تفاصيل الخبر

هـشاشــــة الـعـظـــــام مــن أكـثـــــر الأمــــــراض الـتـــي تـصـيـــــب الـنـســــــاء فـــي الـعـالـــــــــم!

23/12/2016
هـشاشــــة الـعـظـــــام مــن أكـثـــــر الأمــــــراض  الـتـــي تـصـيـــــب الـنـســــــاء فـــي الـعـالـــــــــم!

هـشاشــــة الـعـظـــــام مــن أكـثـــــر الأمــــــراض الـتـــي تـصـيـــــب الـنـســــــاء فـــي الـعـالـــــــــم!

 

بقلم وردية بطرس

البورفيسور-غسان-معلوف----1 

تتقوى عظامنا في مقتبل حياتنا عندما نكون في مرحلة النمو وهي تصل عادة الى أشد قوتها في أواخر سن المراهقة او في العشرينات من العمر. بعد هذا السن تبدأ العظام بالترقق تدريجياً وتصبح أكثر هشاشة طوال الجزء المتبقي من عمرنا، اذ ان هشاشة العظام تنشأ عادة على مدى سنوات عدة حيث تصبح العظام تدريجياً أكثر هشاشة، وحيث ان مرض هشاشة العظام من الأمراض الصامتة والتي قد تحدث بدون ألم، وأول عوارضه هو حدوث الكسور، لذلك فانه من الضروري جداً ان نبني عظاماً قوية في شبابنا وان نحافظ عليها مع تقدم العمر. ويجب ان يعرف الشخص ما اذا كان معرضاً للاصابة بهشاشة العظام حتى يستطيع اتخاذ الخطوات التي قد تمنع حدوث هذا المرض او التعاون مع الطبيب لتوقف تقدمه.

مؤشر قياس قوة العظام

 

 ويمكن للأطباء ان يحصلوا على مؤشر جيد لقوة العظام بقياس الكثافة العظمية، والذي يمكن اجراؤه بواسطة اختبار بسيط يشبه الأشعة السينية. وبالرغم من بلوغ الانسان سن الشيخوخة فلا ينبغي ان تصبح عظامه هشة لدرجة لا تتحمل فيها اجهادات الحياة اليومية العادية، فعندما يُصاب الانسان بهشاشة العظام تنقص قوة عظامه الى درجة يصبح فيها أكثر عرضة لحدوث الكسور بشكل تلقائي لمجرد التعرض لاصابة بسيطة، علماً أن كمية الكتلة العظمية تنقص مع تقدمنا في السن، لذا فإن امكانية حدوث هشاشة العظام تكون أعلى لدى الأشخاص المسنين، وطبعاً هناك عوامل عدة تؤثر على السرعة التي يفقد بها الانسان كتلته العظمية والتي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار.

تجدر الاشارة الى ان هشاشة العظام هو مرض روماتزمي سببه انخفاض في كثافة العظام او رقاقتها بالهيكل العظمي، وهي حالة تصيب نصف السيدات وثلث الرجال فوق سن السبعين، وتكون مصحوبة لآلآم شديدة وتجعلهم معرضين للكسور... فالعظام عبارة عن نسيج صلب وهي المكون الرئيسي لكل الحيوانات الفقارية إذ ترتبط بها العضلات وترفعها وتجعلها تتحرك، وان العظام تحمي الأعضاء اللينة والداخلية بالجسم، فالجمجمة تحمي الدماغ، والقفص الصدري يحمي القلب والرئة، وللعظام دور وظيفي في تخزين الكالسيوم اللازم للأعصاب وخلايا العضلات والنخاع العظمي مكان صنع خلايا الدم الحمراء، وبعض خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، ويتكون جسم الانسان البالغ من 206 عظام تشكل 14 بالمئة من وزن الجسم. وان عملية ترسيب الكالسيوم بالعظام او انطلاقه بالدم ينظمها النشاط الهرموني والفيتامينات وحاجة الجسم للكالسيوم سواء بالدم او العظام، ويلعب فيتامين <د> دوراً في امتصاص الكالسيوم ويمكن الحصول عليه من اللبن ومنتجاته ومن الأسماك البحرية المعلبة او الطازجة، كما يمكن للجسم الحصول عليه بتعرض الجلد للشمس، كذلك فإن هرمون الغدة فوق الدرقية ينظم مع فيتامين <د> معدلات الكالسيوم ويشارك في تكوين العظام وزيادة الكالسيوم بالدم حسب الحاجة له، لهذا نجد ان أحد أسباب ظهور هشاشة العظام في الشيخوخة هو قلة امتصاص الكالسيوم من الأمعاء مما يقلل معدله بالدم ويحفز الجسم لافراز هرمون الغدة فوق الدرقية ليذيب الكالسيوم في العظام ليعوض الدم عن النقص لديه.

إشارة الى أن النمو في حجم العظام وقوتها يتحددان خلال الطفولة لكن التراكم لا يكتمل حتى العقد الثالث من العمر، لذا فإن كتلة العظم المكتسبة في مقتبل الحياة ربما كانت العامل المحدد الأهم لصحة العظم طول الحياة.

العوامل المؤثرة في كتلة العظم

 

تؤدي العوامل الوراثية تأثيراً قوياً ربما كان مهيمناً في تحديد قمة كتلة العظم، لكن العوامل الفيزيولوجية والبيئية والعوامل المرتبطة بنمط الحياة القابلة للتعديل قد تلعب أيضاً دوراً مهماً، ومن هذه العوامل القابلة للتعديل: التغذية الكافية، وزن الجسم، النشاط البدني، تدخين السجائر، واستهلاك الكحول.

وبما ان هشاشة العظام من الأمراض الصامتة فان الاصابة بها لا تترافق عادة مع اي أعراض واضحة، فالشعور بالضعف والوهن وآلام الجهاز الحركي هي عوارض عامة تشاهد عادة مع التقدم بالسن.

وغالباً ما تكون العلامة الأولى لهشاشة العظام هي حدوث آلام شديدة ومفاجئة بسبب الاصابة بكسر، وتحدث الكسور نتيجة لاصابات بسيطة او بسبب السقوط، وان كبار السن هم الأكثر عرضة للسقوط من غيرهم، وتعتبر الوقاية من هشاشة العظام منذ الصغر مفتاح صحة العظم في الكبر، وأكثر الكسور مشاهدة هي كسور فقرات الظهر حيث تظهر الصور الشعاعية بالاضافة الى هشاشة العظام انخسافاً في جسم الفقرة المصابة، ويمكن ان تحدث هذه الكسور في أكثر من فقرة واحدة، وثاني الكسور شيوعاً هي كسور المعصم. وتشخص هشاشة العظام باجراء الفحوص الدورية لقياس الكثافة العظمية بأجهزة تشبه الأجهزة الشعاعية التقليدية، كما ان الفحوص الدورية لمستويات الكالسيوم والفيتامين <د> في الدم، وفحوص وظائف الكليتين ومستويات الأملاح الأخرى، وتصحيح اي خلل وارد يمكن ان تقي الجسم من اضطرابات عظمية لاحقة. وكما هو الحال في معظم الأمراض فالوقاية خير من العلاج، ويمكن الوقاية من هشاشة العظام باتباع نظام غذائي متوازن يوفر للجسم مأخوذاً كافياً من الكالسيوم ويحتوي على جميع العناصر الغذائية من دون افراط، وبالابتعاد عن التدخين والمشروبات الغازية والأغذية الضارة، وبالتعرض اليومي لأشعة الشمس، كما ان ممارسة التمارين الرياضية اليومية او المشي يومياً يساعدان في الحفاظ على جهاز حركي سليم. وهناك دلالات على الدور الوراثي في هشاشة العظام، لذا تنصح العائلات التي تشيع لديها هشاشة العظام، وكذلك النساء اللواتي يبلغن سن اليأس، باجراء الفحوص الدورية للكشف المبكر عن هشاشة العظام والبدء باكراً بالعلاج قبل حدوث الكسور، وفي بعض الحالات يعطى العلاج بشكل وقائي لمنع حدوث هشاشة العظام.

 

مشاهير أصيبوا بهشاشة العظام

العديد من المشاهير والنجوم اصيبوا بهشاشة العظام، ومنهم الفنانة الكبيرة مديحة يسري التي أدخلت الى المستشفى للعلاج الطبيعي والتأهيلي بعد اصابتها بمرض هشاشة العظام وقرر الأطباء وضعها تحت الملاحظة واخضاعها لجلسات علاج طبيعي خصوصاً بعد ان ساءت حالتها عقب امتناعها عن تناول الطعام لأيام عدة، كما ان الفنانة الراحلة ناديا لطفي كانت مصابة بهشاشة العظام، والفنان جميل راتب كذلك اصيب بهشاشة العظام، والسيدة الأولى منى الهراوي اصيبت بهشاشة العظام وقد تحدثت مراراً عن هذا المرض في وسائل الاعلام.

البروفيسور غسان معلوف

يشرح أسباب حدوث هشاشة العظام

فهل من اسباب تؤدي لحدوث هشاشة العظام؟ وما هي عوارضها وعلاجها وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على البروفيسور غسان معلوف ــ تجدر الاشارة الى ان <الجمعية العالمية لكسور هشاشة العظام> في اجتماعها السنوي الذي عقد في روما منحت المدير الطبي ونائب الرئيس للشؤون الطبية في مستشفى ومركز بلفو الطبي البروفيسور غسان معلوف جائزة رئاسية تقديراً لانجازاته الكبيرة ودوره السابق في هذا المجال، وهذه الجائزة الرئاسية هي الأولى من نوعها التي تمنحها الجمعية لطبيب، وقد حصدها لبنان وهي جاءت تتويجاً لمجهود جماعي من قبل مجموعة من الأطباء اللبنانيين بدعم من وزارة الصحة وعلى رأسها الوزير وائل ابو فاعور باطلاقها قرار التغطية.

وفي البداية سألناه:

ــ ما هي الأسباب او العوامل التي تؤدي للاصابة بهشاشة العظام؟

- هناك أسباب وراثية تتمثل بنقص مادة <الكولاجين> المهمة في قوة العظام وحمايتها من الكسور، وهذا السبب يكون ملازماً للشخص منذ ان يكون جنيناً في بطن أمه، وفي الحالات المزمنة قد يؤدي هذا السبب الى وفاة الطفل في سن مبكرة بسبب كسر الجمجمة. ثانياً: نقص فيتامين <د> والكالسيوم، وسببه الغالب عدم التعرض لأشعة الشمس بشكل كافٍ، وعدم تناول الأطعمة التي تحتوي على هذه الأنواع.

كذلك يؤثر العلاج الطويل نسبياً بأحد مركبات (الكورتيزون) حيث ان الاصابة بأي نوع من أنواع الأمراض التي تتطلب العلاج بأحد أنواع مركبات (الكرتيزون) لوقت طويل نسبياً قد تؤدي في نهاية المطاف الى الاصابة بمرض هشاشة العظام.

أذكر أيضاً في هذا السياق أمراض الغدد الصماء مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، الأمراض الوراثية للدم مثل <أنيميا> البحر المتوسط، عدم ممارسة الرياضة او النشاطات البدنية بشكل عام، تناول أدوية الصرع ومضادات التشنج لوقت طويل نسبياً، والعامل الوراثي مثل اصابة أحد أفراد العائلة بمرض هشاشة العظام.

ــ ما هي العوارض او علامات ظهور هشاشة العظام سواء عند الرجل ام المرأة؟

- تتمثل العوارض بآلام وأوجاع حادة في مختلف أنحاء الجسم وخصوصاً في منطقة الظهر، ويبدأ الانسان بفقدان الوزن رويداً رويداً وتبدأ القامة بالانحناء، وقد تحدث بعض الكسور وخصوصاً في الفقرات وبعض المفاصل والفخذين من جراء حادث بسيط.

مضاعفات الاصابة بهشاشة العظام               

ــ وما هي نسبة الاصابة بهشاشة العظام؟ ولماذا النساء عرضة للاصابة بهشاشة العظام أكثر من الرجال؟

- تتشابه أرقام لبنان مع النسب العالمية فتُصاب سنوياً نسبة 0.129 بالمئة من السكان بالكسر (0.153 بالمئة بين النساء و 0.100 بالمئة بين الرجال) وهو معدل يتزايد مع التقدم في السن بين النساء أكثر مما يزداد بين الرجال، مع الاشارة انه لم تصدر بيانات جديدة هذا العام. وأشدد على ان اعتبار هشاشة العظام مرضاً نسائياً فقط من الأخطاء الشائعة في مجتمعاتنا، وذلك لأن هشاشة العظام تصيب رجلاً من أصل خمسة رجال ما فوق الخمسين، وان هذا الرقم قد يكبر مع الوقت وذلك لأن رجال العالم باتوا يشيخون بسرعة فائقة، وقد تبين ان احتمال اصابة الرجال الذين يتخطون عمر الخمسين سنة بهشاشة العظام هو بنسبة 27 بالمئة أكبر من خطر اصابتهم بسرطان البروستات.

ــ وما هي مضاعفات هشاشة العظام؟

- ان هشاشة العظام غالباً ما تُسمى <مرضاً صامتاً> لأنها تسبب فقدان العظام بدون اعراض، فالمصاب قد لا يعرف أنه يعاني من هشاشة العظام حتى تصبح تلك العظام ضعيفة مما قد يؤدي أحياناً الى السقوط او التعرض لكسور او الانحناء او تشوهات في العمود الفقري.

ــ وما هي طرق علاج هشاشة العظام؟

- يجب اتباع برنامج غذائي غني بالكالسيوم وبالفيتامين <د>، إذ يعد الكالسيوم من أكثر المعادن المكونة للكثافة العظمية، ونجد مصادره في: الأجبان، الحليب، الألبان، النبتات الخضراء والبقوليات، بينما فيتامين <د> يشارك في تمعدن العظام بواسطة دوره في تنظيم مستويات الكالسيوم والفسفور في الدم وترسيبه في العظام، ومصادره بعد أشعة الشمس هي زيت السمك والحليب وصفار البيض والخضار، كذلك فإن تناول مكملات الكالسيوم وجرعات وقائية من فيتامين <د> وهي منتجات طبية على شكل كبسولات دوائية تحتوي على فعالية الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين <د> نفسها.

ويتابع:

- في بعض الحالات، لا تكفي المكملات الغذائية ولا النظام الغذائي الغني بالكالسيوم وفيتامين <د> لعلاج هشاشة العظام، فيصبح من المحتمل التداخل الدوائي مع النظام الغذائي والمكملات الغذائية. ويمكن اجمال العلاج الدوائي لهشاشة العظام كما يلي: العلاج التعويضي لهرمون <الأستروجين> للأنثى، علاج معدلات مستقبلات <الأستروجين> مثل علاج <الرالوكسفين> وهذا العلاج حديث نسبياً يعطي تأثير هرمون <الأستروجين> نفسه عند السيدات إذ أنه يحد من تناقص كثافة العظام وبالتالي الهشاشة العظمية عندهن، فالعلاج بـ<البيسفوسفونات> وهي علاجات غير هرمونية تركز على ابطاء عملية خسارة العظم لكثافته او كتلته عن طريق وقف نشاط الخلايا ذات المسؤولية عن هدم العظم او تحلله مما يعني وقف فقدان العظم في هذه العملية الحيوية.

وختم الدكتور معلوف حديثه بالإجابة عن سؤالنا:

ــ كيف يمكن ان يحمي الانسان نفسه من الاصابة بهشاشة العظام خصوصاً ان الوقاية هي الطريق الوحيد لتجنب الاصابة بهذا المرض؟

- ان اتباع نظام غذائي متوازن مع سعرات حرارية كافية من مغذيات مناسبة يشكل الأساس لتطوير كل أنسجة الجسم بما فيها النسيج العظمي، كذلك ممارسة الأنشطة الحركية تعد درع الوقاية الثاني من الاصابة بهشاشة العظام فكلما كانت العضلات أقوى زادت كتلة العظام واستقرارها، كما ان المشي السريع يعد الرياضة الأنسب لهذا الغرض على ان تتم ممارستها بمعدل ساعة الى ساعتين يومياً، علماً أن المشي هو النشاط الرياضي الوحيد الذي يمكن ممارسته في اي مرحلة عمرية.