تفاصيل الخبر

قضية محاولة اغتيالي هي الآن في المحكمة الدولية وأذيع الخبر لأول مرة!

09/10/2015
قضية محاولة اغتيالي هي الآن في  المحكمة الدولية وأذيع الخبر لأول مرة!

قضية محاولة اغتيالي هي الآن في المحكمة الدولية وأذيع الخبر لأول مرة!

 

بقلم علي الحسيني

SAM_7796يصل الى الموعد المحدد في مكتبه داخل مبنى جريدة <النهار> متأخراً عشر دقائق. يعتذر بطريقة لبقة كما عهدناه، ويعزو السبب الى <البهدلة> على حد وصفه التي حصلت بين النواب أثناء انعقاد جلسة الأشغال العامة والنقل. يأسف للحالة التي وصل اليها البلد. ثم يعود ويسرح في مجموعة من الصور وزعها حول مكتبه. هنا صورة تجمعه بقيادات من قوى 14 آذار تذكره بيوم الانتصار النيابي الكبير في العام 2009، وهناك صور تجمعه براحلين من بينهم الشهيد جبران تويني الذي ما زال يذرف الدموع عليه في كل مرة يأتي على ذكره.

يحدثك عن علاقاته الشخصية بزعيم الجبل وليد جنبلاط وعن الثنائية التي ما زالت تجمعهما، ويشع الفرح من عينيه عندما يعرض علينا صوراً لمنزل العائلة في الشوف. وبين حنينه السياسي والعائلي، تأبى دمعته الا ان تسيل برفق من عين اشتاقت لزمن العبور الى الدولة وما زالت تعيش على أمل أن يتحقق هذا الحلم.

<الأفكار> التقت الوزير السابق النائب مروان حمادة وأجرت معه حواراً مطولاً كشف خلاله للمرة الاولى عن معلومات تتعلق بسير التحقيقات في قضية اغتياله إضافة إلى مواضيع سياسية وشخصية آنية.

سألناه أولاً:

ــ البداية من النهاية التي أرادها البعض لك والتي تغلّبت عليها وانتصرت من خلالها لبقية شهداء ثورة الشهداء ودمائهم وهي محاولة اغتيالك، بعد مرور 11 عاماً على هذه المحاولة أين أصبحت التحقيقات؟

ـ ربما هي أكثر التحقيقات تقدماً بعد ملف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد استقبلت مؤخراً كبير المحققين في القضايا المرتبطة التابعة لمهام المحكمة الدولية، وقد استكمل معي مقاربة الملف وقد نكون على بُعد اسابيع او اشهر قليلة للانتهاء من قضيتي، وهذه المرة الاولى التي أتكلم بها حول هذا الموضوع. وما تقدم يصح فيه القول ان الحقيقة الكاملة اصبحت بين أيدي المحكمة الدولية وكل الملفات ملفات واحدة، القاتل نفسه والمحرض نفسه وبالنتيجة الضحايا أنفسهم، الضحايا هم الممثلون العريقون والحقيقيون، شعب لبنان وشعب سوريا وشعب العراق وشعب اليمن، المؤامرة لا حدود لها، مؤامرة اجتاحت الحجر والبشر ودمرت الدول وتحاول ان تدمرنا.

واستطرد قائلاً:

- هناك قضايا مرتبطة بحكم قرار مجلس الامن وهي القضايا التي تنتهي باغتيال الشهيد جبران تويني وقرار مجلس الامن يشمل القضايا بين 1/10/2004 الى 12/12/2005. أما القضايا الاخرى اي الاغتيالات التي اتت بعد هذا التاريخ فهي تحتاج الى ملحق من مجلس الامن او على الاقل من الامين العام للامم المتحدة <بان كي مون> لكي يشملها التحقيق. وهل ستنصف القرارات الشهداء؟ في نظري عندما تصدر القرارات او الحكم في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري فسوف تنصف الجميع وكل من سبقه في الاستشهاد من كمال جنبلاط والشهداء المفتي حسن خالد ورينيه معوض وصولاً الى الشهيد الدكتور محمد شطح.

 

لم أزعج أحداً

 

ــ من حاول اغتيال مروان حمادة؟

- النظام السوري وبتنفيذ معين من حزب الله. الهذه الدرجة ازعجتهم؟ لا اظن انني ازعجت أحداً سوى انني عبرت عن معارضتي التمديد للرئيس السابق اميل لحود إضافة الى اعتباري أن الوجود السوري كان قد استنفذ أسبابه. اما عن حزب الله، فلم اكن قد تعرضت له في اي مرحلة بل على العكس كنت من مؤيدي المقاومة وداعميها، ولكن المشكلة في هذا المحور ان القرار يأتي من طهران مباشرة ويصب هنا عند بعض القيادات المحلية.

ــ أين هو اليوم من حاول اغتيالك؟ وهل كنت تتوقع ان يصل الى المرحلة المأزومة التي يعيشها اليوم؟

- كنت اتمنى ألا يصل الى هذه المرحلة وكنت اتمنى ان ينخرط في الحياة السياسية اللبنانية وان يمتنع عن التسلح الى حدود فاقت حدود الجيش وأسست لدويلة عسكرية مدنية خارج حدود الدولة. وكنت اتطلع الى زمالة مدنية سياسية ولو توزعت بين الموالاة والمعارضة أُسوة بكل الدول المتضررة التي تتعاطى بمؤسساتها الدستورية على هذا النحو.

ــ يوم حادثة الاغتيال وجهت تحية الى الزعيم الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ما سر هذه التحية وما هو سر الثنائي الذي ما زال يجمعكما بالرغم من اختلاف وجهات النظر بينكما من وقت الى آخر؟

- هذا الثنائي مستمرّ لا يهزه أحد ولا يتأثر بشيء، وهو ناتج عن انضمامنا في زمن الشباب الى خط الشهيد كمال جنبلاط والمناخ القومي العربي الذي تربينا عليه في منزل والدي السفير محمد علي حمادة، وربما كانت لنا اجتهادات مختلفة في بعض المحطات ولكن الاهداف والمصير الوطني والاهتمامات الوطنية بقيت واحدة والعلاقة الثنائية وعلاقة الصداقة لا تشوبها شائبة ومتينة ومترسخة بجذور تبدأ من الجبل وتصل الى كل مناطق لبنان وتتعمق اكثر في العاصمة.

أضاف:

- ويوم وجهت له التحية كان ذلك لأنني شعرت بردة فعله كم كان متعلقاً بي وبصداقتي وكم كانت السنوات التي عبرنا فيها حروباً وسلاماً ومفاوضات من اجل استقلال لبنان صعبة وقاسية وجميلة في آن، وكم تعمقت العلاقة بيننا. ويكفي ذكريات اتفاق 17 آيار.

هل ضاعت رحلة العبور؟

ــ ماذا تبقى من رحلة العبور الى الدولة؟ هل تحولت الى حلم يصعب تحقيقه؟

- وجود الدولة هي حلم كل لبناني منذ نشأة دولة لبنان الكبير وقيام الدولة المستقلة في العام 1943. هذا الحلم نقترب منه أحياناً ونبتعد عنه احياناً أخرى، ومرد ذلك الى بعض التهور الذي يصيب أحزاباً او طوائف معينة في مراحل تاريخ لبنان، وكل محاولة للهيمنة خلال الثلاثمئة سنة والتي توالى على محاولات الحكم فيها الموارنة والسنة والشيعة والدروز، كلها باءت بالفشل او هي محكومة بالفشل. وهذا البلد لا يحكم ولا يعيش الا بتوافق ابنائه وإن حصل ان خرج أحدهم عن مشورة البقية فعلينا ان نعيده الى حظيرة الوطن التي تجمعنا من دون تفرقة.

ــ أين اصبحت أولويات انتخاب رئيس جمهورية ومن يعطل هذا الإستحقاق؟

- الانتخابات الرئاسية تبقى اولوية مطلقة ولا شيء يعبر او يفوقها اهمية وبالتالي اية حلول جانبية ومعايير اخرى يحاول البعض دفعنا اليها بسوء وانتهازية، لن تأتي بشيء مجدٍ على البلد ان لم نبدأ بترسيخ الرئاسة وتأكيد هذه الرئاسة المسيحية الفريدة في العالم العربي والتمسك بالمناصفة، ومن هناك وصاعداً فإن وجود اي قانون انتخاب واي انتخابات واي حكومة ضروري ولكن الاساس هو الرئاسة المسيحية والمناصفة الحقيقية. تقول لي اين هي؟ هي اليوم في نقطة الصفر، ومن المتسبب؟ اقول لك ميشال عون وحلمه المستحيل ومسايرة حزب الله بأنه هو الغطاء المسيحي الذي يستعمله كشماعة في مشواره السياسي في محاولة مستحيلة هي الاخرى.

ــ من يحكم لبنان اليوم؟

- لا احد يحكم لبنان، بل ويحكم من قبل التعطيل وهو بلا حكم، فلا رئيس والحكومة معطلة والمجلس مقفل. فقط المؤسسة العسكرية باقية ومستمرة نحاول الحفاظ عليها برموش العين ولذلك ابديت في كل مناسبة معارضتي لأي مجازفة في التراتبية العسكرية او لتسييس الجيش وإدخال <فيروس> السياسة اليه.

لم أتهم زملائي في حزب الله

 

ــ كيف هي علاقتك بزملائك النواب في حزب الله وهل وصلت معهم الى مرحلة قلت فيها عفا الله عما مضى، وما الذي يمنع الوفاق التام بينكم؟

- في الأصل يا سيدي الكريم.. انا لم أتهم زملائي بأي جريمة بل لي علاقات متفاوتة مع البعض ولي منهم رفاق قدامى من زمن النضال مع المقاومة الفلسطينية، ومنهم من شارك في التحريض عليّ ومهاجمتي في مراحل معينة. ولكن المشكلة ليست في زملائي النواب، ويا ليت حزب الله ينخرط كلياً في العمل النيابي والسياسي ويترك العمل العسكري للدولة. المشكلة هي مع ما يسمى بالجناح العسكري في حزب الله. وإن سألتني هل يأتي يوم وأسامح فيه اقول لك: متى تظهر الحقيقة ويصدر حكم العدالة عندها سنرى. وقد اسامح عن نفسي بكل سهولة لكنني لن اسامح على دماء رفيق الحريري ورفاقه ولن اسامح على دماء الشعب السوري.

وأضاف:

- لن ينسى الشعبان اللبناني والسوري ان حزب الله اعاد إطلاق الاحتلالات على مشرقنا العربي ويساهم الآن في القضاء على استقلال هذه المنطقة وانتمائها العربي الاصيل وكرامة شعوبها.

ــ ألا يبرر دخول حزب الله في الحرب السورية عدم وصول الارهابيين الى لبنان وتحديداً الى جونيه كما قيل سابقاً، وهل تعتقد ان تدخله هذا كان بقرار ذاتي او خارجي؟

- أولاً لا بد من التوضيح والتأكيد على ان بيئة حزب الله هي بيئة لبنانية عربية عريقة، ولكن القيادة المنبثقة في طهران هي تنظر الى الأمور بمنظار آخر أي بمعنى أننا كنا في نطاق لبناني وعربي وأصبحنا في نطاق فارسي. اما الشق الاول من السؤال فهو حتماً لا، فالحزب ساهم في قتل الشعب السوري وفي تأخير التغيير في سوريا وهذا أدى ايضاً الى انحراف القضية ووصول التطرف السوري الى ما هو عليه اليوم، وهو ايضاً الى جانب النظام السوري وحلفائه سبب وجود <داعش> واخواتها.

وتابع:

- الجميع يعلم أننا لم نكن يوماً نسمي الحزب ارهابياً في زمن صراعه مع اسرائيل، اما عندما بدأ يقتل اطفال ونساء وشيوخ سوريا فهو اصبح جزءاً من منظومة الارهاب هذه، ولذلك ندعوه دوماً للخروج من مأزقه هذا. وكذلك لا بد من الإشارة الى ان التدخل الروسي لن يقصر عمر الأزمة السورية بل سيطيلها وسيزيد من المآسي وسيضع لبنان في خطر اكبر نتيجة الانقسام الداخلي والتوغل السياسي والعسكري للحزب في أزمة لا قعر لها ولا نهاية يلوحان في الأفق.

ــ اين هي قوى 14 آذار اليوم ولماذا يؤخذ عليكم دوماً أنكم فريق يتلقى الصدمات المتتالية ولم يبادر مرة الى الفعل؟

- قوى 14 آذار هي مكون وائتلاف احزاب وشخصيات وطنية تجمع بينها رؤية حول لبنان السيادة والاستقلال وخارج هذه المبادئ كل الاجتهادات مسموحة وهذا شرعي.

 

الصعود الى قصر بعبدا

ــ هل أضعتم فرصة من عمر لبنان وجمهوركم يوم أسأتم استعمال السلطة بعدما اخرجتم نظام الوصاية السورية وعدم صعودكم الى قصر بعبداً ولاحقاً قبولكم بمشاركة الحكم مع خصومكم؟

- لا اظن ان حكم لبنان يبدأ او ينتهي باحتلال قسم محدد، ولو كنا قمنا بهذا العمل خلافاً لرأي البطريرك السابق مار نصرالله بطرس الصفير، لكنا ربما كرسنا سابقة تشجع الاخرين على الاعمال المماثلة، ونحن نحترم الدستور والمؤسسات الدستورية ولو على مضض، وقد فرض علينا اميل لحود وتحملناه لفترة 3 سنوات. اما بالنسبة الى مشاركة خصومنا السلطة فهذا ينبع من منطلق حرصنا على البلد وعلى عدم تهميش اي فريق على عكس البعض حيث وصل به التهميش الى حد الاغتيالات الجسدية بحق ابناء وطنه.

ماذا تبقّى من حلم جبران؟

 

ــ ما هي الخطوات المستقبلية التي تتهيأون لها لإخراج البلد من حالة الجمود الحاصلة، والى ماذا تدعون جمهوركم؟

-  قبل كل شيء المطلوب الصمود والحفاظ على لبنان وعلى دستوره واتفاق الطائف وعلى المناصفة وعلى اعطائه فرصة من خلال الذهاب الى انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة جديدة وقانون انتخاب جديد ومجلس جديد واصلاحات تعبر من خلال المؤسسات لأنه اذا اضعنا البوصلة مجدداً قد نكون نؤسس لحرب اهلية جديدة وبالتالي نحن مصرون على المضي قدماً في سياسة التقارب والابتعاد عن لغة الشارع وحصار النقاشات ضمن المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس النواب. ولا بد من التأكيد ان هذا الفصل في المعركة التي يخوضها لبنان معركة انتخاب رئيس جمهورية لا يجب التساهل به أبداً اذ ان انقاذ المؤسسات هو انقاذ الطائف وإنقاذ الدستور وإنقاذ الميثاق وإنقاذ لبنان وإنقاذ الشعب اللبناني بكل اطيافه وتلاوينه السياسية والمذهبية.

ــ اتهامات بالجملة، حملات تخوين، محاولة اغتيال جسدي، اين يقف مروان حمادة اليوم وماذا يرى في الأفق البعيد؟

- صامد في مكاني ولو بقيت وحيداً، ولكن الحمد لله الاصدقاء والرفاق كثر والجو الشعبي الذي أحاطني في المراحل السابقة بقي على مواقفه الثابتة التي تنعش في داخلي الامل بأن لبنان سينتقل الى الافضل.

ــ ماذا تبقى من حلم وقسم جبران تويني؟

- الحلم كما قلت مستمر والقسم اشارة الى الطريق حتى تحقيق هذا الحلم.