تفاصيل الخبر

حراك فرنسي - أُممي لإحداث ”ثغرة رئاسية“ قبل الصيف، ومهمّة أميركية لإنجاز الاستحقاق أقصاها مطلع الخريف!  

13/05/2016
حراك فرنسي - أُممي لإحداث ”ثغرة رئاسية“ قبل الصيف،  ومهمّة أميركية لإنجاز الاستحقاق أقصاها مطلع الخريف!   

حراك فرنسي - أُممي لإحداث ”ثغرة رئاسية“ قبل الصيف، ومهمّة أميركية لإنجاز الاستحقاق أقصاها مطلع الخريف!  

hariri-rai---1 الاهتمام المحلي الاستثنائي بملف الانتخابات البلدية والاختيارية الذي طغى على ما عداه من الاهتمامات، لم يحجب في الواقع المتابعة اليومية التي تكثفت في الأسبوعين الماضيين للاستحقاق الرئاسي الذي عاد الى الواجهة من جديد بعدما كان قد انحسر لأشهر خلت، وهذه العودة التي حرّكتها زيارة الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> للبنان قبل أسابيع، جعلت الأوساط السياسية تراقب سلسلة مؤشرات تدل على أن الملف الرئاسي لم يطوَ الى إشعار آخر كما تحدّثت مصادر سياسية لبنانية وخارجية قبل مدة، وبالتالي فإن <الحراك> الرئاسي لا يزال قائماً، يرتفع منسوبه حيناً ويتراجع أحياناً ليعود ويبرز من جديد.

آخر المعطيات المتوافرة حول هذا الحراك تشير الى أن ثمة محاولات <جدية> لإحداث خرق في الجدار الرئاسي الصلب في مهلة أقصاها أواخر الصيف المقبل أو أوائل الخريف، علماً أن رغبة القائمين بهذا الحراك تكمن في تحقيق <إنجاز> مؤثر قبل منتصف الصيف المقبل، وبعد الانتهاء من الانتخابات البلدية والاختيارية التي يعتبرها القائمون بهذا الحراك فرصة سياسية مهمة لرصد <قدرات> الأحزاب والكتل السياسية، لاسيما تلك المؤثرة في الاستحقاق الرئاسي.

وتتحدّث مصادر مطلعة عن أن التعاون قائم بين الإدارة الرئاسية الفرنسية والأمم المتحدة التي أوكل أمينها العام <بان كي مون> الى ممثلته الشخصية في لبنان <سيغريد كاغ> مهمة التنسيق مع الفرنسيين الذين يتحركون في اتجاهين: الأول نحو السعودية من خلال العلاقات المتينة القائمة بين باريس والرياض، لاسيما بعد الانفتاح السعودي على أوروبا، والثاني نحو إيران التي أبدت رغبة في التعاون و<تسهيل> المهمة الفرنسية - الدولية ضمن الثوابت التي تعلنها دائماً في مقاربتها للملف الرئاسي اللبناني.

 

زيارة <ايرولت> وتحرّك <كاغ>

وتأمل الديبلوماسية الفرنسية والأممية على حدّ سواء، أن تتبلور صورة أولية لنتائج الحراك قبل زيارة وزير الخارجية الفرنسي <جان - مارك ايرولت> لبيروت في نهاية شهر أيار/ مايو الجاري، الأمر الذي سرّع في تنقّل السيدة <كاغ> من عاصمة الى أخرى، إضافة الى لقاءات ظلت بعيدة عن الأضواء مع قيادات لبنانية معنية بالاستحقاق الرئاسي الذي سيكون من ضمن ما jean-marc---3اصطلح على تسميته بـ<السلة> التي تتضمن النقاط الخلافية التي يُفترض أن يتم الاتفاق على الحلول المناسبة لها. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة على <خارطة طريق> الحراك الفرنسي - الأممي المستمر منذ أسابيع، أن الانطباع الذي تكوّن لدى العاملين على خط الاتصالات، كان مشجعاً، وأن فترة الفراغ في الموقع الأول في الدولة اللبنانية سوف تتقلص تدريجياً بحيث يكون الصيف المقبل موعداً لوضع الحلول <على النار> كي تنضج مع مطلع الخريف، إذا لم تطرأ عوامل تؤدي الى عرقلة <الاندفاع> الذي تُبديه فرنسا والأمانة العامة للأمم المتحدة.

وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> عن أن واشنطن التي أُحيطت علماً بالتحرّك الفرنسي - الأممي والأسس التي يقوم عليها، أبدت استعداداً للمساعدة شرط ألا تطول المهلة الزمنية لهذا الحراك وألا تتجاوز نهاية الصيف المقبل، لاسيما وأن الإدارة الأميركية الحالية راغبة في تحقيق إنجاز ما في لبنان قبل نهاية ولاية الرئيس <باراك أوباما> و<غرق> الديبلوماسية الأميركية في المعركة الرئاسية الأميركية التي يُفترض أن تبلغ أوجها مع نهاية الصيف وبداية الخريف. لذلك بدت المهلة التي أعطتها واشنطن لكل من باريس ونيويورك وكأنها الأخيرة قبل أن تتولى الإدارة الأميركية الملف اللبناني برمته وتحدّد مسار الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات وفق ما ترى انه <لمصلحة لبنان والاستقرار الأمني والاقتصادي فيه>.

وقد أشارت المصادر نفسها الى أن مسار الأحداث في سوريا يشير الى أن تطبيق الحل السياسي قد يتأخر، وبالتالي فإن التحرك الخارجي بدأ يركّز على ضرورة عدم انتظار انتهاء الأزمة السورية للولوج الى الحلول للأوضاع الراهنة في لبنان، وهذا ما يفسر <تضافر> جهود كل من باريس ونيويورك والفاتيكان بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية وبمتابعة روسية، لإخراج الملف اللبناني من الثلاجة ووضعه على طاولة الحل انطلاقاً من أن التوافق الذي برز بين اللبنانيين لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، يمكن التأسيس عليه للبحث في مسائل أخرى  عالقة من خلال وضع سلسلة مشاريع حلول تتم مناقشتها تباعاً للوصول الى الصيغة المقبولة من الجميع. وقد سلّم المجتمع الدولي - استناداً الى المصادر نفسها - باستحالة توافق اللبنانيين وحدهم على الرئيس العتيد، كما كان يأمل أركان المجتمع الدولي، لذلك لا بدّ من المساعدة وهو ما يندرج تحت عنوان الحراك الفرنسي - الأممي الذي برز في الآونة الأخيرة بمبادرات مختلفة. وقد وصل العاملون في الحراك الخارجي الى قناعة بأن الأوضاع في لبنان لم تعد بالمناعة ذاتها التي كانت عليها في السابق، خصوصاً من الناحيتين الاقتصادية والمالية، في وقت يتأرجح فيه الوضع الأمني من حين الى آخر، فيما الوضع السياسي في أسفل الدرك، ما يعني استطراداً ضرورة التحرك لإعطائه جرعات من الدعم تواكب <المظلة> الدولية التي تساعد في تثبيت الاستقرار الأمني الذي توفره القوات المسلحة وفي مقدمها الجيش.

 

<نصائح> دولية وجهوزية لبنانية

 

من هنا، تضيف المصادر نفسها، توالت <النصائح> بعدم إضاعة المزيد من الوقت والاستفادة من <الحماسة> الدولية للمساعدة في تمرير انتخاب الرئيس العتيد قبل الوصول الى الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستؤدي - مهما كانت نتائجها - الى دخول الإدارة الحالية في مدار التسليم لإدارة جديدة تحتاج الى ستة أشهر على الأقل كي تصبح جاهزة للمشاركة في صنع القرارات الخارجية بالتنسيق مع الدول المعنية، علماً أن الغليان الذي تعيشه بلدان الشرق الأوسط على العموم، والجوار اللبناني على الخصوص، سيجعل الإدارة الأميركية الجديدة تعيد النظر في أولويات اهتماماتها.

إلا أن السؤال الذي يشغل الأوساط الديبلوماسية يبقى حول مدى <جهوزية> القيادات اللبنانية لمواكبة هذا الحراك المتجدد وحجم التجاوب مع متطلباته. وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر متابعة أن القسم الأكبر من القيادات السياسية اللبنانية تفهم أبعاد <النصائح> التي تتوالى من الزوار الأجانب الذين يتوافدون الى لبنان تباعاً، وقد أبدت هذه القيادات رغبة في التعاون الى أقصى الحدود، في حين لا تزال قيادات أخرى ترصد أبعاد الحراك الفرنسي - الأممي وتجمع حوله sigrid-kaag---2المعلومات المناسبة لتحدد موقفها النهائي منه. لكن هذه القيادات <المتريثة> تلتقي على إدراك أهمية التجاوب مع هذا الحراك، وهو ما لمسته السفيرة <كاغ> من خلال لقاءاتها، فيما يؤكد السفير الفرنسي <إيمانويل بون> الذي يحضّر زيارة وزير خارجيته بأن المؤشرات <إيجابية> وإن لم تكن حاسمة بعد. وتشير المصادر الى سلسلة اللقاءات التي عقدت خلال الأسبوعين الماضيين بين قيادات لبنانية تحت عنوان الاستحقاق البلدي، إلا أنها في الواقع تطرقت الى التحرك الخارجي وقيمته وفق المعطيات المتوافرة لديها. ويأتي في مقدمة هذه اللقاءات الزيارات التي قام بها الرئيس سعد الحريري لعدد من المرجعيات الروحية وفي مقدمها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، واستقباله رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في <بيت الوسط>، وغيرها من اللقاءات التي بقي بعضها بعيداً عن الأضواء. وتعلق المصادر نفسها أهمية على <المواكبة> اللبنانية للتحرّك الفرنسي - الأممي، لاسيما وانه ليس ببعيد عن اتصالات تجري مع السعودية وإيران وموسكو وواشنطن والفاتيكان.

وفي معلومات <الأفكار>، أن البحث يتناول، ليس فقط <مواصفات> الرئيس العتيد ولا عناوين <السلة> وردود الفعل عليها، بل كذلك اسم الرئيس من ضمن مروحة من الأسماء يتم التداول بها، لكنها لن تتقدم على المرشحين الثابتين الاثنين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، لاسيما وان أي بحث في اسم ثالث يوصف بـ<التوافقي> يحتاج الى <مباركة> وتأييد من عون وفرنجية على حدّ سواء. كما أن الانتقال من مرحلة <المرشحين القويين> الى مرحلة البدائل، لن يكون قصير الأمد أو ربما سهلاً، ما يعرّض المبادرة الفرنسية - الأممية لخطر تجاوز المهلة المحدّدة لها أميركياً. وفي هذا السياق، تدعو المصادر المتابعة الى الاستمرار في <رصد> اللقاءات التي ستسبق وصول الوزير الفرنسي <جان - مارك ايرولت> الى بيروت، لأنها قد تحمل أجوبة عن كثير من الأسئلة المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي قبل الدخول في تفاصيل <السلة>، حيث درجت العادة أن يقيم <الشيطان> في التفاصيل!

وما يعزز الحركة الجدية الفرنسية لإنتاج رئيس جديد للبنان لقاء في قصر <الإليزيه> مع نهاية هذا الشهر مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفي مطلع حزيران/ يونيو المقبل مع وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف، ولا بد أن تسفر هذه اللقاءات عن فجوة نور في النفق الرئاسي اللبناني!