تفاصيل الخبر

"هيل" في بيروت : لا مال ولا "سيدر" قبل إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد!

19/08/2020
"هيل" في بيروت : لا مال ولا "سيدر" قبل إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد!

"هيل" في بيروت : لا مال ولا "سيدر" قبل إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد!

 

[caption id="attachment_80400" align="aligncenter" width="611"] السفير "ديفيد هيل" يجول في مرفأ بيروت[/caption]

  زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية السفير"ديفيد هيل" الى بيروت الاسبوع الماضي لا يمكن اعتبارها مثل الزيارات السابقة التي قام بها "هيل"، صديق لبنان واللبنانيين، ولا غيره من المسؤولين الاميركيين. صحيح انها اتت عربون تضامن مع وطن الارز بعد المحنة التي ضربته اثر الانفجار، الهائل في مرفأ بيروت، لكنها حملت في طياتها رسائل عدة ارادت الادارة الاميركية ان تصل الى القيادات اللبنانية، الرسمية والسياسية، للدلالة على ان واشنطن مهتمة ايضاً بلبنان، وليس فرنسا فقط، وإن كانت التوجهات الاميركية تلتقي مع التوجهات الفرنسية لاسيما في مجالي الاصلاحات ومكافحة الفساد.

 لم يشأ السفير "هيل" ان يدخل خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين في تفاصيل الملفات اللبنانية الشائكة التي يعرفها "هيل" من زمان عندما كان سفيرا لبلاده في بيروت وقبل ذلك قائما بالاعمال، الا ان الاشارات التي اعطاها خلال لقاءاته ظهّرت الموقف الاميركي بوضوح. فالى جانب الدعم المعنوي والمادي بعد جريمة التفجير الكبرى في المرفأ وبالتزامن مع المساعدات العينية المقدمة ومجيء فريق من مكتب التحقيق الفيدرالي للمساعدة في التحقيق الذي يجريه المحقق العدلي القاضي فادي صوان، فإن للولايات المتحدة الاميركية اهتمامات اخرى افصح عنها السفير "هيل" في معرض حديثه مع المسؤولين اللبنانيين ابرزها الآتي:

أولاً: لا نية لاميركا بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، بل الرغبة هي في التعاون مع الحلفاء والاصدقاء في المنطقة لمساعدة لبنان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه. ذلك ان واشنطن لا ترغب في التدخل في مسائل هي من اختصاص اللبنانيين لاسيما وانها تدين التدخلات الخارجية في المواضيع اللبنانية الداخلية.

ثانياً: ثمة حاجة ملحة لسماع الشعب اللبناني في دعواته الى التغيير وتنفيذ الاصلاحات الضرورية التي باتت حاجة ملحة للبنان كي يتمكن من النهوض من ازمته الاقتصادية والمالية الراهنة ويمكن للولايات المتحدة الاميركية ان تساهم في هذه العملية عندما تصبح إرادة الـــدولة "جدية" في الوصول الى هذه الاصلاحات التي يعتبرها المجتمع الدولي ضرورية في هذه المرحلة المهمة من تاريخ لبنان.

ثالثاً: هناك حاجة الى قدر كبير من العمل لتحقيق الاهداف والغايات التي دافع عنها الشعب اللبناني منذ فترة طويلة، لاسيما لجهة اقتلاع آفة الفساد التي ضربت الحياة الاجتماعية والوطنية في لبنان وادت الى انهيار الدولة عند اول استحقاق. واتضح ان سعي الحكومة اللبنانية في هذا الاتجاه ظل اعراباً عن نية ولم يترجم عملياً في اجراءات نوعية تضع حداً للفساد المستشري في البلاد.

رابعاً: ان الاصلاحات المالية والاقتصادية لا بد ان تواكبها اجراءات عملية على صعيد تعزيز قدرة الدولة وسيادتها على كل الموانىء والحدود التي لا يجوز ان تبقى من دون رقابة دقيقة وحاسمة ما يزيد من عمليات التهريب التي تنعكس تراجعاً في واردات الدولة ما يؤثر سلباً على ميزانيتها وهو أدى عملياً الى حصول تقصير افضى الى الامتناع عن تسديد سندات الدين المستحقة.

خامساً: ضرورة العمل على اصلاح شبكات الكهرباء التي تعاني من ترهل ولم تسفر الجهود التي بذلت لتحسين انتاج الطاقة الكهربائية عن اي نتيجة عملية ما رفع الدين العام الذي تستهلك الكهرباء القسم الاكبر منه. وفي هذا الاطار، لا بد من الاسراع في ضبط الهدر الكهربائي من جهة، والنفقات الكبيرة التي تصرف على قطاع الكهرباء من دون نتائج عملية.

سادساً: تحديث شبكة الامان الاجتماعي من خلال إقرار قوانين واجراءات تعزز الاهتمام بالمواطنين لاسيما لجهة رعايتهم اجتماعياً....

لا "كلمة سر" حكومية

 لقد اكثر "هيل" من تكرار رفضه التدخل في تشكيل الحكومة الجديدة على رغم ما سبق وصوله من معلومات عن انه يحمل "كلمة سر" الحكومة وان عملية التكليف والتأليف سوف تتيسر بعد الزيارة من خلال "الايحاء"  باسم الرئيس العتيد للحكومة. وفي هذا المجال قال "هيل" لمحدثيه "انكم تنتظرون مني ان احدد موقف بلادي من تشكيل الحكومة الجديدة... هذا ليس دوري لكن كل ما اقوله في هذا المجال هو مراعاة تطلعات الشعب اللبناني في ما خص هذه الحكومة واي نصيحة اقدمها يجب ان تفهم على انها من اجل الخير اللبناني العام ولن ادخل في "التفاصيل". كذلك غابت عن محادثات "هيل" المسألة التقليدية وهي دور حزب الله وتأثيره على القرار الوطني وان كان اشار في معرض احاديثه الى اهمية استقلالية القرار اللبناني. وبدا "هيل" متشدداً في عدم قبول المزيد من "الوعود الفارغة" والمزيد "من الحكم غير الفعال" وفي ذلك اعطى درساً للمسؤولين والسياسيين اللبنانيين بأهمية التزام تنفيذ ما يعدون الشعب به عوض ان تبقى المسألة وعود بوعود. فقد شدد "هيل" على ما سماه "الاصلاح الحقيقي" الذي يتسم بالشفافية والمساءلة، رابطاً تقديم بلاده مساعدات بوجود حكومة لبنانية تعكس ارادة الشعب وتستجيب لها وتلتزم بصدق وتعمل من اجل تغيير حقيقي.

 اما الوصية الابرز للسفير "هيل" فكانت الاستماع الى اصوات الشباب اللبناني وعدم تجاهل مطالبه لانهم صناع المستقبل الذي يريدونه على مستوى طموحاتهم وتطلعاتهم من هنا كان الاستعداد الذي ابداه في ان تساعد الادارة الاميركية لبنان في سعيه الى استرداد الاموال المنهوبة وتلك التي تم تهريبها خلال الايام الاولى من "ثورة 17 تشرين" بناء على مستندات وبيانات واضحة ودقيقة. ولعل اختصار توصيته الى اللبنانيين بضرورة تلبية حاجات الشعب المنتفض لاسيما في مجلات الاصلاحات ومكافحة الفساد بقيت هي الاساس لانه قال ان هذا الالتزام هو الباب امام تحرير اموال مؤتمر "سيدر" والتعاون مع صندوق النقد الدولي، وهما امران يحتاجهما لبنان للخروج من ازمته المالية الراهنة...

 تجدر الاشارة الى ان ملف ترسيم الحدود البحرية الذي قيل ان "هيل" سوف يبحث في تفاصيله خلال وجوده في بيروت، لم يتم التطرق الى تفاصيله وان كان الرئيس نبيه بري اشار اليه في معرض حديثه، لأن المكلف بهذا الملف السفير"ديفيد شنكر" سيحل ضيفاً على لبنان  في الايام القليلة المقبلة ومعه ملف الترسيم والمقترحات الاميركية في هذا الصدد، علماً ان الرئيس بري قال امام زواره ان شوطاً كبيراً سجل في موضوع الترسيم البحري الى حد الدخول في التفاصيل.

 ثمة نقطة توقف عندها المراقبون، وهي عدم اجتماع "هيل" مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الامر الذي اوحى وكأن واشنطن تقاطع باسيل وبالتالي غيبته عن جدول زيارات "هيل"، وسط مخاوف من ان يكون ذلك مقدمة لعقوبات قيل انها ستلحق بباسيل على خلفية علاقته بحزب الله!.