تفاصيل الخبر

«هولاند » عند العرب الآن في موقع الرديف للرئيس الأميركي «باراك أوباما »!

07/05/2015
«هولاند » عند العرب الآن في موقع الرديف  للرئيس الأميركي «باراك أوباما »!

«هولاند » عند العرب الآن في موقع الرديف للرئيس الأميركي «باراك أوباما »!

بلقم وليد عوض 

hollande-salman الماضي هو عين المستقبل. منه نستسقي مواقف الرجال، ونقيس عليها مواقف رجال اليوم، حتى بات زعماء الأمس يحكموننا من قبورهم. وبشارة الخوري ورياض الصلح وإميل اده، وعبد الحميد كرامي ورشيد كرامي ورفيق الحريري مقاسات ومقامات نهتدي بها كلما كنا أمام موقف من التعقيد بمكان. وقد اشتهر أمين عام مجلس الوزراء الرئيس ناظم عكاري بأنه ذاكرة لبنان، فإذا استعصى على مجلس الوزراء منال، ولم يهتد أي وزير الى حيلة لعبور الموقف الصعب إلتفت الرئيس شارل حلو الى ناظم عكاري وسأله: ماذا تقول في هذا الموقف يا ناظم بك؟!

   كان ناظم عكاري يستعيد الماضي ويقول: مثل هذا الموقف واجهه الرئيس بشارة الخوري وحله بالطريقة الآتية..

   والطريقة الآتية تصبح قراراً في مجلس الوزراء.

   وكان الماضي حاضراً مع الزعيم وليد جنبلاط يوم الاثنين الماضي وهو يتلو شهادته أمام المحكمة الدولية في <لاهاي>، ويصحح بعض المفاهيم العالقة خطأ في الأذهان، ومن ذلك القرار الدولي رقم 1559. وقال جنبلاط: لقد خيل للرئيس السوري بشار الأسد ان القرار قد صيغ داخل دارة الرئيس رفيق الحريري في سردينيا من أنامله، وأنامل النائب مروان حمادة والوزير السابق غسان سلامة، وما كان لأي من الثلاثة في هذا القرار المناهض لسوريا والمقاومة يد أو قلم!

   وهذا الافتراء على الحقيقة تسبب في محاولة اغتيال النائب مروان حمادة في تشرين الأول (أكتوبر) 2004 أمام منزله في رأس بيروت، وإن دل الأمر على شيء فعلى ان المخابرات السورية كانت أحياناً عشوائية كالذي يحطب في ليل.

   وخلاصة الشهادة التي أدلى بها وليد جنبلاط، وشهادات سابقة لمروان حمادة، وعبد اللطيف الشماع، وغطاس خوري، وعاطف مجدلاني، أمام القضاة <دايفيد راي> و<غرايم كاميرون> ووليد العاكوم، تصب في هدف واحد هو طلب إحالة النظام السوري الى المحكمة الجنائية الدولية، في الآتي من الأيام. فقد كان هذا النظام في قفص اتهام محكمة <لاهاي>، وإن غيابياً!

   وإضاءة عين الماضي تصل الى الإدارة الأميركية والرئيس <باراك أوباما> الذي يتهيأ للاحتفال مع آخر حزيران (يونيو) المقبل، بإنجاز الاتفاق النووي مع إيران، وجعل هذا الاتفاق الانجاز الأكبر في عهده، بعدما ظلت إيران في عهد <جورج دابليو بوش> رأس الشر والمعاصي. وهذا الاتفاق الذي يعطي الشرعية الدولية لإيران يجعل الشك يلعب في الصدر الخليجي. فحتى الآن لا تزال الولايات المتحدة الحليف العالمي لدول الخليج، وإن كانت تحصر المساعدات العسكرية لهذه الدول والدول العربية اجمالاً، ومنها لبنان، بالأسلحة الدفاعية دون أن تتعداها الى الأسلحة الهجومية، وذلك لضمان أمن اسرائيل التي هي الولد المدلل عند <أوباما>، حتى لو ذر الخلاف قرنه بينه وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي <بنيامين نتانياهو> الذي أعاد الأربعاء أمس الأول تشكيل حكومة بأكثرية ضئيلة بعدما رفض وزير الخارجية السابق <أفيغدور ليبرمان> رئيس حزب <اسرائيل بيتنا> أن ينضم الى حكومة <نتانياهو> الجديدة.

أموال إيران بعد الاتفاق!

 

   وإنجاز الاتفاق النووي مع إيران سيجعل للولايات المتحدة حليفين: اسرائيل والدولة الإيرانية. فعودة الأموال الإيرانية المحتجزة دولياً بمقدار مئات مليارات الدولارات، تتيح لها أن توسع نفوذها في المنطقة، وتسترسل في التدخل بشؤون الدول المجاورة، وتكوين محور أساسي فيها، يتناغم مع المحور الأميركي، والتبصر بهذا المستقبل السياسي الآتي يجعل دول الخليج تشكك في النيات الأميركية لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي، وبتوسيع الدور الإيراني بغطاء أميركي تفرضه وحدة المصالح. وهذا التشكيك هو الذي فتح الباب الخليجي واسعاً أمام الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> الذي لن ينتهي حكمه قبل ربيع 2017، في حين أن <أوباما> سيسلم مفاتيح البيت الأبيض لساكن جديد في خريف hollande-tamim2016.

   وشخصية <هولاند> تدعو الى الثقة، لأنه لا يلعب على حبال السياسة، ولا يمارس موقفاً ظاهراً، وموقفاً تحت الطاولة، مثلما يفعل <أوباما>، بل يقول: <هذه فرنسا بكل مصالحها، ومصالحها معكم أيها العرب>. والدليل كان هناك في العاصمة القطرية الدوحة، حيث شهد <هولاند> توقيع صفقة 24 طائرة <رافال> فرنسية بقيمة ستة مليارات و300 مليون دولار، والاتفاق على طائرات أخرى من الطراز نفسه، وفي ذلك دعم للاقتصاد الفرنسي ولصناعة الطائرات الفرنسية.

   وكانت مناسبة للرئيس الفرنسي ليعرب عن سعادته بوجود ثقة قطرية بالطائرات الفرنسية والفرانكوفونية والتعليم باللغة الفرنسية، بدءاً من افتتاحه المبنى الثالث لمدرسة <فولتير> الفرنسية ــ القطرية، وقوله بعد لقاء الأمير تميم بن حمد آل ثاني: <إننا نقف مع حلفائنا وشركائنا كلما دعت الحاجة الى ذلك>، واعتبر دعوته الى المشاركة في قمة خليجية على أرض الرياض علامة صداقة ودليل ثقة في فرنسا وصدقيتها..

   وفي تلك القمة الخليجية إلتقى <هولاند> للمرة الثانية بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري، أي ان اليمن ولبنان لم يكونا غائبين عن الاهتمام الفرنسي، ولكل منهما حصته في الرعاية الفرنسية.

 

الحليف.. الرديف!

   و<هولاند> هو أول زعيم غربي يدعى الى القمة الخليجية، ويجري التعامل معه كواحد من أهل البيت، وهي رسالة موجهة بدون كلمات الى الرئيس الأميركي <باراك أوباما> ومفادها أن أهل الخليج قادرون على ايجاد حليف رديف، لا حليف بديل، لقضاياهم، وهذا الحليف الرديف، أي فرنسا، موضع ثقة في مرحلة ما بعد إنجاز الاتفاق النووي الأميركي ــ الإيراني مع آخر حزيران (يونيو) الآتي.

   فما هي المخاطر التي سيفرزها الاتفاق النووي؟!

   أول هذه المخاطر هي سكوت الولايات المتحدة تحت حكم <أوباما> عن أي تجاوزات إيرانية في المنطقة، مثل إعادة تدخلها في مملكة البحرين، واستمرار تدخلها في سوريا وحماية النظام من السقوط، وتعزيز المقاتلين الحوثيين في اليمن بالمال والسلاح، وعدم التدخل الأميركي إذا أراد الإيراني أن يسيطر على باب المندب، المنفذ البترولي على العالم.

   وهناك توجه من بعض الدول الخليجية، بعد التوقيع الأميركي على الاتفاق النووي مع إيران، الى طلب اليورانيوم وإنشاء محطات نووية سلمية لانتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر، وإغناء المختبرات الطبية بالمعدات النووية اللازمة. فهل ستكون الولايات المتحدة الى جانب هذه المطالب أم تعارضها أو تؤخر الحصول عليها؟

   فهل إيران أغلى على قلب أميركا من دول الخليج في هذا الباب؟

   السؤال تجيب عليه مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق النووي في لوزان بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة، وإيران من جهة أخرى، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً/ ويأتيك بالأخبار من لم تزود، كما يقول شعر طرفة بن العبد.

   يبقى ذلك الاجتماع الذي جمع داخل قصر المؤتمرات في الرياض بين الرئيس الفرنسي <هولاند> والرئيس سعد الحريري، وكان ثالثهما موضوع لبنان وشاغله الشاغل، وهو رئاسة الجمهورية، فلا بصيص أمل حتى الآن في أن يحصل لبنان على رئيس من الآن وحتى نهاية العام الحالي، وقبل ربيع 2016 لا تفتحوا سيرة الرئيس.

جنبلاط-لاهاي<هولاند> والحريري!

   لقد شرح <هولاند> للحريري ما سبق ان شرحه للبطريرك مار بشارة الراعي في قصر <الإليزيه> قبل أسبوع، وهو أن على اللبنانيين أن ينزعوا أشواكهم الرئاسية بأيديهم، ولا يتكلوا على الخارج، وأن البداية تكون من اجتماع يعقده البطريرك في بكري مع الزعماء المسيحيين الأربعة: أمين الجميّل، وميشال عون، وسليمان فرنجية، وسمير جعجع، ويطلب أن يختاروا رئيساً منهم، ويقفلوا الملف. وإذا تعذر ذلك ولم يحصل البطريرك الراعي على نتيجة، فإن الزعماء الأربعة يكونون قد وجهوا شراعهم الى مرشح رابع يسمى المرشح التوافقي أو الوفاقي، لا فرق، وتكون بطريركية بكركي قد أدت قسطها للعلى، وفعلت ما يتوجب عليها!

   ولا فائدة من ذكر الأسماء المرشحة لمنصب الرئيس التوافقي، خصوصاً وأن السيد حسن نصر الله صاحب الكلمة الوازنة في انتخابات الرئاسة قال للعماد ميشال عون وهو يجتمع به مؤخراً: اختر أنت القرار المناسب ونحن معك!

   والقرار المناسب هو أن يعاند العماد ميشال عون ويظل مرشحاً للرئاسة أو أن يقول: أنا منسحب!

   وعلى هذا الموقف ينسحب الآتي من الأيام!