تفاصيل الخبر

حراك فرنسي ــ بريطاني ــ أميركي يدخل على الخط فهل يسرّع ”تدويل الأزمة“ الحل... أم يؤخره؟!

28/11/2019
حراك فرنسي ــ بريطاني ــ أميركي يدخل على الخط  فهل يسرّع ”تدويل الأزمة“ الحل... أم يؤخره؟!

حراك فرنسي ــ بريطاني ــ أميركي يدخل على الخط فهل يسرّع ”تدويل الأزمة“ الحل... أم يؤخره؟!

 

... في اليوم الأربعين لـ<الحراك الشعبي> أو ما يعرف بـ<ثورة 17 تشرين>، لم يعد الاهتمام به محصوراً بالداخل اللبناني فحسب، بل أصبح <مدوّلاً> بعدما دخلت دول عدة على خط التطورات اللبنانية السياسية منها والأمنية بعد غياب عن الساحة اللبنانية امتد شهراً منذ بداية <الثورة> في 17 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وبرز هذا الاهتمام من خلال التحرك الفرنسي الذي قاده مدير دائرة الشرق الأوسط وافريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية <كريستوف فارنو>، وتبعه المدير العام للشؤون الخارجية البريطانية <ريتشارد مور>، في وقت كانت فيه الرسائل الأميركية ترد من ما وراء البحار تارة بصوت السفير الأميركي السابق في بيروت <جيفري فيلتمان>، وطوراً من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط السفير <دايفيد هيل>... وصولاً الى مجلس الأمن الدولي الذي تطرق الى الأحداث اللبنانية الداخلية في معرض إحاطته بآخر التطورات على صعيد قرار المجلس الرقم 1701، فكانت الدعوة الى الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات في لبنان، وطلب أعضاء مجلس الأمن من جميع الأطراف الفاعلة إجراء حوار وطني مكثف والحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات عن طريق تجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي، ونوهت دول المجلس بدور القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الأمنية في الدولة <للدفاع عن هذا الحق>، كما أكدت على <أهمية أن تتشكل في وقت سريع حكومة جديدة قادرة على الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد ضمن الإطار الدستوري>.

وإذا كان مجلس الأمن وصل الى هذه النتيجة وبإجماع أعضائه، فإن زيارات الموفدين البريطاني والفرنسي، وضعت إطاراً شبه موحّد للمدى الذي يمكن أن يتخذه الاهتمام الدولي بالأحداث اللبنانية، ذلك ان النقاط المشتركة التي عكسها الموفدون ركزت على الآتي:

ــ أولاً: دعم لبنان والوقوف الى جانبه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه كي يخرج من المحنة الراهنة بسلام وطمأنينة.

ــ ثانياً: ضرورة تشكيل حكومة جديدة تنفذ الاصلاحات التي أقرتها الحكومة السابقة، والخطة الاقتصادية الموضوعة، بهدف استعادة الثقة الدولية وتطبيق مندرجات مؤتمر <سيدر> ومفاعيله.

ــ ثالثاً: ضرورة التجاوب مع مطالب المواطنين الذين يتظاهرون ويعتصمون في الشوارع والساحات وتوفير الأمن الضروري لهم كي يستمروا في تحركهم السلمي.

ــ رابعاً: أن تكون الحكومة العتيدة <متوازنة> تراعى فيها الأصول الدستورية من جهة، ومطالب المتظاهرين في ما خص مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين من أي مستوى كانوا.

 

اهتمام دولي متدرج!

وترى مصادر ديبلوماسية ان الاهتمام الدولي تدرج من زيارات الموفد الفرنسي ومن بعده الموفد البريطاني، واجتماع عقد في باريس وضم ممثلين عن وزارات الخارجية في كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، واعتبر اجتماعاً تمهيدياً لاجتماع موسع سوف يعقد في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل حيث يتوقع أن تكون هناك خطة عملية من الدول الثلاث لمعالجة الوضع الراهن في لبنان على مختلف المستويات. في المقابل، ترى مصادر متابعة ان التحرك الثلاثي الفرنسي ــ البريطاني ــ الأميركي دخل على خط الوضع اللبناني بعدما شعرت الدول الأوروبية ان المواقف الأميركية التي صدرت تعليقاً على الأحداث اللبنانية تؤشر الى دخول أميركي منفرد على خط الأحداث اللبنانية، في مقابل الحضور الروسي الواضح الذي برز من خلال سلسلة تصريحات أطلقها وزير الخارجية الروسية <سيرغي لافروف> ومساعده لشؤون الشرق الأوسط <ميخائيل بوغدانوف> اعتبرت تدخلاً روسيا في الشؤون الداخلية اللبنانية.

وفي تقدير هذه المصادر ان التحرك الأوروبي الذي ضم إليه الدور الأميركي، نتج عن خوف المجتمع الأوروبي من أي فوضى أو انهيار مالي في لبنان، لا حباً فيه وانما خوفاً من قوافل النازحين السوريين التي سوف تطرق أبواب أوروبا مجدداً، وهذا السبب كان كافياً للحماسة الأوروبية التي سعت الى أن تتوافر لها مواكبة أميركية ولو كانت بعيدة. لكن للادارة الأميركية قراءة أخرى للأحداث اللبنانية كشف عنها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط <دايفيد شنكر> خلال وجوده في اسرائيل قبل أسبوعين. وفي المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> ان <شنكر> قرأ في <التحرك الشعبي> الذي توسع خلال الأسابيع الماضية <انتفاضة> لبنانية تساعد على زيادة الضغط على حزب الله من خلال المطالبة بنزع سلاحه، وهو المطلب الجديد ــ القديم. لكن بعد هذا التوجه ــ وفق المعلومات نفسها ــ الذي دفع إليه الجانب الاسرائيلي بقوة، جاء من يلفت المسؤول الأميركي الى ان الحراك اللبناني طرح مطالب اقتصادية واجتماعية واصلاحية وحكومة تعمل على تحقيق هذه المطالب، من دون أن يتطرق المتظاهرون والمعتصمون الى موضوع حزب الله وسلاحه... وبالتالي من الأفضل للحراك ألا يتطرق الى هذا الموضوع لأنه سيجعل طرفاً لبنانياً في مواجهة طرف آخر، ما يمهّد لقيام فتنة داخلية لا تريد الدول الأوروبية أن تتكرر مآسيها في لبنان لأن الماضي ليس ببعيد وهو شهد مواجهات ذات طابع طائفي وضعت لبنان قبل سنوات على حافة الانهيار قبل أن ينعقد مؤتمر الطائف وينهي الحرب الأهلية.

ضغوط لتشكيل الحكومة!

وثمة من يرى ان التحرك الدولي الذي تجدد بقوة يهدف، مباشرة أو مداورة، للضغط على المسؤولين اللبنانيين للإسراع في تشكيل الحكومة لأن الأطراف الدولية لم تجد أي مبرر للتأخير في التشكيل، والأسباب التي أعطيت للتباطؤ في إجراء الاستشارات النيابية لم تقنع الدول التي دخلت على خط الأزمة اللبنانية. لكن الضغوط لتشكيل الحكومة لم تلق آذاناً صاغية الأمر الذي دفع بعض الدول، ومن بينها بريطانيا، الى القول إن الملف الحكومي، هو شأن داخلي لن تدخل الدول الأوروبية في تفاصيله لاسيما وان لا مؤشرات توحي بأن الضغط الخارجي ستكون له تداعيات على مواقف السياسيين اللبنانيين الذين أظهروا <عناداً> في التجاوب مع الدعوات الدولية للاسراع في تشكيل الحكومة العتيدة، وظلت المواقف على حالها ما أبقى الأزمة الحكومية تدور في حلقة مفرغة. فالرئيس سعد الحريري يتمسك بتشكيل حكومة مؤلفة من وزراء تكنوقراط، تقابله مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و<التيار الوطني الحر> و<الثنائي الشيعي> وتيار <المردة>، الداعية الى تشكيل حكومة تكنوسياسية تضم عدداً قليلاً من الوزراء السياسيين، وعدداً أكبر من التكنوقراط من أجل توفير حصانة سياسية تحمي الحكومة الجديدة أمام مجلس النواب، لاسيما وأنها ستكون مدعوة الى اتخاذ اجراءات وُصفت بـ<الموجعة> لإعادة عجلة الاقتصاد الوطني الى الدوران، ووقف التدهور الحاصل فيه.

وخلال الأسبوع الماضي، كانت الأزمة الحكومية تراوح بين رفض الرئيس الحريري تعديل موقفه، وبين طرح أسماء لسياسيين يمكن أن يخلفوا الرئيس الحريري في السرايا. ومن بين الأسماء التي طرحت واستبعدت الوزير السابق محمد الصفدي والسفير السابق نواف سلام والسيد جواد عدرا (الذي كان طرح ممثلاً عن اللقاء التشاوري في الحكومة المستقيلة) والنائب سمير الجسر والسيد وليد علم الدين والنائب فؤاد مخزومي، واللائحة قد تطول في الآتي من الأيام إذا لم تتوافق الأطراف على اسم يخلف الرئيس الحريري وبموافقته، أو إذا لم يعدل الحريري بموقفه ويقبل بحكومة تكنوسياسية جرى الترويج لها مع بداية الأسبوع، على أن تتألف من 4 وزراء سياسيين و20وزيراً تكنوقراطياً إذا كانت الوزارة من 24 وزيراً.أما إذا كان الخيار لحكومة من 18 وزيراً يجري خفض الأعداد للتناسب مع التوزيع الطائفي القائم على التوازن.

وفي هذا السياق، كانت المعلومات أشارت الى ضغوط مورست على الرئيس الحريري ركزت لإقناعه بالقبول بالصيغة المشار إليها آنفاً. إلا ان الرئيس الحريري حسم أمر ترؤسه للحكومة وأصدر يوم الثلاثاء بياناً أعلن فيه انه غير مرشح لرئاسة الحكومة العتيدة وانه سيحدد موقفه في الاستشارات النيابية الملزمة التي أصدر قصر بعبدا معلومات عن اجرائها هذا الأسبوع، في وقت كانت فيه مصادر المعلومات تتداول اسم السيد سمير الخطيب نائب رئيس مؤسسة الخطيب وعلمي كأحد أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة بعد توافر معطيات عن موافقة الرئيس نبيه بري على الاسم، وكذلك <التيار الوطني الحر>. وبرز أيضاً اسم النائب فؤاد مخزومي في انتظار أن تقرر الكتل موقفها النهائي.

وأبدت مصادر متابعة تخوفاً من أن يكون طرح اسم الخطيب مقدمة ليكون مصيره مثل مصير اسم الوزير السابق محمد الصفدي وكذلك اسم الوزير السابق بهيج طبارة الذي اعتذر هو أيضاً عن الترشح للمنصب الثالث في المؤسسات الدستورية في الدولة. وفي رأي المصادر نفسها ان المسألة الحكومية ستحسم قبل نهاية الأسبوع، على الأقل في ما خص التكليف. أما التأليف... فعلى الله الاتكال!