تفاصيل الخبر

هل يطوي البنك الآسيوي الجديد صفحة البنك الدولي وصندوق النقد؟

17/04/2015
هل يطوي البنك الآسيوي الجديد صفحة البنك الدولي وصندوق النقد؟

هل يطوي البنك الآسيوي الجديد صفحة البنك الدولي وصندوق النقد؟

بقلم خالد عوض 

 

ALAIN-HAKIMمن السخافة تجاهل المد الصيني في معظم مناطق العالم حتى لو كان هذا المد لا يواكب بـ<البروباغندا> الإعلامية الرنانة. لولا الصين (وليس فقط روسيا وإيران) لما كان بشار الأسد على رأس النظام السوري. ولولا الصين لكانت باكستان اليوم تحارب مع تحالف <عاصفة الحزم>. الأمثلة كثيرة على تعاظم نفوذ الصين... من دون ضوضاء. ربما تكمن القوة الديبلوماسية الصينية بأنها خفية ولا تظهر إلا نادراً... مرات قليلة في أروقة مجلس الأمن مع <الفيتو> الذي يظهر بخجل وراء <الفيتو> الروسي. ومرات أقل في محادثات بعيدة عن الإعلام يجريها مسؤولون صينيون من الصف الثالث مع مسؤولين من الصف الأول في دول أصبحت تعتمد على الصين بشكل أساسي سياسياً واقتصادياً. لا وزير خارجية صينياً يجول في سماء العالم، ولا طائرات حربية تقصف هنا أو هناك، ولا تحالفات عسكرية إقليمية أو دولية يرفرف فيها العلم الأحمر.

الصين تضرب اليوم بقوة في الساحة الدولية عن طريق إنشائها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. 52 دولة مؤسسة طلبت الانضمام للبنك من بينها مصر والأردن ومعظم دول الخليج وإيران. ومن المتوقع أن يدير البنك مشاريع تفوق قيمتها الألفي مليار دولار في السنوات العشر المقبلة.

أهمية البنك تكمن في عدة أمور:

1 - الصين ملتزمة بإنجاحه ولديها الموارد المالية لذلك.

2 - الصين أصبحت أكثر دولة في العالم خبيرة في تطوير وإدارة مشاريع بنية تحتية. هذه الخبرة تأسست بفعل النمو الداخلي والمشاريع التي نفذت داخل الصين، ثم تطورت الى حدٍ كبير عندما أصبحت الصين تدير مباشرة عشرات المشاريع في عدة دول آسيوية وأفريقية.

3 - البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الآسيوي للتطوير الذي يخضع لنفوذ اليابان والولايات المتحدة أعجز عن تمويل وإدارة مشاريع بنية تحتية بالحجم المطلوب آسيوياً وعالمياً. فالقيمة المقدرة لمشاريع علي-حسن-خليل-2البنية التحتية في آسيا وحدها تتجاوز 8 آلاف مليار دولار.

الاقتصاد الصيني أصبح أكبر اقتصاد في العالم إذا تم احتساب الناتج المحلي الفعلي حسب القدرة الشرائية للبلد وليس كقيمة مجردة. الصين زادت ميزانيتها الحربية أربعة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية. الاقتصاد الصيني ما زال ينمو بنسبة تصل إلى 7 بالمئة. ومع إنشاء البنك الآسيوي لتطوير البنى التحتية، أصبح للصين أداة مالية تنفيذية يمكن أن تستخدمها بقوة لتعزيز نفوذها وتنمية حجم ميزانها التجاري الذي هو أكبر ميزان في العالم.

من خلال كل ذلك لا يمكن فهم لماذا لم ينضم لبنان إلى البنك الآسيوي الجديد أسوة بمعظم الدول العربية أو حتى ببنغلادش. مهلة تقديم الطلبات انتهت في 15 نيسان (ابريل) الفائت ولم يتحرك أحد من الحكومة للتذكير بذلك رغم الفوائد الكثيرة التي يمكن أن نستفيد منها من خلال الحضور مع الصين في أكبر مصرف استثماري في العالم مع ما يعني ذلك من فرص تمويل. كما أن البنية التحتية في البلد بحاجة إلى ما يقارب 10 مليارات دولار حتى تتمكن من استيعاب النمو والتمركز السكاني ومن يمكن أن يقرضنا اليوم مبلغا ًكهذا؟

إذا كان هذا التناسي هو لإرضاء الولايات المتحدة التي شجعت كل حلفائها على عدم الانضمام الى البنك بحجة أنه يفتقد إلى معايير الشفافية الضرورية ولأنه سيكون مسرحاً للفساد، فإن الحجة في غير محلها لأن معظم الدول الغربية انضمت في النهاية إلى البنك غير آبهة بـ<النصيحة> الأميركية. أما إذا كان في حكومتنا من يعتقد أن دخول لبنان في <نادي الصين> من خلال الانضمام إلى البنك لا يقدم ولا يؤخر اقتصادياً، فيعني ذلك أن البلد محظوظ بنخبة من السياسيين الذين يقرأون الوقائع الاقتصادية العالمية رأساً على عقب أي بالمقلوب.