تفاصيل الخبر

حصيلـــــة النكبــــات الاقتصاديــــــة عــــــام 2018... إقفـــــال المـؤسـســـــات وتـراجــــــع الـنـمـــــوّ وزيـــــادة الـبـطـالــــــة!

28/12/2018
حصيلـــــة النكبــــات الاقتصاديــــــة عــــــام 2018... إقفـــــال المـؤسـســـــات وتـراجــــــع الـنـمـــــوّ وزيـــــادة الـبـطـالــــــة!

حصيلـــــة النكبــــات الاقتصاديــــــة عــــــام 2018... إقفـــــال المـؤسـســـــات وتـراجــــــع الـنـمـــــوّ وزيـــــادة الـبـطـالــــــة!

بقلم طوني بشارة

عام 2018 صنف وبكل فخر عام النكبات الاقتصادية بامتياز، حيث شهد اقفالاً لبعض المؤسسات وتراجعاً بنسب النمو وازدياداً بنسبة البطالة والهجرة، فما هو موقف أصحاب المؤسسات والمشاريع التجارية من هذا التراجع؟

 رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية امين خياط اكد بأن القطاع السياحي في لبنان من اهم الركائز الاقتصادية بحيث أدخل ولفترات طويلة ما يقارب 2 الى 3 بليون دولار، الامر الذي ساهم في نمو الاقتصاد وتطوره، لذا يمكن الجزم بأن لبنان لطالما ارتكز في ميزانه التجاري على القطاع السياحي وذلك بفضل ما يدره من عائدات ساهمت ولفترة طويلة في انعاش الاقتصاد الوطني.

وتابع خياط قائلا:

- مما لا شك فيه أن لبنان يعتبر بمقوماته الطبيعية والبشرية الغنية بلدا ذا مقومات سياحية قيمة، فقد نجح هذا القطاع في ان يكون عاملا أساسيا في الاقتصاد الوطني لأنه أدخل ولفترات طويلة نقدا بالعملة الأجنبية مما انعكس إيجابا على الناتج المحلي وعلى صعيد فرص العمل، وهذا الامر جعل حصة السياحة من الدخل القومي حوالى 7 مليارات و200 مليون دولار عام 2009 وكان من الممكن ان يستمر هذا الرقم في الارتفاع لو استمرت الأحوال السياسية والأمنية والاقتصادية على ما كانت عليه.

ــ نفهم من حديثك ان الأوضاع تراجعت منذ 2010؟

- لا يخفى على احد انه منذ عام 2011 ونحن نعاني كقطاع من تراجع كبير لعدد السياح حيث تعطل الممر البري للسياح الخليجيين بشكل خاص نتيجة حذرهم المجيء، وهذا التراجع في القطاع السياحي اثر وللأسف وبشكل كبير على الاقتصاد، فتراجعت كافة المؤشرات الاقتصادية مما جعل اقتصادنا يمر بمرحلة هي الادق في تاريخه، فالمؤشرات تؤذن بانهيار كبير اذا لم يتم تدارك الموضوع، فاقتصادنا بات اشبه بالرجل المريض القابع في غرفة الإنعاش وينتظر موافقة القيمين على الموت الرحيم.

خياط والتراجع بالأرقام!

ــ كيف تصف هذا التراجع بالأرقام؟ وهل تعتقد ان سيئات 2018 الاقتصادية ستؤثر على اقتصاد 2019؟

 - قبل التطرق الى لغة الأرقام لا بد من الإشارة الى ان رجال السياسة الذين جلسوا على مكاتب الوزارات طوال فترة 35 سنة مارسوا وللأسف كافة اشكال الفساد والاعتداء على المال العام، كما قاموا بانشاء الشركات والفيلات والقصور  خارج البلد لعائلاتهم.

وتابع خياط قائلا:

- اما الاقتصاد فسيطر عليه أصحاب المصارف اللبنانية الذين بدأت مصارفهم بالعمل من خلال مكاتب صغيرة وضيقة اما اليوم فباتت تقع في ناطحات السحاب التي يملكونها، كما عمد أصحاب هذه المصارف الى تشييد صالات الطعام لموظفيهم واصبح كل مصرف بمثابة دولة ضمن دولة.

واستطرد خياط قائلاً:

- بالعودة الى سؤالنا الأساسي نرى ومن خلال تقييم موضوعي ان عام 2018 شهد وللأسف تراجعاً كبيراً بكافة القطاعات المرتبطة بشكل او بآخر بالقطاع السياحي، فهناك تراجع بمعدل النمو بنسبة 2 بالمئة، وبشكل موازٍ تضاعف العجز المالي ليصل الى 4,8 مليار دولار عام 2018، ناهيك عن التراجع الكبير في مالية الدولة الذي أدى الى ارتفاع الدين العام من 52 مليار دولار الى 81 مليار مما أدى الى ارتفاع نسبة حجم الدين الى الناتج المحلي الإجمالي اذ بلغت 150 بالمئة.

 الاغلاق والعجز الكبير!

ونوه خياط قائلاً:

- لا يمكننا أيضا ان نتناسى العجز التجاري الكبير اذ ان الاقتصاد اللبناني يعتمد وبشكل كبير على الاستيراد، وهذا العام ارتفع حجم الاستيراد الى 20,3 مليار دولار أي بزيادة 30 بالمئة خلال عام واحد، كما سجل ميزان المدفوعات عجزاً قدره 156 مليون دولار، ولا يمكننا هنا ان نتناسى عدد الأشخاص المهددين بالفقر المدقع واتساع رقعة عدم المساواة اذ ان مدخول 1 بالمئة من الأشخاص الأثرياء يعادل مدخول نصف السكان.

وفي السياق ذاته شدد خياط قائلا:

- وإذا ما دخلنا الى الوضع الاقتصادي - المعيشي للمواطن في لبنان، نرى انه وخلال 3 أشهر اغلق 1233 محلا تجارياً لبيع الالبسة ولبيع الهدايا وغيرها، فالاسواق معدومة البيع وليس هناك من حركة شرائية وتم تسريح حوالى 3 آلاف عامل وعاملة في هذه المحلات التجارية، كما ان هنالك 4 الاف محل تجاري مهدد بالاغلاق لان الاقتصاد اللبناني ينهار ومداخيل الناس متدنية، والمواطن لا يستطيع الاستدانة من المصارف لعدم قدرته على التسديد للمبالغ المستدانة، كما ان محلات بيع الذهب والادوات الثمينة انتقل 48.5 منها الى دبي وابو ظبي ومنها الى السعودية والبحرين، وكذلك الى زوريخ ومدن المانية وقليل منها الى فرنسا وبلجيكا.

اما خرّيجو الجامعات من الذين حصلوا على اجازة جامعية في مجالات تخصص الادارة وتخصص علم المال فانهم لم يجدوا وظيفة لا في المصارف ولا في الشركات المالية ولا في الشركات التجارية ولا غيرها، ومن اصل 23800 طالب جامعي تخرجوا باجازات من الجامعة الاميركية واليسوعية واللويزة والكسليك والبلمند والجامعة العربية وجامعة النائب عبد الرحيم مراد والجامعة اللبنانية الاميركية والجامعة الاميركية اللبنانية وكليات الجامعة اللبنانية في الحدث وبعض فروعها، وجد 1800 خرّيج منهم وظائف دون راتب 1500 دولار في الشهر، بينما الباقون هم في بطالة وقدموا طلبات هجرة الى كندا وطلبات للعمل في الخليج، ومنهم من قدم امتحاناً الى رتبة رقيب في قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني والاجهزة الامنية، كما ان 1483 طالباً هاجروا الى افريقيا، اما الباقون فهم دون عمل وينتظرون الهجرة الى الخارج، مع العلم ان كلفة الطالب اللبناني بدماغه العلمي وتعليمه منذ ولادته حتى حصوله على الاجازة الجامعية لا تقل عن نصف مليون دولار، وبعضهم يصل الى مليون دولار، على مدى عمره حتى سن الـ 24، وهكذا تستفيد الدول الصناعية الكبرى والغنية من الولايات المتحدة الى كندا الى اوروبا من طاقات ادمغة لبنانية تهاجر لعدم وجود وظائف في لبنان بسبب تقلّص الاقتصاد اللبناني وانكماشه.

واكمل خياط حديثه قائلا:

- وفي ظل عدم وجود وزارة تخطيط وتصميم، وفي ظل عدم وجود حضور في وزارة العمل للتحضير لوظائف للطلاب المتخرجين من الجامعات، فإن الطالب الجامعي المتخرج لا يجد وظيفة له في لبنان تدبرها الفروع المختصة والمكاتب في وزارة العمل، او عبر وزارة التصميم والتخطيط التي تضع برنامجاً لتوجيه الطلاب نحو اختصاصات يجدون لهم عملاً فيها، وهنا واستنادا الى ما سبق أؤكد انه وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه من دون أية معالجة من قبل الجهات المعنية، فإن التردي الحاصل عام 2018 سيؤثر على الحركة عام 2019 اذ ان مؤشرات التردي ستتضاعف والعجز سيزداد والحركة ستتردى لان الفشل مستشرٍ من دون معالجة، مما يعني ان بداية عام 2019 ستشهد انهياراً تاماً للقطاع السياحي من خلال اقفال بعض الفنادق وتوقف استثمار البعض الآخر.

ــ وما هو الحل؟

- على الجهات المعنية ان تسعى وبشكل جدي الى اتخاذ إجراءات عملية وعلمية مبنية على خطط استراتيجية وموضوعية من اجل تنشيط الحركة السياحية التي هي عصب الحياة الاقتصادية، كما يجب على القيمين (اذا أرادوا العمل) ان يسعوا لمد جسور مع روسيا واليابان والصين، على اعتبار ان هذه الدول الثلاث تعتبر حاليا أساس السياحة العالمية بسبب كثرة اعداد سكانها وحبهم للسياحة، كما يفترض إعادة ثقة السائح الخليجي عن طريق جذبه للعودة الى ربوع وطننا، ناهيك عن اتخاذ الإجراءات اللازمة المتعلقة بضبط النفقات ومنع الهدر وإلغاء التوظيفات العشوائية ومنع التهرب الضريبي لاصحاب الشركات الكبرى، وفي السياق ذاته لا بد ان تقوم المصارف بإعادة جدولة لطريقة دفع أصحاب الاستثمارات من جهة ولتخفيف الفوائد على القروض الاستثمارية لاصحاب المؤسسات السياحية من جهة ثانية.

من جهته رئيس <جمعية تجار جبل لبنان> نسيب الجميل دعا اللبنانيين الى ضرورة إعادة احياء العصب الوطني بعيدا عن التعصب الطائفي والسياسي والعمل على ربط اللبناني بوطنه، مشيرا الى وجوب شراء كافة الاحتياجات من المتاجر اللبنانية وتحريك العجلة الاقتصادية في لبنان من قبل المقيمين والمغتربين، وضرب مثالا على ذلك عندما دعت الملكة اليزابيت البريطانيين الى الشراء من إنكلترا إبان الازمة التي شهدتها بريطانيا عام 1976.

الجميل وخيارات اللبنانيين!

وردا عن سؤال حول الغلاء الذي غالباً ما يكون سببا لتبدل وجهة اللبنانيين نفى الجميل وجود غلاء وفرق شاسع بالأسعار بين الداخل والخارج الا انه استثنى من هذه المعادلة بعض المنتجات، وسلط الضوء على تبدل خيارات اللبناني واتجاهه نحو السفر وصرف مدخراته خارج الأراضي اللبنانية، لافتا الى ان مصاريف اللبنانيين في الخارج خلال الصيف بلغت اكثر من 5 مليارات دولار بين حفلات زواج ومشتريات.

كما وعبّر الجميل عن نظرة تشاؤمية وتنبؤ بتراجع الحركة خصوصا ان الخوف بات يتملك التجار جراء الوضع الاقتصادي الحرج، ناهيك عن البقاء على قوانين قديمة، قوانين يتطلب الوضع الحالي تغييرها بسبب تبدل المعادلة وتراجع تحويلات المغتربين، فقد تراجعت التحويلات من افريقيا بنسبة 80 بالمئة فيما سجلت التحويلات من الخليج انخفاضا بنسبة 50 بالمئة.

 كما ولفت الجميل الى مشكلة العجز في الميزان التجاري والفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات، اذ تبلغ قيمة الواردات الى لبنان 23 مليار دولار سنويا مقابل 2,5 مليار قيمة الصادرات الى الخارج، وهذا ما لا طاقة للبلد على تحمله مع غياب دعم رجال الاعمال اللبنانيين المغتربين، وكرر الجميل تأكيده على الحاجة الماسة الى تحديث القوانين والتشريعات الاقتصادية لضمان القدرة على الاستمرار، وقال الجميل ان الأوضاع السياسية اليوم هي جزء وعامل مسبب لما آلت اليه الظروف، مؤكدا ضرورة تكاتف الجميع من تجار واقتصاديين وصناعيين وعمال وكذلك الدولة لايجاد حل ينقذ لبنان لان السفينة تغرق بكل من على متنها، رافضا الدعوات العمالية الى الاضراب الذي يزيد الوضع سوءا.