تفاصيل الخبر

«حرب الجنرالين» مستمرة بعد فشل مساعي التهدئة ومخاوف من انتقالها من القمة... الى القاعدة!    

21/08/2015
«حرب الجنرالين» مستمرة بعد فشل مساعي التهدئة  ومخاوف من انتقالها من القمة... الى القاعدة!      

«حرب الجنرالين» مستمرة بعد فشل مساعي التهدئة ومخاوف من انتقالها من القمة... الى القاعدة!    

aoun-kahwaji السعادة التي تغمر المرشحين الرئاسيين <الجديين> منهم و<الطارئين> تكاد لا توصف هذه الأيام وهم يتابعون وقائع <المواجهات> القائمة بين منافسين اثنين جدّيين، هم: رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وذلك لأنهم يعتقدون بأن ما يحصل بين <الجنرالين> سيؤدي حتماً الى استبعادهما عن الجلسة الرئاسية بفعل <الفيتو> المتبادل الذي سيضعه كل من <العمادين> على بعضهما البعض خصوصاً عندما يحين أوان <التسوية> التي يُفترض أن تحمل رئيساً توافقياً الى قصر بعبدا. وإذا كان خصوم <الجنرالين> يتابعون بـ<شغف> ما يجري بين الرابية واليرزة هذه الأيام، فإن منهم من <يتبرع> من خلال صداقاته و<امتداداته> الإقليمية بصب الزيت على النار من خلال تسريب روايات ومواقف منسوبة الى هذا أو ذاك من <الجنرالين> بهدف <تسعير> الخلافات وقطع الطريق أمام مصالحة يسعى البعض الى تحقيقها بين القائد الحالي للجيش والقائد الأسبق، لاسيما وأنهما من أبناء مؤسسة واحدة شعارها <التضحية والشرف والوفاء>. إلا أن ما يقصّر عنه <خصوم القائدين> الذين جمعتهم أهداف واحدة هي <إزاحة> العماد عون والعماد قهوجي من الاستحقاق الرئاسي، تتكفل به مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت خلال الأسبوعين الماضيين <فورة> تعليقات وصور ومواقف تجاوزت المألوف والمعقول، وصولاً الى حد التجريح واستعمال العبارات النابية التي تؤذي الرجلين معاً وما يمثلانه وطنياً وسياسياً وإنسانياً... ومؤسساتياً.

وإذا كانت بعض الممارسات التي يقوم بها <غيارى> على هذا <الجنرال> أو ذاك، لاسيما عبر نشر صور على مواقع <الفايسبوك> و<الانستغرام> و<تويتر>، أو إلصاق صور في الشوارع والجسور ورفع أخرى في الساحات العامة والمناطق السكنية والسياحية مرفقة بشعارات استفزازية زادت في رفع منسوب الاحتقان بين اليرزة والرابية، فإن ثمة قناعة لدى الساعين الى رأب الصدع، بأن في مقدور العماد عون والعماد قهوجي، كل من موقعه، أن يضعا حداً لهؤلاء <الغيارى> ومنعهم من استثمار الخلاف السياسي القائم بين الرجلين من أجل خدمة أهداف تسيء الى كليهما معاً، لاسيما وان ما يسمعه زوار الرابية يلتقي مع ما يتردد أمام زوار اليرزة بأن لا خلافات شخصية بين <الجنرالين> بل احترام متبادل، وإن كان الخلاف له أبعاد سياسية وطموحات رئاسية وتباين في أسلوب العمل، خصوصاً وأن <المواجهة> واقعة بين اثنين قادا المؤسسة العسكرية في ظروف مختلفة في مكان، ومماثلة في مكان آخر.

 

من الترحيب الى القطيعة...

وفي هذا السياق، يتحدث <سعاة الخير> عن ان حظوظ إعلان <هدنة> بين <القائدين> لا تزال ضعيفة بل تكاد تكون شبه معدومة. إلا أن ذلك لن يمنع هؤلاء <الخيرين> من مواصلة سعيهم منطلقين من كلام سمعوه خلال تنقلهم بين الرابية واليرزة وخلاصته توحي بأن ثمة من يصب الزيت على النار في الشق الشخصي من الخلاف، فيما الأسباب الحقيقية للنفور القائم بين الرجلين هي سياسية معطوفة على بعض الممارسات التي يمكن تفاديها ومنع حصولها لئلا تتسع الهوّة.

ويقول هؤلاء السعاة، ومنهم وزير ونائب سابق، ان العلاقات بين العماد عون والعماد قهوجي كانت جيدة الى درجة أن رئيس التيار الوطني الحر كان قد أيد تعيين قهوجي قائداً للجيش وزاره في اليرزة متضامناً في أكثر من مناسبة وتداول معه مراراً في مسائل كثيرة تخص الجيش. إلا أن الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال سليمان لم يكن <مرتاحاً> الى العلاقة بين الرابية واليرزة وعمل مع فريق من معاونيه على إحداث تباعد بين الرجلين، ثم اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي وحصلت أحداث عبرا وما تلاهما فبدأت الأمور تضطرب بين <العمادين> لاسيما بعد بروز اسم العماد قهوجي كأحد المرشحين المحتملين للرئاسة، وتزامن ذلك مع إجراءات اتخذها قائد الجيش داخل المؤسسة العسكرية لم تنزل برداً وسلاماً على العماد عون، إضافة الى <ممارسات> قام بها مقربون من العماد قهوجي أزعجت العماد عون، فصارت تتراكم السلبيات معطوفة على <نشاطات> قام بها العماد قهوجي مع سياسيين ونافذين أقلقت الرابية التي بدأت تتحدث عن <تنازلات> يقدمها قهوجي تسهّل وصوله الى قصر بعبدا. الى أن حصلت أحداث عرسال ثم خطف العسكريين، وما قيل عن إشكالات ميدانية حصلت بين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز وقائد الجيش <عززتها> تعليقات على مواقع قريبة جداً من العماد قهوجي على <فايسبوك>، كما وصلت الى الرابية أصداء <غير إيجابية> بحق العماد عون كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فتوالت ردود الفعل من هنا وهناك وراح الخلاف يتسع ومعه ردود الفعل السلبية، في وقت عمد كثيرون الى إشعال فتيل الخلافات الى أن كانت الزيارة التي قام بها العماد قهوجي الى المستشفى لعيادة العماد عون بعد الكسر في كتفه والتي كان <سعاة الخير> يأملون أن تساهم في تبريد الأجواء وتعيد المياه الى مجاريها. غير أن مفعول الزيارة لمستشفى سرحال في الرابية لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما تجدد الخلاف وعادت <المناوشات> التي زادها بعض <المتضررين> حدةً> فصدرت عن الرابية مواقف وردود فعل تطورت تباعاً الى أن كانت المواجهة في ملف التعيينات التي أوصلت الى <موقعة السرايا> قبل أسابيع، ثم الى <إياك يا جان قهوجي أن تضع الجيش في مواجهة شبابنا>... وكل المعطيات تشير الى أن منسوب <غضب> العماد عون لن يتراجع في وقت قريب، لاسيما بعدما جدد التأكيد على أن وضع قائد الجيش غير قانوني وغير شرعي.. ثم كانت صور غداء لحفد و<البرانيط> معطوفة على وليمة فادي اندراوس وقالب الكاتو وزجاجة <الشامبانيا> التي حاول البعض تبرير فتحها من قبل العماد قهوجي، فكان <التفسير> أكثر أذية من الحدث بحد ذاته!

قهوجي: لست <فشة خلق> الجنرال

 

وإذا كانت الحملات المعلنة من الرابية على قائد الجيش تتم بالإعلام ويتولاها العماد عون شخصياً مع عدد من الوزراء والنواب، فإن المشهد يبدو مختلفاً في اليرزة، حيث يقول <سعاة الخير> إن قائد الجيش لم يرد مباشرة على الكلام الذي يطاوله شخصياً ومهنياً ولا سخّر يوماً مديريات الجيش (المخابرات أو التوجيه) لتوجيه انتقادات مباشرة الى العماد عون أو التيار الذي يرأسه، وأنه بالتالي غير مسؤول عما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي حتى ولو صدرت عن نجله تعليقات يقول قهوجي انه لم يكن على علم بها.

أكثر من ذلك - يضيف <السعاة> - يستغرب العماد قهوجي موقف العماد عون منه، وهو الذي سعى منذ وصوله الى قيادة الجيش ليكون على وفاق معه و<استوعب> الضباط المقربين من عون وصادق الكثيرين منهم وفي مقدمهم العميد شامل روكز. ويضيف هؤلاء أن العماد قهوجي آثر عدم الرد على ما كان يصله من كلام من الرابية حتى قبل أحداث عرسال، وما كان يُقال عن عمولات هبة الـ3 مليارات دولار التي قدمتها السعودية لتمويل شراء أسلحة من فرنسا، إضافة الى <انتقادات> ممنهجة حول أداء القائد وغيرها من الملاحظات <القاسية>. وواظب قهوجي على عدم الرد المباشر على العماد عون، لاسيما في الإعلام من دون أن يتغاضى عن التوضيح من حين الى آخر أمام زواره من أنه لن يقبل أن يكون <مكسر عصا> و<فشة خلق> العماد عون كلما أراد أن يستنفر شبابه للنزول الى الشارع، لاسيما وان <مشكلته ليست معي> - يقول الجنرال - بل مع القوى السياسية التي تختار هي من سيكون رئيس الجمهورية، واعتمدت التمديد لتعذر الاتفاق على أسماء القادة الأمنيين الجدد. وفيما يؤكد العماد قهوجي انه يقوم بواجبه على رأس المؤسسة العسكرية وسيستمر في ذلك طالما هو في موقعه، يضيف متسائلاً: <هل صدفة أن العماد عون يعارض قادة الجيش ويهاجمهم، سواء العماد إميل لحود (قبل أن يصبح رئيساً) أوالعماد ميشال سليمان، والآن جاء دوري (...) لست أنا من يمنع وصول الحنرال عون الى قصر بعبدا، وقلت مرارً انه إذا انتخب رئيساً سأؤدي له التحية وأضع نفسي بتصرفه وفقاً للأصول، ولست أنا من يمنع وصوله الى سدة الرئاسة>.

وينقل <سعاة الخير> عن العماد قهوجي تأكيده بأن لا خلافات شخصية مع العماد عون، وهو يكنّ له كل تقدير واحترام ومودة، إلا أنه في المقابل، لن يلغي مهمة الجيش في المحافظة على الأمن والاستقرار، وكذلك حماية التظاهرات والتحركات السلمية، وأي تحرك يخرج عن الإطار السلمي ومحاولة قطع الطرق وإزالة الأسلاك الشائكة، فسيلقى الرد المناسب من الجيش الذي سيبقى - رغم حملات التجييش ضده - الحامي الأول للسلم الأهلي وللحريات بما في ذلك حرية التظاهر. ويسجل <سعاة الخير> أنفسهم تقدير العماد قهوجي لقائد فوج المغاوير العميد شامل روكز والعلاقة المميزة التي تجمعه به ويؤكدون في هذا السياق أن صلة القربى بين العميد روكز والعماد عون (صهره) لن تكون سبباً لأي خلاف بين  قائد الجيش وقائد فوج المغاوير الذي التقاه على غداء في أحد مطاعم الوسط التجاري للرد على المصطادين في الماء العكر، وحضر عدد من الضباط الغداء <العائلي> بين قائد الجيش وضباط يعملون تحت إمرته وتقصّد أن يكون في مكان عام لقطع الطريق على محاولات يقوم بها مناصرون للتيار الوطني الحر، لزرع الخلاف بين قهوجي وروكز.

kahwaji

المواجهة.. من القمة الى القاعدة؟!

والسؤال المطروح بقوة: الى متى تستمر المواجهة بين الرابية واليرزة، وهل من فرصة للساعين الى <مصالحة> ولو محدودة بين <القائدين؟>.

في الرابية، الجواب معروف، والمطلوب <تصحيح< الخطايا التي ارتكبها وزير الدفاع بتمديد تسريح الضباط الثلاثة: العماد قهوجي، رئيس الأركان اللواء وليد سلمان، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، فتستقيم إذ ذاك الأمور، لاسيما إذا أبقي الجيش بعيداً عن <شباب التيار> في تحركهم المتوقع إذا لم تنجح <التسويات> المعروضة سواء أكانت شاملة أو معدلة أو جزئية. أما في اليرزة فلا يمكن للعماد قهوجي أن يفصل بين <الهجوم> الذي يستهدفه وبين الجيش الذي يقوده، وهو أبلغ زواره أنه والجيش واحد و<أي هجوم عليّ هو هجوم واستهداف لكل عسكري وضابط>، ولا ثقة  في اليرزة بما يقال في الرابية بأن ما يفعله <الجنرال> عون يحمي الجيش وضباطه وعناصره ويبقي الجميع تحت سقف القانون!

ما يخشاه كثيرون أن تؤدي <المواجهة> بين <الجنرالين> الى صراع ينتقل من القمة الى القاعدة، ولكل من <الجنرالين> قاعدته داخل المؤسسة العسكرية... وخارجها!