تفاصيل الخبر

خبراء اقتصاديون يشرحون خيار رفع الدعم عن الطحين والمازوت والأسباب والمخاطر المترتبة

08/07/2020
خبراء اقتصاديون يشرحون خيار رفع الدعم عن الطحين والمازوت والأسباب والمخاطر المترتبة

خبراء اقتصاديون يشرحون خيار رفع الدعم عن الطحين والمازوت والأسباب والمخاطر المترتبة

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_79361" align="alignleft" width="292"] الدكتور جهاد الحكيم: هذه الحكومة ليست سوى امتداد لسابقاتها ولقد خيبت آمال اللبنانيين كما فعلت الحكومات المتعاقبة[/caption]

 تخطت قيمة الدولار الـ9500 ليرة، وكما يبدو فإن كل الاجراءات المتخذة لضبط ارتفاع سعرالدولار من جهة، واستعادة قيمة العملة الوطنية من جهة ثانية حتى تاريخه باءت بالفشل. ارتفاع جنوني بأسعار السلع تقابله أزمات متعددة لاسيما الحديث عن نقص بالطحين والفيول والمستلزمات الطبية الضرورية.

 إزاء هذه البلبلة، سرت تسريبات تقول إن رفع سعر ربطة الخبز الى 2000 ليرة وبالرغم من عدم أهميته في الوقت الحالي سيمهد مستقبلاً الى ارتفاع تدريجي بسعر الربطة، حتى طالب العديد من المعنيين بالأمور المالية - الاقتصادية بضرورة رفع الدعم عن الطحين والمازوت بغية منع التهريب من جهة، وتأمين الدولار لاستيراد السلع الطبية والمواد الأساسية من جهة ثانية.

 فما هي أسباب الأزمة التي نمر بها؟ وما هو موقف الخبراء من الغاء الدعم على المازوت والطحين؟ وهل من حلول للمعضلة التي باتت تهدد لقمة عيش العديد من المواطنين؟

الدكتور الحكيم والاحتياطي!

- بداية أوضح الخبير الاقتصادي جهاد الحكيم أن هناك إمكانية لتطبيق طرح رفع الدعم عن السلع الأساسية، لأنه عاجلاً أم آجلاً سيتم رفع الدعم، وبالنتيجة سنصل إلى مكان لن يبقى لمصرف لبنان احتياطات قابلة للاستعمال ليستطيع استيراد أي مواد أولية.

 وأضاف الحكيم قائلاً: "نحن مجبرون على رفع الدعم عاجلاً أم آجلاً للمحافظة على ما تبقى من احتياطات بالعملة الأجنبية من أجل استيراد السلع الأساسية، لتكون أقله موجودة في الأسواق اللبنانية، حتى ولو لم يكن سعرها جيداً. وإذا استمررنا بتوفير الدعم من الممكن أن نستمر سنة، وبعد السنة لن يعود بالإمكان استيراد بنزين أو أدوية أو أي شيء آخر. وبين أن تكون السلعة متوافرة حتى ولو بسعر مرتفع، أو أن تكون مفقودة، أفضل الخيار الأول أن تكون السلع الأساسية موجودة لأنه أهون الشرين!. هذا الأمر لا يعني أنني أبرر لهم، ولكن بغياب أي إصلاحات جذرية وجوهرية أو تغيير للمشهد الاقتصادي، وبغياب التدفقات المالية من الخارج إلى لبنان، احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية محدود.

* أشرت الى وجود شح بالدولار وأكدت أن إلغاء الدعم ضروري، فما سبب الشح؟

 

[caption id="attachment_79360" align="alignleft" width="430"] الدكتور إيلي يشوعي: رفع الدعم ليس حلاً واعتماد قسائم للفقراء سيخلق سوقاً سوداء[/caption]

 ـ لبنان يعاني من شح  في الدولارات في ظل انعدام الثقة بالنظام المصرفي من قبل المغتربين الذين باتوا يرفضون ارسال الأموال الى عائلاتهم عبر شركات التحويل كما كان يحصل في السابق، كما ان أسباب انهيار العملة الوطنية بعضه اقتصادي- مالي والبعض الآخر سياسي، ومما لا شك فيه ان قانون "قيصر" أثر سلباً على الليرة اللبنانية وفرض مزيداً من الضغوط عليها، ناهيك عن توقف المصادر الأخرى التي كان يأتي من خلالها الدولار كالسياحة والاستثمارات الخارجية المباشرة .

 وتابع الحكيم قائلاً: هناك عدد من الصرافيين من المرجح انه  تقف وراءهم جهات معينة، ساهموا بتدهور سعر صرف الليرة اكثر في الأسواق بالآونة الأخيرة بالرغم من انها أصلاً كانت عرضة لمزيد من التدهور، ومصرف لبنان يستخدم الدولارات المرسلة من الخارج عبر شركات التحويل لفتح اعتمادات للمواد الأساسية كالقمح والنفط والمستلزمات الطبية على سعر الصرف الرسمي.

* البعض يعول على الموسم السياحي لاستجلاب الدولارات ؟ فما موقفك من ذلك؟

 ـ الموسم السياحي على ما يبدو لن يكون واعداً، السياحة الداخلية  ضعيفة جداً والخارجية معدومة حتى الساعة. ولبنان الذي عرفناه للأسف فقدناه، كوننا  خسرنا القطاع المصرفي ، والقطاعين الصحي والتربوي في خطر، ما يعني انحلال لبنان، وهذا الأمر لم نشهده أيام الحرب. واللبناني ذاهب إلى مصير مجهول.

* لا سياحة وهناك اتجاه لإلغاء الدعم، فما واقع المواطن في المستقبل القريب ؟

ـ المواطن اللبناني سينتقل من سيء إلى أسوأ، التضخم سيزيد أكثر، ونحن متجهون هذه السنة إلى بطالة تفوق الـ 55 في المئة، وستكون قدرة العاملين الشرائية شبه معدومة، وفي نهاية السنة لا أستغرب أبداً إذا فاقت البطالة الـ 60 في المئة، ونسبة الفقر المدقع ستزيد كثيراً، وفي رأيي أن أكثر من نصف الشعب اللبناني سيصبح فقيراً .

* وما الحل؟

ـ كان لدى الحكومة الحالية فرصة استثنائية لانقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار. هذه الحكومة ليست سوى امتداد لسابقاتها ولقد خيبت آمال اللبنانيين كما فعلت الحكومات المتعاقبة . فقدت الليرة حتى تاريخه 84 في المئة من قيمتها جراء التخلف عن دفع مستحقات اليوروبوند في ظل غياب خطة مدروسة قابلة للتطبيق وترتقي للمستوى المطلوب.

وختم قائلاً:

ـ الحل يكون بوجود طبقة سياسية جديدة تعطي ثقة للداخل وللمغتربين وللمجتمع الدولي، لأن الطبقة السياسية في لبنان بددت القروض الدولية، والمال العام، والضرائب كما ودائع المودعين ومدخراتهم، ويتحمل المسؤولية كل القيمين على السلطة السياسية الاقتصادية بالتكافل والتضامن. وللاسف فإن ارتفاع سعر صرف الدولار ليس لديه سقف وقلت هذا الأمر في أول  نيسان (أبريل) الماضي، ولا أستغرب أبداً إلى أي سعر سيصل.

 

 

الدكتور حبيقة والخطأ الأكبر!

 

[caption id="attachment_79362" align="alignleft" width="167"] الدكتور لويس حبيقة: نحن ذاهبون باتجاه تثبيت سعر صرف الدولار رسمياً على 4000 ليرة[/caption]

 وبدوره رأى الدكتور لويس حبيقة أن ما نشهده من تعثر نقدي حاد في لبنان ليس وليد الصدفة، إنما هو نتيجة طبيعية للتعثر الاقتصادي في ظل إدارة مالية سيئة بالتوازي مع سوء الوضعين الاداري والسياسي، إضافة الى جائحة "كورونا" التي أصابت اقتصاد لبنان بالصميم وبضربة قاصمة، والدولار الاميركي لم يرتفع سعره لا محلياً ولا عالمياً، بل الليرة اللبنانية خسرت وتخسر يومياً من قيمتها نتيجة انعدام ثقة اللبنانيين وغير اللبنانيين بها، فالعملة الوطنية في كل العالم تعكس صورة صحيحة وحقيقية عن وضع الدولة مالياً ونقدياً واقتصادياً وسياسياً.أما وقد انكشف لبنان على كل المستويات، لاسيما على المستويين النقدي والمالي فاعتقد أن الانحدارسيتفرمل نتيجة وعي مصرف لبنان وجمعية المصارف والقوى السياسية لمخاطر انهيار الدولة، ما يعني أن الانحدار بلغ ذروته ونحن ذاهبون باتجاه تثبيت سعر صرف الدولار رسميا بـ 4000 ليرة، اللهم ما لم تطرأ مشاكل سياسية وأحداث أمنية تحول دون بلوغ الهدف، فكلما تصاعدت الازمات السياسية وتفاقم الوضع الامني كلما ضعفت الليرة وتدهور الوضع الاقتصادي وانحسرت قدرة الدولة على محاصرة الازمة. *هل من خطأ او أخطاء إدارية معينة أدت الى ما نحن عليه؟

ـ  إن الخطأ الكبير كان بالتجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعليه بالتالي تقديم استقالته وليس إقالته، خصوصاً بعد أن أقرت الحكومة التعيينات المالية، على اعتبار أن فداحة الوضعين المالي والنقدي بحاجة الى روح جديدة بوجوه جديدة تحد من انعدام الثقة بالليرة والدولة، إلا أن ما يعيق استقالة سلامة هو رغبة البعض بتأجيل التدقيق بحسابات سبع وعشرين سنة من وجوده على رأس حاكمية مصرف لبنان، علماً ان تطبيق المبدأ الشهابي بتداول السلطة والمناصب ضروري وملح خصوصاً في ظل الوضع الراهن، إذ من غير المنطقي ابقاء موظف رفيع المستوى ما يقارب الثلاثة عقود في منصبه.

* وما الحلول؟

 

- إن اجتراح الحلول يبدأ بتنشيط الحكومة لدورها في تطويق الأزمة، وذلك من خلال عدد من الاجراءات الضرورية والعملية وأهمها إضافة الى انتخابات نيابية مبكرة تعيد انتاج سلطة جديدة، التوصل الى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي يكون للبنان القدرة على تنفيذه ومن ضمنه الاصلاحات الادارية وترشيد الانفاق وتخفيف حجم القطاع العام ومكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة وإقفال المعابر غير الشرعية وضبط الحدود البحرية والأهم معالجة العجز في الكهرباء، علماً ان من واجب صندوق النقد مساعدة الدول الاعضاء المتعثرة مالياً ونقدياً ومن بينها لبنان «وما يربحنا جميلة من كيسنا.

* وماذا عن فكرة الغاء الدعم وتوزيع البونات؟

ـ أستغرب كلّ الكلام عن نيات لاعتماد توزيع البونات بالمحروقات والخبز بالسعر المدعوم، على المعوزين، فمن يضبط حصول من يستحقّ لهذه القسائم؟ ومن يضبط ألاّ يعود ويبيعها من حصل عليها؟ وبالتالي هل نملك اليوم جهازاً إدارياً ومالياً وأمنياً قادراً على تحديد من له الحقّ بهذه البونات ومن لا حقّ له بها؟ هذه الخطوة، إذا اعتمدت، ستؤدي الى تغيير كل النمط المعتمد. وتابع :

ـ كنا نسمع السوريين يتحدثون عن "بونات" ينتظرونها بفارغ الصبر. ونحن نرى الفلسطينيين في المخيمات واللاجئين السوريين في لبنان ينتظرون "البونات". لكن، سيكون جديداً علينا رؤية اللبنانيين ينتظرون آخر كل شهر قسيمة تحدد لهم أقصى ما يمكنهم تناوله واستهلاكه بالسعر المدعوم!

الدكتور يشوعي وضبط الحدود

 وبدوره استغرب الدكتور إيلي يشوعي طريقة تعامل الحكومة مع الأزمات، ولاسيما الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات بحجة التهريب، معتبراً أن رفع الدعم ليس حلاً وأنّ اعتماد قسائم للفقراء سيخلق سوقاً سوداء عدا المحسوبيات والأحزاب التي ستتحكم بتوزيع هذه القسائم تماماً كما تُدار كل الأمور في لبنان، وقال: أطالب بضبط الحدود البحرية والبرية والجوية، بدلاً من التفكير برفع الدعم، فلينتشر الجيش عل الحدود، ويمنع التهريب عبر الحدود البرية، وليمسك بالمرافئ وتحديداً مرفأ بيروت ويمنع التهرب من دفع الضرائب الجمركية، وكذلك المطار، ويعيد الأموال المهدرة المغيبة للخزينة، خاتماً بالقول:

ـ الحكومة لم تبدأ بطريقة صحيحة، فبدلاً من التفكير بطرق تضخ رساميل بالعملة الأجنبية لا تكون على شكل ديون وتخفيض الإنفاق الإداري وإقرار موازنات من دون عجز ووضع سياسات للدين العام، عمدت إلى إعلان إفلاس لبنان،  ولبنان بات مفتوحاً على كل الاحتمالات ذات الطابع العنفي، لأنه لا يمكن قمع الجوع والعوز لمدة طويلة.