المشروع الأخضر.. الاقتصاد الأخضر.. العالم الأخضر .. واليوم <الفكر الأخضر>. <غرين مايند> المشروع الرائد في لبنان والذي تطلق جوائزه ضمن احتفال كبير في كازينو لبنان تزامناً مع يوم الأرض في نيسان (أبريل) المقبل، سيشهد تغطية اعلامية واسعة النطاق. ما هو هذا الفكر؟ من وراءه، وما الجديد فيه حتى وصلت أصداؤه الى الأمير <البير دو موناكو> واللبناني المجلي في حقل الاقتصاد كارلوس غصن، اذ سيقومان بمداخلات مباشرة في حفله؟
ندى زعرور رئيسة حزب الخضر في لبنان، ووزير البيئة السابق ناظم الخوري، يقدمان الى <الأفكار> التفاصيل والأهمية.
وسط الألوان السياسية اللبنانية المختلفة، يفرض <الأخضر> نفسه بشكل كبير مؤخراً في لبنان. ربما شح الأمطار لهذه السنة، فضلاً عن مواضيع النفايات وجبالها ومكباتها وما حدث مؤخراً من حملة لاقفال مطمر الناعمة وقبلها مواضيع الكسارات والمرامل وغيرها جعل اللبنانيين يتحسسون أكثر وأكثر المشاكل البيئية التي تعبر عن غضب طبيعة يتناساها المسؤولون قبل المواطنين فلا يراعون شؤونها.
<الأخضر> بات اليوم ضرورة ملحة في الاقتصاد ايضاً، وهذا ما اكد عليه في منتصف هذا الشهر رئيس الاتحاد العام للغر
ف العربيّة الوزير السابق عدنان القصّار خلال افتتاح <المنتدى العربي للاقتصاد الأخضر والصيرفة الخضراء من أجل تنمية أفضل>. فقد اعتبر القصار ان <التحول إلى الاقتصاد الأخضر، بما يتلاءم وخصائص التنمية وأولوياتها للعالم العربي، أصبح ضرورة اقتصادية وبيئية ملزمة>، مؤكّداً أنّ <المفاهيم المرتبطة بالاقتصاد الأخضر لم تعد مجرد خيارات مطروحة، بل أصبحت أمراً ملزماً لنا في ضوء التراجع المشهود في الظروف البيئية التي يواجهها الاقتصاد العربي، في مقابل تنامي حاجات التنمية والسكان وحاجات توفير فرص العمل، ذلك ان هشاشة البيئة وطبيعتها الجافة وشبه الجافة تشكلان التحدي الأكبر لتأمين الموارد الطبيعية على نحو مستدام، بما في ذلك الغذاء والمياه الصالحة للشرب، اذ تقارب نسبة الأراضي الجافة وشبه الجافة 90 بالمئة من مجمل الأراضي العربية. وتتزايد وتيرة التصحر باطراد، اذ تخسر المنطقة العربية مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، مما يؤثر سلباً في واقع الأمن الغذائي المتفاقم أصلاً. ويخشى معه تفاقم هذه التحديات مع ازدياد التلوث والتغير المناخي، وخصوصاً في ظل التحذيرات التي يطلقها الخبراء حول مواجهة البلدان العربيّة أزمات كارثية في نقص المياه اعتباراً من 2015>.
اما نائب حاكم مصرف لبنان هاروتيان صاموئيليان الذي شارك ايضاً في الاحتفال، فأشار إلى أنّ <مصرف لبنان أدرك أهميّة تأمين تمويل المشاريع الصديقة للبيئة وبتكلفة منخفضة، فقام بتحفيز المصارف على منح بعض أنواع القروض بفوائد مخفضة عبر تقديم إعفاءات محددة في الاحتياط الإلزامي المفروض على المصارف. وشملت التحفيزات القروض الممنوحة لتمويل توفير مشاريع جديدة صديقة للبيئة غايتها المساهمة في المحافظة على البيئة، أو في التخفيف من الأثر البيئي السلبي أو تمويل تطوير مشاريع قديمة بحيث تصبح مشاريع صديقة للبيئة، إضافة إلى المشاريع الإنتاجية>.
من ناحيته، يرى رئيس مؤسسة <ليبان باك» فادي الجميّل أنّ <العمليات التصنيعية الخضراء لديها جذور عريقة في لبنان، ولها امتدادات عبر الصادرات اللبنانية في العالم، وصناعة الورق في لبنان تتناغم والمتطلبات البيئية وتذخر باختصاصيين شباب وهم يحاكون المستقبل بعلمهم وبالتقنيات التي يستعملونها. لكن هذه الصناعة تعاني فارق أسعار في كلفة طاقتها، مما بات يهدد استمراريتها رغم أنها تؤمّن فرص عمل لما لا يقل عن 7600 عائلة وهي تشكّل استثماراً للمستقبل>.
أما نائب رئيس جمعيّة الصناعيين زياد بكداش، فقد اشار الى أنّ <التحوّل إلى النمو الاقتصادي الأخضر المستدام يمثّل الثورة الجديدة التي ستوفّر العديد من الفرص التي ينبغي استغلالها، وذلك يعني إعادة صوغ السياسات الحكوميّة واستثماراتها ونفقاتها وتوجيهها تجاه مجموعة من القطاعات الخضراء مثل التكنولوجيا النظيفة، والصناعة الخضراء، والطاقة المتجددة والمياه، والأبنية الخضراء، والزراعة المستدامة>.
وترى المديرة العامة لـ<ليبان باك> سهى عطا الله أنّ <الاقتصاد الأخضر هو حصيلة تكافل وتضامن مختلف شرائح المجتمع، من حكومة (التشريع)، وقطاع خاص (التصنيع)، ومؤسسات ماليّة (تشجيع الاستثمارات البيئية) ومنظمات دولية (تقدّم المعونة الفنيّة) وصولاً إلى المستهلك الذي هو أقوى حليف لنمو الاقتصاد الأخضر>.
الفكر الاخضر ..
الاقتصاد الاخضر وراءه فكر هو ايضاً. ولتشجيعه اسست رئيسة <حزب الخضر> في لبنان ندى زعرور جائزة <الفكر الأخضر> تشرحها لـ<الأفكار>:
الهدف من جائزة <غرين مايند> أو <الفكر الأخضر> هو تحفيز مختلف القطاعات للتحول الى السياسة البيئية الصحيحة في تكريم منا للالتزام البيئي والانجازات التي تهدف الى حماية البيئة. هي حدث سنوي يهدف الى تشجيع أفضل الممارسات الخضراء بين المنظمات والأفراد ولتحقيق ذلك، نحن نتواصل مع مختلف هيئات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية في لبنان والدول العربية، كما ان لنا امتدادات الى شمال افريقيا للحفاظ على البيئة والحفاظ على الاستدامة فيها. جذبت الفكرة للاشتراك نحو 250 مؤسسة من مختلف البلاد والقطاعات تشمل المنظمات غير الحكومية، التعليم الأخضر، الاعلام الأخضر، الصناعة الخضراء، الفرد الأخضر، السياحة والفنادق الخضراء، المجتمع الأخضر، الابتكار الأخضر، المسؤولية الاجتماعية للشركات الخضراء وامرأة الارض الخضراء، ووصلت الى النهائيات ثمانون مؤسسة من مختلف الدول. في كل قطاع يصل ثلاثة مشتركين للنهائيات وقد أبلغوا جميعهم وسوف يعلن اسم الفائز منهم في السهرة الختامية في <كازينو لبنان> في الثاني والعشرين من نيسان/ أبريل المقبل.
وحول القطاعات الأخرى تزيد زعرور:
جائزة <المجتمع الأخضر> أساسية ايضاً فهي مفتوحة أمام الجماعات والمجتمعات التي تعمل لخلق مناطق اكثر استدامة للعيش والعمل ضمن نهج جماعي يتضمن التوفير في الطاقة، التوفير في المياه، المباني والمدن المراعية للبيئة، الحفاظ على التربة، ادارة الغابات، التحسينات في اعادة التدوير، فوائد التنوع الحيوي، التخفيف من التنوع البيئي أو الفوائد البيئية الأخرى. أما فئة <امرأة الارض الخضراء> فهي مفتوحة أمام النساء الناشطات في الحقل البيئي اللواتي حققن انجازاً أخضر في بلدهن أو منطقتهن واللواتي يدافعن عن حماية كوكب الأرض والمحافظة عليه. وفي الاستمارة بند خاص تشرح فيه السيدة الصعوبات التي واجهتها كامرأة لتنفيذ مشروعها وما القيمة التي أضافها <كونها امرأة> على انجازها.
ونسأل زعرور:
ــ علمنا ان السهرة التي ستقام مع بداية الربيع ستحمل جديداً هي ايضاً من الناحية البيئية في الالبسة والسجادة التي ستفرد للمشاركين ..
- صحيح فبدلاً من السجادة الحمراء المعروفة في الاحتفالات الكبرى والتي يسير عليها النجوم والوجوه المعروفة ستكون السجادة خضراء من مواد صديقة للبيئة، كذلك سيتوفر عدد من السيارات الصديقة للبيئة ايضاً وسيتم وضع ناقلات صغيرة بدلاً من ارتال السيارات لنقل المشاركين من الموقف الى مدرج الصالة. كذلك سيتضمن الاحتفال الذي ستنقله <المؤسسة اللبنانية للارسال> لاحقاً عرضاً لفساتين وتسريحات شعر صديقة للبيئة لاشهر المصففين الاقليميين. وتجدر الاشارة هنا الى تزايد الإقبال لحضور عروض الملابس الايكولوجية عالمياً أو التي سميت <عروض الموضة الخلاقة> أو <عروض الأزياء الخضراء>، كما في مهرجان برلين العالمي للموضة، فالوعي لهذا النوع من الملابس يتزايد. وهي لم تعد عديمة اللون وسيئة الشكل وخشنة بل لها الوان جذابة ومفصلة مصنوعة بمعظمها من القطن العضوي الممزوج بمواد أخرى كالقنب الهندي كما أنها جذابة ومريحة في آن، وأثمانها لا تختلف كثيراً عن أسعار الملابس التقليدية وهذا ما يبشّر بمستقبل واعد للملابس الايكولوجية على الرغم من انها لم تتجاوز حتى اليوم في المانيا مثلاً 3,7 بالمئة من استهلاك السوق.
<برنس البير> وكارلوس غصن
وعن التواصل مع الامير <البير دو موناكو> والسيد كارلوس غصن، أكدت زعرور ان الامير المهتم بالبيئة علم بالفكرة وشجعها جداً، واذا ما كانت الظروف الامنية ستمنعه من الحضور في السهرة، فإنه سيقوم بمداخلة مباشرة معهم، والامر عينه سيتم مع السيد كارلوس غصن، نموذج النجاح اللبناني في الخارج الذي، واذا ما تعذّر حضوره ايضاً، ستكون له مداخلة مباشرة قيمة.
اشتركت في الحصول على الجائزة مؤسسات كبيرة قامت بأنشطة لدعم القضايا البيئية المحقة والتي تؤثر على القرارات السياسية والقوانين أو لتحفيز التغيير السلوكي في الأفراد والمجتمعات. كما تقدّمت الى الجائزة جامعات بينها الجامعة الاميركية في بيروت وجامعة <البا> وغيرها وقد تقدم طلابها بمشاريع مهمة ومتقدمة على الصعيد البيئي. ومن شروط الاشتراك بالجائزة ان يكون المشروع قد نفّذ على الأرض وظهرت ايجابياته، الأمر الذي حجب للأسف، وبحسب زعرور مشاركة جامعة الروح القدس في الكسليك التي تملك مشروعاً رائعاً لم ينته العمل به بعد، يهدف الى جعل الجامعة أول جامعة بيئية في لبنان من حيث التنقلات ومختلف ما يتعلق بأمور الماء والكهرباء وغيرها.
لبنان ينقصه الكثير بعد
الوزير السابق ناظم الخوري والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، عضو لجنة التحكيم في جائزة <غرين مايند>، والتي شارك بتفاصيلها قبل أن يسلم حقيبة البيئة التي كان يتولاها الى وزير البيئة الحالي محمد المشنوق اكد لـ<الأفكار> انها خطوة مهمة على الصعيد اللبناني الذي ينقصه الكثير بعد، مثنياً على المشاريع المختلفة التي بدأ المجتمع المدني اللبناني بتحريكها بينها مثلاً مشروع المياه <بلو غولد> الذي تكمن أهميته برأيه في الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص فيه. وهو في هذا الصدد يقول ان وزارة البيئة، وفي الفترة التي تولاها، أطلقت من جانبها جائزة بيئية سنوية لتشجيع المجتمع المدني والمدارس والجامعات المختلفة على الاهتمام بالبيئة وكانت جائزة أفضل <فيديو كليب> لأفضل اعلان بيئي. وبما ان الحكم استمرارية، فإن الوزير الخوري لا يشك في ان وزير البيئة الحالي النشيط والذي يملك الخبرة والوعي البيئيين سيتابع في الخط عينه.
كما يعتقد الوزير الخوري ان أكثر ما هو ملح اليوم في مجال البيئة اللبنانية للمعالجة تبقى قضية النفايات، فضلاً عن التلوث الحاصل في الأنهار ويشير الى نهر الليطاني تحديداً، فموضوعه خطير وكانوا كوزارة بيئة قد حصلوا على تمويل بقيمة 50 مليون دولار من البنك الدولي ووضعوا خريطة طريق للانقاذ، في لجنة ضمت مختلف الوزارات المختصة، فضلاً عن مصلحة مياه الليطاني وبالتنسيق مع نواب المنطقة وتصل فائدة هذا المشروع الى عدد كبير من اللبنانيين الذين يتأثرون بنهر الليطاني وبسد القرعون.
ــ ماذا عن جوائز <الفكر الأخضر>؟
- ســــوف تمنـــــح لجنــــــة التحكيــــــم التـــــي تضم عدداً من المختصين والخبراء العرب والأجانب الفائز والوصيف الأول عن كل فئة كأساً وشهادة، فضلاً عن 5 آلاف دولار يحصل عليها فقط الفائز عن فئة المنظمات غير الحكومية. كما انه ستتم مساعدة رؤوس الأموال الاستثمارية والمستثمرين للفائزين من كل فئة، فضلاً عن ورش عمل وندوات لتعزيز مهارات العرض لدى المشاركين. وتجسّد الكأس شكل امرأة وهي ترمز الى استمرارية الجنس البشري على الأرض. فعند القاء نظرة على الكأس نشعر بالحركة الديناميكية، بدءاً من القاعدة مروراً بـ<غرين مايند> وصولاً الى اليدين المتفرعتين كالبراعم الخضراء.
وتبقى أغنية فيروز: <حليانة الدنيي حليانة بلبنان الأخضر>!