بقلم عبير انطون
لم تكن منى أبو حمزة تعرف ان الايام قد تجعلها <حديث البلد> مثل برنامجها الذي يحمل هذا الاسم، لا لجمالها ولا لتقديمها المميّزين، انما لما واجهته وتواجهه مع توقيف زوجها الشيخ بهيج. منى أبو حمزة، قررت وبعد صمت طويل ان تتكلم، لا لترمي الحجر في البئر التي شربت والعائلة منها، بل لأن الكيل طفح وبلغت الأمور.. الخط الاحمر!
منى.. والهموم!
كانت في عز ّ تصوير حلقتها من برنامجها الناجح <حديث البلد> حين اتصلت بها ابنتها ياسمين لتعلمها ان والدها بهيج الذي تزوره في مستشفى <الحياة> الموقوف فيها احتياطياً لوضعه الصحي المتردّي تلقى للتوّ ورقة تنبئه بانتقاله الى سجن رومية، وقالت ياسمين: <ماما شوفي شو بدك تعملي>. أكملت منى أبو حمزة حلقتها وكأن شيئاً لم يكن، برباطة جأشها أدهشت العاملين من حولها، واتخذت قرارها بعقد مؤتمر صحافي تشرح فيه ما تواجهه وزوجها، شارحة سبب التكلم اليوم بعد تكتم طويل:
- <بات لنا 12 شهراً من التوقيف الاحتياطي لبهيج، سبقها 8 أشهر من التشهير الإعلامي المبرمج . لقد اتهمونا بالسرقة وأجبروا زوجي على التنازل عن الكثير من حقوقه وحجزوا منزلنا، يراقبوننا كيفما تحركنا والمطلوب منا دفع أموال، وهذا ما عرض عليّ شخصياً. لقد تعرض زوجي لجلطة فور وصوله الى سجن رومية، ونحن اليوم أتينا مكرهين لأنه ليس في يدنا شيء إلا الكلمة . فهل المطلوب إنهاء بهيج أبو حمزة جسدياً بعدما تعذّر انهاؤه معنوياً؟
وأكدت منى انها لا تملك إلا عقيدتها وإعلامها، وقالت: <تحملنا لأننا (ولاد بيوت) ولا نرمي اي حجر في البئر التي نشرب منها، ونحن حتى الآن لا نرميها، طلبنا نقل الدعوى من مكان الى آخر ومن حقنا نقل الملف الى قاضٍ آخر>، مؤكدة انها تناشد وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى وكل الجمعيات المعنية بالحقوق، واضعة إياها أمام مسؤوليتها لإنهاء هذه المحنة.
وسألت منى: <هل يجوز أن يمضي زوجي 33 سنة من التفاني في العمل ووصل الليل بالنهار، من دون أن يحق لنا بـ 33 ثانية من الاستفسار أو حتى السؤال؟> مستغربة اتهامهم «بالسرقة فقط بمجرد كلام من دون أن يعلموا لماذا وأين وكيف؟>، مضيفة: لقد «أجبر بهيج على توقيع تنازل عن كل حصصه في كل الشركات التي أسسها والبالغ عددها 27 والتي كان رئيس مجلس إدارتها»، مشيرة إلى أن «السلطة التي من المفترض ان تحمينا تقول: ليدفع وينتهي من هذه القضية>.
وفي إجابتها عن سؤال <الافكار> اذا ما كان لديها حتى الآن امل بالزعيم وليد جنبلاط، قالت منى: <نعم، لا يزال أملي به قائماً حتى اليوم>، رافضة تحميل أسماء معينة مسؤولية ما يجري مع زوجها، مؤكدة <ان ما لديّ في هذا الشأن قلته في المؤتمر الصحافي، ولن أدخل في اية تسميات>.
وكانت منى قد صرحت سابقاً: <لو كان لديّ شك واحد بالمئة بأن بهيج غير مظلوم، لكنت التزمت الصمت المطلق على طريقة (وان بليتم بالمعاصي فاستتروا)، وتابعت الاهتمام بأولادي وبه لأنه مريض، وانتظرت شفاءه لمعاتبته لأن المال الحرام يحرق صاحبه قبل اي شيء آخر . لكنني وعلى الرغم من معرفتي بأمانة بهيج أبو حمزة ونزاهته، اطلعت بالتفصيل على كل الملفات بالدفوع والارقام، وأنا مقتنعة ببراءته.. اعتقدنا أنها ساعة تخلٍ فإذا بها ساعة تخلٍ عنا>.
وكان قاضي التحقيق الاول في بيروت غسان عويدات قد أصدر قراره الظني في دعوى النائب وليد جنبلاط ضد بهيج أبو حمزة وحسين ابراهيم بدير في جرم الاحتيال، من خلال عقار أراد جنبلاط شراءه في العام 2011 وقرر منع المحاكمة عنهما لعدم توافر عناصر جرم الاحتيال في حقهما واسترداد مذكرة التوقيف الوجاهية الصادرة في حق أبو حمزة، وبقيت دعويان عالقتين لدى القضاء: الاولى تتعلق بـ<نادي الصفا> وقد صدر حكم محكمة البداية فيها وقضى بتجريم أبو حمزة وسجنه 3 سنوات وتغريمه مبلغ 3 ملايين و 3450 ألف دولار. والثانية بجرم اختلاس أموال بقيمة 10 ملايين دولار وحددت جلستها في شهر كانون الثاني/ يناير 2015.
ورد «فريـــق الادعــــاء» في قضيـــــة تــــوقيف بهيـــــج أبو حمزة ببيان اعتبر ان ما ورد في مؤتمر منى أبو حمزة الأخير تضمن «وقائع غير صحيحة» وبعد عرض الدعاوى المقامة ضد أبو حمزة ومذكرات التوقيف، معتبراً انها مسندة إلى «إثباتات دامغة»، وقد استغرب الفريق أنه ورغم الإدانات القضائية بحق أبو حمزة وصدور مذكرات التوقيف بحقه، لا يتم توقيفه في السجن حيث المكان الطبيعي للموقوفين والمحكومين، بل وبسحر ساحر يبقى في المستشفى زهاء سنة ويتمتع بامتيازات وتسهيلات ووسائل رفاهية: فهل لديه حماية أو تغطية سياسية ما؟
لا انهيار ..
بعيداً عن الأمور القضائية، يطرح الجميع السؤال اليوم: كيف تستمر منى أبو حمزة بهذا التألّق، فلا تشعر مشاهديها بما تتكبده نفسياً من عناء وألم؟.. من أين لها هذه الطاقة على الاستمرار وسط الغمامة السوداء التي تعيشها وعائلتها؟ عن هذا الأمر تحديداً، تجيب منى:
- ليس أمامي من خيار آخر. أستمد قوتي من إيماني بالله وبالعدل. أنا اليوم مسؤولة عن البيت والأولاد، اكملت عملي فأكملوا دراستهم، لا أقول ان الوضع سهل ابداً، إلا انني أذكر وبعد شهرين من توقيف بهيج استمررت بالإطلالة عبر برنامجي على الهواء. حاولت بكل قوتي ان أفصل بين أموري ومشاكلي ومشاعري الشخصية وبين عملي الذي يتطلب مني الاحتراف والالتزام. أريد ان أبقي الأمل في قلب أولادي (أيمن، ياسمين واياد) وأكون لهم المثال والقدوة. لطالما كنت على أتم الجهوزية والاستعداد للدفاع عن عائلتي والتصدي لأي ثغرة قد تساهم في إضعافها او تشتيت كيانها. ما أفعله هو أقل ما يمكن لرد الجميل لزوجي الذي لطالما وقف الى جانبي، وأولادي الثلاثة أعز ما لديّ في هذا الوجود. ما أقوم به أعتبره أقل واجباتي تجاه الصدمة التي ألمت بنا جميعاً. أنا لديّ المنبر الاعلامي أقف فيه أمام الظلم وأواجهه، وهناك نساء وأشخاص مظلومون ايضاً ولكن ليست لهم هذه المنابر الإعلامية، فأنا ناطقة باسمهم وأدافع عنهم ايضاً.
وعن عودة <حديث البلد> بموسمه السابع بعد طول غياب وردة الفعل عليه، أجابت منى ان المشاهدين ظلوا أوفياء لهذا البرنامج الذي أحبوه، وانتظارهم له جعلهم يقدمونه بصيغة مميزة جديدة. <لم اشكّ يوماً بمحبة ودعم الناس لي وهذا ما جعلني متحمسة للعمل على الرغم من الصعوبات. تلاحظون ان عناصر كثيرة تغيرت من حيث الديكور الذي استعنا لأجله بمصممة فرنسية، وكذلك لجهة مواكبة التكنولوجيا وإدخال التطبيقات عليه، مع إضافة فقرة <موهبة البلد> التي هي فكرتي، وكذلك طريقة دخول الصبية حاملة الاسئلة للضيوف، وسنبقى في تجديد دائم في الافكار والمواضيع>.
لا تنفي منى انه قد تتكرر في برنامجها بعض الوجوه إلا ان هناك دوماً ما هو جديد لتتحدث عنه. و تتمنى صاحبة الديوان الشعري <بلا حقائب> استضافة اشخاص ليسوا تحت الاضواء كثيراً إلا انهم معروفون بكتاباتهم ومؤلفاتهم، فالهدف من البرنامج ليس التسلية فقط، انما خلق أمور ممتعة ومفيدة للناس في آنٍ واحد.
مذيع العرب..
<حديث البلد> ليس البرنامج الوحيد الذي تعود به منى الى الشاشة، فهي تخطت الحدود اللبنانية هذه المرة لتشارك في لجنة تحكيم <مذيع العرب> عبر شاشة <الحياة> المصرية، الى جانب كل من الإعلامي اللبناني طوني خليفة والممثلة المصرية ليلى علوي، وهو إنتاج مشترك بين قناة <الحياة> وقناة <أبو ظبي> الاولى. يقدم البرنامج الذي يلاقي الاستحسان من قبل الجمهور كل من المذيعة سالي شاهين والفنان قيس شيخ نجيب وإخراج باسم كريستو.. يهدف البرنامج الى الترفيه، وهو يسعى لاكتشاف مواهب في التقديم التلفزيوني، وصقل الموهبة التقديمية لدى المبتدئين، وإنعاش المواهب الدفينة لدى البعض الآخر من المشاركين في المجالات المختلفة من التقديم كالبرامج الاجتماعية، وبرامج المسابقات، والبرامج السياسية، والتقديم الإخباري.. وهو يعمل على إحياء اللغة العربية السليمة لفظياً وبناء العلاقات ونقل التجارب بين المشاركين من البلدان المختلفة والتي تقوم على اكتساب المعلومات والثقافات والخبرات بين المتنافسين للوصول إلى مصاف المذيعين المحترفين، إلى جانب جذب مواهب من مختلف الدول العربية في مجال الإعلام والتقديم التلفزيوني. كذلك يهدف البرنامج إلى تثقيف المجتمع بكيفية صناعة الإعلامي الناجح، وخلق حراك في الوسط الإعلامي لاستقطاب المواهب، إلى جانب الإسهام في صناعة المذيع المحترف في العالم العربي عن طريق الحفاظ على مقومات الإعلام الصحيح، والاستثمار في الشباب العربي الناشئ، بالإضافة إلى مدّ الجسور بين الخبرات العربية، بهدف توسيع انتشار المذيع العربي، ووصوله إلى العالمية.
لا يشترط <مذيع العرب> أن يكون المتقدِّم مبتدئاً، إذ يتم استقبال مشتركين سبق أن خاضوا التجربة عبر الشاشة أو الأثير الإذاعي. وفي المرحلة الأولى، تمت تصفية عدد المتقدّمين الذين وصلوا إلى ألف مشترك من الخليج مصر ولبنان وسيحصل <مذيع العرب> على عقد 5 سنوات للظهور على احدى أهم الشاشات العربية، الفرصة التي لن يحظى بها اي لبناني اذ انه تم إقصاء جميع المشتركين اللبنانيين في الاختبارات الاولى.
منى.. والنجوم
ولـ<مذيع العرب> أخ على الشاشة نفسها تقدمه عضو لجنة البرنامج الاول منى أبو حمزة أيضاً. فقد اختارتها قناة <الحياة> لتقديم برنامج حواري أطلق عليه اسم <منى والنجوم>، تعود فكرته وحقوقه لـ<سنا خاتشاريان>. عنه تقول مقدمته: <أستضيف من خلاله ألمع نجوم الوطن العربي وأسترجع معهم أهم المحطات والذكريات الفنية والعائلية التي تتناول مراحل حياتهم من خلال الأغنيات التي أحبوها عندما كانوا صغاراً، ويتم تصوير البرنامج في بيروت>. وقد حلّ <السوبر ستار> راغب علامة ضيفاً على الحلقة الأولى. وفي الحلقات المقبلة سيكون معنا كاظم الساهر وشيرين وعبد الوهاب ومحمد منير ونانسي عجرم واليسا وغيرهم وهو يتضمن الكثير من الغناء واللوحات الاستعراضية الراقصة.
التجربة البيتية كما التلفزيونية زادت الجميلة نضجاً. عرفت الصديق الحقيقي من الزائف <الذي خاب ظني به من خلال هذه التجربة المُرة>. تعلمت الآن ان تكون على أهبة الاستعداد، اذ ان الله يغير من حال الى حال، وشعارها المواجهة، مواجهة أي طارئ والتأقلم مع جميع المستجدات.. لـ<الافكار> تقول انها مستمرة في تصوير برامجها الثلاثة مهما كانت الظروف او اشتدت عليها الصعاب، طبعاً على قدر الإمكان والمستطاع.
يبقى الأمل بعودة الحياة الى طبيعتها حلماً جميلاً تتمنى منى تحقيقه بأسرع وقت، وتقول كلمة أخيرة لزوجها الذي لا تعرف حقيقة وضعه، لأنها ممنوعة من ذلك: <لا أزال آمل خيراً في القضاء اللبناني وأنتظر قراره، الله بيجرب محبيه.. وسوف تخرج من المحنة بإذن الله>.