تفاصيل الخبر

قانون رفع السرية المصرفية... حبر على ورق ريثما تشكل الحكومة "هيئة مكافحة الفساد"

24/06/2020
قانون رفع السرية المصرفية... حبر على ورق ريثما تشكل الحكومة "هيئة مكافحة الفساد"

قانون رفع السرية المصرفية... حبر على ورق ريثما تشكل الحكومة "هيئة مكافحة الفساد"

[caption id="attachment_79012" align="alignleft" width="375"] جلسة مجلس النواب في الأونيسكو[/caption]

 

 أن يكون مجلس النواب أقرّ قانون رفع السرية المصرفية شيء، وأن يكون من الممكن تطبيق هذا القانون شيء آخر! ويعتبر البعض أن قرار القانون جاء لـــ " رفع العتب" وليس إلا، لأن المشترع حوّر في نصه في الخطة الأخيرة ما جعله غير قابل للتطبيق ما لم تشكل "هيئة مكافحة الفساد" ودون تشكيلها بعض الشروط أبرزها اتفاق مكونات الحكومة المالية على أسماء أعضائها وضمان إبعادها عن "المحاصصة" التي تميزت بها تعيينات الحكومة حتى الآن!.

 واذا كان " التحوير" الذي يصيب نصوص القوانين خلال إقرارها في الهيئة العامة للمجلس النيابي، فإن الأمر لم يختلف بالنسبة الى قانون رفع السرية المصرفية حيث تقول مصادر نيابية إن نص القانون المقدم منذ ما يزيد على السنة، لم يقر إلا في 28 أيار (مايو) الماضي بعد تعرضه لتحوير يعتبر نواب أنه أفقد القانون صلب غايته الاساسية، وذلك يعود الى الحالات التي كانت ترفع فيها السرية المصرفية حسب القانون الصادر العام 1956 والمحددة بخمس حالات ابرزها في حال تقديم إذن خطي من صاحب العلاقة موقع لدى الكاتب العدل يحدد فيه هوية الشخص الذي بإمكانه أن يرفع السرية المصرفية وأرقام الحسابات، وفي حال الافلاس، او في الدعاوى المتعلقة بنزاع حول معاملة مصرفية بين المصرف والزبون، وفي دعاوى الاثراء غير المشروع، وفي إطار مكافحة تبييض الاموال ضمن هيئة التحقيق الخاصة.

 

تحوير واضح

 

 وتقول مصادر نيابية إن ما جرى في الجلسة التشريعية الاخيرة، هو "انقلاب" على جوهر الاقتراح، او بالأحرى على الهدف الاساسي منه، بحيث تم سحب حق رفع السرية من القضاء.

 هكذا، ببساطة، ولحظة التصويت داخل الهيئة العامة، " نزعت" هذه الصلاحية من يد القضاء، بطلب من رئيس مجلس النواب، ومرّ النواب على هذا التعديل مرور الكرام، على الرغم من اعتراض النائب سامي الجميل وتساءلت المصادر النيابية اذا كان القضاء لا يستطيع رفع السرية المصرفية فمن سيرفعها؟ وأليس في الأمر انتقاصاً من صلاحية القضاء ودوره؟ لقد أعطى القانون الأخير هذا الحق الى هيئة مكافحة الفساد، التي لم تعيّن اصلاً ما يجعل قانون رفع السرية مجمداً حتى إشعار آخر، وصلاحية تنفيذه اعطيت الى هيئة غير موجودة أصلاً حتى الساعة.

 وفي رأي المصادر نفسها انه والى ان يفرج عن الهيئة، فإن وضع السرية المصرفية سوف يبقى موقفاً سياسياً واعلامياً ليس اكثر لاسيما وأن تقيد رفع السرية المصرفية في حالات خمس يجعل عملية تتبع الاموال ولاسيما منها الاموال غير المشروطة امراً مستحيلاً في ظل نشاط عمليات " تبييض" الاموال، فضلاً عن ان " الرؤوس الكبيرة " تضع اموالها بأسماء اشخاص غيرها. وفي هذا السياق يذكر كثيرون كيف ان بعض السياسيين لجأ، بعد " ثورة 17 تشرين" الى الإعلان عن نيتهم رفـع السرية المصرفية عن حساباتهم لكن هذه الخطوة ظلت " فولكلورية" وعلى سبيل الدعـاية الاعلامية لا اكثر ولم تتوافر لهـــا ترجمة عملية منذ بداية " الثورة" وحتى تاريخه.

 وترى مصادر نيابية متابعة ان الاصلاح الفعلي والمحاسبة الجدية يبدآن من تعديل اساسي ينبغي ان يسارع مجلس النواب الى إقراره، وهو تعديل عمل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يحتاج الى ثلثي مجلس الوزراء وثلثي مجلس النواب.... لأنه لا تنقص البلد قوانين لاسيما في ظل قانون الاثراء غير المشروع، الذي يشكل الارضية القانونية لمكافحة الفساد، بل المطلوب الترجمة العملية. اذ حتى ولو سلمنا جدلاً بإمكان رفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء، فأي آلية ممكنة لمحاسبتهم وسط تقييد عمل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء؟ كل هذه الامور لن تتم إلا عبر سلطة مستقلة، لأن لا احد يدين نفسه! وإقرار قانون رفع السرية المصرفية وتحويره في اللحظة الاخيرة، أكبر دليل.