثّر مؤسسات البلد وإقفال نحو 3 آلاف منها، وبطالة نحو 30 بالمئة، فيما تدهورت المالية العامة مع مقاربة العجز المالي معدلا يتجاوز الـ10 بالمئة من الناتج المحلي وإستمرار تنامي الدين العام ليقارب الـ85 مليار دولار مع ما يرتبه من ارتفاع في خدمة الدين، أما التضخم فارتفع إلى نحو 7 بالمئة، والعجز المتزايد في الميزان التجاري اللبناني ناهز 18 مليار دولار! ومع هذا الوضع السيئ ارى بارقة امل من خلال دخولنا الاقتصاد النفطي المقبل الينا والذي سوف يشكل نقلة نوعية في ارتفاع النمو وتطوير الايرادات العامة والتنوع الاقتصادي الذي لم يكن موجودا سابقا، وهذا سوف يقضي على الدين العام عبر انشاء صندوق سيادي مستقل عن ايرادات الدولة مشكل من اختصاصيين عالميين بالاشتراك مع البنك الدولي للحفاظ على هذه الثروة وضمان استمراريتها حتى بعد نضوبها.

ــ الفاتورة النفطية للكهرباء في لبنان عالية فهل سيبقى لبنان معتمدا على الفيول؟

- لبنان ينفق اكثر من 15 بالمئة من ناتجه المحلي الاجمالي على الفاتورة النفطية، لذا يجب تحويل جميع المحطات الكهربائية للعمل بالغاز حيث انها اقل كلفة في الانتاج واقل تكلفة في التطوير والصيانة، وهي متطورة جدا من حيث الانتاج والقيمة الاقتصادية.

ــ ومتى يصبح لبنان قادراً على الإنتاج؟

- اتوقع بحد اقص خمس سنوات ونكون دخلنا نادي الدول المنتجة للنفط.

ــ ما هي البلوكات التي سوف يبدأ العمل على تلزيمها؟

- سوف يطرح استقدام العروض قريبا للبلوكات 1، 5، 8 و10 والتي نتمنى الاسراع بترسية بلوكي 8 و10 الملاصقين للحدود مع اسرائيل.

ــ هل نملك بنية تحتية جاهزة للعمل النفطي؟

- كون لبنان دولة غير نفطية فهو لا يملك هذه البنية التحتية لذا يجب الاسراع للعمل على خلق مشروعات مشتركة بين القطاع العام والخاص لـتاهيل البنية التحتية القادرة على استضافة هذه الثروة المقبلة وعدم اضافة سبب جديد لـتاخير الاستخراج والانتاج.

ــ ما هي حصة الدولة اللبنانية من الثروة؟

- الدولة ستحصل على ما يقدر بنحو 56 بالمئة إلى 71 بالمئة من إيرادات الرقعة البحرية رقم 4 و55 إلى 63 بالمئة من الرقعة رقم 9.

ــ ما هي الطريقة الافضل لإدارة أموال الثروة النفطية؟

- الصندوق السيادي المستقل هو الافضل والبعيد عن التجاذبات السياسية، وننطلق من خبرة اكبر صندوق سيادي في العالم وهو الصندوق النرويجي ومن خبرات صناديق اشقائنا العرب مثل ابو ظبي والسعودية والكويت لنستفيد من تجربتهم في ادارة الثروات وتوزيع الاستثمارات والابتعاد عن المخاطر.

ــ هل الوقت مناسب لفتح باب التراخيص الجديدة؟

- بالتأكيد حيث يجب علينا فتح التراخيص لجميع البلوكات مع التطورات العالمية والاقليمية في مجال الطاقة واسعارها، علماً أنني اتفهم التروي في فتح باب التراخيص لظروف تنظيمية ومحلية وعالمية.

 

قدرة الشباب اللبناني!

ــ ما دور الشباب اللبناني في قطاع النفط والغاز وهل سيساهم هذا القطاع في القضاء على نسبة من البطالة وما الخطوات التي قامت بها الدولة لتأمين ٨٠ بالمئة من العمالة في القطاع من الجنسية اللبنانية؟

- فعلياً لا توجد لدينا يد عمالة وطنية متخصصة في النفط والغاز واذا وجدت فلن يكون العدد كافياً لتغطية هذه النسبة، وبالنسبة للخبرات اللبنانية الموجودة في الخارج فمعظمها في وظائف قيادية عالية، الـ80 بالمئة تحتاج من مختلف المستويات الفنية ونحن نفتقرها لذا يجب ان توضع خطة وطنية لوضع دور للشباب اللبناني في هذا القطاع بأسرع وقت حتى لا يشكل عائقا لعمل الشركات ويتعرض لعثرات خلال مسيرة العمل مما يؤخر في نمو هذا القطاع ويضطر الشركات لجلب العمالة من اندونيسيا والفليبين.

ــ وما الحل برأيك لانخراط الشباب اللبناني للعمل بهذا القطاع؟

- الحل الوحيد هو الخطة الوطنية لتاهيل الشباب للعمل في القطاع النفطي وتاهيلهم بالشهادات والمهارات المطلوبة للانخراط فورا بالعمل في القطاع، ويجب العلم انه لن يكون احد من الشباب اللبناني الذين تخرجوا حديثاً من الاختصاصات النفطية قادراً على العمل في القطاع اذا لم يحصلوا على شهادات معينة تسمح لهم بالعمل والدخول للمواقع البترولية، وهذا الامر ينطبق على جميع اليد العاملة التي سيحتاجها القطاع بدءاً من عامل التنظيف، وذلك بناء على المعايير الدولية المعتمدة في قطاع النفط والغاز.

ــ وما هي الصناعات التي ستواكب الاكتشافات النفطية في لبنان؟

- سنرى انتشار صناعات البتروكيمائيات الذي ستمنح فرصة للقطاع الخاص لتعزيز دوره، ويعتبر قطاع البتروكيمائيات في العالم العامل الرئيسي لدفع عجلة التطور حيث تشتق منه منتجات مثل: النفتا والبوتين والايثين والبروبين والتي يتم تكريرها من النفط والغاز الطبيعي والتي تمر بعملية تكسير لانتاج منتجات بتروكيمائية تعتبر المكونات الاساسية في تصنيع العطورات، الاصباغ، المواد البلاستيكية والمنظفات وسوف ترتفع اعمال المنتجات البتروكيمائية في العالم بشكل مؤثر خلال السنوات المقبلة، وهذه الصناعة الواعدة سوف تؤمن الاف الوظائف للشباب اللبناني لأنها سوف تحتاج لعدد ضخم من الموارد البشرية وسوف نعمل على ايجادها لتغطية النقص الحاد في سوق العمل اللبناني المؤهل للعمل بها.

ــ وما قصة دخول شركة <روسنفت> الروسية الى السوق اللبنانية عبر مرفأ طرابلس؟

- هناك صراع غربي روسي في المنطقة لوضع اليد على ثروات دول المنطقة ودخول <روسنفت> هو احد اشكالها، وهذا يدل على تبلور محور نفطي يتم بناؤه لأخذ حصة من الثروات والوصول بها الى الاسواق الاوروبية منافسة لمنتدى غاز شرق المتوسط المكون من: ايطاليا، مصر، اسرائيل، اليونان، قبرص، الاردن وفلسطين، واعتبر دخول <روسنفت> ايجابياً لمنطقة الشمال ونهضتها الاقتصادية، كما نحن بانتظار الدخول الصيني القريب عبر المنطقة الحرة الاقتصادية.