تفاصيل الخبر

”خــــــان الـجـــــوخ“... مـسـاحـــــة ابـداعـيـــــة لـمــــــواهـب تـنــشــــــد الاحــتـــــــــراف ودخــــــول الاســـــــواق!  

01/12/2017
”خــــــان الـجـــــوخ“... مـسـاحـــــة ابـداعـيـــــة لـمــــــواهـب  تـنــشــــــد الاحــتـــــــــراف ودخــــــول الاســـــــواق!   

”خــــــان الـجـــــوخ“... مـسـاحـــــة ابـداعـيـــــة لـمــــــواهـب تـنــشــــــد الاحــتـــــــــراف ودخــــــول الاســـــــواق!  

بقلم وردية بطرس

سارة-هرمز-واستاذتها-في-تصميم-الازياء-كارولين-سيمونيلي 

<سوق الجوخ> احد اسواق بيروت قديما يلبس ثوباً جديداً بمبادرة من <سوليدير> في تشجيع المواهب اللبنانية الشابة لتتلاقى مع تراث الحرفيين والحرفيات المهرة من مختلف المناطق اللبنانية، وبينهن سيدات التطريز في الجبل والقرى حيث يعيدنا تاريخ السوق وجغرافيته الى ما كان عليه قديما مكانا للتلاقي والتجارة وتبادل السلع وبيعها. فما هي المبادرة التي تدعم المواهب الناشئة وتستمر لسنتين؟ من هم المشتركون فيها وقد اتيح لهم عرض منتوجاتهم التي نفخوا فيها من روحهم ودراستهم وتحدي التجديد لديهم؟ وما هي حكاية الاكاديمية المجانية لتعليم تصميم الازياء؟ الى من تتوجه؟ وما الهدف من اعادة احياء <خان الجوخ> في قلب العاصمة؟

<الافكار> وقفت عند تفاصيل المشروع والتقت بعض المشاركين فيه ففصلوا مشاركتهم في المغامرة الجميلة وتحدثوا عن اهميتها في فتح ابواب جديدة امامهم.

ربما حان الوقت ليستعيد وسط العاصمة نبضه وقد يستمده من نبض الشباب المبدع هذه المرة اذ تفرد <سوليدير> مساحة لهم يعرضون في زواياها اشغالهم وتصاميمهم وحرفهم في مجالات تصميم الازياء والقماش والتطريز والورق وغيرها. الورشة هذه قد تتوسع لتشمل امكنة ومجالات اخرى، وذلك مرهون بنجاح الخطوة الاولى. فالشركة بحسب مديرها العام منير دويدي تعمل <منذ تأسيسها في العام 1994 على تطوير البرامج والأنشطة الثقافيّة والحرفيّة والفنيّة في مختلف زوايا وسط بيروت التجاري، بهدف تفعيل دور المواهب الشابة ودعم انطلاقتها وتوفير الفُسحة الحاضنة لها لتزدهر وتذهب بضع خطوات إلى الأمام>. لهذا الغرض تشترك مجموعات موهوبة تحت تسميات مختلفة بينها اكاديمية تصميم الازياء <Creative Space> و«ستارش» و«ستوديو2» و«سليم عزام» و«بلوك إسفنج» للمهندسة المعمارية كريستال كرم التي تنحدر من عائلة ذات خلفية صناعية وقد طورت مشروع <Blocksfinij> معتمدة على الإرث الصناعي لعائلتها مقدمة المواد الإسفنجية كتصميم شامل للمساحات التي تحتضنها.

 

الاكاديمية... مجانية

 سارة هرمز المسؤولة عن اكاديمية < Creative Space Beirut> تخبر لـ<الافكار> حكاية المدرسة التي أسستها لهدفين:

 - انها مدرسة مجانية لتصميم الازياء تفتش عن التلامذة الموهوبين في مجال التصميم والذين يعيشون الشغف من دون ان يمتلكوا ربما الامكانيات المادية لدخول معاهد وجامعات تصميم الازياء او الحصول على شهادة من جامعات ذات تكلفة باهظة الثمن. اردنا تكافؤ الفرص للجميع في القطاع الإبداعي وجعل عالم التصميم في متناول الذين يمتلكون الرؤية، والذوق والدافع. يمتد برنامجنا على مدى ثلاث سنوات من الاثنين حتى الجمعة في اكثر من صف تدرس فيها أصول الخياطة (الباترون) والتطريز، إضافة إلى نبذة تاريخية عن مجال تصميم الأزياء، وكل ما يتعلق به من فنون وذلك من قبل مصممين محترفين في هذا المجال.

سارة قصدت في العام 2004 <بارسونز> احدى اقوى جامعات نيويورك في تصميم الازياء ولم يكن المجال في لبنان واسعاً بعد. <تخرجت في العام 2009 واردت العودة للعمل في لبنان، اما انطلاقة المدرسة فشهدها العام 2011. لقد اردت هذه المدرسة المجانية لإصراري على جمع شغفي بالتصميم الى العمل الانساني، خاصة وان في لبنان مبدعين لا يجدون فرصتهم،اما لنقص في الموارد او لأنهم لا يطورون أنفسهم بسببها، ونعرف ان التخصص في هذا المجال مرتفع الثمن ويتطلب ماديات جيدة>.

وتضيف سارة لـ<الافكار>:

 - معلمتي المعروفة عالمياً <كارولين سيمونيللي> تعطي دروسا في الاكاديمية لشهرين في كل عام في خلال فصل الصيف. لقد انتقلنا بمدرستنا الى <خان الجوخ> منذ حوالى الشهر ومنها نطلق احدى المجموعتين، الجاهزة او تحت الطلب الى الاسواق، ويعود المال الذي نجنيه الى تطوير المدرسة ومساعدة طلابها.

تشعر ساره بالفخر ان بين تلامذة مدرستها من تخرجوا و<طاروا بأجنحتهم> بعد ان صقلوا موهبتهم، وقد مدتهم هذه بالدعم لانجاز مجموعاتهم وتعطينا بعض الاسماء مثالاً: <روني بدأ <براند> خاصة به ويبيصورة-1-ستيفاني---من-تصميمها-على-القماشع منتجاته اليوم في لبنان وقطر والكويت، التلميذة هبة نحلة هي اليوم في ميلانو بعد ان صقلت موهبتها عندنا، فاطمة نور الدين تعمل اليوم مع <ساراز باغ> ( حقائب سارة) التي اشتهرت على نحو واسع واقتنتها شهيرات من حول العالم، والين سيوكاريان التي هي معلمة في المدرسة تصمم وتبيع بشكل جيد>.

ونسأل سارة عن كيفية اختيار التلامذة الموهوبين، خاصة وان العدد محدود والطلب مرتفع على هذه <المدرسة - الفرصة> فتقول:

- الخطوة الاولى تتم عبر المقابلات التي نحددها مع المتقدمين فندرس طلباتهم ونستشف خلفياتهم وتقدّم مواهبهم بناء على الملف الشخصي لكل منهم، فضلا عن علاقتهم بالرسم والتصميم والابداع فنكوّن فكرة اولية، ومن ثم نقوم بورشات عمل كبيرة تضم حتى خمسين متقدماً، تجري الغربلة في ما بينهم حتى يقارب العدد الخمسة عشر شخصاً، يتم من بعدها اختيار بين ثلاثة الى خمسة منهم ليكونوا طلاب البرنامج الكامل الممتد على ثلاث سنوات.

ــ ولكن هل يؤهلهم انهاء الدراسة في الاكاديمية لحيازة شهادة معترف بها رسميا في تصميم الازياء؟

بالنفي ترد سارة والسبب واضح. فتلامذة اكاديميتها عادة لا يصلون الى صفوف الشهادة الرسمية ليحصلوا عليها، وان رخصة اي معهد او جامعة تتطلب حيازة الشهادة النهائية، ما يجعل امر الشهادة الرسمية غير ممكن. ولا ضير في ذلك، فسارة ومجموعة العمل معها يفتشون عن المواهب وليس حاملي الشهادات.

<خان الجوخ> بالنسبة لسارة التي تتميز في تصاميمها بالتأثير الـ<نيويوركي> هو خطوة مهمة جداً، ابرز ما فيها انها ولدت <كومونيتي> جماعة صغيرة للمهتمين في قطاع القماش والتصميم والحرف في لبنان، ومن الضروري ان يتم التعاون بين جميعهم في قلب بيروت الذي اتاح للمبدعين هذه الفرصة واتاح للجمهور اللبناني فرصة التعرف الى مصممين موهوبين يعملون في مجال الالبسة الجاهزة بشكل خاص وليس فقط في مجال <الخياطة الراقية> التي يعرف الجميع بان من بين مصمميها أسماء لبنانية لامعة بشكل فريد من حول العالم.

فرصة... في الصيفي

الى الأكاديمية المجانية تنضم <Stratch> الى <خان الجوخ>، وهي مبادرة اسستها <Foundation STARCH> لتجمع 12 من خرّيجيها في اسواق بيروت التي أسسها ربيع كيروز وتالا حجار بالتعاون مع <سوليدير> وهي مؤسسة لا تبغي الربح بل تساعد على إطلاق المصممين اللبنانيين الناشئين، كما تقدم برنامجاً سنوياً يتم على اساسه اختيار أربعة إلى ستة مصممين بحيث يتم توجيه المصممين ومساعدتهم على تطوير تصاميم ازيائهم ومجموعاتهم، وكيفية تسويقها. ومن ثم تعرض التصاميم لمدة سنة كاملة في بوتيك <STARCH> في <الصيفي فيلادج>، كما تؤمن المؤسسة للمصممين فرصة للمشاركة في ورش عمل وندوات.

 

صورة-2-ساره-حفضة التطريز... حكايات الجبل

 

 بغير <STARCH> يعرض سليم عزام مجموعة تصاميمه المستوحاة من أخبار وقصص القرية اللبنانية على قماش أبيض يحولّه إلى فساتين وقمصان تصلح للكبار والصغار. التطريزات اشتغلتها نساء من الجبل، ويصفها عزام بأنها <أصوات طفولتي وأيضاً أصوات المجتمع الجبلي>.

 بلهجته المحببة مع التشديد على حرف القاف يعبّر المصمم سليم عزام ابن بتاتر الشوفية عن مدى اهمية الخطوة من قلب بيروت، ومن مكان عرف تاريخياً بأهميته في مجال القماش والاثواب: <اهم ما في هذه المبادرة الجميلة ان المصممين يتكاملون في ما بينهم لانهم من حقول مختلفة، فتتداخل الاختصاصات في تنوّع غني يكمل الاول فيه الثاني فيشكل مجموع المعروض لوحة رائعة>.

 في عمل عزام، الذي بدأ عمله منذ السنتين تقريباً، روح سيدات القرى الشوفية وقرى الجبل ويختلف التطريز باختلاف السيدات وبيئاتهن، وان كان الجامع المشترك قطب <الحشوة> و<اللف> و<التيج>: <انها اصوات طفولتي وأصوات الجبل الذي خرجت منه وقصص المجتمع المحلي لكل ضيعة في الشوف او غيره من المناطق اللبنانية الثلاث الاخرى التي طرزت نساؤها على اعمالي. صحيح انه في كل تطريز لكل سيدة ميزة واختلاف، انما الجامع المشترك فيبقى تمسك الاهل بجذورهم وتراثهم>.

 وللتطريز هوية بالنسبة الى عزام، ذلك ان البصمة اللبنانية موجودة في كل قطبة فيها. ولا يعتقدن احد بان هذه المهارات لا تجد لها تصريفاً، الأمر الذي يؤكد عليه عزام وهو قدم ثلاث مجموعات حتى الآن، واحدة طلبت منه للعرض في باريس، واخرى اتت بناء على طلب من لوس انجلوس الاميركية.

 

القماش... شمس و<دفا>..

الى التطريز نكمل الرحلة الابداعية لنصل الى القماش والورق. مع ستيفاني نعمة من <ستوديو 2> توقفنا وسألناها عن مشروعها فروت لـ<الأفكار> حكايتها مع القماش ومع المغامرة الجديدة التي تحط رحالها في قلب <خان الجوخ> فتقول:

- تستهويني منذ الصغر الأقمشة والمواد المصنوعة منها في اثاث المنزل والمكاتب وغيرها علما ان دراستي كانت في مجال مختلف كلياً، اذ انني تخصصت في تسويق الاعمال في الجامعة الاميركية في بيروت وعملت مع احد دور التصميم الشهيرة. درست تصميم الازياء ايضا لكنه لم يجرني الى الشغف بالمقدار عينه الذي يجذبني نحو الاقمشة فحصلت على عدة دورات عبر معهد معروف في العاصمة البريطانية، ولما صممت على الدخول عميقا في عالم الاقمشة درست عبر صورة-المصمم-سليم-عزام<اونلاين> مع ستوديو اميركي كبير معترف به طيلة العام 2016 وكان مفيداً لي جدا ما شجعني على الاحتراف بشكل فعلي.

وتزيد ستيفاني:

- في نيسان/ أبريل 2017، أطلقت <Fabric> وهو استوديو يوفر الاقمشة ذات الانماط الحديثة لأسواق الملابس والمنازل واطلقت مجموعتي في التصميم على القماش عبر موقعي الالكتروني، وفي غضون عشرة ايام تم الاتصال بي من قبل تاجر لبناني معروف في عالم الاقمشة لأتعاون معهم، وها انا اليوم اعمل على هذه المجموعة وقد قصدت اوروبا لتنفيذ النماذج عنها.

 وحول نوعية القماش الذي تصمم عليه تقول ستيفاني:

- شخصياً افضّل استخدام القطن واللينون ومختلف المواد الطبيعية خاصة عندما يتعلق الامر بجسد الانسان والحفاظ عليه، لكنني لا اتدخل بنوعيته مع التجار فهذا عملهم، ويقتصر شأني على تصاميمي على القماش.

في تصاميمها، لا تريد ستيفاني ان تحصر نفسها بما هو لبناني بشكل مباشر <لن ارسم صحن التبولة والكبة النية> تقول مبتسمة، وتفضل ان تبرز بشكل اكبر ما هو <متوسطي>... الدفء... الشمس... <اذهب اكثر الى المنحى الشاعري لبلداننا وهي في الوقت عينه جزء من هويتنا من دون ان احصر نفسي في تصميم لبناني او شرقي مباشر>.

تكمن اهمية <خان الجوخ> بالنسبة لستيفاني بإبراز عملها للجميع بطريقة يومية ويداها مشغولتان في المواد وجمعها، ويمكن للمهتمين والتجار ان يروا عملها بام العين خاصة وان العديدين بينهم يفضلون الرؤية المباشرة على الاستيضاح او الطلب عبر الانترنت.

<نريد ان نعيد الكبار حتى الى اللعب بالمعجون والغري والمواد ونطبع الالوان على القماش> تنهي ستيفاني لـ<الافكار> وهي ليست لوحدها في مساحتها الابداعية في <خان الجوخ> انما تتشاطرها مع صديقتها سحر حفضة التي اسست معها <ستوديو 2> وقد سمتاه كذلك لانه يجمعهما سويا، علما ان سحر لها هوى في مجال آخر. فسحر مختصة <Sahar’s Paper Objects> باستكشاف الورق وإمكاناته اي الطريقة التي يمكن أن تتطور بها شخصية الكائن من خلال طبقات الورق وقولبته... انها مجموعة من الأشياء التي تمثل اجزاء فردية حيث كل جزء له خصائصه وعيوبه من الحيوانات، الظلال، الدبابيس والاكسسوارات وغيرها، وكانت انطلاقة شغفها في هذا العالم من هدية ورقية تلقتها من اخيها، وحينذاك بدأت الرحلة...