بقلم علي الحسيني
[caption id="attachment_85249" align="alignleft" width="444"] الجولان المكان الأصعب والأكثر تعقيداً.[/caption]حتّى الساعة، لا قرار مواجهة بين اسرائيل وحزب الله، فكل التصعيدات السابقة بين الطرفين، صبّت جميعها في إطار التدابير والاحتياطات اللازمة التي عادة ما تلجأ اليها الأطراف المُهددة في حال شعورها بالخطر، والخطر هنا معطوف على وعد "الحزب" بالانتقام لمقتل احد عناصره في سوريا بغارة كانت شنتها طائرات إسرائيلية منذ فترة على موقع تابع للحرس الثوري الإيراني وحلفائه. وهنا يبرز السؤال الأبرز: في حال حصول حرب او معركة، على أي مسرح ستكون، في لبنان ام في سوريا؟
الجبهة هادئة.. ولكن
منذ اندلاع شرارة الحرب في سوريا في العام 2011 مع انتشار رقعة تمدّد ما كان يُسمّى بـ"الربيع العربي" قبل "شيطنته" وتحويله إلى خريف دموي، ولبنان خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي بالمعنى المُباشر وذلك نتيجة أسباب وعوامل عدّة، أبرزها غياب الإحتكاك المُباشر مع حزب الله الذي وجّه في تلك المرحلة فوهة مدفعيته نحو الحدود اللبنانية - السوريّة للدفاع عن الوجود الشيعي في المناطق الحدودية وعن المقدسات في لبنان وسوريا. ودائماً بحسب منطق حزب الله وتبريراته حول دخول هذه الحرب.
إذا ما استثنينا بعض الإحتكاكات التي تحصل بين الحين والآخر بين "الحزب" واسرائيل في المناطق الحدودية والتجاوزات التي ترتكبها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية، يُمكن وصف الحالة القائمة اليوم بين الجهتين بأنها الأكثر هدوءاً منذ سنوات طويلة، حتّى إن البعض في الداخل والخارج، يصف المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، على أنها الأكثر أماناً واستقراراً نسبة مع ما يجري في بقية البلدان وتحديداً القريبة مثل سوريا والعراق وفلسطين المحتلة.
انتقال المعركة الى سوريا!
[caption id="attachment_85252" align="alignleft" width="444"] حزب الله في سوريا.[/caption]كل ما تقدّم، يجعلنا نلمس أن التهديدات التي تخرج بين الحين والآخر عن طرفيّ الصراع اسرائيل وحزب الله بالإضافة إلى الاستنفارات وما يُصاحبها من مناورات عسكريّة، ليست سوى عمليات مُجرّد جسّ نبض يتم اللجوء اليها عند استشعار أي طرف بالخطر. وهنا يتبيّن أن الحقيقة عكس ما يُشيعه الطرفين حول أجواء الحرب أو اقترابها أو التحضير لها، لأنها فعلاً قائمة اليوم، ولكن في الداخل السوري وليس في لبنان، والدليل، الاستهدافات اليومية التي تقوم بها إسرائيل ضد مواقع تعود للحزب و"الحرس الثوري الإيراني" وحلفائه، حتّى ولو أدت هذه الاستهدافات ذات يوم إلى إجبار حزب الله على الرد إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية على غرار ما حدث منذ فترة غير بعيدة. اللعبة إذا انتقلت اليوم من الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية إلى الداخل السوري ونقل معها الطرفان جزءاً كبيراً من جهودهما العسكرية والأمنية إلى تلك المساحة الواسعة. من هنا تكشف مصادر مطلّعة على أجواء التحضيرات التي تتم وراء الكواليس أن "الجميع بات مقتنعاً كل الاقتناع بأن ساحة الحرب اليوم هي سوريا التي تُعتبر المفصل الأساس في المنطقة لكل من المحورين الأميركي والإيراني صاحبا مشروعين متطابقين يرمي إلى السيطرة وتوسيع النفوذ في الشرق الأوسط.
العودة الى المسرح السوري
وتشير المصادر نفسها إلى أن "القيود التي كانت فرضتها إسرائيل على عملياتها في سوريا بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية "إيل-20" منذ نحو عامين قد انتهت، وما نراه منذ فترة طويلة أن إسرائيل قد عادت إلى العمل ضد المشروع العسكري ضد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الداخل السوري. وعلى الرغم من نقل الحلف الإيراني جزء من الترسانة العسكرية إلى مناطق لبنانية حدودية، إلّا أن المعركة المنتظرة في حال حصلت، فستكون على الأراضي السورية حتماً".
[caption id="attachment_85246" align="alignleft" width="445"] "الحرس الثوري" الإيراني.. قوة إيران الأولى.[/caption]وتكشف المصادر نفسها عن "إعادة تموضع لـ"الحرس الثوري" وحزب الله ولواء "فاطميون"، في العديد من المناطق السورية التي سبق أن قلّص فيها هذا المحور حركة وجوده بنسبة عالية، لافتة إلى أن أبرز هذه المناطق ستكون في الجنوب السوري وتحديداً عند طول الحدود مع الجولان ويترافق هذا التموضع مع مشاركة فاعلة لـ"الفرقة الرابعة" التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، وذلك تحسّباً لأي تفاهمات دولية جديدة قد تكون على حساب الوجود الإيراني في سوريا".
حذر بين النظام السوري وإيران
وإذ تؤكد المصادر متانة العلاقة التي تجمع ماهر الأسد بـ "لحرس الثوري" وحزب الله والدعم الكبير الذي تتلقّاه فرقته من إيران، تلفت في المقابل إلى أن العلاقة بين ايران وحزب الله مع الرئيس السوري بشار الأسد جيدة جداً لكن يسودها حذر مستجد في ظل معلومات تؤكد وجود مفاوضات جانبية تتعلق بمستقبل سوريا يخوضها الأسد منذ فترة مع الروس والأميركيين.
وتختم المصادر قولها، إن الحرب إن وقعت في سوريا لا يعني أن لبنان سيكون بمنأى عنها بشكل كلّي فقد يلجأ الإسرائيلي إلى ضرب مواقع ومراكز مهمة تابعة لحزب الله وسيضرب في الوقت عينه بعض البنى التحتية من أجل تقليب الرأي العام اللبناني على "الحزب"، لكن هذه الاستهدافات ستبقى في إطار الرد على ما سيجري في الداخل السوري خصوصاً في حال شعرت إسرائيل بخطر وجودي يتهدد كيانها إنطلاقاً من الحدود التي تجمعها بسوريا.
خربطة في العلاقات.. وإسرائيل المستفيد الأكبر
[caption id="attachment_85251" align="alignleft" width="500"] الصراع بين حزب الله وإسرائيل.. الى أين؟[/caption]منذ فترة وجيزة، أدلى الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "عاموس يادلين"، وهو يترأس حالياً معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، بتصريح غير مألوف، وذلك قبل ساعات من الضربات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، حيث قال: بالرغم من أن الروس غاضبون ويعاملوننا ببرودة، إلا أنهم، كما اعتقد، وجهوا رسائل قوية إلى إيران مفادها أن تموضعها العسكري وبناء منشآتها الصاروخية في سوريا يضران بالجهود الرامية إلى استقرار سوريا.. الروس لا يرغبون بسوريا غير مستقرة.
وتابع المسؤول الاستخباراتي السابق: لقد قلصت إسرائيل وتيرة غاراتها على سوريا حتى نقطة الصفر تقريباً، وأعتقد أن ذلك لم يحدث لأننا لا نريد تنفيذ الضربات، بل لأن الإيرانيين غيروا تكتيكاتهم وينقلون كل شيء إلى لبنان. وفي السياق، أكدت صحيفة "هآرتس" أن مسؤولين إسرائيليين قلقون من تطورات الأحداث في لبنان، لا سيما في ظل مصالح موسكو المتزايدة في المنطقة، بعد منحها "مظلة" حامية لسوريا بتصدير منظومات "إس-300" الصاروخية لجيشها.
ورجحت الصحيفة أن حزب الله لا يسعى إلى الحرب مع إسرائيل الآن، لكن تطوير قدراته الهجومية إبان الأزمة السورية وعودة بعض عناصره إلى لبنان يقلق وزارة الدفاع الإسرائيلية. وخلصت الصحيفة الاسرائيلية بالقول: يبدو أن المعركة قد انتقلت فعلاً من لبنان إلى سوريا، فالمشهد هناك صعب ومعقد، ويزداد صعوبة في ظل المناخ السياسي الجديد الذي بدأ يفرض نفسه على الواقع الميداني خصوصاً بعد تسريبات صحافية حول اللقاء الذي جمع ممثلين عن النظام السوري واسرائيل والبحث في موضوع السلام في الشرق الأوسط وإعادة إحياء بعض الإتفاقيات بين سوريا واسرائيل.