تفاصيل الخبر

قانون الايجار الجديد بين الترحيب والتنديد!

14/06/2019
قانون الايجار الجديد  بين الترحيب والتنديد!

قانون الايجار الجديد بين الترحيب والتنديد!

 

بقلم طوني بشارة

صدّق مجلس النواب على قانون جديد للإيجارات، قانون جديد تضاربت الآراء والمواقف تجاهه، فمالكو العقارات رحبوا به واعتبروا أنه يعطيهم الحق ولو بعد زمن، اما المستأجرون فوصفوه بغير المنصف، وبأنه يحمل ضمن طياته ثغرات عديدة.

فهل صحيح انّ هذا القانون سيهجّر المستأجرين؟ علما ان الرئيس طلب ضرورة تأليف اللجان في المحافظات تطبيقا لقانون الإيجار على أن تصدر هذه اللجان في مرسوم في أسرع وقت ممكن لتمييز المستأجرين المستفيدين من الحساب من غير المستفيدين، وبالتالي هل يصب لصالح المالك دون المستأجر؟ وما مصير المستأجرين الذين يتوزعون على كافة المدن والمناطق اللبنانية والبالغ عددهم 81300 مستأجر؟

 

أعداد المستأجرين الخاضعين للقانون!

بدراسة ميدانية ندرك بان عدد المستأجرين في المدن الكبرى مثل زغرتا والبترون وجبيل وجونيه وعاليه ودير القمر وبعقلين وجزين ومرجعيون والنبطيه وصور وبعلبك هو 2000 مستأجر، اما في منطقتي برج حمود والشياح 3000 مستأجر، وفي القرى التابعة لمحافظات الجنوب ومرجعيون والبقاع والشمال باستثناء مدن هذه المحافظات نحو 800 مستأجر، اما في القرى التابعة لمحافظة جبل لبنان باستثناء المدن التابعة لهذه المحافظة ومنطقتي برج حمود والشياح وضواحيها فيبلغ عددهم 3200 مستأجر، ناهيك عن عدد المستأجرين في محافظة بيروت 52300 مستأجر، وعدد المستأجرين في مدن طرابلس وصيدا وزحلة 20000 مستأجر.

بذلك يكون المجموع العام للمستأجرين المعنيين بقانون الايجارات القديم 81300 مستأجر.

<الأفكار> بعيدا عن لغة الأرقام وقريبا من الواقع، طرحت عدة تساؤلات تمحورت حول أهمية القانون الجديد ودور اللجان، ومدى تقيده بما يمكن تسميته بالعدالة الاجتماعية، وهل من اثر إيجابي على الاقتصاد اللبناني؟ وما هي الثغرات التي تضمنها هذا القانون؟

أسئلة عديدة للإجابة عنها التقينا رئيس نقابة مالكي العقارات والابنية المؤجرة باتريك رزق الله كما حاورنا رئيس تجمع المحامين والطعن في قانون الايجار المحامي اديب زخور.

 

رزق الله واللجان!

بداية مع باتريك رزق الله وكان السؤال المدخل:

ــ ما جديد قانون الايجار وكم عدد اللجان المتعلقة بتطبيقه بالنسبة الى المحافظات؟

- جديد القانون هو صدور المرسوم رقم 4773 المتعلق بإنشاء اللجان الناظرة في تطبيق احكام الزيادات على بدلات الايجار وعددها 25 لجنة في المحافظات، ومهمتها الفصل في الإختلاف بين تقارير المالكين والمستأجرين حول قيمة مأجور لتحديد بدل المثل، وأيضا تحديد فئة المستفيدين من حساب الدعم من غير المستفدين. والمستفيدون من الدعم بشكل كامل هم الذين لا يتخطى مدخولهم ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور أي 2025000 ليرة لبنانية، والمستفيدون بشكل جزئي هم الذين يتراوح مدخولهم بين 3 و5 أضعاف الحد الأدنى للأجور، ويغطي عنهم الحساب فارق الزيادة إذا تخطى 20% من دخل العائلة المستأجرة. وهذه خطوة جيدة لتطبيق جميع بنود القانون ومنع الأغنياء والميسورين من الإستفادة على حساب من صنفهم القانون من ذوي الدخل المحدود كما وتجنب الطرفين كلفة الدخول في نزاعات قضائية في المحاكم وتضع القانون على الطريق السليم.

 

القانون ومبدأ العدالة!

ــ هل يراعي هذا القانون مبدأ العدالة الاجتماعية؟

- القانون الاستثنائي القديم 160/92 الذي إنتهى مفعوله منذ 7 سنوات لم يكن يراعي مبدأ العدالة الاجتماعية وأدى الى ظلم كبير لحق بالمالكين القدامى طوال السنوات الأربعين الماضية، اما القانون الجديد فقد سمح للمالك بتقاضي زيادات ولو بطيئة على بدلات الايجار ليتحقق التوازن الطبيعي بين المالكين والمستأجرين بعد ست سنوات من تاريخ نفاذ القانون الذي دخل حيز التنفيذ في 28/12/2014، كما وأنه يؤمن حماية للمستأجرين الذين صنفهم القانون من ذوي الدخل المحدود. لكن للأسف كان يجب أن تقر تعويضات مالية للمالكين القدامى بموجب هذا القانون تعويضاً عن خسائرهم المتراكمة في السنوات الماضية عندما كانت الإيجارات شبه مجانية، وهذا لم يحصل، وهذه ثغرة كبرى أدت الى خلل في تحقيق العدالة الإجتماعية على نحو كامل، ونحن لا نزال نطالب مجلس النواب بإعفاءات ضريبية للمالكين القدامى كبديل ربما عن التعويضات التي لم يلحظها القانون.

ــ هل هناك ترابط بين مشكلة السكن وقانون الايجار الجديد؟

- مشكلة السكن تتحمل مسؤوليتها الدولة التي وجب عليها تطوير خطة إسكانية عبر المؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان وغيرها من برامج القروض المدعومة، او ربما بناء مساكن شعبية. مع العلم أن المالكين قد أدوا خدمات في هذا المجال خلال فترة الحرب اللبنانية وبعدها، اذ تحملوا مسؤولية تأمين السكن لشريحة واسعة من اللبنانيين على حسابهم الخاص فيما وجب تأمين هذه الخدمة من خلال الدولة. وهنا نذكر أن المالك مواطن عليه الواجبات نفسها التي يتحملها المستأجر وبالتالي لا يجوز تحميله عبء هذه المسؤولية التي أرهقته وحرمته من المدخول لأفراد عائلته. وهنا نقطة مهمة جدا ان القانون الجديد سيؤدي الى ارتفاع العرض على الشقق المؤجرة التي يحتفظ بها بعض المستأجرين طمعا بتعويضات الفدية التي كان القانون القديم يقرها، وبالتالي هذا سيؤدي الى انخفاض بقيمة الإيجارات، وقد بدأ هذا الامر يحصل حيث انخفضت الإيجارات في معظم المناطق ما أتاح توافرها للشباب خصوصا.

ــ ماذا عن حساب مساعدة المستأجرين... متى سيفك أسره؟

- نتوقع أن يصدر مرسوم الحساب (الصندوق) خلال الأيام المقبلة، ونحن نعلم أن مجلس الوزراء يعمل على إعداد هذا الامر، وبخاصة أن الدولة رصدت له مبلغ 170 مليار ليرة في موازنتي 2017 و 2018 وهناك مبلغ 30 ملياراً في موازنة 2019 للحساب، وبالتالي فلا مانع من إصداره بعد تأخير دام خمس سنوات، وفي حال تأخر صدوره فإن المستأجر المستفيد من الدعم يضمن لنفسه في جميع الأحوال التمديد القانوني لفترة 12 سنة من تاريخ نفاذ القانون، ونحن نطالب دائما بصدور هذا المرسوم وفي اسرع وقت ممكن كي يتقاضى المالك فارق الزيادة عن المستفيدين من الدعم.

رزق الله والاخلاء!

ــ كيف ستتعامل دوائر التنفيذ مع قرارات الاخلاء؟ وهل سيرتبط التنفيذ بالصندوق؟

- في حالات الاخلاء للضرورات العائلية او للهدم يدفع المالك للأسف تعويضات الفدية للمستأجرين كما ينص عليها القانون، اما للمستفيدين من دعم الحساب فيصبح بعضهم مدينا للدولة التي تدفع لهم من أموال الحساب. وهنا نقول ان المستأجرين يجب ان يتحملوا معنا هذه المسؤولية وألا ينسوا ان المالك تكبد خسائر كبرى ومن غير المقبول بعد اليوم تحميله أي خسائر او أعباء، ولا ننسى ان فكرة التعويض ظالمة في حق المالكين لأن التعويض يعطى للمتضرر، وفي حالة الإيجارات القديمة فإن المالك القديم هو من يجب التعويض عليه وليس المستأجر.

ــ ماذا عن المحلات والمؤسسات التجارية المؤجرة؟ هل من نية او حل لها وفقا للقانون الجديد؟

- للأسف لم يلحظ القانون الجديد تحرير الأقسام غير السكنية، وترك الزيادات فيها سنويا وفق مؤشر التضخم الذي يصدر عن دائرة الإحصاء المركزي، وهي زيادات زهيدة لا تتعدى الخمسة بالمئة في أحسن الأحوال، وقد تكون معدومة أحيانا. وفي هذه الأقسام يجني المستأجرون أرباحا غير شرعية، وبعضهم يحتال على القانون فيؤجر من جهته بإيجارات جديدة ويدفع للمالك بدلات زهيدة وفق القانون القديم، كما ان بعضهم يقفل القسم ويتمسك بالايجار القديم طمعا بالتعويض، وهناك مؤسسات كبرى ومصارف وشركات تدفع وفق القانون القديم وهذا ظلم كبير لا يحتمل. والمشكلة تكمن في بطء الارجاءات القضائية لاسترداد المأجور في حالات الاقفال او لتثبيت التأجير لغير المستأجر الأصلي، من هنا نحن نطالب لجنة الإدارة والعدل بالبدء فورا بدرس اقتراح جديد لتحرير هذه الإيجارات غير السكنية والممددة بالقانون حتى نهاية العام 2019، ونحن نرفض أي تمديد جديد خصوصا بعد قرار المجلس الدستوري الذي اقر بأن التمديد مخالف للدستور ولا يجوز ان يتكرر.

ــ اقتصاديا كيف ينعكس القانون الجديد إيجابا أم سلبا بالنسبة للاقتصاد اللبناني؟

- القانون الجديد يسمح للمالكين بالمباشرة بالإجراءات الرسمية لجهة معاملات الميراث والانتقال والفرز وغيرها من المعاملات التي يتوجب عليها رسوم معينة، كما يسمح بتأمين مداخيل إضافية لخزينة الدولة من الضرائب على الأملاك المؤجرة، وأيضا يسمح بتحريك السوق العقارية حيث هناك مبان لا يستطيع المالك الاستثمار فيها في ظل وجود مستأجرين قدامى يتمسكون بالمأجور طمعا بتعويضات الفدية، وبالتالي لا يمكن إلا أن يكون التأثير إيجابيا على خزينة الدولة في ظل قانون الإيجارات الجديد.

 

زخور والثغرات!

 

أما رئيس تجمع المحامين والطعن في قانون الإيجارات الأستاذ اديب زخور فأطلعنا بأن هناك ثغرات قانونية لقانون الايجارات، منها سقوط المهل لممارسة المستأجرين حقهم بين ترك المأجور او البقاء فيه، وكان من المفترض ان يمارس هذا الحق منذ صدور القانون، وقد مضى على ذلك عدة سنوات وقد سقطت كافة المهل معها واصبحت بحاجة الى تعديل ليستطيع المواطن ممارسة حقه في الخيار كما جاء في القانون، كما يجب تعديل بدء نفاذ القانون سواء من العام 2014 او 2017، مع الاخذ بعين الاعتبار ان رصد الاموال وبدء نفاذ القانون كما حددها وزير المالية هي 2017 وبالنسبة لبعض المحاكم هي 2014، وبالتالي اننا حريصون كما فخامة الرئيس على حفظ حقوق المواطنين وتوضيحها وتجديد المهل كافة وإعطاء الحقوق دون تمييز وفقا للدستور اللبناني ومقدمته، اضافة الى سد الثغرات القانونية التي تؤدي جميعها الى بطلان مرسوم انشاء اللجان، إضافة الى العديد من الاسباب في الشكل والاساس التي هي بحاجة الى تعديل وموجود بعضها بموجب اقتراح مشروع قانون تعديلي في المجلس النيابي.

وتابع زخور قائلا:

- نحن نتعرض لحملة من التهجمات الشخصية والتخوين والتهديد من بعض المالكين، لدفاعنا عن الجميع دون تمييز أثناء قيامنا برسالتنا في الدفاع عن الحقوق وابداء الرأي القانوني كما ينص عليه قانون تنظيم مهنة المحاماة والدستور اللبناني، ولمنعنا من متابعة رسالتنا المقدسة، الأمر الذي يعاقب عليه القانون كالاعتداء على قاض، وقد سبق وادعت النيابة العامة مرتين على بعض المالكين لاستمرارهم القيام بأفعال بحقنا يعاقب عليها قانون العقوبات وصدرت احدى الاحكام بحقهم، ويتوجب اخذ العلم من الجميع وعدم تكرار هذه الافعال الجرمية والالتزام بالقوانين، كما نحرص مع فخامة الرئيس حامي الدستور والساهر على تطبيقه على حماية المواطنين من التشرد وانصاف المظلومين، والرئيس هو الملاذ الاخير لحماية شعبه وكل انسان مظلوم، ونطالبه كالاب الصالح تعديل القانون بالتوازي مع اصدار اللجان، كما نحرص على اتباع الاجراءات القانونية في تعديل القانون في دولة المؤسسات وتبيان الحقائق بكل جدية وقانونية بعد ان بدأت تتكشف حجم المشكلة واعداد المستأجرين.

المطالب المحقة!

 

واستطرد زخور:

- وفي ما يتعلق بمطالبنا فهي تتلخص بتخفيض الزيادات والبدلات الى 1% من قيمة المأجور واستبدالها بمضاعفات لتسهيل احتسابها، عوضا عن اتباع تعيين الخبراء وعمل اللجان بداية واستئنافاً توفيراً للنفقات على الدولة والمواطنين، والاستغناء عن الصندوق والحساب لعدم القدرة على التمويل، وهكذا يكون هناك وفر للخزينة وحل وسطي للجميع، والا المحافظة على الصندوق عند الاصرار عليه مع توسيع شريحة المستفيدين منه وتخفيض نسبة الزيادات، والمحافظة على حق التعويض دون تناقص كما تم الاتفاق عليه عند بدء التعاقد بين المالكين والمستأجرين والذي يقدر بين 40 و50% من قيمة المأجور، وحصر النفقات بالاصلاحات الداخلية كما هو منصوص عليه في قانون الموجبات والعقود وفي كافة القوانين الدولية، اضافة الى امكانية شراء المأجور وفقاً للقوانين المرعية الاجراء مع المحافظة على التعويض عند الاخلاء نظرا لعدم وجود اية خطة سكنية، وتعليق تطبيق القانون لحين البت والموافقة على التعديلات.

وأنهى زخور حديثه قائلا:

- ناهيك عن حق المستأجرين بالعودة الى البناء ذاته عند إخلائهم واسترداده للهدم، وشراء شقة بالبناء ذاته بالافضلية بسعر الكلفة، ويعتبر تعويضهم دفعة من ثمن الشقة تمهيدا لدمجهم في مجتمعاتهم وعدم تهجيرهم من مناطقهم.