تفاصيل الخبر

”كاسترو“.. ”قديس الثورة“

09/12/2016
”كاسترو“.. ”قديس الثورة“

”كاسترو“.. ”قديس الثورة“

fidel-castroكما في حياته كذلك في مماته. فقد أثار الزعيم الكوبي الراحل <فيديل كاسترو> لحظة رحيله، موجة من الانتقادات التي طالت مسيرته النضالية بشقيّها العام والخاص، وعذر هؤلاء أو حُجّتهم للتهجم عليه، تنطلق من انه تحوّل بعد زمن من قيادته الثورة العسكرية التي أطاحت بحكومة <فولغينسيو باتيستا> عام 1959، إلى عنوان للفساد بكل انواعه، بعدما كان حمل شعاره الأبدي <الاشتراكية أو الموت>.

بعد العام 2000، لم يعد رجل الثورة وصديق الثوّار على قدر طموحات جزء كبير من الشعب الكوبي، إذا في تلك الأيام وقبلها، تبدل حب <كاسترو> والتزامه من الثورة إلى الشهرة وعالم الترف والمعشوقات، لكنه حافظ بشكل كبير على <الكاريزما> الخاصة التي ظل يتمتّع بها حتى السنوات الاخيرة من حكمه قبل أن يُسلم زمام أمور البلاد إلى شقيقه الصغير ونائب الرئيس الأول <راؤول كاسترو> في العام 2006 اثر خضوعه لجراحة معوية. وقد جمع إلى جانب هذه <الكاريزما> صفات عديدة منها: الذكاء الحاد وفن الخطابة وشجاعة استثنائية بالإضافة إلى الإرادة الحديدية. وكل هذه المميزات، كانت معطوفة على الشكل الحسن إذ كان يتمتع بقوة جسدية وجمالية المظهر.

حتّى في حياة <كاسترو> كان يذهب الكثير من الكوبيين إلى مراحل متقدمة من إنتقاد الحكم الاشتراكي لكن في السر لا في العلن. الفقر كان من اختصاص الشعب المغلوب على أمره في الحكم والاحكام، لدرجة أن الحياة الصعبة جعلت من نساء كوبا الطريق الأوحد لملء خزينة البلاد عن طريق تأجيرها للسواح ومعها تحوّلت كوبا إلى مرتعاً لممارسة كل شيء بأقل كلفة عن بقية الدول. ومن خلال هذه الاوجاع التي عانى منها الكوبيون، ما عاد يرى هؤلاء أن الرجل الذي كان أملهم الوحيد للخروج من العبودية والعبور إلى زمن التحرر والذي كان طموح والدته أن يُصبح كاهناً، يُمكن ان يُكملوا معه مشوار حياتهم وحياة أبنائهم من بعدهم وهو الساعي على الدوام الى توريث الحكم لعائلته على غرار معظم حكام العرب.

لكن، مقابل الاعتراضات الخافتة تلك، ثمة من الكوبيين من يرى لغاية اليوم وتحديداً أصحاب الفكر اليساري، بأن <كاسترو> شخصية تستحق التبجيل بعد الرحيل تماماً كما كان في حياته، فلهؤلاء نظرية تقول، ان قمع الحريّات وزجّ المُعترضين في السجون، هو جزء من التضحيات الواجبة لمواجهة الامبريالية المُتمثلة بالولايات المُتحدة الاميركية. وهؤلاء أيضاً يعتبرون، أن <فيديل> تمادى في انفتاحه على الغرب، لمجرد انه سمح في السنوات الاخيرة بإدخال <المحمول> إلى البلاد وقبوله بالتواصل مع العالم الخارجي. أما الانفتاح الاكبر فكان يوم هبوط طائرة الرئيس الأميركي <باراك أوباما> في آذار (مارس) الماضي في مطار <هافانا> وهي الاولى من نوعها لرئيس اميركي منذ 88 عاماً.

كثر في هذا العالم من تعاطف مع <فيديل كاسترو> ومع قضيته، أوّلاً لأسباب إنسانية تتعلق بمراحل حياة الرجل ونضالاته منذ الطفولة، من الضرب المُبرّح الذي كان يلقاه من والده والذي أفقده الكثير من الهوايات والممارسات التي كان يتوق لها بسبب تعرضه لكسر في يده نتيجة الضرب، مروراً بمراحل الشباب القاسية والنفي إلى سيبيريا أكثر من مرّة. وإذا كان <فيديل> يعتبر نفسه مُلحداً وهو الذي تمادى في خصومته للفاتيكان التي أقصته بدورها عن المذهب الكاثوليكي قبل أن تعود وتتحسن علاقته بها نوعاً ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فثمة من في كوبا وخارجها، يُطلق عليه لقب <قديس الثورة>.