تفاصيل الخبر

هزّة قوية قد تعرّض ”اتفاق معراب“ بين ”التيار“ و”القوات“ لشرخ سياسي!  

22/04/2016
هزّة قوية قد تعرّض ”اتفاق معراب“  بين ”التيار“ و”القوات“ لشرخ سياسي!   

هزّة قوية قد تعرّض ”اتفاق معراب“ بين ”التيار“ و”القوات“ لشرخ سياسي!  

بقلم جورج بشير

aoun-geagea

لم يتصوّر أحد من الذين أيدوا أو تحمّسوا لاتفاق أكبر حزبين مسيحيين هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر المعروف بـ<اتفاق معراب>، لم يتصوّر هؤلاء أن مثل هذا التحالف الذي استقبله اللبنانيون المسيحيون بحماسة وتأييد يمكن أن يتعرّض لدى أول تجربة الى خضّة أو الى نكسة قد تؤدي به أو تفقده معنى وجوده.

استحقاق الانتخابات البلدية التي ستُجرى في جبل لبنان يوم الخامس عشر من أيار/ مايو المقبل بعد انتخابات البقاع وبيروت والجنوب والشمال التي ستجري في الثامن من الشهر المذكور، كان ولا يزال بمنزلة الامتحان والتجربة، خصوصاً في مدينة جونية عاصمة كسروان التي يرئس العماد ميشال عون كتلتها النيابية ويشغل حزبه <التيار الوطني الحر> جميع مقاعدها في المجلس النيابي. عاصمة كسروان - الفتوح هذه كانت في طليعة المعربين عن الارتياح للوفاق الذي تمّ نتيجة <لقاء معراب> الشهير بين الحزبين اللبنانيين الكبيرين والأقوى في المجتمع اللبناني المسيحي الى جانب معظم المدن والمناطق الأخرى.

وعلى أثر الترويج لقيام ثلاث لوائح انتخابية في عاصمة كسروان، احداها لائحة تردّد أن قراراً مناطقياً اتُخذ نهاية الأسبوع الماضي من جماعة <التيار> بالتعاون انتخابياً مع لائحة يتزعمها جوان حبيش، ضد لائحة يتزعمها فادي فياض المدعوم من المهندس نعمة أفرام رئيس <المؤسسة المارونية للانتشار>، بدأ التباين يظهر الى العلن ويطفو على السطح بين <التيار> من جهة والقوات اللبنانية من جهة أخرى، كون <القوات> التي كانت تفاوض حول الموضوع مباشرة مع قيادة <التيار> الممثلة بوزير الخارجية جبران باسيل قد فوجئت بقرار التحالف المتخذ مناطقياً بالتحالف والتنسيق مع لائحة حبيش ومن دون إعلامها، فيما كان الوزير باسيل رئيس التيار الوطني الحر يشارك والوفد اللبناني الى جانب رئيس الحكومة تمام سلام في <مؤتمر القمة للدول الإسلامية>  الذي عُقد في اسطنبول، مما أثار امتعاضها ورسم أكثر من علامة استفهام، خصوصاً بعدما تبيّن للذين فوجئوا بهذا التطور السلبي أنه خارج عن مفهوم <إعلان النوايا> الصادر عن الحزبين، و<إعلان معراب> الذي أعقبه بين العماد عون والدكتور جعجع، وظهر وكأنه ثغرة كبيرة تمكّن <بعضهم> من فتحها في جدار هذا التوافق، ومحاولة لإحداث شرخ قوي في بنية هذا التوافق الذي اعلنه في معراب الدكتور جعجع وفي صلبه تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية.

 

هزّة وصدمة

ما حصل قبيل <الويك اند> الماضي على صعيد الانتخابات البلدية في مدينة جونية يمكن اعتباره مماثلاً تقريباً في الشكل لما حصل على هامش هذه الانتخابات في مدينة جبيل التي يرئسها بجدارة زياد الحواط، وربّما أُلقيت بعض المسؤولية في جبيل على تقاسم الحصص في المقاعد البلدية بين الحواط وكل من الحزبين، لكن ما حصل في مدينة جونية يظل مختلفاً عما حصل جبيل التي يلعب فيها وعبرها الرئيس السابق ميشال سليمان ضد الحزبين المؤتلفين لعبته ودوره في المنطقة الجبيلية. وكذلك هو الوضع بالنسبة لمدينة زحلة عاصمة البقاع في علاقة الحزبين (التيار والقوات) وحتى حزب الكتائب مع السيدة ميريام سكاف أرملة الوزير ايلي سكاف وحزبها <الكتلة الشعبية>.

وفور عودة الوزير جبران باسيل من <مؤتمر اسطنبول> سارع الى محاولة ترقيع الوضع في مدينة جونية بمحاولة تدوير الزوايا والعودة الى المربع الأول، أي الى خطوة الائتلاف التي حُكي عنها في البداية أي تشكيل لائحة ائتلافية في جونية تضم ممثلين عن الحزبين المؤتلفين في معراب (<التيار> و<القوات>) بتوافقهما مع نعمة افرام وحزب الكتائب مع ممثلين عن عائلات وفاعليات مدينة جونية تضم كفاءات شبابية مستعدة للعمل بشفافية والانصراف الى التعاون من أجل إنماء مدينة جونية وضواحيها واستعادة حقها في شغل منصب رئاسة اتحاد بلديات كسروان - الفتوح، كونه من الطبيعي أن يكون هذا المنصب من حصّة عاصمة قضاء roukozكسروان (جونية) ومقرّه فيها بعد أن غاب عنها طيلة ثلاثين عاماً.

المشاورات نشطت بين قيادتي حزبي <التيار> و<القوات> خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي لرأب الصدع ولمحاولة إيجاد قواسم مشتركة تتأمن من خلالها مصالح الأطراف الأساسية في المدينة وتزيل التصدّع وآثار الصدمة، على أن يشمل الائتلاف العتيد إذا حصل حزبي <التيار> و<القوات>، ونعمة افرام، وجوان حبيش وربّما النائب السابق منصور البون الذي دعم تشكيل لائحة ثالثة برئاسة فؤاد البواري نائب رئيس بلدية جونية الى جانب زميله النائب السابق الشيخ فريد هيكل الخازن، إن لم يكن في العلن كون البون متقارباً في الفترة الأخيرة من العماد عون، فربما من تحت الطاولة عبر الاتفاق على لائحة مشتركة يشكّلانها من بين أعضاء لائحتي حبيش والبواري.

وقد تردّد في عاصمة كسروان أن النائب سليمان فرنجية المنافس الأول للعماد عون على منصب رئاسة الجمهورية متحالف مع الوزير فريد هيكل الخازن، ولائحته هي لمواجهة لائحة حبيش التي يُتوقع أن تكون مدعومة من الجنرال عون.

تداعيات معركة قيادة الجيش

 

من خلال معركة الانتخابات البلدية في مدينة جونية أطلّت على المدينة وفاعلياتها تداعيات معركة أخرى وضعت أوزارها قبل أشهر قليلة ألا وهي معركة منصب قيادة الجيش اللبناني التي خرج منها الى التقاعد العميد شامل روكز أحد أبرز المرشحين في تلك الفترة لهذا المنصب خلفاً للعماد جان قهوجي، والطامح على ما يبدو ليس الى احتلال المقعد النيابي في كسروان الذي يشغله العماد عون حالياً فحسب، بل الى اكثر من ذلك، لرئاسة التيار بعد أن يتقاعد العماد عون بعد عمر طويل، أو الى أن يكون المرشح الوسط والحل العتيد لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية. ولعلّ ما يعيق كل هذا هو محاولة موجهي الحملة الإعلامية التي استهدفت أخيراً البطريركية المارونية وصرح بكركي وحتى شخص البطريرك الكاردينال الراعي، وبعض الذين يشنّون هذه الحملة التي اعتبرتها أوساط بكركي مجرّد حملات افتراء مموّلة وموجّهة من جهات باتت معروفة تعمل لهدم صرح الكنيسة، وما يتردّد أيضاً في بعض الأروقة السياسية بأن العميد روكز لم يكن متحمساً أساساً لـ<اتفاق معراب> أو حتى للتحالف المعلن بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر... علماً أن كلاً من العميد روكز والوزير باسيل يرتبطان بصلة المصاهرة مع العماد عون رئيس حزب التيار الوطني الحر.

وقد لوحظ من جهة ثانية أن المهندس نعمة افرام صاحب النفوذ في المدينة والمنطقة ظل لآخر لحظة متجاوباً مع مساعي الوفاق والتوافق، ولم يقم المرشح الشاب لرئاسة البلدية، وهو محرك <مهرجانات جونية الدولية> ويدعمه هذا الإنجاز الذي تميّزت به جونية طوال خمس سنوات، لم يقم حتى نهاية الأسبوع الماضي بأية خطوة في طريق المعركة حتى من الناحية الإعلامية، لأنه قدّم حظوظ مساعي التوافق العتيدة على حظوظ المعركة، ولعدم اغراق جونية بمطبّات التفرقة والحقد والضغينة وشراء الضمائر، هذه الآفة التي تجلّت واضحة في معالم المعركة التي أحدثت هزة كادت تضرب <اتفاق معراب> بين <القوات> فرنجية-فريد-هيكلو<التيار>.

صحيح المثل القائل بأنه <شو همّ جونيــــــــــة من هدير البحر>، لكن هذا الهدير يكاد يتحوّل الى <تسونامي> قد يطيح بـ<توافق معراب> بعد أن أحدث فيه هزة لا بل شرخاً سياسياً، كون الاستحقاق البلدي في مدينة جونية بالتحديد له رمزيـــــــــــــــة خاصة، والوفـــــــــــــــاق والتعاون بين الحزبين المؤتلفين بموجب <اتفاق معراب> في العاصمة الكسروانية مع الأطراف الأخرى لهما رمزيتهما أيضاً، تماماً، كما أن الهزّة التي حدثت في <الويك اند> الماضي في هذه المدينة لها رمزيتها، لا بل لها بدورها رمزيتها السلبيــــــــــــــــــة على الصعيد السياسي وليس على الصعيد الانتخابي في كسروان وعاصمته فحسب، إنما لها تداعياتها السلبية إذا فشلــــــــــــت المساعي للتصحيح على الصعيد السياسي اللبناني ككل، والاصطفافات السياسية والحزبية التي تؤثر في توجيه انتخابات رئاسة الجمهورية، وفي مســـــــــــــار المطالبة بوضع قانون جديد للانتخابات النيابية وبإجراء هذه الانتخابات.