تفاصيل الخبر

حــــــرب عـالـمـيـــــة مـقـنّعــــــــة؟  

10/09/2015
حــــــرب عـالـمـيـــــة مـقـنّعــــــــة؟   

حــــــرب عـالـمـيـــــة مـقـنّعــــــــة؟  

SAM_5208بقلم سعيد غريب

الواقع الدولي في العقدين الأول والثاني من الالفية الثالثة، يشبه الى حدٍ بعيد الواقع الدولي في العقدين الأول والثاني من الالفية الثانية، من حيث النزاعات السياسية والاقتصادية.

والواقع الدولي، بل واقع الصراعات أثبت ولا يزال يثبت أن <الصغير> إذا لعب دوره أو بقي حجراً في أيدي اللاعبين، قد يشكّل خطراً لا على الصغار فحسب، بل على الكبار أيضاً، وأحياناً كثيرة قد يصبح الصغير الذي لا يلعب دوره خطراً يستعمله كبير ضد كبير...

والواقع الدولي يتعامل مع الكبار والصغار كما يشتركون هم في تكوينه وجعله واقعاً دولياً.

وقد تأتي الويلات في النهاية على الكبار والصغار.

إن الواقع الدولي في بداية القرن العشرين، أنتج حربين عالميتين حصدت الثانية وحدها خمسة وخمسين مليون ضحية.

والواقع الدولي في بداية القرن الحادي والعشرين أنتج حرباً عالمية ثالثة مقنّعة استنزافية، وخلّفت حتى الآن ملايين القتلى، وتهجيراً يشبه القتل تجاوز الخمسة والخمسين مليوناً، وتشهد التكاليف الهائلة للحروب على الفشل في حل الصراعات أو منعها بحيث أضحى السلام يعاني من عجز قلّ نظيره...

وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين في جميع أنحاء العالم تجاوز حتى العام 2013 خمسين مليون شخص للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية...

وكما كانت ألمانيا في الحربين الكونيتين هي المسألة، فها هي ألمانيا في الالفية الثالثة مختلفة عن ألمانيا بسمارك و<غليوم> و<هتلر>، هي ألمانيا الإنسانية الدامعة من عيني <أنجيلا ميركل> على مأساة نازحين ومشردين من أرضهم وتاريخهم وذكرياتهم.

ألمانيا هذه، الفاتحة ذراعيها لاحتضان أكبر لجوء مقارنة مع غالبية الدول المتقدمة.

هل سينفجر العالم؟

كان سيحصل لولا الرادع النووي، وممكن أن يحصل رغم هذا الرادع، إذا استمر التدفق واختلطت الأعراق والثقافات وساد برج بابل.

وإذا عدنا الى محطتنا اللبنانية، لأيقنا ربما أكثر من غيرنا من شعوب المنطقة، أن التهجير الذي لحق باللبنانيين في خلال الحرب على لبنان وفيه، تسبب بمشاكل كبيرة وأحقاد كثيرة بين أهل البلد الواحد، فكم بالحري بين شعوب دول مختلفة؟!

وإذا أخذنا عيّنة من هذا التهجير الذي يعاني أهله من تداعياته حتى يومنا هذا، فسوف نلاحظ أن أهالي الجبل لما هجّروا واختلطوا مع أهالي الساحل، وأهالي الشمال مع أهالي البقاع والجنوب، والعكس بالعكس، وسكنوا في المنطقة عينها، والحي عينه، والبناية عينها، انفجروا بوجه بعضهم البعض.

لماذا انفجر أهل البلد الواحد؟

بكل بساطة، لأن ثقافة هذه المنطقة مختلفة عن تلك، وكذلك العادات والعقلية، والتقاليد، واللهجة وطريقة الحياة.

تلك، كانت النتيجة الحتمية للهجرة الداخلية التي نتج عنها إضافة الى ما تقدم، فقر بفعل مغادرة الأرض وترك الرزق، وخوف من العودة بفعل التجربة المرّة، وهجرة الى بلاد الله طلباً للرزق والحياة الكريمة.

إن العالم اليوم، ولا سيما الغربي منه، مدعو للتغلب على خلافاته وإيجاد حلول للنزاعات الحالية في سوريا والعراق واليمن وجنوب السودان وشمال أفريقيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وغيرها، كما جاء في تقرير الأمم المتحدة.

ويجب على الجهات المانحة غير التقليدية، العمل جنباً الى جنب مع الجهات المانحة التقليدية، ولا سيما أن أكبر تجمعات اللاجئين تحت رعاية الأمم المتحدة وحسب البلد هم الأفغان والسوريون والصوماليون ويمثلون معاً أكثر من نصف مجموع اللاجئين في العالم، علماً أن باكستان وإيران ولبنان استضافت من اللاجئين والنازحين أكثر من بلدان أخرى.

من هنا تكمن خطورة المراحل المقبلة من الربع الأول من الالفية الثالثة، وليس ما يجري في هذا العالم، والورم الذي بلغ ذروته سوى إنذار قد يكون الأخير قبل الانفجار الكبير، انفجار قد يبدأ في أوروبا ولا ينتهي في القارة الأميركية.

إن التاريخ يبدو أنه يعيد نفسه وانه يعلمنا أيضاً، كما كان يردد الفيلسوف الألماني <Emmanuel Kant> إننا لم نتعلم منه شيئاً.