تفاصيل الخبر

حزب الله على خط الوساطة "الصعبة" بين عون والحريري حفاظاً على الاستقرار...

20/01/2021
حزب الله على خط الوساطة "الصعبة"  بين عون والحريري حفاظاً على الاستقرار...

حزب الله على خط الوساطة "الصعبة" بين عون والحريري حفاظاً على الاستقرار...

[caption id="attachment_85018" align="alignleft" width="367"] السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري في لقاء سابق منذ سنوات.[/caption]

 ينظر كثيرون الى ان موقف حزب الله من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة ليس موقفاً سليباً على رغم ان "كتلة الوفاء للمقاومة" النيابية لم تسم الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة التي اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل اكثر من شهرين بعد تأخير استمر نحو ثلاثة اسابيع كان خلالها الانتظار سيد الموقف، والواقع ان الذين راهنوا على "تضامن" حزب الله مع حليفه "التيار الوطني الحر" في الضغط على الحريري للتجاوب مع مطالب الرئيس عون و"التيار" على حد سواء، ووجدوا ان رهانهم خاسر بدليل المواقف "الهادئة" التي حرص الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله على ابرازها في الاطلالات الاعلامية التي حصلت خلال الاسابيع الماضية والتي بدا فيها "السيد" في موقف "معتدل" بالمقارنة مع المواقف الاخرى التي صدرت عن حلفاء لحزب الله، طالبوا علناً بتنحي الرئيس الحريري، او هم جاهروا باستحالة تسليمه رئاسة الحكومة وطالبوا بسحب الغطاء المعنوي والسياسي عن تكليف الحريري تشكيل الحكومة، واكثر الحلفاء بروزاً في هذا الاتجاه "التيار الوطني الحر" الذي كان يراهن على ان يجاريه الحزب في هذا الخيار بحيث يتم احراج الحريري لاخراجه على ان يتم بعد ذلك مباشرة ترشيح شخصية جديدة من الاغلبية النيابية بعد حسم خيار من اثنين: اما حكومة سياسية برئاسة شخصية سنية حيادية لرئاسة الحكومة او شخصية سنية محسوبة على قوى " 8 آذار".

 وتقول مصادر قريبة من المقاومة إن حزب الله لا يزال يعتبر ان تأمين الاستقرار السياسي الداخلي وكذلك تأمين المساعدات المالية الدولية يستوجب عدم عزل تيار "المستقبل" الاوسع تمثيلاً على الساحة السنية حتى اشعار آخر . واضافت ان هذه القناعة دفعت السيد نصر الله في كلمته الاخيرة الى عدم حصر مسؤولية التعثر في الملف الحكومي بجهة واحدة، والى عدم تبني خيار الضغط على الرئيس المكلف لحمله على سحب ترشيحه، خاصة وان الحريري ليس بهذا الوارد، ولا مجال دستورياً لتحقيق هذا الامر، والحزب يرفض كلياً استخدام الشارع للضغط على رئيس "تيار المستقبل" لما يثيره هذا الخيار من توترات ومن احتقانات طائفية ومذهبية، لبنان في غنى عنها كلياً، خاصة في هذه الظروف الصعبة والدقيقة والشديدة التعقيد.

 وترى الاوساط السياسية ان موقف حزب الله المتمسك ضمنياً بالحريري، اثار حفيظة "التيار الوطني الحر" الذي كان رفع مستوى الضغوط على رئيس الحكومة المكلف الى اقصى الدرجات لتحقيق واحد من هدفين: إما تنحي الحريري طوعاً بمجرد التماسه افتقار حكومته للاغلبية النيابية الكفيلة بمنح الثقة لأي حكومة برئاسته، وإما تراجع الحريري عن شروطه ورضوخه لمطالب "التيار" كخيار وحيد باق امامه في حال اصر على التمسك بمنصب رئاسة الحكومة.

وبحسب المصادر عينها، ان "التيار" يعتبر ان بقاء الضغط على الحريري محصوراً بالتيار الوطني الحر، من دون مساعدة من اي من القوى الحليفة، يدفع رئيس الحكومة المكلف الى التشبث اكثر بمواقفه، والى رفض التراجع، خاصة وان قوى سياسية عدة ضمن  تحالف "محور المقاومة والممانعة " العريض، تدعم الحريري ضمنياً، من رئيس مجلس النواب نبيه بري مروراً برئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية وصولاً حتى الى احزاب وشخصيات اخرى ايضاً، بحيث يبدو للرأي العام وكأن الخلاف محصور بين "الوطني الحر" و"المستقبل"، الأمر الذي يزيد من حراجة موقف "الوطني الحر".

وساطة الحزب بالتعاون مع بري

 وفي تقدير مراجع متابعة ان حزب الله حريص على البقاء في موقع يمكنه من التدخل ايجاباً عندما تسمح الظروف فيقوم بــ "وساطة" بين بعبدا و"بيت الوسط" تحرك الجمود الحاصل في الملف الحكومي وتفسح في المجال امام معالجة هادئة للازمة السياسية التي طال امدها وما من مؤشر بامكانية ايجاد حل لها علماً ان ثمة من ينقل عن السيد نصر الله امله في ان يتمكن من فعل شيء ما على مستوى الحلحلة الحكومية، لاسيما وان الاوضاع الراهنة لا تشي بامكانية نجاح اي مساع خصوصاً وان الحزب سبق له ان تدخل مرات عدة واصطدمت جهوده بجدار الخلافات السميك بين كل المكونات المعنية بالحكومة. وفي رأي المراجع نفسها ان الحزب ينتظر ان يستفيد من مناخات اقليمية معينة ستسود بعد رحيل الرئيس الاميركي دونالد ترامب ترخي بظلالها على الوضع الحكومي بعد تراجع شبح العقوبات الذي يربك الرئيس الحريري ويجعله يتأخر في تشكيل حكومة تضم ممثلين مباشرين او غير مباشرين للحزب. ويريد الحزب ان يبقى على مسافة من الخلافات بين الرئيس عون والرئيس الحريري كي يكون في مقدوره، متى اتت الساعة، ان يلعب دوراً مقرباً بين الرجلين، لكن الامر لا يتوقف فقط عند رغبة الحزب الذي يعتبر ان توافر الرغبة لدى الرئيسين هو شرط اساسي لتحقيق اي تقدم في اتجاه التلاقي من جديد ولو على الحد الادنى.

 ولعل ما يزيد الامور تعقيداً هو انعدام الثقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الامر الذي يفرض توافر عوامل تعيد هذه الثقة، وهو ما يسعى اليه حزب الله لأنه لا يريد ان تكون القطيعة كاملة بين بعبدا وبيت الوسط، وهذا الامر يجعل من اي دور يلعبه الحزب للتقارب المدخل لمحاولة ترطيب الاجواء واعادة لم الشمل بين الرئيسين عون والحريري لاسيما وان الحزب يرى ان الوقت ليس مؤاتياً لمزيد من التباعد لأن المرحلة الراهنة تتطلب اراحة للاجواء والمناخات بدلاً من التصعيد الذي لا يوصل الى مكان. ويتحدث المطلعون عن تفاهم بين الرئيس نبيه بري وحزب الله على دور يمكن ان يلعبه بري في اتجاه الرئيس الحريري في مقابل دور مماثل يلعبه الحزب في اتجاه الرئيس عون الذي يحفظ لحليفه حزب الله "مونة" عليه في الشؤون الوطنية، في مقابل وقوف الحزب الى جانب الرئيس عون في المسائل الاستراتيجية الاساسية لاسيما مسألة استمراره في السلطة حتى نهاية عهده خلافاً لما يسعى اليه البعض من "ذوي الرؤوس الحامية" الذين يطالبون برحيله.

وعلى خط آخر له ايضاً امتداداته في اتجاه التهدئة يعمل حزب الله على خرق الجمود في التواصل مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد التأزم الذي ساد العلاقة على اثر مواقف البطريرك في موضوع "الحياد الناشط" وسلاح حزب الله، لاسيما وان البطريرك اعلن في اكثر من مناسبة اهمية عدم دخول لبنان في تحالفات ومحاور وصراعات سياسية وحروب اقليمية ودولية ومنع اي دولة من التدخل في شؤونه الداخلية. وقد اتى الاتصال الذي اجراه رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم امين السيد بالبطريرك لتعزيته بوفاة شقيقه ضمن اطار "تطرية" الاجواء بين بكركي وحارة حريك لاسيما وان الاعلان عن هذا الاتصال تضمن الاشارة الى ان البحث بين البطريرك والسيد تطرق الى "مواضيع الساعة في لبنان"، ومن بينها حتماً الوضع الحكومي المتأزم. وترفض مصادر بكركي وصف مستجدات العلاقة منذ عام مع الحزب بأنها "قطيعة"، معتبرة ان الافضل تسميتها "عدم تواصل" على خلفية الاختلاف في وجهات النظر، مشددة على ان ابواب بكركي "مفتوحة" امام الجميع. وقد دخل على خط التقارب المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بمبادرة شخصية منه، لكن حصيلة هذا التدخل ليست كبيرة بعد وتتطلب المزيد من "التحضيرات" لتصل الامور الى خواتيمها السعيدة. وفي رأي مطلعين ان عدم صدور اي تعليق من الحزب على وثيقة "الحياد الناشط" او انتقاد للراعي على مواقفه من ملف سلاح حزب الله سوف يساعد في تسهيل مهمة اللواء ابراهيم الذي يتضمن سياسة تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر.