تفاصيل الخبر

حظوظ إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس... تتراجع و”مبـرّرات“ مخالفة الدستور جاهزة... فمن سيتبناها؟

27/07/2017
حظوظ إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس... تتراجع و”مبـرّرات“ مخالفة الدستور جاهزة... فمن سيتبناها؟

حظوظ إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس... تتراجع و”مبـرّرات“ مخالفة الدستور جاهزة... فمن سيتبناها؟

1في نهاية الزيارة الأسبوعية التي يقوم بها لقصر بعبدا، سئل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عما إذا كانت الانتخابات النيابية الفرعية ستُجرى لملء المقعد الذي شغر في كسروان بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، والمقعدين الأرثوذكسي والعلوي في طرابلس على إثر استقالة النائب السابق روبير فاضل ووفاة النائب بدر ونوس، فأجاب الوزير المشنوق إن هذا الأمر متروك القرار فيه للتشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري. وعندما قيل للوزير المشنوق إن الدستور يفرض إجراء الانتخابات الفرعية إذا كانت المدة المتبقية من عمر مجلس النواب تزيد عن ستة أشهر، ردّ وزير الداخلية بأسلوبه المميّز و<العتيق> في التعاطي مع الإعلاميين، إن وزارة الداخلية جاهزة لإجراء الانتخابات الفرعية، وأما تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات التي ينص قانون الانتخاب الجديد (كما القانون القديم) على تشكيلها فيتطلّب تسمية الجهات ذات العضوية الحكمية فيها لممثليها حتى يتمكّن مجلس الوزراء من اختيار الأعضاء.

الصحافيون الذين استمعوا إلى إيضاحات الوزير المشنوق خرجوا بانطباعين، الأول أن الانتخابات الفرعية ستجري في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل وأن الاستعدادات قائمة من أجل الوصول إلى هذا الحدث، أما الانطباع الثاني فذهب إلى حد التأكيد بأن لا انتخابات فرعية وأن الوقت سوف يمرّ من دون أن تجري، وبالتالي سوف تبقى المقاعد النيابية الثلاثة شاغرة ما يجعل العدد الفعلي لأعضاء مجلس النواب 125 نائباً بدلاً من 128.

وتحمّس كثيرون في تبني فكرة عدم إجراء الانتخابات إلى حد أن ثمة من <راهن> من دولار إلى ألف دولار بأن لا انتخابات ولا من ينتخبون!

وفيما لم يلحظ أحد من المعنيين أي تطور يؤشر إلى احتمال إجراء الانتخابات الفرعية في الموعد المبدئي لها، انتظر المترددون في حسم خيارهم، لقاء الرئيس عون بالرئيس الحريري قبيل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في قصر بعبدا، على أساس أنه سيكون فرصة لمعرفة ما سيؤول إليه هذا الاستحقاق الذي بدأ يصبح داهماً مع مرور الوقت. والتقى الرئيسان عون والحريري قبيل الجلسة وبحثا في مواضيع عدّة، ما عدا الانتخابات الفرعية، وعندما سأل أحد معاوني الرئيس الحريري عما إذا كان تقرّر إجراء الانتخابات، كان الرد السريع: <ما حكينا فيها>! في غضون ذلك كان الوزير المشنوق يكرّر في قاعة مجلس الوزراء لمن سأله من الوزراء عن مصير الانتخابات الفرعية، إن الأمر بات في عهدة الرئيسين عون والحريري وأنه - أي الوزير المشنوق - ينتظر قرارهما للمضي في الترتيبات التحضيرية للانتخابات.

2الحريري لا يريد؟..

كان ذلك وسط <وشوشات> من هنا وهناك، إن التوجّه الفعلي لدى الرئيس الحريري هو عدم إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس لاعتبارات مختلفة، قد يكون الأبرز فيها وضع دائرة طرابلس ومزاج الناخبين الطرابلسيين الذي لا رؤية واضحة في شأنه، بل حذر من تقلّبات الشارع الطرابلسي يوم الاستحقاق الانتخابي، تماماً كما حصل خلال الاستحقاق البلدي والفوز الذي حققته اللائحة التي دعمها الوزير السابق أشرف ريفي وبعض هيئات المجتمع الأهلي. وفي هذا السياق كان الغموض هو سيد الموقف، وإن كانت كل المؤشرات المتوافرة لا توحي بأن الانتخابات الفرعية ستجري خلافاً لما تكوّن لدى مراجع سياسية في السابق من انطباعات بـ<حتمية> إجراء الانتخابات نتيجة تصميم الرئيس عون على التقيد بالدستور نصاً وروحاً، إضافة إلى الرغبة في استكشاف حقيقة المواقف على الأرض بعد التطورات السياسية التي حصلت ومنها الاتفاق بين <التيار الوطني الحرّ> و<القوات اللبنانية>، وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وعودة الرئيس الحريري إلى السرايا وغيرها من التطوّرات.

وعلى رغم أن معظم القيادات الطرابلسية تتحدّث عن <جهوزيتها> هي أيضاً لخوض غمار الانتخابات الفرعية، فإن ثمة من يشكّك بحصولها لكن يريد الذهاب في <اللعب> إلى النهاية. فالرئيس نجيب ميقاتي أعلن جهوزية تياره لخوض المعركة الانتخابية الفرعية ولديه مرشحه عن المقعد الأرثوذكسي الوزير السابق نقولا نحاس الذي أعلن مراراً عن استعداده للترشح ضمن النهج السياسي للرئيس ميقاتي، في حين يبقى اسم المرشح العلوي للرئيس ميقاتي غير معلن بعد وإن كانت كل الدلائل تشير إلى إمكانية <التفاهم> بين الرئيسين الحريري وميقاتي على المرشح العلوي في مقابل دعم واسع من <المستقبل> للمرشح الأرثوذكسي الذي يطرحه الرئيس ميقاتي. أما الوزير السابق أشرف ريفي فهو أعلن بدوره أنه <جاهز> للمعركة الانتخابية الفرعية، والانتخابات العامة، وأن ماكينته الانتخابية باتت جاهزة لخوض الانتخابات الفرعية الأقرب وهو سيختار وجوهاً طرابلسية من المجتمع المدني من الطائفتين الأرثوذكسية والعلوية، لكنه لم يفصح عن الأسماء بعد ريثما يتحدّد موعد الانتخابات. في المقابل لم يظهر لدى تيار <المستقبل> ما يوحي بأن الاستعدادات قائمة لديه على أساس أن الانتخابات الفرعية ستجري في 24 أيلول/ سبتمبر المقبل، كما سبق أن أعلن الوزير المشنوق عن موعد مبدئي، ذلك أن مصادر شمالية في <التيار الأزرق> تتحدث عن أن الرئيس الحريري أبلغ معنيين بالاستحقاق الانتخابي عدم <حماسته> لإجراء الانتخابات الفرعية وأن القصة <ما بتحرز... كلها 6 - 7 أشهر>.

في وقت يرى فيه بعض المتابعين أن الرئيس الحريري ليس في وارد الدخول حالياً بمواجهة مع أحد من القيادات الطرابلسية لاسيّما الرئيس ميقاتي والوزير السابق ريفي، وهو ينطلق من المناخات التي سادت في الانتخابات البلدية ليبني موقفه عليها، خصوصاً أنه سيجد نفسه مضطراً - ضماناً للنتيجة - للتحالف إما مع الرئيس ميقاتي وهو أمر <صعب>، وإما مع الوزير ريفي وهو أمر <مستحيل>، وبين <الصعب> و<المستحيل> يبدو أن الرئيس الحريري بات يميل إلى عدم الموافقة على إجراء الانتخابات الفرعية، ما لم يطرأ عنصر جديد على التحالفات يجعله يبدّل رأيه ويسير في <المغامرة> الانتخابية التي لا يريدها <دعسة ناقصة> أو <قفزة في المجهول>.

 

كسروان... لا ماكينات جاهزة

3 

أما على جهة كسروان فالكلام كثير والنتيجة قليلة لا بل شبه معدومة، وان انتظار قرار الرئيس الحريري جعل المرشحين المحتملين لدائرة كسروان في حيرة من أمرهم لأن ما هو معلن حيال هذا الملف غير ما هو مقرر وراء الكواليس. صحيح أن الرئيس عون أبلغ وفوداً شعبية كسروانية زارته خلال الأسابيع الماضية أن الانتخابات الفرعية ستجري وأن <مرشح التيار الوطني الحرّ معروف>، (وهو يقصد العميد المتقاعد شامل روكز)، إلا أن لا تحركات على الأرض في الساحل الكسرواني كما في جرده وأوسطه، توحي بأن هذا الاستحقاق سيجري بعد أقل من شهرين، وذلك على رغم اطمئنان <التيار الوطني الحر> على أن لا منافسة جدية للعميد روكز الذي يحظى بمروحة واسعة من الدعم الشعبي في المنطقة، ناهيك بالقوة التجييرية التي يمثلها الرئيس عون الذي يفترض أن يحل العميد روكز محله في كسروان. ولا يشعر المعنيون في التيار بوجود منافسة جدية أمام مرشحهم غير المعلن رسمياً بعد، خصوصاً أن الملامح الظاهرة حتى الآن تشير إلى رغبة العائلات التقليدية في كسروان في <مبايعة> العميد روكز في الانتخابات الفرعية تمهيداً لاستثمار تلك <المبايعة> في الانتخابات الموسعة في ربيع 2018 وحجز مبكر لمقاعد يمكن الظفر بها عند توزيع الأسماء على اللائحة الأساسية في المنطقة. وفي هذا السياق يقول ركن إحدى العائلات الكسروانية إن مواجهة روكز لن تعطي نتيجة عملية في الانتخابات الفرعية، خصوصاً إذا ما قرّر الوزير السابق فريد هيكل الخازن الترشح ضدّه بدعم من رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية، وهو أمر مستبعد لأن فرنجية يقدر عالياً العميد روكز الذي كان مرشحه لقيادة الجيش لو لم يتم التمديد للقائد السابق للجيش العماد جان قهوجي، إضافة إلى أن فرنجية لا ينوي راهناً كشف أوراقه الكسروانية وقدرته على التأثير في الشارع الكسرواني، بل يترك ذلك للاستحقاق الانتخابي الأوسع الذي يمكن أن يكون فيه <حصانة> الوزير السابق الخازن، رابحاً في الشوط الأخير من السباق. ولعلّ ما يعزز الانطباع بأن الانتخابات الفرعية غير حاصلة في كسروان هو أن ماكينة <التيار الوطني الحرّ> التي يفترض أن تكون قد أدارت محركاتها إذا كانت الانتخابات الفرعية ستجري في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، لا تزال في حالة استرخاء ظاهر على العيان، وأن ثمة من يتناقل معلومات مفادها أن رئيس <التيار> الوزير جبران باسيل مدرك أن الانتخابات الفرعية لن تحصل ولا يريد بالتالي <إرهاق> الماكينة في استحقاق مؤجل، بل يتركها بقوّة واندفاع إلى <الجهاد الأكبر> في أيار / مايو 2018.

 

سيناريو مخالفة الدستور!

في ضوء ما تقدّم، كيف سيكون سيناريو عدم إجراء الانتخابات الفرعية، وما هي <المخارج> التي ستُعتمد لتجاوز هذا الموجب الدستوري؟

مصادر مطلعة أكّدت لـ<الأفكار> أن عدم مناقشة الرئيسين عون والحريري هذا الموضوع في لقائيهما الأخيرين في قصر بعبدا قبيل جلسة مجلس الوزراء وبعدها، يعني عملياً أن المسألة رُحِّلت إلى ما بعد عودة الرئيس الحريري من زيارته للولايات المتحدة الأميركية، ولأن لا اجتماع لمجلس الوزراء قبل الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس المقبل، فإنه سيكون من المتعذر على المجلس تعيين أعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات، ورصد الاعتمادات المالية اللاّزمة للعملية الانتخابية، فضلاً عن التأخير الذي سوف يقع في ما خص دعوة الهيئات الناخبة خلال مهلة شهرين وإعداد لوائح الشطب وغيرها من الإجراءات التقليدية للانتخابات، إضافة إلى العطلة القضائية التي ستحول دون صــــدور مراسيم تشكيل لجان القيد وقرارات تحديد أماكن مراكز الاقتراع الخ... كل ذلك لن يحصل قبل نهايـــــة شهـــــر أيلـــــول/ سبتمبر المقبل بحيث سيكون من المتعذر إجراء الانتخابات قبل شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ما يعني عملياً أنه لن يبقى من عمر مجلس النواب إلا سبعة أشهر وسترتفع أصوات تقول بعدم جدوى إجراء الانتخابات الفرعية بل الانصراف جدياً لتحضير الانتخابات العامة في أيار/ مايو 2018 والتاريخ المقترح مبدئياً هو السادس منه. وهكذا تنقضي الأيام ولا تعود هناك حاجة لإجراء الانتخابات الفرعية... وإلى اللقاء في الانتخابات العامة... إلا إذا غيّر الرئيس الحريري رأيه وهو أمر غير مؤكد بعد!