تفاصيل الخبر

حراك الخارج لن يحدث خرقاً في الجدار الرئاسي قريباً، ومواقف الداخل تسقط عبارة  «التنازل» من التداول!  

05/02/2016
حراك الخارج لن يحدث خرقاً في الجدار الرئاسي قريباً، ومواقف الداخل تسقط عبارة  «التنازل» من التداول!  

حراك الخارج لن يحدث خرقاً في الجدار الرئاسي قريباً، ومواقف الداخل تسقط عبارة  «التنازل» من التداول!  

 

hassan-rouhani-pope-francis-meetingلم يكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وحيداً في قوله بأنه لا يرى انتخابات رئاسية قريبة، ذلك أن المعطيات التي تكوّنت من التحركات التي حصلت خارج لبنان الأسبوع الماضي، ولاسيما لقاءات الرئيس الإيراني حسن روحاني في روما والفاتيكان وباريس، والمواقف التي صدرت في الداخل وأبرزها تجديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دعم الحزب لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في الانتخابات الرئاسية، طالما هو مرشح، كل هذه المعطيات صبّت في اتجاه واحد يستبعد تصاعد الدخان الأبيض من ساحة النجمة، وينبئ بـ<تمديد> الانتظار من دون أفق محدد على رغم تكاثر الحديث عن <فرج قريب> قبل فصل الصيف، وهو أمر لا توافق عليه مراجع سياسية معنية إذ ترى أن الشغور الرئاسي قد <يصيّف> إذا ما استمرّت المواقف على ما هي عليه، ولم تطرأ مستجدات تفرض حلولاً قسرية على الجميع.

وفيما تعيّد الطائفة المارونية لعيد شفيعها القديس مار مارون من دون أن يكون ممثل الموارنة قد حلّ في قصر بعبدا، بدا أن الصلوات التي رُفعت سواء في لبنان أو الفاتيكان، لم تحقق بعد <أعجوبة> انتخاب الرئيس العتيد، على رغم أن المعلومات التي وردت من الفاتيكان عن لقاء البابا <فرنسيس> مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أشارت الى أن الكرسي الرسولي مصرّ على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لأنه يعتبر أن الاستمرار في الشغور يشكّل خطراً ليس على المسيحيين في لبنان والشرق فقط، إنما على المنطقة كلها التي قد تفقد المعقل الأخير للتعايش بين الأديان، إضافة الى أن الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة الممتدة من لبنان الى الهند... وتضيف المعلومات نفسها أن المسؤولين في الدوائر الفاتيكانية لم يبلغوا البطريرك الراعي دعمهم لأي من المرشحين الذين تتردد أسماؤهم في وسائل الإعلام، بل كل ما يهمهم أن يكون الرئيس العتيد قادراً على التفاعل مع مكوّنات المجتمع اللبناني كي يتمكن من تحصين الوحدة الداخلية و<الفرادة> في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين. ولم يخفِ هؤلاء المسؤولين <ارتياحهم> للاتفاق الذي تم بين العماد عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، لأن التفاهم بين القيادات المسيحية أولوية لدى الفاتيكان ويعتبره المدخل لتفاهم واسع بين اللبنانيين.

 

الفاتيكان لن يتدخل والقرار للبنانيين

 

وفي هذا السياق، أكدت مصادر روحية لـ<الأفكار> أن الكرسي الرسولي يتمنى اتفاق اللبنانيين بسرعة على انتخاب رئيسهم، لكنه - أي الكرسي الرسولي ليس في وارد تفضيل مرشح على آخر، أو الإيحاء بدعم هذا المرشح او ذاك، وهو يقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين بدليل أن الدوائر البابوية ترفض تحديد مواعيد لأي من المرشحين أو موفدين عنهم، وإذا حصل والتقى أحد هؤلاء بأسقف أو كاهن من الفاتيكان فلا يعني ذلك أن الكرسي الرسولي يميل الى هذا الشخص أو ذاك. وأشارت المصادر نفسها الى أن هذه المسألة <محسومة> ولا مجال لأي اجتهاد حولها، وهذا ما أكده موفودون للفاتيكان جالوا بعيداً عن الأضواء، على مرجعيات اقليمية ودولية لحثها على تذليل العقبات أمام انتخاب الرئيس اللبناني من دون أن يودع هؤلاء الموفدين مستقبليهم أي اسم لمرشح. وثمة من يعتقد في الفاتيكان - وفق المصادر نفسها - أن الكرسي الرسولي <قام بواجبه وأكثر> عندما خصص البابا <فرنسيس> حيزاً من لقاءاته مع عدد من قادة الدول خلال الأشهر الماضية للطلب منهم <مساعدة اللبنانيين> ليتمكنوا من انتخاب رئيسهم، وأن هذا الطلب يتكرر الى حد بات من النقاط الدائمة في مواضيع البحث بين الأب الأقدس وزواره أو مضيفيه من قادة العالم، ولن يغيب هذا البند من الأجندة البابوية إلا عندما يُنتخب الرئيس العتيد. ونفت المصادر نفسها أن يكون في نية البابا إرسال موفد عنه الى لبنان لتحريك عجلة الاستحقاق الرئاسي، لان القادة الموارنة خصوصاً يعرفون موقف الكرسي الرسولي، وقد سمعه بوضوح البطريرك الراعي الذي قيل له أيضاً إن ما يتردد في بيروت من أن أحد الكرادلة يتحرك بطلب من رجل أعمال لبناني له صفة ديبلوماسية في الفاتيكان لمصلحة مرشح معين، لا ينطبق على الواقع ولا يعكس رأي الكرسي الرسولي، على أن الكاردينال المذكور سوف يتقاعد قريباً وأي دور يقوم به إنما يعبّر فيه عن موقف شخصي لا يُلزم الفاتيكان مطلقاً.

أما في الحراك الذي تمثل بزيارات الرئيس الإيراني حسن روحاني الى روما والفاتيكان وباريس، فإن التقارير التي وردت الى مرجعيات رسمية وسياسية أجمعت على التأكيد بأن المحادثات التي أُجريت مع الرئيس الايراني ومعاونيه ركزت في الشق اللبناني منها - وقد كانت  محدودة جداً - على ضرورة استمرار الاستقرار  الأمني والسياسي في لبنان، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ولم يطلب الإيطاليون أو الفرنسيون والفاتيكانيون أي أمر محدد من الشيخ روحاني باستثناء <المساعدة> في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وقد تم ذلك بصيغة <التمني> خصوصاً في باريس التي ركز المسؤولون فيها على الشق الاقتصادي في المحادثات مع روحاني بعد العقود التي أُبرمت في مجال الطيران وصناعة السيارات وغيرها، والتي فاقت قيمتها 18 مليار يورو تعهد الجانب الايراني بالسير بها خلال السنوات المقبلة. وفي هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية ان الجانب الايراني حرص خلال المحادثات التي أجراها الشيخ روحاني، سواء في روما أو في باريس، على التركيز بأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني هو إنجاز لبناني داخلي بامتياز، وأن من يقرر فيه هو الشعب اللبناني، وأي دور لإيران سيقتصر على <تشجيع> الحلفاء على التوافق في ما بينهم لإحياء المؤسسات الدستورية، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية. واشارت المصادر نفسها الى أن الجانب الفرنسي أدرك منذ أن طُرح البند اللبناني على طاولة المحادثات أن لا مجال للحصول على أي التزام ايراني حاسم باستثناء ما قاله الرئيس الايراني عن أن بلاده ليست مع استمرار الفراغ الرئاسي وهي تتطلع الى <تفاهم لبناني> ينهي هذا الوضع <الشاذ>. واللافت، حسب المصادر الديبلوماسية أن الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> الذي أكد قبل زيارة روحاني لباريس أن الملف اللبناني سيُعطى الأولوية، لم يكن خلال المحادثات وجهاً لوجه مع روحاني <متحمساً> لانتزاع أي موقف من ضيفه يمكن أن يعتبره الرئيس الفرنسي <إنجازاً> يُضاف الى ما حققه من <إنجازات> مالية واقتصادية من عودة التقارب الفرنسي - الإيراني بعد رفع العقوبات عن إيران.

وأشارت المصادر الديبلوماسية نفسها الى أن الفريق الذي رافق الرئيس الإيراني في زيارته لباريس (وهو نفسه في زيارته لروما) لم يكن يضم أياً من الديبلوماسيين الإيرانيين الذين يعملون على الملف اللبناني، ما جعل الجانب الفرنسي <يفرمل> اندفاعه في التركيز على الاستحقاق الرئاسي اللبناني، خصوصاً أن وزير الخارجية الفرنسية <لوران فابيوس> تلقى قبيل وصول روحاني الى العاصمة الفرنسية تقريراً عاجلاً من السفير الفرنسي في روما ابلغه فيه أن الجواب الإيراني حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني لا يزال نفسه، وهو أن هذا الملف يُبحث في لبنان مع حلفاء إيران وفي مقدمهم حزب الله، مع <الاستعداد> الايراني الدائم <للمساعدة> ضمن حدود <التمنيات> وليس أكثر. وفيما سرّبت مصادر في باريس أن الوزير <فابيوس> طرح على نظيره محمد جواد ظريف اسم النائب سليمان فرنجية كمرشح رئاسي مُعلن، أكدت مصادر معنية لـ<الأفكار> أن اسم رئيس تيار <المردة> ورد في سياق الحديث عن المرشحين المطروحين للرئاسة ومن بينهم أيضاً العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، ولم يصدر عن الوزير ظريف أي موقف يوحي بأن بلاده مع هذا المرشح أو ذاك.

واعتبرت المصادر نفسها أن الجانب الفرنسي الذي أولى شق التعاون الاقتصادي مع ايران أولوية في محادثاته مع الوفد الإيراني، بدأ يميل الى الاهتمام بالشأن الداخلي خصوصاً أن فرنسا ستدخل مرحلة الانتخابات الرئاسية، ما يجعل التركيز أكثر على ما يريح الفرنسيين لتصب خياراتهم لمصلحة هذا الحزب أو ذاك، إضافة الى أن الوزير <فابيوس> الذي يمسك بالملف اللبناني مثل الملفات الدولية الاخرى، سيتسلم رئاسة المجلس الدستوري بعد التعديل الوزاري المرتقب في منتصف الشهر الجاري.

نصر الله <يريح> عون ولا يتخلى عن فرنجية!

 

وإذا كان الحراك في الخارج لم يحمل جديداً حاسماً للملف الرئاسي اللبناني، ما يعني ان إنجاز هذا الاستحقاق لن يكون قريباً، فإن المواقف التي صدرت في الداخل خلال الأسبوع الماضي، تركت انطباعاً مماثلاً لدى الأوساط السياسية والديبلوماسية على حد سواء، وكان أبرزها موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أتى بعد سلسلة علامات استفهام طُرحت حول حقيقة موقف الحزب من ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية خصوصاً بعد إعلان رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع تبني ترشيح العماد عون للرئاسة. وأتت مواقف السيد نصر الله ليل الجمعة الماضي لتضع حداً لـ<الاجتهادات> التي ترددت وإن كانت تركت أيضاً المجال مفتوحاً لتحليلات غرقت بها وسائل الإعلام والصالونات السياسية وستبقى كذلك أسابيع إضافية.

ورأت مصادر سياسية متابعة من خلال <المرافعة الدفاعية - الاتهامية> التي قدمها السيد نصر الله ان التركيز هو على رفض تحميل حزب الله مسؤولية إطالة الفراغ الرئاسي، وتجديد التأكيد على أن مرشح الحزب هو العماد عون، طالما أنه مستمر في الترشيح، وإذا ما قرر التنحي فإن المسألة ستصبح خاضعة للدرس، وإن كان السيد نصر الله حسم أن الرئيس العتيد سيكون من 8 آذار، ما يعني ان النائب فرنجية هو البديل من عون، وهو الخيار الثاني لحزب الله خصوصاً و8 آذار عموماً. لكن الجديد الذي ركز عليه <السيد> في إطلالته الإعلامية عبر محطة <المنار> كان إعلانه بأنه ليس في وارد <الضغط> على أي من حلفائه، ولاسيما الرئيس نبيه بري، لإجبارهم على السير بخيار رئاسي محدد، وهو ردّ بذلك على الحملات التي ازدادت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي دعت السيد نصر الله الى استخدام نفوذه لتأمين انتخاب العماد عون، وهو ما ألمح إليه ايضاً رئيس القوات اللبنانية عندما اعتبر أن الكرة باتت بعد <إعلان معراب> في ملعب الحزب لتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وإذا كان السيد نصر الله دعا الى الاعتياد على <مدرسة جديدة> في السياسة اللبنانية يمتزج فيها السياسي بالأخلاقي والعاطفي والشخصي، بحيث يصبح <الالتزام> مع الحلفاء ليس مناورة ظرفية أو سياسية، وفق نهج الكثيرين من أهل السياسة والأحزاب في لبنان، بل <التزام> يتسم بالثبات والود والصدقية والمحبة والوفاء. وقد أكد أن نواب حزب الله لن يحضروا أي جلسة انتخابية لا يكون فيها فوز <الجنرال> بالرئاسة مضموناً،  ما يعني - وفق المصادر السياسية المتابعة - أن جلسة 8 شباط/ فبراير الجاري لن تشهد اكتمال النصاب القانوني (أي غالبية الثلثين) ما يعني أن الاستحقاق سيبقى معلقاً الى حين توافر <ضمانات> بفوز العماد عون بالرئاسة، طالما أنه مستمر في الترشيح.

ولفتت الأوساط الى أنه في مقابل الوقوف حتى النهاية الى جانب عون، طمأن السيد نصر الله تيار <المستقبل> وغيره من قوى 14 آذار، بأنه حذف في المرحلة الراهنة من قاموسه كل عبارات <المؤتمر التأسيسي> و<تعديل اتفاق الطائف> و<الإصلاحات الدستورية>، وأطاح بمعادلة <السلة المتكاملة> التي كان طرحها في الخريف الماضي، طالما أنه بات من المحسوم أن يكون الرئيس العتيد من 8 آذار وليس كما رُوج سابقاً أن يكون <وسطياً>، علماً أن <السيد> قطع الطريق في كلامه أمام أي مرشح رئاسي من 14 آذار، وأي حديث عن <خيار وسطي>. وتوقف المراقبون عند الود الذي أظهره السيد نصر الله للنائب فرنجية الذي وصفه بـ<الصديق والحليف ونور العين>، من دون أن ينسى تسجيل عتب غير مُعلن على ذهابه بعيداً في <المفاوضات> التي أجراها مع الرئيس الحريري في باريس، لكن <السيد> نفى في المقابل أن يكون فرنجية قدم <تنازلات> على النحو الذي أوردته وسائل الإعلام بعد <لقاء باريس>.

واعتبرت الأوساط السياسية المتابعة أن السيد نصر الله <وازن> في التطمينات التي أطلقها في كلمته بين العماد عون الذي استمرّ في دعمه (حتى ولو على قطع رقابنا) والنائب فرنجية الذي جعله الخيار الثاني بعد عون وإن لم يقل ذلك بوضوح، وهذه المواقف <أراحت> عون وفرنجية معاً، وإن كان ثمة من اعتبر في الرابية أن إعلان السيد أنه ليس في وارد الضغط على أي من حلفائه لدفعه في اتجاه خيار رئاسي محدد، سيعطي النائب فرنجية حجة إضافية لاستمراره في الترشح على أساس أن الرئيس نبيه بري يدعمه، ما يجعل أصوات النواب الشيعة تنقسم بينه وبين عون وترجح إذذاك فوزه هو لأنها تشكل <بيضة القبان> في التصويت من جهة، وتعطيه <ميثاقية> من جهة أخرى، إذ هو يحظى بدعم <المستقبل> (السنّة) وحركة <أمل> (الشيعة) والحزب التقدمي الاشتراكي (الدروز) والكتائب والمستقلين المسيحيين، إضافة الى أصوات كتلته النيابية. ولعل هذه <العملية الحسابية> وغيرها أيضاً ما جعل النائب فرنجية يسارع بعد دقائق من انتهاء السيد نصر الله من كلمته المتلفزة الى <التغريد> عبر <تويتر>: <سيد الكل... السيد نصر الله>! وقد أرفق فرنجية هذه <التغريدة> بسلسلة مواقف أبلغها لزواره وعكست <ارتياحاً كبيراً> لديه من مواقف <السيد>، لكنه أكد في المقابل على أنه ماضٍ في المعركة الرئاسية <فلو أن انسحابي يضمن فوز عون بالرئاسة سأنسحب فوراً، وسأفعل متى قرر الحريري أن يدعم <الجنرال>، أما إذا سحبت ترشيحي الآن فلن يؤدي ذلك الى انتخاب عون لأن 14 آذار قد تذهب حينذاك في اتجاه طرح أسماء أخرى من خارج 8 آذار>. ويعتبر فرنجية أنه إذا كانت حظوظه الرئاسية <متأرجحة>، إلا أن الأكيد أن حظوظ العماد عون معدومة في ظل الأوضاع الراهنة.

في المقابل، <ارتاح> العماد عون هو أيضاً لما أعلنه السيد نصر الله معتبراً أن <حليفه حتى قيام الساعة> أعاد تأكيد المؤكد إلا لمن لا يريد أن يسمع أو يفهم، وقد نقل زوار الرابية عن <الجنرال> قوله بأن عامل الوقت له أهميته، وان الكثير من المواقف ستتبدل في الداخل والخارج، لكنه لفت الى أن الصورة ستتضح خلال أشهر قليلة، خصوصاً أن مواقف السيد نصر الله الاخيرة كانت امتداداً لمواقف ثابتة سابقة تؤكد على أن حزب الله يتعاطى مع الملف الرئاسي من منطلق انه ليس استحقاقاً سياسياً عابراً يمكن مقاربته بالطرق العادية، بل هو جزء من معركة مواجهة كاملة يندرج تحتها السعي الى تسوية سياسية تاريخية تؤسس لمرحلة طويلة من الاستقرار السياسي في لبنان، خلافاً لما حصل في الدوحة عام 2008 وفي ما قبل من خلال <الاتفاق الرباعي> في العام 2005.

ونقلت مصادر سياسية معنية أن العماد عون غير قلق من إعلان <السيد> أنه ليس في وارد الضغط على حلفائه للسير بخيار معين، وذلك لأن حزب الله ما اعتاد فرض رأيه على حلفائه، لكنه يوضح لهم الأبعاد الاستراتيجية لأي خيار يتخذه <السيد> - وأهمها خيار ترشيح العماد عون - ويبرز الأسباب التي دفعته الى هذا الخيار، ما يجعل الحلفاء أمام مسؤولية التناغم مع الاستراتيجية التي يراها السيد نصر الله مفيدة وضرورية في المرحلة الراهنة، أو عدم التجاوب معها مع ما يعني ذلك من مقاربات لطبيعة علاقة الحزب مع الحلفاء في المستقبل، لاسيما وأن الخط الأحمر هو دائماً عدم المساس بالمقاومة وبدورها وبقدراتها السياسية والعسكرية على مواجهة العدو، خصوصاً أن ثمة معادلة واضحة أن إضعاف المقاومة سياسياً يماثل إضعافها عسكرياً... ما يجعل الخيارات محدودة جداً.

في أي حال، تتوقع المصادر المتابعة أن تجعل مواقف السيد نصر الله والقيادات السياسية الأخرى، واستمرار كل من العماد عون والنائب فرنجية على موقفيهما كمرشحين رئاسيين، إضافة الى عدم إنتاج جديد عن الحراك الخارجي الإقليمي والدولي، الاستحقاق الرئاسي اللبناني في دائرة الجمود، فيم المماحكات السياسية <ممسوكة> وتحت السقف، ولبنان الى مزيد من الضياع و<الانتظار القاتل> على حد تعبير مرجعية سياسية باتت تتخوف من الآتي من الأيام.