تفاصيل الخبر

كارلوس غصن...ملياردير على حافة الافلاس!

09/01/2020
كارلوس غصن...ملياردير على حافة الافلاس!

كارلوس غصن...ملياردير على حافة الافلاس!

 

بقلم علي الحسيني

بطريقة غامضة وبسحر ساحر، حطّت طائرة الملياردير رجل الأعمال اللبناني ـ الفرنسي ـ البرازيلي كارلوس غصن على أرض مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. ملياردير يخضع لمحاكمة في مخالفات مالية وتهرب ضريبي، وصل إلى وطنه الأم بعد ان تمكّن من فكّ أسره في اليابان على طريقة أفلام <جايمس بوند> مكتفياً بالقول إنه انتقل إلى بيروت هرباً من <قضاء ياباني متحيّز> ضده، واعداً بالتواصل مع وسائل الإعلام في الأسبوع المقبل (هذا الاسبوع). والأغرب أن غصن قد غادر اليابان بطريقة مبهمة وسط شكوك في الروايات الموجودة لجهة أنه تم تهريبه بواسطة صندوق أو أنه قد استقل طائرة خاصة.

الهروب الكبير!

ضج العالم الاسبوع الماضي بخبر هروب الرئيس السابق لتحالف <رينو- نيسان>، كارلوس غصن، من اليابان، حيث كان يخضع لإقامة جبرية في انتظار محاكمته بمخالفات وجرائم مالية، وقد وصل إلى بيروت قادماً من تركيا من دون أن يفصح عن كيفية هربه من الإقامة الجبرية المفروضة عليه، معتبراً أنه لم يتهرب من محاكمته، وإنما هرب مما وصفه بالظلم والاضطهاد السياسي. واللافت ان غصن تمكن من الهرب على الرغم من كل الإجراءات الصارمة المفروضة عليه في الإقامة الجبرية، وذلك قبل أيام قليلة من انطلاق المرحلة الجديدة من الإجراءات القانونية لمحاكمته. وقد وصفت الوسائل الإعلامية العالمية هروبه باللغز الكبير، ليس لناحية الإجراءات الصارمة المتخذة في حراسته، بل أيضاً بسبب عدم حيازته على جواز سفره الخاص، الموجود مع المحامين، والذين استغربوا بدورهم الأمر مؤكدين أنهم لم يعودوا قادرين على التواصل معه.

ووفق المعلومات المتداولة، فإن غصن قد دخل إلى لبنان بعد عملية نفذتها مجموعة <بارا عسكرية> تزامناً مع وجود زوجته في الولايات المتحدة. وقيل إن الفرقة تمكنت من دخول منزله في اليابان تحت غطاء فرقة موسيقية لعشاء ميلادي، ثم عادت وخرجت بعد انقضاء الوقت المنطقي للحفلة ولم تعلم حينها السلطات اليابانية أن كارلوس غصن اختبأ في أحد الصناديق المخصصة لنقل الآلات الموسيقية، ثمّ غادر البلاد عبر مطار محلّي. وبعد وصوله إلى لبنان استقر غصن في منزل أهل زوجته كارول، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما حظي بحماية أمنية لافتة من الدولة اللبنانية. كما انه لم يحل أي عائق قانوني من دخول غصن لبنان، ذلك أن اسمه غير مدرج على اللائحة الحمراء التي عادة ما تضم أسماء مطلوبين دولياً تُعمم أسماؤهم لتوقيفهم في مطارات العالم، ما يعني أن غضن غير مطلوب، وأن اليابان لم تعمم اسمه على لوائح الإنتربول لتوقيفه.

مواقف واستنتاجات وتحليلات!

حتى الساعة لم تتضح بعد ظروف مغادرة غصن اليابان، وربما هذا الأمر قد فاجأ أيضاً على ما يبدو فريق دفاعه في اليابان، وهو ما دفع أكثر من مصدر أمني لبناني للقول إن ثمة اموراً مُبهمة في الموضوع وربما قطبة مخفية تُحيط حول طريقة وصوله الى بيروت قادماً من تركيا وهو أمر أربك أيضاً الحكومة اليابانية والجهاز المكلف بمراقبة غصن في منزله. وهنا تشير المصادر إلى أن التحقيقات يفترض أن تُظهر كيفية حصول غصن على جواز سفر فرنسي، مع العلم بأن طوكيو يفترض أنها تسلمت من غصن عند بداية التحقيقات، جوازات سفره اللبنانية والفرنسية والبرازيلية في أعقاب توقيفه، مؤكدة أن لا أحكام عليه في لبنان ولا ادعاءات، وإذا طلبت طوكيو استرداده، فإن لبنان ينظر بالطلب، ويُحاكم في لبنان لأنه لبناني خصوصاً انه لا يوجد بين لبنان واليابان معاهدة لتبادل المطلوبين.

من جهتها أعلنت المديرية العامة للأمن العام اللبناني في بيان أصدرته بعد ساعات على وصول غصن الى بيروت، انه دخل إلى لبنان بصورة شرعية ولا توجد أي تدابير تستدعي أخذ إجراءات بحقه أو تعرضه للملاحقة القانونية. وبدورها أكدت وزارة الخارجية اللبنانية، شرعية دخول غصن إلى الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى عدم معرفتها بظروف مغادرته اليابان. وأوضحت ان لبنان وجّه إلى الحكومة اليابانية منذ سنة عدة مراسلات رسمية بخصوص كارلوس غصن، بقيت من دون أي جواب، وقد تم تسليم ملف كامل عنها إلى مساعد وزير الخارجية اليابانية أثناء زيارته إلى بيروت قبل أيام. وكشفت الخارجية انه لا توجد مع اليابان أي اتفاقية للتعاون القضائي أو الاسترداد، لكن الدولتين وقعتا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهي المرتكز الذي تم اعتماده في المراسلات التي وجهها لبنان إلى السلطات اليابانية.

من جهته وجّه القضاء الياباني أربع تهم إلى غصن تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة <نيسان> التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. وقال مصدر مقرب من غصن لوكالة الصحافة الفرنسية في باريس إن الأخير حرّ وهو مع زوجته، نافياً أنباء نقلتها قناة تلفزيونية لبنانية عن هروبه مختبئاً داخل صندوق آلة موسيقية.

نجار: غصن في أمان حتى إشعار آخر!

 

في الوقت الذي تساءل فيه العديد من اللبنانيين عن سبب لجوء غصن إلى لبنان وليس أي بلد آخر، علماً أنه يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، أوضح وزير العدل السابق والخبير القانوني اللبناني، إبراهيم نجار، أن القوانين اللبنانية لا تتيح تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية، ولا يمكن تسليم غصن إلى اليابان إذا طالبت به. أما عن إمكانية تحريك الإنتربول لملاحقته، فأشار إلى أنه في تلك الحالة، يُعمم اسمه على المرافق والحدود، لكن لا يحق للإنتربول أن يأخذه بالقوة أو يفرض قراره على لبنان.

كما اعتبر نجار أن غصن في أمان حتى إشعار آخر، ويمكن للقضاء اللبناني أن يحاكمه إذا تبين أنه ارتكب جرماً يعاقب عليه القانون في لبنان. كما يُمكن للسلطات القضائية أن تطلب من اليابان تسليمها ملف غصن للنظر فيه، إلا أن عقبة أخرى تبرز هنا، وفق نجار، وهي أنه لا يُمكن محاكمته في لبنان على جرائم احتيال ضريبي وقعت في بلد أجنبي.

وكانت إمبراطورية غصن، المتمثّلة بسمعته على مستوى العالم، قد بدأت بالسقوط في تشرين الثاني 2018، تاريخ إلقاء السلطات اليابانية القبض عليه، عندما هبطت طائرته الخاصة في طوكيو، وبقي حينها محجوزاً لأكثر من 100 يوم، قبل أن يتم إخلاء سبيله بكفالة قدرها 9 ملايين دولار في آذار 2019. ثم ألقي القبض عليه مرة أخرى، وأفرجت السلطات عنه بكفالة قدرها 4.5 مليون دولار في نهاية <نيسان> 2019، وبشروط صارمة تحظر عليه حتى التقاء زوجته أو التواصل معها.

صخر الهاشم: هذه هي مشكلتنا مع كارلوس غصن!

 

محامي شركة <نيسان> في لبنان الاستاذ صخر الهاشم يوضح لـ<الافكار> أن قضية كارلوس غصن اليوم تنقسم الى شقين: الاول يتعلق بالحكومة اليابانية والشق الآخر يتعلق بشركة <نيسان> وانا وكيل هذه الشركة في لبنان وهذا تحديداً ما يهمني من القضية. نحن خلافنا مع غصن يتعلق بالعقارات التي اشتراها باسم الشركة ويقوم باستخدامها، لذلك هناك دعاوى بيننا من بينها <الفيلا> التي يسكنها والتي لا يمتلك فيها أي مستند او موجب يسمح له بسكنها. وهو كان سكنها يوم كان رئيس مجلس إدارة الشركة مثل كل شركات العالم التي تشتري عقارات في العديد من الدول لموظفيها الكبار بدل أن ينزلوا في الفنادق. واليوم انتهت مهمة غصن لجهة السكن في هذه <الفيلا> مع إنتهاء مركزه.

ويقول الهاشم: بعد إنتهاء عمله كرئيس للشركة، تقدمنا بدعوى قضائية بحقه لاسترداد <الفيلا> وقد تمكنا من تحقيق هذا الأمر بعد تقديم كافة المستندات، ولكن هناك أمر حصل وهو أن المحامي الذي كان في موقعي من قبل ارتكب خطأ ما أثناء التنفيذ حيث قام بتغيير مفتاح المنزل وذلك في وقت كان يسكنه اثنان من الخدم، وتغيير المفتاح أو ما يُسمّى بـ<القفل> بحاجة الى قرار قضائي، وبعدها عادت زوجة غصن وسكنت المنزل من جديد.

ويُضيف الهاشم: منذ فترة تقدمنا بحق عائلة غصن بدعوى اخلاء <الفيلا>، لكنهم يُماطلون منذ عام تقريباً وفي كل مرة يطلبون من المحكمة فترة لإحضار مستندات أو ما شابه، لكن حتى اليوم لم يتمكنوا من تقديم أي شيء يمكن ان يُفيدهم في القضية، وانا أكاد أجزم بأنهم لا يمتلكون أي دليل أو أي شيء يخدم بقاءهم في <الفيلا>، ولذلك سوف يصدر حكم في الثالث عشر من الشهر الحالي بضرورة اخلائهم المنزل، مع العلم أن زوجته سبق وأكدت مع زوجها أن لا علاقة لهما بهذا المنزل وبأنه يعود لشركة <نيسان>. وفي الوقت عينه ينفي الهاشم أن يكون قد التقى غصن فيقول: لا لم أره ولم التقه على الإطلاق، هو خصمي فكيف لي أن التقيه خصوصاً وأن الخلاف ليس شخصياً معه بل هو قائم على استرداد أملاك تعود لشركة <نيسان> في لبنان.

أما من الناحية القانونية لدخول غصن الى لبنان، يوضح الهاشم أن الدخول قانوني مئة في المئة لأن اليابان لم تعمم أي قرار أو بلاغ بحق كارلوس غصن على العالم وبالتالي بالنسبة لنا هو مواطن لبناني يمكنه دخول بلاده من خلال البطاقة الشخصية (الهوية اللبنانية) وبإمكان كل لبناني أن يصل الى مطار بيروت وان يبرز هويته اللبنانية وعندها يمكنه دخول البلاد. والأبرز في الملف أن غصن وصل الى بيروت عن طريق تركيا.

 

كارلوس غصن في سطور!

 

سطع اسم كارلوس غصن في عالم الأعمال وصناعة السيارات على مستوى العالم بعد ان حقق إنجازات كثيرة وضعته في القائمة من بين عشرة رجال أعمال في العالم، ليعود ويُطرح اسمه في العام 2018 في قضايا فساد وتهرّب ضريبي وهو الأمر الذي دفع باليابان الى اخضاعه لإقامة جبرية ومحاكمته قبل أن تنتهي الأمور بهروبه الى لبنان في 31 كانون الأول 2019. وقد بدأ غصن حياته المهنية في شركة ميشلان لصنع الإطارات المطاطية، ثم استقطبته شركة <رينو> الفرنسية للسيارات وعينته في منصب نائب رئيس تنفيذي، وعندما نشأ تحالف شركتي <رينو> و<نيسان> عام 1999 عُيّن غصن كرئيس قطاع عمليات في شركة <نيسان>، ثم اختير عام 2001 رئيساً تنفيذياً.

من جهة أخرى، أثار راتب غصن البالغ عام 2015 نحو 7.2 ملايين يورو، موزعاً بين 1.23 مليون يورو كرواتب شهرية و1.78 مليون كأرباح متغيرة و4.18 ملايين كمكافآت نقدية وأسهم، أزمة في فرنسا حيث واجهت شركة <رينو> يومها مشاكل كثيرة إلا أنها أصرت على الإبقاء على راتبه، رافضة خفضه إلى الثلث كما طُلب منها.