تفاصيل الخبر

هل يتمكن الائتلاف الدولي من تجفيف الدعم المالي واللوجستي العربي والدولي والإسرائيلي للإرهابيين؟

03/07/2015
هل يتمكن الائتلاف الدولي من تجفيف الدعم المالي  واللوجستي العربي والدولي والإسرائيلي للإرهابيين؟

هل يتمكن الائتلاف الدولي من تجفيف الدعم المالي واللوجستي العربي والدولي والإسرائيلي للإرهابيين؟

بقلم جورج بشير

BanKiMoon فوجئ العالم في الأسبوع الماضي بالإرهاب الوحشي يضرب الإنسان وحضارته من المحيط الى الخليج، إذا صح التعبير، وينزل بالحضارة الإنسانية في الدول التي ضرب فيها الخراب ونشر الخوف والذعر والحيطة ليس في الدول التي أصابتها العمليات الإرهابية الأخيرة فحسب، بل في سائر الدول التي سارعت الى التوسع في اتخاذ الإجراءات الأمنية المتشددة والتوسع في عمليات الرقابة تحسباً لأي طارئ ولأية عمليات مماثلة.

من الكويت الى تونس ففرنسا فكوباني في سوريا، الى العراق، المزيد من الضحايا والدماء المسفوكة بوحشية على أيدي الإرهابيين المزروعين بين الناس والمدربين تدريباً متطوراً، والمسلّحين الممولين المدعومين بقوى لم تعد خفية ضالعة بدورها في هذه المؤامرة التي تستهدف الحضارة الإنسانية ومنجزات الدول والشعوب تتاجر بالدين والإيمان بالله، رافعة الشعارات الإلهية في محاولتها تقويض الإيمان الحقيقي بالله وبالتعاليم السماوية التي ولدت في هذا الشرق وترعرعت فيه وانطلقت منه الى العالم مبشرة بالخير والسلام والمحبة والتسامح.

يقولون إن حرب الإرهاب هذه لا تقتصر على محاولة تقويض الإيمان بالله وبالتعاليم السماوية فحسب، بل ان أهدافها بدأت مع توسع رقعة انتشار هذه الحرب تتوضح أكثر فأكثر، ولعلّ أبرزها ما بات ظاهراً للعيان نشر وتعميق الفتن بين الدول واتباع الديانات السماوية وإعادة النظر في تركيبات بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط خاصة العربية منها بإقامة دويلات على قياس بعض أتباع هذه الديانات والقوميات، فيما توشك الدولة اليهودية على أن تشهد النور في هذا الجزء من العالم.

لقد كان المسؤول الإسرائيلي الاول <بنيامين نتنياهو> صريحاً جداً بالأمس مع الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> عندما طالبه بإلحاح بـ<أن يطلب من الإيرانيين الاعتراف بدولة اسرائيل اليهودية كشرط أساس لرفع <الفيتو> الإسرائيلي المؤثر على الموقف الأميركي وبعض المواقف الأوروبية عن الاتفاق العتيد المزمع توقيعه بين واشنطن وطهران، وإيران والدول الخمس الكبرى زائداً واحداً>.

لماذا يضرب الإرهاب الكويت؟

معروف أن دول مجلس التعاون الخليجي ومنها دولة الكويت لا تبدي حماسة لتوقيع الاتفاق الإيراني - الأميركي، لا بل هي حذّرت منه في لقاء القمة الخليجي الأخير وبعضها يناهضه سراً وعلناً باعتبار ان إيران هي عدو العرب والإسلام وليس إسرائيل؟! وهذه ظاهرة سجلها المراقبون في السنوات الأخيرة بعد أن روّجت وسوّقت لها جهات أميركية وغربية واسرائيلية وحتى عربية في محاولتها توسيع شقة الخلاف والصراع السني - الشيعي، وتفريغ الشرق العربي من الأقليات ورسم صورة جديدة لهذا الجزء المهم من العالم بأن العيش المشترك بين أتباع الديانات السماوية متعذر، لا بل هو مستحيل. والدليل هو ما حلّ بالمسيحيين والأرمن واليزيديين والأكراد، وما بات يحل اليوم بالدروز في سوريا وفي اسرائيل.

منذ مدة، يفتش العالم عن الوسيلة الأنجع لمواجهة الإرهاب وضرب رؤوسه. وتشكّلت إئتلافات دولية كبرى مقتدرة عسكرياً ومخابراتياً واقتصادياً ونووياً يمكنها في ظل هذه المقدرات التي تمتلكها أن تنتصر في حرب عالمية. لكن النتيجة كانت عكس ذلك إذ ان هذا الإرهاب شبّ وترعرع وكبر وانتشر في العالم ووسع من عملياته ناشراً الرعب والموت والدمار، تماماً كالأوبئة القاتلة التي تتفشى بسرعة ولا يعود ينفع معها ردع طبّي او علاجي.

مسجد-الامام... إنه لأمر غريب بالفعل!

أكثر من صوت ارتفع في أكثر من دولة ومن مراجع لها قيمتها الإنسانية والرسمية والروحية في العالم حذر أصحابها من خطر الإرهاب و الإرهابيين، <وطالبوا بتجفيف منابع هذا الإرهاب أي تلك التي تتولى تغذيته والتخطيط لأرتاله التي تنتشر في العالم، وتلك التي ترعاه وتحصّنه وتدرّبه وتزوّده بالمال والسلاح وتؤمن لتنظيماته الدعم اللوجستي المادي والمعنوي>. وهذه الجهات الداعمة هي دول أعضاء في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي ما يسمى بالمجتمع الدولي  وشكلت الائتلافات علناً لمواجهة الإرهاب وأعلنت الحرب عليه، وفي الوقت نفسه فإن بعض هذه الدول <المؤتلفة> في الحرب على الإرهاب يرعى الإرهابيين ويقدم لهم التسهيلات ويفتح لهم حدوده بعد تأمين التدريب لفصائلهم والمال ووسائل الاتصال والرعاية السياسية والديبلوماسية. وأكثر من ذلك، فإن <دولة> اسرائيل تفتح حدودها المغلقة بإحكام أمني مع الدول العربية، خاصة سوريا لإدخال المصابين من أعضاء التنظيمات الإرهابية الى أراضيها لمعالجتهم في مستشفياتها العسكرية، وكأنهم عسكر في جيش الدفاع الاسرائيلي، ولا يتورع رئيس الوزراء <بنيامين نتنياهو> ووزير الدفاع في حكومته عن زيارة الإرهابيين الجرحى في المستشفيات الاسرائيلية... أليس هذا غريباً؟!...

يريدون الشيء وعكسه

الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبعض دول الخليج العربي وتركيا يعلنون بألسنة حكامهم انهم ضد الإرهاب ويعلنون الحرب الضروس على تنظيماته من <القاعدة> الى <داعش> الى <جبهة النصرة> بعد <فتح الإسلام> و<جند الشام> واخواتهم من التنظيمات الإرهابية المسلّحة التي تنشر الذعر والموت والدمار وثقافة ذبح البشر وإغراقهم وحرقهم أحياء. وهذه الدول تؤمن للإرهابيين التدريب والمال والدعم اللوجستي والمقاتلين للعمل في صفوفهم، وكأنها تريد الشيء وعكسه على حساب استقرار المنطقة ومصائر شعوبها وسيادة دولها بحجج واهية.

وقد وصل الوضع اليوم الى مرحلة بالغة الخطورة بعد ان وسع الإرهابيون عملياتهم ونشروها من المحيط الى الخليج بقتل مئات المصلين في أماكن العبادة (الجوامع) بعد ذبح المصلين من المسيحيين في كنائسهم، وذبح اليزيديين والأكراد والدروز في قراهم ومدنهم، وتدمير أماكن عبادتهم... فأي حرب دولية على الإرهاب والإرهابيين هذه؟!

اللافت في ما حصل خلال الأسبوع الماضي على صعيد الإرهاب والحرب  الكونية عليه وعلى منظماته أن هذا الإرهاب اخترق الأمن الكويتي الحازم، وضرب الأمن الفرنسي في مدينة <ليون>، والأمن السياحي <الثوري> في تونس، وأرهب الإنكليز المطمئنين الى السياحة في الربوع التونسية، بعد أن أرهب المصريين في منتجعاتهم التاريخية في الأقصر وأسوان بعد أن أرعبهم ولا يزال في شرم الشيخ ومنطقة سيناء...

لا شك بأن الحدّ الخطير الذي وصل إليه الإرهاب وتنظيماته في عملياتهم في ظل رعاية دولية من جهة، وحرب دولية معلنة على هذا الإرهاب من جهة ثانية، بدأ يدفع الى رسم علامات استفهام كبيرة حول جدوى هذه الحرب الدولية على الإرهاب وعملياتها الجوية له وكأنها رعاية دولية لما يقوم به هذا الإرهاب على الأرض... ولا بد من السؤال عن جدوى هذا الإئتلاف الدولي في الحرب على الإرهاب الذي توسّع الى درجة بات يحقق معها أهدافاً استراتيجية في هذا الكم من الدول الأعضاء في الإئتلاف الحربي على الإرهاب.

 

... وما يهم لبنان؟     

جان-قهوجي

لقد تمكن لبنان خلال السنوات القليلة الماضية من إبقاء نفسه وإن صورياً بعيداً عن أتون هذه الحرب الخجولة دولياً على الإرهاب، وحقق حربه اللبنانية بانتصار حقيقي على هذا الإرهاب في نهر البارد في طرابلس، وفي عكار، وفي الجنوب، وأخيراً في البقاعين الشمالي والجنوبي بأساليبه ووسائله رغم الصراعات الداخلية القائمة بين أحزابه وطوائفه ومكوّناته. وفي ظل النار الحربية والإرهابية المشتعلة وراء حدوده في سوريا وأخيراً في اليمن... وصحيح ان جيشه وقواه الأمنية بلا غطاء جوي، والدول المنتجة وتلك الممولة ما زالت تقنن عليه المال والسلاح، وخاصة السلاح الرادع للعدوان، فإن هذا الجيش والقوى الأمنية تمكنوا حتى الساعة من الحفاظ على أمن البلد وأنقذوه من الوقوع في مطبات الحرب الدائرة من حوله وحواليه، والبلد في ظل حكومة لا تحكم كما يجب، ومجلس نيابي منقسم ومعطل، ومن دون رئيس.

والسؤال المطروح اليوم في جميع الأوساط هو: هل يتمكن لبنان من الاستمرار في السير بين النقاط ومنع لهيب الحرب من الامتداد الى الداخل؟

يمكن القول إن القوى الأمنية التي يملكها لبنان وشعبه وفي طليعتها الجيش وبعض حكامه وفي طليعتهم رئيس الحكومة تمام سلام تمكّنوا حتى الآن من إنقاذ البلد من معظم المطبات الخطيرة التي واجهها. والحكومة وقيادة الجيش تمكنا من تحريك عملية التسليح الفرنسية للجيش بالهبة السعودية من ركودها في الأسبوع الماضي، والجهود الأمنية منصبّة اليوم على حماية الأمن الوطني ومنع تسلل الإرهابيين الى الداخل، فيما الحوار الدائر بين القوى المعنية لحلحلة أزمة انتخاب رئيس للجمهورية تتقدم، وإن ببطء لتحقق أهدافها، والبلد يستعد لاستقبال موسم صيف عامر بالمهرجانات الدولية والمحلية.

يبقى المهـــم ان يكون كل مواطن خفيراً ليساهم في حماية الأمن الوطني، وليتمكن لبنان من النجاة من هذه الحرب التي امتدت نارها وانتشرت من المحيط الى الخليج.