تفاصيل الخبر

هل يصمد مجلس القضاء أمام تدخلات السياسيين أم تعود المحاصصة والتسويات لتلعب دورها من جديد؟

06/03/2020
هل يصمد مجلس القضاء أمام تدخلات السياسيين  أم تعود المحاصصة والتسويات لتلعب دورها من جديد؟

هل يصمد مجلس القضاء أمام تدخلات السياسيين أم تعود المحاصصة والتسويات لتلعب دورها من جديد؟

 

مع نهاية الأسبوع المقبل، يفترض أن تصدر مراسيم التشكيلات والمناقلات القضائية بعدما يوقعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد تواقيع رئيس الوزراء ووزراء العدل والمالية والدفاع. إلا ان صدور هذه المراسيم لن يكون نهاية المطاف، ذلك ان دفعة جديدة ستصدر في شهر تموز (يوليو) المقبل بعد تخرج 40 قاضياً جديداً من معهد الدروس القضائية لملء الفراغ الحاصل في الجسم القضائي.

في كل مرة كانت تشكيلات ومناقلات قضائية تصدر كانت رائحة المحاصصة والتسويات الرضائية تتصاعد منها وتكون لمسات القيادات السياسية واضحة عليها من خلال اختيار قاضٍ من هنا لمركز محدد، وقاض من هناك لمركز آخر، وذلك إرضاء لهذه المرجعية أو تلك. إلا ان تشكيلات هذه السنة وضعت مجلس القضاء الأعلى أمام التحدي الكبير، فهل ستكون التشكيلات بعيدة عن الاعتبارات السياسية والمصالح الذاتية، وتكون تجربة الشفافية والكفاءة والخبرة قد احتُرمت في درس يضع حكومة الرئيس حسان دياب أمام استحقاق غير مسبوق؟ لذلك يراهن المراقبون على أن تشكل المناقلات المنتظرة خطوة ترسم الأطر التي ستتحرك الحكومة من خلالها في مقاربة موضوع التعيينات والمناقلات، لاسيما وأن مهمات كبيرة تنتظر القضاء اللبناني في مسيرة مكافحة الفساد التي باتت شعاراً رئاسياً وحكومياً على حد سواء، حيث يُطلب من القضاء أن يساهم في مكافحة الفساد ليس فقط على صغار الموظفين المتهمين برشى وإهدار المال العام، بل الوصول الى <كبار> الفاسدين الذين تكثر الروايات حول أدوارهم في الأموال المنهوبة وضرورة استعادتها وغير ذلك من الخطوات الاصلاحية الضرورية في المرحلة الراهنة.

 

معايير تضمن الاستقلالية!

وتبرز أهمية التشكيلات والمناقلات القضائية عندما يتضح ان النصوص القانونية موجودة ولا حاجة لقوانين جديدة، بل المهم تطبيق القضاء لهذه القوانين وعدم التراجع أمام ضغط من هنا و<اتصال توصية> من هناك، كما يشكو بعض القضاة وقوعهم تحت ضغط السياسيين والنافذين. كذلك فإن اقرار مجلس النواب لقوانين جديدة تحت عنوان <مكافحة الفساد> لا بد أن يطبقها قضاة محصنون يتوزعون بعدالة على المواقع القضائية الحساسة رائدهم العدالة وعدم السقوط بالانتقائية حيناً وبالمحاباة أحياناً. من هنا تبرز صورة هذه التشكيلات وأهميتها لاسيما وان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد أبلغ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ان القضاء قادر على المشاركة في عملية الانقاذ على أن يقوم بدوره كاملاً ما دام الكلام سارياً في الكواليس عن أن هذه التشكيلات وضعت بمنأى من أي تدخل سياسي. وفي هذا السياق تقول مصادر قضائية لـ<الأفكار> ان المعايير التي وضعها مجلس القضاء الأعلى لإجراء التشكيلات والمناقلات انطلقت من ثابتة هي <استقلالية تامة ولا تدخلات>، وركيزتها أخلاقيات القاضي ومناقبيته، والكفاءة في العلم والأداء، والانتاجية. وعند التساوي في المعايير الثلاثة الأولى يؤخذ بالأقدمية. وأضافت المصادر ان المناقلات سوف تشمل في مرحلة اولى أكثر من نصف القضاة لاسيما في المراكز الأساسية، على أن تستكمل في شهر تموز (يوليو) المقبل. أما الانتدابات التي كانت تشكل أزمة في القضاء فهي ستحل جزئياً من خلال هذه التشكيلات ونهائياً مع الجزء الثاني منها. أما المراكز الأساسية التي ستشملها الدفعة الأولى من التشكيلات فسوف تشمل القضاء الواقف أي النيابات العامة الاستئنافية وقضاة التحقيق الأول والهيئات الاتهامية وجانباً من القضاء الجالس من محاكم جنايات واستئناف وتمييز، وفيما تؤكد المصادر القضائية ان التشكيلات

ستكون <نموذجية>، تنفي التجاوب مع أي مراجعة من أي جهة كانت بحيث ان التشكيلات المرتقبة مجردة من صبغة المحسوبيات.

 

قاعدة محددة أم استثناء؟

ويبقى السؤال: هل يفي مجلس القضاء الأعلى بما وعد به بأن المعايير التي وضعها في التشكيلات والمناقلات <خطوة أولى في مسيرة اصلاحية قادرة على أن تغيّر أموراً كثيرة> أم ان السلطة السياسية لن تترك للسلطة القضائية فرصة تحقيق ما التزمت به؟

يقول متابعون أن كل المؤشرات توحي بأن التشكيلات ستكون خالية من أي نكهة سياسية وأن المراكز ستوزع على المستحقين من دون أي مراعاة لنفوذ سياسي أو شفاعات، لكن امكانية حصول خلل ما تبقى واردة، والمؤشر الأول سيكون لدى وزيرة العدل ماري كلود نجم لأنها إذا وقعت التشكيلات كما ستردها <تحرج> المواقع الدستورية الأخرى بدءاً من وزيري الدفاع والمالية وصولاً الى رئيس الحكومة ثم رئيس الجمهورية، أما إذا طلبت إجراء تعديلات معينة فهذا يعني ان السياسة ستلعب دورها من جديد كما كان يحصل دائماً في التشكيلات السابقة، لاسيما بعد <اتفاق الطائف> الذي لم تصدر بعده أي تشكيلات <نزيهة> أو خالية من المحاصصة.

ويروي مطلعون ان الوزيرة نجم كانت زارت رئيس مجلس النواب نبيه بري في زيارة تعارف، ودار الحديث عن التشكيلات القضائية المرتقبة فقال بري للوزيرة: <ليس عندي أي اسم ولا أريد أحداً.. أما إذا حصل استثناء وطلب أحد ما اسماً فسأكون أول الاستثناء>. ردت الوزيرة بأنها سوف تنظر الى مشروع التشكيلات من معطيات عدة أبرزها ضرورة شموليتها الجسم القضائي برمته لإزالة ما عُرف بـ<المحميات القضائية> التي تضم قضاة يتناوبون على المناصب القضائية الرئيسية، وضرورة إبعاد هذه المناقلات عن التسويات والمحاصصة...

فهل ستتحقق رغبات مجلس القضاء الأعلى وتوجهات وزيرة العدل ام ستكون التشكيلات القضائية في 2020 مثل غيرها؟