تفاصيل الخبر

حـــــلـب.. الاتـهـامــــــات كثيرة والسقوط واحــد

09/12/2016
حـــــلـب.. الاتـهـامــــــات  كثيرة والسقوط واحــد

حـــــلـب.. الاتـهـامــــــات كثيرة والسقوط واحــد

 

بقلم علي الحسيني

جيش-حلب--5

لم يكن انهيار الفصائل المسلحة في الاحياء الشرقية من مدينة حلب بالأمر غير المتوقع خصوصاً في ظل الخلافات التي كانت وما زالت تُسيطر على العلاقات بين مكونات الفصائل المسلحة بأكملها والتي ترافقت مع اتهامات وشكوك حول طبيعة علاقات بعضها مع النظام السوري وتسهيل عمليات دخوله الى العديد من المناطق. لكن من المؤكد ان العامل الاهم والاكبر الذي ادى الى تضعضع هذه الفصائل، يعود للضربات الجوية التي ينفذها الطيران الروسي وغياب دعمها بالسلاح والعتاد والذخائر والمؤن الغذائية ومدها بالعناصر، وذلك بعد إطباق الخناق عليها براً من قبل جيش النظام وحلفائه.

 

بداية احتجاجات

بدأت الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في آذار/ مارس 2011 وترافقت مع عدة تظاهرات عمت بعض المدن. لكن وعلى الرغم من اتساع رقعة التظاهرات يومئذٍ الا ان اهالي دمشق وحلب، بديا بعيدين عن الانخراط بالاحتجاجات الشعبية بشكل كبير، علماً أن السلطات قامت بتنظيم عدة مسيرات مؤيدة للحكومة وللرئيس السوري بشار الأسد في المدينتين. وظلت حلب من أكثر المدن تأخراً في اللحاق بركب الثورة لسبب أن تجارها وأثرياءها شكلوا حلفاً قديماً مع النظام، وأصبحت مصالحهم مرتبطة به وببقائه. كما أن الكثير من العائلات والعشائر الكبرى في المدينة أصبحت تقدم أبناءها للمشاركة في قمع التظاهرات، حتى بلغ عدد الميليشيات التابعة للنظام في المدينة قرابة ثلاثين ألف شخص.

وللتذكير فإن اول تظاهرة مناهضة لنظام الأسد وحزب البعث بالمدينة خرجت في ما عُرف بجمعة العزة بتاريخ 25 اذار/ مارس 2011، ثمَ أصبحت التظاهرات فيها حدثاً شبه أسبوعي أو حتى يومي، وأخذت بالتوسع شيئاً فشيئاً، ولو أنها لم تصل إلى قوة حركة الاحتجاجات في باقي مناطق سوريا، وفي حزيران/ يونيو من العام نفسه أطلقت تنسيقيات الثورة عنوان <بركان حلب> في محاولة لتأجيج التظاهرات في المدينة بشكل أكبر، وأدى ذلك إلى خروج التظاهرات في أكثر من عشر مناطق في المدينة وحدوث محاولات للاعتصام في ساحة سعد الله الجابري. وفي شهر آب/ أغسطس خرجت تظاهرات ضخمة في المدينة هي الأولى من نوعها تحت شعار <لن نركع إلا لله>، ويومئذٍ أطلق الأمن النار على المُحتجين فسقطَ ثلاثة قتلى في حي <الصاخور> مما ادى الى تأجيج التظاهرات أكثر فأكثر. أما اندلاع المعارك في محافظة حلب، فقد بدأت في العاشر من شباط/ فبراير 2012 وعلى مدى خمسة أشهر توسعت الى مناطق أخرى من الريف الحلبي ووقعت تحت سيطرة الثوار نتيجة الإشتباكات الكبيرة التي كانت تدور هناك.

مجزرة-في-شرق-حلب---2----2

حلب بين التركي والروسي

لا شك أن فقدان المعارضة السورية لمدينة حلب يشكل ضربة معنوية كبيرة لها، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي استغرقتها الهجمات المتكررة على الأحياء الشرقية، وعن حجم الخسائر التي لحقت للوصول إلى هذه النتيجة. لكن من أبرز العوامل التي ادت الى انكسار المسلحين في شرق حلب، يعود للخطط العسكرية التي اتبعها الجيش الروسي والتي تقوم على محاصرة المسلحين من دون ان يشعروا وعزل المناطق تمهيداً للاطباق عليها وذلك ضمن خطة تقوم على سياسة القضم البطيء، وهذه الخطط كان اعتمدها الروس خلال حربهم في الشيشان والتي كان لسلاح الطيران الدور الابرز وهو الذي سهل انقلاب الامور لصالحهم في الميدان.

وفي عملية السقوط ايضاً، فقد لعب الاتفاق الروسي- التركي من تحت الطاولة، دوراً مهماً في هذه النتيجة، حيث أن وقوف حلب بوجه النظام السوري ما كان ليدوم طوال هذه الفترة لولا الدعم الذي لقيته من جانب تركيا، وقد توافق الطرفان بعيداً عن الأضواء، بحسب التسريبات، على أن توقف تركيا إرسال العديد والعتاد من حدودها في إتجاه حلب وأريافها، في مقابل أن تغض روسيا الطرف عن العملية العسكريّة التي نفّذها الجيش التركي لتأمين حدوده المشتركة مع سوريا، إما عبر وجود مباشر لقواته في بعض الأماكن، أو عبر ميليشيات ممولة ومدعومة من جانب أنقره، في ظل رسم دقيق للنقاط التي يجب على الجيش التركي عدم تجاوزها. وهنا لا بد من التذكير بتعهد الرئيس السوري بشار الاسد في السابع من شهر تموز/ يوليو المنصرم، في كلمة له أمام مجلس الشعب الجديد، بأن تكون مدينة حلب مقبرة آمال وأحلام الرئيس التركي <رجب طيب أردوغان>، الذي وصفه بـالسفاح.

 

المعطيات الميدانية في حلب

ثمة توافق على انه اذا تمكن النظام بالسير في مدينة حلب ضمن الخطة المرسومة لاسترجاع المدينة، فإن الحظ سوف يكون لصالحه خلال الفترة المُقبلة خصوصاً في ظل التعاطي التركي الجديد مع الاستحقاقات المُقبلة وعلى رأسها السياسة الجديدة التي سيتبعها الرئيس الاميركي الجديد <دونالد ترامب> في الشرق الاوسط والتي من المُرجح ان لا يكون لتركيا اي دور فعال خلالها. أما في الشق السوري، فمن المؤكد ان الاحتمال الوشيك لهزيمة المعارضة السورية في حلب، لن تمثل فقط نكسة خطيرة لجهودهم البطولية لإسقاط استبداد بشار الأسد، لكنها ستكون أيضاً إدانة دامغة لكل الدول التي شجعتهم على الانتفاضة من تركيا الى بريطانيا.

وثمة اشارات دولية ومحلية تؤكد، انه إذا استطاع حلفاء الاسد، وهنا المقصود الروسي والايراني وحزب الله، المحافظة على معدل تقدمهم الحالي، فهناك فرصة مواتية لإحكام سيطرتهم على كامل المدينة في فترة قد لا تتعدى الستة اشهر. لكن الاكيد هو ان العام 2017 سيحمل تغييرات كبيرة على الساحة السورية تتوزع على أكثر من خط مثل تحصين موقع النظام السوري والقوى الحليفة له مقابل الدول الغربية الداعمة للثورة، واستمرار تقدم الجيش العراقي والميليشيات المدعومة من إيران من العراق نحو الحدود السورية واشتداد الحرب على تنظيم <داعش> بمساعدة من النظام نفسه وايران.

 

الفصائل تنقلب على بعضها البعض

مدنيون-ينزحون-من-حلب----1

الاتهامات المتبادلة بين الفصائل المسلحة تشبه كرة الثلج على الرغم من المحاولات المتكررة لرأب الصدع بينها. اتهامات بالجملة واغتيالات لا تُعد ولا تُحصى. ثمة قطبة مخفية في الموضوع، لكن حتى الآن لم يتمكن اي فصيل من حل العقد، اذ ان كل فصيل يرمي باللوم الى الآخر والنتيجة واحدة وهي ان شرقي حلب اصبح بالكامل بيد النظام وحلفائه وان امكانية استعادة زمام الامور اصبحت من سابع المستحيلات. فعلى سبيل المثال، يتوقع تنظيم <داعش> سقوط حلب بالكامل بيد النظام خلال ايام وهو يتهم لواء التوحيد واحرار الشام ببيع حلب والفرار الى تركيا وحذر من انه سيُنفذ اغتيالات لقادة <لواء التوحيد> في حلب خلال ايام ويتوعد عائلاتهم .

أما القاضي العام لغرفة عمليات جيش الفتح <جبهة النصرة> سابقاً عبد الله المحيسني، فقد حمّل قادة الفصائل العسكرية مسؤولية تقدم نظام الأسد وايران في حلب وريف دمشق فقال: ان ما يجري اليوم أن الساحة واقعة في كبيرة من الكبائر هي التفرق، والقادة يبررون لجنودهم سبب التفرق، فسكت الجنود واتهموا إخوانهم، وصمت الشرعيون تغليباً لمصلحة موهومة فوقعوا في مفسدة محققة ومهلكة. لقد وعدنا الله بالنصر، ولكن شرط  علينا أن نجتمع ونعتصم، وما زلنا نصر على التفرق والتنازع، متسائلاً إلى متى أيها القادة ستظلون متفرقين؟ إلى أن تسقط حلب وتفرغ دمشق؟، فبعد ذلك لا نريدكم أن تتحدوا فقد فات الأوان.

ورأى انه ليس هناك جدوى من فتح معارك جديدة إن لم تتوحد الفصائل العسكرية، فلا داعي لنخدر الشباب المسلم بغزوة ونصر وهمي، فالقضية محسومة اجتماع فنصر أو تفرق وهزيمة، ولا تسألوني من أفشل الاندماج فقد ذكرت ذلك مراراً، أفشلته الأطراف بتشبثهم بالإمارة وعدم تنازلهم لأسباب مصلحية واهية ليست ثوابت ولا مبادئ. إن خطوات الاندماج التي جرت حينذاك كانت وراء فكّ الحصار عن حلب في أربعة أيام، فلما تعثر الاندماج حوصرت حلب.

وختم المحيسني حديثه بتوجيه رسالة إلى أهل حلب: عذراً أهلنا في حلب تفرق القادة خذلونا وخذلوكم، وحذار أن تحبط معنوياتكم.. فقد صمد إخوانكم في داريا خمس سنين، وهم أقل عدداً منكم وعتاداً، فأنتم أهل لتمرغوا أنوف أعدائكم.

 

هل يكون جيش حلب الفصيل البديل؟

فصائل المعارضة السورية المسلحة حلّت نفسها وأعلنت نيّـتها تشكيل كيان عسكري موحد تحت اسم <جيش حلب>، لكن هل من جدوى في هذا الامر، أم انه سيكون على شاكلة الفصائل التي انقلبت على اعقابها؟. البعض سيعتبر ان الخطوة جاءت بعد صدمة الثوار من تقدم قوات النظام وسيطرته على العديد من أحياء حلب، وذلك حتى يتسنى لفصائل الثوار رصّ صفوفها ووضع هيكليات موحدة للمبادرة في المواجهة واستعادة المناطق التي سيطر عليها النظام. ويعتبر هذا البعض أن هذه الخطوة ستصمد عسكرياً باعتبار أن الفصائل قادرة على الصمود، لكن المشكلة تكمن في المأساة الإنسانية بحلب، ولذلك من الضروري توحيد قوى الفصائل حول حلب وفي الشمال السوري للقيام بعمل حقيقي لكسر حصار المدينة الذي يحتاج إلى إعادة ترتيب وعمل من خارجها.

وهناك نظرية أخرى تقول ان هذه الخطوة ستفضي عندما تتخلى الفصائل عن الأنانية وقادتها عن <الأنا> المتضخمة إلى الانصهار التام وتشكيل جيش وقيادة مركزية وغرفة عمليات مركزية وقائد وقائد عام واحد فقط، لكن النقطة الاهم تكمن في فتح مستودعات الأسلحة الخاصة بالفصائل وضخ دماء جديدة من غرب حلب إلى الجبهات الساخنة في المدينة بعد تشكيل غرفة العمليات المركزية وتغيير تكتيك المعركة إلى حرب شوارع لا قبل لقوات النظام بها، ومن شأن هذه الخطوة ان توحد الثوار في ظل الخطر الذي يُداهمهم. وفي السياق عينه يعتبر الباحث في <المعهد الدولي للدراسات الجيوسياسية> بباريس الدكتور خطار أبو دياب في حديث لـ<الافكار> أن هذه الخطوة جاءت في الوقت المناسب، خاصة بعد عجز مجلس الأمن الدولي عن وقف أبشع مجازر القرن الـ21 التي ترتكبها قوات النظام وروسيا في حلب.

وعن إمكانية صمود هذه الخطوة، يرى أبو دياب أنها ستصمد في حلب إذا توحدت فصائل الثوار في المناطق الأخرى، معتبرا أنه إذا تمت تلك الوحدة فإنها ستؤدي إلى نضوج الحراك الثوري وصمود حلب. ويذكر أن فصائل المعارضة السورية المسلحة في حلب أعلنت أنها اتفقت على حل نفسها وتشكيل كيان عسكري موحد باسم جيش حلب، وبهذا الإعلان لم يعد هناك وجود لأي فصيل مسلح داخل الأحياء المحاصرة في الجزء شاب-يبكي-على-جثتي-والدته-وشقيقته----4الشرقي من مدينة حلب خارج إطار جيش حلب.

من هو <جيش حلب>؟

تتغير التسميات وتبقى الإيديولوجيات نفسها، فبعد أن غيرت <جبهة النصرة> تسميتها إلى <فتح الشام>، شهدت مناطق الصراع بسوريا مولد كتيبة جديدة أطلقت على نفسها اسم جيش حلب حيث أعلن قياديون في المعارضة السورية المسلحة أن كافة الفصائل العسكرية داخل أحياء مدينة حلب، قد حلت تشكيلاتها وانصهرت في جيش جديد، باسم <جيش حلب>، للقتال في المدينة. وأوضح هؤلاء في أوقات منفصلة أن الجيش الجديد يلغي كافة المسميات داخل المدينة، ويصب العناصر والسلاح في كيان واحد، وذلك بعد ان تعرضت المجموعات المسلحة في شرق حلب إلى نكسات عدة أدت إلى خسارتها نصف المساحة التي كانت تسيطر عليها هناك. ونشر عدد من النشطاء تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي أفادوا من خلالها بأنه قد تم تعيين المدعو أبو عبد الرحمن نور مسؤولاً عاماً والمدعو أبو بشير معارة مسؤولاً عسكرياً للكتيبة الجديدة.

المدنيون يرحلون بصمت والبكاء ممنوع

سوف يذكر التاريخ انه ذات صباح من ايام الصقيع، ثمة شعب ترك أرزاقه وأحلامه وراءه تماماً كما ترك أفراحه وأحزانه. في تلك الأرض كان له أحبّة دُفنوا فيها وأمل صغير وبسيط يسرّ له بأنه سيعود ذات يوماً اليها. بالأمس نزح الآلاف عن حلب من دون ان ينظروا خلفهم لكي لا تتبدد أحلامهم وتنهزم مشاعرهم أمام حقيقة مشهد مدينتهم وهي تعانق الأرض بناسها ومصانعها وآثارها وبيوتها. كي لا يروا الأشلاء والدماء كيف احتلت الأرصفة، وربما رفضوا الإصغاء إلى أنين جرحى حتى لا تصيبهم تهمة الإلتفاتة إلى الوراء، والا سيحاكمون على النيات ايضاً.

بالنسبة الى أهالي حلب، فإن الموت لم يأتهم بشكل مُفاجئ، بل هم توقعوه منذ الإعلان عن هدنة الأربع والعشرين ساعة الشهر الماضي. يومئذٍ شعر سكان المدينة المنكوبة بأن السماء ستمطر عليهم في وقت قريب حقد البراميل وان الموت سيُحاصرهم من البر والجو والبحر وانه سيُمنع عنهم الهواء والدواء والغذاء. هو موت لم يشفع لأطفال رُضع ولم يرحم دموع الأيتام ولا دعوات الثكالى. لقد أبى الحقد إلا أن يُطفئ نار الثورة التي حاصرته منذ العام 2011، إلا بأجساد السوريين. وما الغريب ان يُعلن الدفاع المدني أو ما يعرف بـأصحاب القبعات البيضاء استشهاد أكثر من مئة مدني وجرح العشرات معظمهم من النساء والأطفال، إثر قصف لطائرات النظام الحربية بالصواريخ المحملة بالمظلات استهدف <حي باب النيرب>؟ وما الغريب ان يروي أحد الأطباء في حلب انه في ساعات الفجر الأولى في المدينة، تم إسعاف شابة في مقتبل العمر مع أطفالها وقد اختلط التراب والحجارة بأحشائها. حاولت أن تشير لنا بأن أطفالها أُصيبوا وهي تقول <ولادي ولادي>. أدخلناها إلى غرفة العمليات لكننا لم نستطع تأمين الدم اللازم لها، فماتت. وفي الخارج توقف قلب أحد أولادها بعدما فشلت محاولات الإنعاش، أما طفلها الآخر فهو إلى الآن يصارع الموت وحيداً من دون أمه التي كان آخر كلامها في الدنيا “ولادي ولادي>.

يُعبر الطبيب عن لحظات صعبة في حلب فيقول: ليت الوقت عندنا في حلب يسمح لي أن أبكي بكاء الأطفال. هنا عليك أن تبكي بصمت وأنت تستعد للفاجعة الآتية.

ماذا في مفاوضات روسيا والمعارضة؟

عنصر-من-حزب-الله-في-حلب----3

حتى موعد صدور هذا العدد، لم تحقق الاجتماعات التي تُعقد في العاصمة التركية أنقرة بين مسؤولين روس وقيادات عسكرية في المعارضة السورية أي خرق يذكر على صعيد التوصل إلى إنجاز اتفاق سياسي يضع حداً للمعارك المحتدمة في مدينة حلب. فقد اتهم مسؤول بارز بالمعارضة السورية روسيا بالمماطلة في المحادثات مع مقاتلي المعارضة بشأن الوصول إلى اتفاق حول مدينة حلب، فباعترافه ان مقاتلي المعارضة انضموا للمحادثات مع مسؤولين روس كبار قبل نحو أسبوعين في محاولة لتأمين توصيل المساعدات ورفع الحصار عن شرق حلب، لكن هناك مماطلة متعمدة من قبل الروس.

وفي السياق نفسه، عُلم أنه لم يتم إحراز أي تقدم في النقاشات المستمرة بين طرفي المعارضة وموسكو بإشراف تركي، وأن ما يحصل الآن في أنقرة لا يزال بإطار المقترحات التي تتقدم بها الأطراف، خصوصاً وان الفصائل التي تشارك في المباحثات يجب أن تتشاور مع المحاصرين في حلب، الذين يعود لهم اتخاذ القرار النهائي بشأن مصيرهم، وكذلك الامر بالنسبة الى موسكو التي تجد نفسها مضطرة للتشاور مع الإيرانيين باعتبار أنهم والميليشيات التابعة لها، هم من يقودون فعلياً الهجوم البري على المدينة. ومن المعروف انها ليست هذه المرة الأولى التي تجرى فيها محادثات سرية بين ممثلين عن المعارضة المسلحة وروسيا، لكن مصادر مقربة من المحادثات قالت إنها المرة الأولى التي يشارك فيها عدد كبير من الجماعات المسلحة في هكذا محادثات.

بدوره القيادي في حركة <أحرار الشام> محمد الشامي أكد في وقت سابق أن الاجتماع حضره 13 شخصاً يمثلون فصائل المعارضة، وممثلون للروس والأتراك، وغابت عنه فصائل المعارضة المدعومة أميركياً، ولم يحضره أحد عن النظام السوري والإيرانيين. وكشف الشامي عن اتفاق لخروج مقاتلي <جبهة فتح الشام> من حلب عبر ممرات إنسانية إلى إدلب، مقابل وقف القصف، والسماح بإدخال مساعدات إنسانية عبر معبر <الكاستيلو> بضمانة الحكومة التركية.

 

النظام يستعيد 60 بالمئة من حلب

مساء السبت الماضي تمكنت قوات النظام وحلفاؤها، من السيطرة على حي طريق الباب شرقي حلب، في ظل استمرار المعارك حتى اليوم وسط حملة عسكرية كبرى لاستعادة الجزء الشرقي من المدينة كاملاً. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سيطرة القوات الحكومية على الحي وقال: بهذه السيطرة تكون قوات النظام قد تمكنت من تأمين طريق مطار حلب الدولي الجديد. كما وانه من خلال السيطرة هذه يكون النظام قد استعاد نحو 60 بالمئة من الأحياء الشرقية في المدينة التي كانت في قبضة المعارضة.

ومنذ السبت فر ما لا يقل عن خمسين ألف شخص من أصل سكان الاحياء الشرقية للمدينة الذي كان يبلغ عددهم نحو 250 ألفاً، وتوجهوا إلى الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام السوري.