تفاصيل الخبر

هــل يـوافــق الـحـريــري والـحـلـفــاء علـى قـانــون جـديــد  للانتخــابات النيابيــة يــصـحّح التمـثيــل ويحقّــق العدالــة؟

04/12/2015
هــل يـوافــق الـحـريــري والـحـلـفــاء علـى قـانــون جـديــد   للانتخــابات النيابيــة يــصـحّح التمـثيــل ويحقّــق العدالــة؟

هــل يـوافــق الـحـريــري والـحـلـفــاء علـى قـانــون جـديــد  للانتخــابات النيابيــة يــصـحّح التمـثيــل ويحقّــق العدالــة؟

 

بقلم جورج بشير

الحريري-فرنجية-2 لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية الذي سُرّب خبر حصوله إلى وسائل الإعلام، لم يكن المفاجأة الوحيدة، إنما المفاجأة كانت ما تبع هذا اللقاء من معلومات عن رغبة الرئيس الحريري ومعه بعض تيار <المستقبل> بترشيح الوزير فرنجية لمنصب رئيس الجمهورية الشاغر منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان الى اليوم، إذ ان أحداً لم يكن ليتصوّر ان الرئيس الحريري وفريقه السياسي (14 آذار) والحلفاء يمكن أن يقبلوا ترشيح أحد الأركان الأربعة الذين رشحهم لقاء بكركي (سليمان فرنجية، وميشال عون، وأمين الجميل، والدكتور سمير جعجع) لهذا المنصب، باعتبارهم مرشحين أقوياء يمثلون فعلاً المكوّن الماروني المسيحي شعبياً ونيابياً، وهو - أي فرنجية - صديق شخصي للرئيس السوري بشار الأسد، وصداقتهما متينة وصلبة وعلى رأس السطح، فيما اعتراض الفريق الحريري على ترشيح العماد ميشال عون كما هو مُعلن نابع من كون عون حليفاً لحزب الله المتحالف مع سوريا، ومع أن فريق 14 آذار ما زال يرشح رسمياً الدكتور جعجع للرئاسة.

معروف عن الوزير سليمان فرنجية صراحته التي تزعج البعض في بعض الأحيان، لكن الرجل صريح ويقول للأعور: <أعور بعينك>، كما يقول المثل، والطاقم السياسي في لبنان غير معتاد على الصراحة، ناهيك ان بعضه غير معتاد على الجرأة التي هي من معدن فرنجية. وبعيداً عن كون فرنجية زعيم كتلة سياسية - نيابية - ورئيساً لحزب <المردة>، فهو أصلاً مرشح من جانب لقاء بكركي كزعيم مسيحي قوي لا يمكن لأحد أن يزايد عليه مسيحياً، ليس لأن أداءه يتميز بالصدقية والجرأة فحسب، إنما هو عبر هذا الأداء أعطى سائر المسيحيين درساً في الإيمان بالإنجيل بتطبيقه مبدأ الغفران والتسامح لمن أساءوا اليه والى وطنه والى عائلته، وهذا معروف... ناهيك عن التزامه كزعيم لبناني مسيحي بمطلب تصحيح التمثيل النيابي واعتماد العدالة بقانون جديد للانتخابات النيابية، وإدخال تعديلات ضرورية على <اتفاق الطائف> تحقق العدالة والتوازن بين سلطات الحكم ليستقيم أداء الدولة وطنياً، وربما هذا ما دعا الوزير جنبلاط الى التخوّف ودفعه ليقنع الرئيس الحريري بمحاولة اختراق ترشيحات بكركي الرئاسية علّ ذلك ينقذ قانون انتخابات الستين ويبقيه فاعلاً.

قانون الانتخابات هو السؤال؟!

إذا ما كان طرح الرئيس الحريري ترشيح الوزير فرنجية لرئاسة البلاد يترافق كالتزام من الرئيس الحريري وتيار <المستقبل> مع تعهد يقضي بتغيير قانون الانتخابات النيابية وفق القاعدة التي تصحّح التمثيل اللبناني في مجلس النواب باستعادة المسيحيين المقاعد الثلاثين ونيف التي اقتطعت من حقهم في التمثيل في مجلس النواب، يكون الرئيس الحريري قد قام بالفعل بضربة معلم وخطا خطوة جريئة نحو تصحيح الخلل الحاصل في تمثيل اللبنانيين بعدالة في البرلمان منذ أن تمّ الخرق الفاضح لهذا التمثيل عندما أُقرّ قانون غازي كنعان بزيادة 8 نواب عما جرى الاتفاق عليه في <الطائف>، كي تتأمن لسلطة الهيمنة يومذاك الأكثرية النيابية اللازمة للتشريع المريح في مجلس النواب ويكون لها ما تريد من قوانين ومن تعديلات ميشال-عون-فرنجيةلهذه القوانين، وهكذا كان. فخُرقت عدالة التمثيل الصحيح للبنانيين في مجلس نوابهم.

إن مطلب وضع قانون جديد للانتخابات النيابية كان في أساس لقاء بكركي الذي دعا إليه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الى جانب أن يكون تلبية للنداء أو النصيحة التي أطلقها الرئيس الحريري والرئيس نبيه بري وغيرهما للزعماء الذين يشكّل تمثيلهم للمسيحيين الأكثرية الساحقة كمرشحين للرئاسة الأولى. فجرت تلبية هذا التمنّي في لقاء بكركي واتفق الحاضرون في بيانهم المُعلن على أن الأربعة - أمين الجميل، ميشال عون، سمير جعجع، وسليمان فرنجية - هم المعتبرون مسيحياً ومارونياً المرشحين الذين يمكن للبنانيين الاعتماد على صحة تمثيل واحد منهم كمرشح للرئاسة الأولى... وأكثر من ذلك، فإن الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري أعلنا صراحة أمام مجلس نقابة الصحافة اللبنانية عن تأييدهما لأي مرشح يتوافق عليه العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع... لكن لوحظ بعد تواصل حزبي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية نتيجة حوارهما الذي قام به بنجاح النائب ابراهيم كنعان والأستاذ ملحم رياشي ولقاء جعجع وعون في الرابية، أن الالتزام المُعلن تعدّل بإضافة شرط <أن يترافق الاتفاق الثنائي بين عون وجعجع على الرئيس العتيد بتوافق وطني>، وهذا الشرط غير معمول به بالنسبة لرئاستي مجلس النواب ومجلس الوزراء، واعتُبر بمنزلة <الشرط التعجيزي>...

جوهر الموضوع، هو القانون الجديد للانتخابات لتصحيح تمثيل اللبنانيين في مجلس النواب، هذا التمثيل الذي أصابه الخلل الدستوري عندما لجأ قادة سياسيون الى تجاوز مضمون الدستور والنظام الديموقراطي وسمحوا لذواتهم بتمديد ولاية مجلس النواب مرتين متتاليتين من دون العودة الى الشعب صاحب السلطة المطلقة في منح ثقته لهذا النائب أو ذاك لتمثيله في مجلس الأمة، وهذا هو بيت القصيد. والوزير فرنجية ملتزم أسوة بالذين التقوا في بكركي بموجب البيان التاريخي الذي صدر عن هذا اللقاء.

هل ان مبادرة لقاء باريس الذي نتج عنه ما أُعلن عن نية الرئيس سعد الحريري ترشيح الوزير فرنجية، أحد أركان لقاء بكركي للرئاسة الأولى، تنبع من رغبته بتأييد قانون انتخابات نيابية جديد يصحح التمثيل ويحقق العدالة، أم أن هذه المبادرة نابعة من التطورات الدراماتيكية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط على الصعيدين الإقليمي والدولي، وخاصة في سوريا على الحدود مع لبنان؟ هذا هو السؤال المطروح اليوم في جميع الأوساط، ولا بدّ أن تجيب عنه التطورات المرتقبة لهذا اللقاء وتفعّله ليصبح حقيقة واقعة تؤدي الى التوافق الوطني العتيد بملء سدّة الرئاسة الأولى الشاغرة.

واللقاء بين العماد ميشال عون والنائب فرنجية، وهما الحليفان اللدودان، لا بدّ وأن يكون قد وضع النقاط على الحروف كون الوزير فرنجية المعروف عنه صراحته وجرأته ووفائه للعهود كان حتى حصول لقاء باريس ملتزماً تأييد ترشح عون لرئاسة الجمهورية وبمضمون بيان بكركي، إلا في حال عزوف عون عن الترشح.

حسن-نصراللهتكتكة ام استراتيجية؟

 

عندما حصل الحوار الذي فاجأ الجميع يومذاك في باريس بالذات بين الرئيسين الحريري وميشال عون، وصل الرجلان الى اتفاق على أمور جوهرية من شأن تحقيقها تصحيح الخلل الحاصل في لبنان، هذا الخلل الذي قاد البلد الى حال الشغور في رئاسة البلاد والشلل والضياع في الصف السياسي. وهذا الحوار، ومعه الاتفاق المشار إليه عطّلته سرعة التداخل من الرئيس بري والوزير وليد جنبلاط وزيادة عنهما وصول الأمير سعود الفيصل كما يذكر الجميع الى باريس، فتحوّل حوار الحريري - عون مع نتائجه يومذاك الى سراب ما زال لبنان يعاني من نتائجه ويدفع ثمنه الباهظ الى يومنا هذا.

حوار عون - الحريري في باريس شكّل نقلة نوعية ومرحلة رئيسية بعنوانه وبما أُعلن وعُرف من نتائجه، واعتبره البعض تكتيكاً هدفه تقطيع الوقت ووضع اللبنانيين في أجواء الحل للأزمة السياسية التي يتخبط بها لبنان.

 وحوار الحريري - فرنجية ما يزال ضمن هذه الحلقة، وحتى إشعار آخر، إذا لم ينتج عنه التوافق المنشود حول القانون العتيد للانتخابات النيابية، وعلى الأقل إعلان مبادئ في شأن قانون الانتخابات وانتخاب الرئيس العتيد، فإنّه سيتحوّل لا سمح الله، الى لعبة تكتيكية جديدة هدفها كسب الوقت ليس إلا.

اللبنانيون منذ تسريب خبر لقاء باريس بين الزعيمين اللبنانيين الشابين سعد الحريري وسليمان فرنجية يضعون أيديهم على قلوبهم ويصلّون أن يتوصّل هذا اللقاء وما سيتبعه من خطوات الى حلول للأزمة السياسية الخانقة التي يتخبط بها لبنان المحكوم من دون جدوى بـ24رئيساً بدلاً من رئيس واحد، وبرلمان معطّل، وإدارة مشولة فاسدة، فيما روائح النفايات وحرائقها تكاد تلتهم الأخضر واليابس، ويأملون ألا يكون قانون الانتخابات هو كبش المحرقة...

أما المتضررون من مثل هذا الاتفاق الوطني إذا تحقق بإذن الله، فهم طبعاً، الداعشيون والإرهابيون ومعهم أولئك الذين يريدون الشيء وعكسه في آن، ولا ينظرون الى أبعد من أنوفهم ولا يتطلعون إلا بمنظار مصالحهم الخاصة، هذه الطريقة التي أوصلت لبنان الى هذا الدرك. لذلك يبقى طرح السيد حسن نصر الله العمل على توافق وطني ضمن سلة سياسية كاملة تشمل انتخاب الرئيس وإقرار القانون الجديد للانتخابات في جلسة نيابية واحدة، هو محور البحث.