تفاصيل الخبر

حزب الله يعلن سيطرته على أربعين كيلومتراً من جرود عرسال وتلة موسى تحت سيطرة الجماعات المسلحة!

05/06/2015
حزب الله يعلن سيطرته على أربعين كيلومتراً من جرود  عرسال وتلة موسى تحت سيطرة الجماعات المسلحة!

حزب الله يعلن سيطرته على أربعين كيلومتراً من جرود عرسال وتلة موسى تحت سيطرة الجماعات المسلحة!

 

بقلم علي الحسيني

الجيش-على-تلة-الحصن-في-جرود-عرسال  لا يُمكن لزائر بلدة عرسال البقاعية هذه الفترة إلا ان يشعر بمدى الرعب والخوف اللذين يسكنان عيون الاهالي من جراء الخطر الذي يداهمهم خلال الفترة الحرجة التي تمر عليهم وهم عالقون بين فكي كماشة الموت التي تحاصرهم من بين الداخل والخارج.

أصبحت عرسال مفصولة تماماً عن جرودها وحتى عن محيطها اللبناني. أيام صعبة تعيشها البلدة التي كانت في فترة من الزمن تشكل عصب المقاومة الوطنية ضد العدو الاسرائيلي وخزان الجيش اللبناني. ها هي عرسال اليوم قابعة تحت الخوف، خوف من دخول المسلحين الذين بدأ الخناق يضيق عليهم أكثر فأكثر وخوف من استهدافها واستهداف ناسها وأمنها خصوصاً في ظل التهويلات والاتهامات التي يطلقها البعض مثل انها تحولت الى حاضنة للإرهاب وهو ما ينذر بأيام صعبة تنتظرها.

ذهب الثلج والربيع وجاء الصيف الملتهب

كانت المراهنات على فصل الشتاء للقضاء على الجماعات المسلحة على الحدود مع لبنان وصلت الى ذروتها مع بداية السنة الحالية، لكنها سرعان ما تلاشت لأسباب عدة منها عدم التحضير للمعركة بما فيه الكفاية من قبل حزب الله أكثر الأطراف المعنية بهذه الحرب. بعد الشتاء تحول الرهان على فصل الربيع الذي أعاد الحياة نوعاً ما للجرود فنبتت فيها الاشجار وكثرت فيها ينابيع المياه بعد ذوبان الثلوج. واليوم وبينما تعيش الجرود تحت شمس حزيران/ يونيو الملتهبة، بدأت الاوضاع فيها تتغير لكن من دون ان تسفر عن رابح أو خاسر خصوصاً وان التلال والجبال المرتفعة هي التي سوف تشكل الضربات الترجيحية التي ستحسم من خلالها نتيجة المعركة والتي سيتقرر معها مصير عدد كبير من القرى والبلدات الواقعة عند الحدود اللبنانية السورية.

رئيس-بلدية-عرسال-علي-الحجيري 

القلمون بين الكر والفر

 

كان الامين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله قد مهد لمعركة كبيرة سيخوضها حزبه ضد من سماهم بالجماعات التكفيرية في جرود القلمون لتأمين الحدود وحماية القرى الواقعة تحت تهديد هذه الجماعات لكن من دون ان يحدد ساعة الصفر. وفي اليوم نفسه حميت المعارك بين الجهتين وهي ما زالت على حماوتها حتى الساعة وربما أشد. الكر والفر هما العنوان الاساسي للمعركة التي تدور رحاها على تلك البقعة الجغرافية وهي عبارة عن شريط استراتيجي بطول نحو 120 كلم وعرض نحو عشرة كيلومترات في بعض المناطق ونحو 35 كلم في مناطق أخرى بمساحة تبلغ 25 ألف كلم مربع والتي تنبع اهميتها من انها القاعدة الخلفية وخزان الامداد الرئيسي البشري والعتادي لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا مثل حمص وريفها، ولمناطق في البادية شرقاً وهي منطقة تمتد من الدريج جنوباً على بعد بضعة كيلومترات من دمشق حتى البريج شمالاً قبيل منطقة القصير بكيلومترات.

 

حرب إعلامية واستنزاف على الأرض

 

هي حرب اعلامية قائمة بين حزب الله والنظام السوري من جهة والجماعات المسلحة المتناحرة أحياناً من جهة أخرى والمؤلفة من <جبهة النصرة> وتنظيم <داعش> والجيش السوري الحر وجيش الفتح الذي بات يعد القوة الاكبر والأهم من بين الجماعات. حزب الله يعلن سيطرته على مساحة 40 كيلومتراً من جرود عرسال وأكثر من ثمانين في المئة من مساحات القلمون، ويقول إنه بات على وشك السيطرة على جميع المعابر التي يمكن ان ينفد منها المسلحون. في المقابل يرد إعلام الجماعات المسلحة على حزب الله ويصف كلامه بالحرب النفسية الموجهة ضدهم، والى اليوم يصر على ان تلة موسى النقطة الأعلى في جبال القلمون والتي تبلغ 2300 متر بأنها ما زالت تحت سيطرته وأنه استعادها من الحزب بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على احتلالها. وبين الحرب هذه هناك حرب أخرى أكثر واقعية يسقط فيها قتلى وجرحى بالمئات لكلا الطرفين، وجميع الاطراف التي تراقب حماوة هذه الحرب تؤكد ان ما يعلن عنه من الجهتين حول أعداد القتلى يبقى أقل بكثير من الارقام الحقيقية.

موقع-صاروخي-لحزب-الله-في-الجرودطريقة عمل حزب الله

 

تعزيزات كبيرة وقوات خاصة من النخبة استقدمها حزب الله نحو جرود القلمون خلال الاسابيع الثلاثة الأخيرة كما زرع مرابض مدفعياته ونصب راجماته بين مجموعات من التلال والوديان، بالإضافة الى المدرعات الصغيرة كتلك التي استعملها في بلدة القصير السورية. لكن الجديد في سلاح حزب الله أو ما يمكن وصفه بالسلاح، هو الدرجات النارية الرباعية الدفع الصغيرة منها والكبيرة المخصصة لنقل العناصر والصواريخ المحمولة بين تضاريس القلمون وجبالها الوعرة، وهو العنصر الاساس الذي مكّنه من خوض معظم المواجهات على هذه الارض وكان العنوان الأبرز في حربه. ويذكر ان هذه الآليات كان قد استقدمها الحزب بعد يوم واحد على إعلان نصر الله نية حزبه في مواجهة التكفيريين من دولة أوروبية ووصلت عبر مرفأ بيروت ومن هناك تم نقلها بواسطة حافلات للنقل الى البقاع.

 

وللدراجات الرباعية الدفع دورها

وبحسب مصدر عسكري في حزب الله، فإن الحزب يتكل في معركته هذه على مجموعات رصد مجهزة بأحدث المناظير الليلية التي تعمل على حرارة جسم الانسان، وتقوم هذه الوحدة بإرسال التعليمات على الفور الى وحدة المعلوماتية وأثناء عملية المراقبة، وهذه الاخيرة متخصصة بإرسال البيانات كافة الى القيادة العسكرية المعروفة التي تقوم بدورها على إبلاغ غرفة المعلومات الميدانية المعنية بتوجيه الهجومات بين منطقة وأخرى بحسب الخرائط العسكرية. ويشرح المصدر ان كل هذه العملية لا تتجاوز مدتها في الحالات الضرورية العشرة دقائق. وحول التقدم الكبير الذي تحدث عنه إعلام حزب الله يؤكد المصدر أن الحزب والجيش السوري استفادا نوعاً ما من تشتت المسلحين بين الجبهات وانتشارهم على الجبهات كافة بعد عمليات المباغتة التي قمنا بها، ومن بعدها جرى تأمين غطاء ناري عبر قصف عنيف ومركز نفذته الطائرات السورية والمدفعية التابعة للجيش السوري والحزب بعملية انتشار واسعة في الجرود وصلت إلى عمقها ليقوم على أثرها حزب الله بتثبيت لحظة-تسلل-عناصر-من-حزب-الله-الى-احدى-اتلال-في-القلموننقاط له على التلال الاستراتيجية والمناطق المشرفة على المعابر وطرق تنقلات المسلحين متقدماً منها نحو مناطق تمركزهم فاتحاً جبهات قتال متنقلة منعت المسلحين من التجمع على جبهة واحدة والتنقل بين الجبهات.

ماذا عن المسلحين؟

على الرغم من الاشتباكات العنيفة التي تحصل بين الحين والآخر بين مجموعات الفصائل المسلحة سواء في جرود عرسال أو القلمون، فإن لهذه المجموعات هدفاً واحداً يجمعها وهو قتال حزب الله. جرود القلمون جرى تقسيمها على أيدي هذه الجماعات الى أقسام خمسة يسيطر فصيل على كل قسم. <داعش> و<النصرة> و<الجيش الحر> و<جيش الفتح> و<لواء ابناء القصير> الذي هو عبارة عن أعداد كبيرة من شباب القصير الذين لجأوا الى القلمون بعد سقوطها بيد الحزب. يُخبر أحد القادة العسكريين الكبار في الجيش الحر ان الحرب في القلمون لا تخضع لقرارات مصيرية بالنسبة الى جميع الفصائل المسلحة، فجميعنا أبناء القرى ولنا فيها ما ليس لحزب الله. كل صخرة وكل تلة وجبل، هي ملكنا نحن والحزب يعلم تماماً كيف يدافع المرء عن أرضه وعرضه وهو كان سباقاً في الدفاع عنهما في وجه الاسرائيلي.

وعن منظومة السلاح التي تمتلكها الفصائل السورية المعارضة في القلمون تؤكد معلومات حصلت <الافكار> عليها ان الجيش الحر يمتلك مجموعة من الدبابات المجنزرة المخصصة للمناطق الوعرة تحمل رشاشات متوسطة تعمل بأشعة <اللايزر> بالإضافة الى مدافع من عيار 155 وعدد غير قليل من السيارات الرباعية الدفع المجهزة بأنواع متعددة من الرشاشات الثقيلة والمتعددة بالإضافة الى سلاح الصواريخ الفعال وهو عبارة عن أعداد وافرة من صاروخ <تاو> الموجه والذي ما زال يشكل أزعاجاً كبيراً لجيش النظام ولحزب الله على حد سواء. كما يتضمن لواء الجيش الحر في القلمون مجموعة من فرقة الهندسة تعمل على تفخيخ الجبال والمعابر وقد شكلت هذه الفرقة رعباً حقيقياً للحزب بحيث حصدت العديد من عناصره أثناء تقدمه باتجاه بلدة فليطا والجبة.

أما بالنسبة الى <جبهة النصرة>، فتشير المعلومات الى انها تعتمد بشكل أساسي على تفخيخ السيارات بأنواع متعددة من المواد المتفجرة، وقد صنعت أخيراً مواد تفجير جديدة شديدة الانفجار توازي مادة <السي فور>، وذلك من خلال خبرات اكتسبها عدد من عناصرها الافغان في زمن حربهم مع الروس وبعدها الى جانب زعيم تنظيم <القاعدة> اسامة بن لادن ثم مع ابو مصعب الزرقاوي في العراق، كما تتزود <النصرة> بمجموعة كبيرة من صواريخ <ميلان> كتلك التي تسلمها الجيش اللبناني مؤخراً. وتكشف عناصر-من-جيش-الفتح-في-القلمونالمعلومات ان جميع عناصر النصرة مزنرون بأحزمة ناسفة يستعملونها عند اللحظات الضرورية وان هناك عدداً من العناصر فضلت تفجير نفسها على ان تقع بالأسر بيد عناصر حزب الله.

وأما ما خص تنظيم <داعش> فيعتبر هذا التنظيم من أكثر الفصائل امتلاكاً للمال والنفط والاموال، فعناصره مجهزة على الدوام بأهم الاعتدة العسكرية، وهو يتكل على السلاح الذي يصله من خارج الحدود السورية وايضاً على مخلفات ما يتركه جيش النظام بعد سقوط العديد من مناطقه لاسيما في الرقة والحسكة ودير الزور وجزء كبير من ريفي حماه وحلب وأخيراً محافظة ادلب التي خرجت كلياً من يد النظام السوري.

 الخوف على عرسال يتجدد والامل بالجيش

 

لا تنفصل قضية عرسال الداخل عما يجري في جرودها. أعيان البلدة في حركة دائمة لا تهدأ يحاولون منع حزب الله من تنفيذ تهديده والدخول الى جروده ولهذا السبب لجأوا مؤخراً الى قيادة الجيش طالبين حمايتها ووضع بلدتهم بتصرف وحداتها العسكرية، ومن هذا المنطلق كان لدخول الجيش الى البلدة الفرحة الأكبر التي عمت صدور العراسلة، فالجيش أصبح بينهم وعلى تماس يومي معهم وهو الذي فصل منذ أيام بين مخيمات النازحين وبين الجرود في عملية عزل بهدف التضييق أكثر على الجماعات المسلحة ومنعها من اللجوء الى البلدة كما جرت العادة خلال الفترات السابقة كما قام الجيش بشق طرقات تصله بمواقع عسكرية استراتيجية كان قد سيطر عليها منذ أسبوعين ليتحول بعمله هذا من الدفاع الى الهجوم. وهنا يقول مصدر عسكري لـ<الافكار> ان عرسال أصبحت آمنة كلياً ولا مجال لدخولها من أي فريق كان وهي اليوم بحماية الجيش الممثل الوحيد للشرعية. ويقول المصدر ان الجيش معني فقط بالدفاع عن حدوده لا أكثر ولا أقل، وكل ما يقال عن تحضيرات يجريها الجيش للهجوم على مواقع المسلحين غير صحيح، وهذا الكلام ليس من باب توجيه رسائل مبطنة للجماعات الإرهابية يقول المصدر، بل هو في خانة الرد على كل من يتهم الجيش بالتبعية لهذا الفريق أو ذاك.

الحجيري: وجود الجيش ينفي مزاعم حزب الله

الشيخ-الحجيري 

رئيس بلدية عرسال علي الحجيري هو الأكثر حركة في هذه الفترة من أجل تجنيب بلدته الكأس المر. يقول لـ<الافكار> ان وجود الجيش في البلدة وبين الناس والترحيب الحار الذي لاقاه به الاهالي ينفي مزاعم حزب الله عن ان البلدة محتلة من قبل المسلحين، وما أشيع عن ان اهالي عرسال يتحضرون لتظاهرات للضغط على المسلحين في الجرود للانسحاب منها وإشعارهم ان عرسال ليست بيئة حاضنة لهم لا أساس له من الصحة، مؤكداً ان من يطلق هذه الشائعات هم أشخاص تابعون لسرايا المقاومة الموجودون في البلدة، فالاهالي مع الجيش وهم متضايقون من كلام نصر الله واتهامه لنا بإيواء إرهابيين. وحدها الدولة مسؤولة عن أرضنا وليس حزب الله  الذي نهبت عناصره البيوت في القصير ودمرتها.

في المقابل أوضح الحجيري ان حزب الله لم يدخل بعد أراضي عرسال وهو لا يزال ضمن الحد الفاصل في الاراضي المشتركة مع مناطق نحلة ويونين، لكن يقال انه تقدم قليلاً ربما عند المثلث بين عرسال - نحلة لجهة الأراضي السورية ولكن عدا ذلك لم يحدث شيء.

 

أبو طاقية: مستعد للشهادة

 

بدوره لم يسلم الشيخ مصطفى الحجيري من نيران عناصر <داعش> التي أطلقت الاسبوع الفائت الرصاص على المسجد التابع له، كما تلقى جملة تهديدات تصفه بالعمالة لصالح النظام اللبناني. وفي حديث لـ<الافكار> اكتفى الحجيري بالقول تجمع-للنصرة-في-القلمون<مستعد للشهادة من أجل بلدتي وحين يقتربون مني سأدافع عن نفسي حتى آخر نقطة دم>.

عرسال مؤجلة على طاولة الحكومة

حتّى كتابة التحقيق لم تكن الحكومة اللبنانية قد أنهت ملف عرسال العالق بين زوايا ملف التعيينات الأمنية، وقد استطاع الرئيس تمام سلام أن يفك الارتباط بين الحالتين. وفي ظل انقسام الوزراء حول المقترحات المقدمة لحل هذه القضية الشائكة والحساسة يبرع مجلس الوزراء اللبناني في ترحيل قضية عرسال من جلسة الى أخرى وكأنه في حال تهرب أو تنصل دائم منها، وهنا تكشف <الافكار> عن جملة حذر من خلالها أحد الوزراء داخل الجلسة من تفاقم الوضع بقاعاً وتحديداً في عرسال حين قال: <والله أنا خايف إذا بقينا نرحل قضية عرسال من جلسة الى أخرى ان تصبح عرسال خارج خريطة لبنان>.