تفاصيل الخبر

هل ينسحب اتفاق الرئيسين على إقالة يوسف من منصبه على التعيينات الأمنية والمالية والإدارية كلها؟

05/01/2017
هل ينسحب اتفاق الرئيسين على إقالة يوسف من منصبه  على التعيينات الأمنية والمالية والإدارية كلها؟

هل ينسحب اتفاق الرئيسين على إقالة يوسف من منصبه على التعيينات الأمنية والمالية والإدارية كلها؟

ابراهيم-بصبوص----2 تساءلت مراجع إدارية وسياسية عما إذا كان قطار التعيينات في الإدارات والمؤسسات العامة قد انطلق بعد تعيين رئيس جديد لإدارة <أوجيرو> خلفاً للمهندس عبد المنعم يوسف في مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، أم ان هذا التعيين أملته اعتبارات قضت بإبعاد يوسف عن هذا المنصب بعد الملابسات الإدارية والفنية والمالية التي رافقت هذا الملف الذي فُتح على مصراعيه بعد فضيحة <الانترنت> غير الشرعي التي توالت فصولها خلال فترة الشغور الرئاسي من دون أن تتمكن المراجع القضائية من حسم المسؤولية فيها والتي تنقلت من مكان الى آخر. وعلى رغم أن الانطباع الذي ساد بعد إعفاء يوسف من مهامه ووضعه بالتصرّف بأن <التوافق السياسي> الذي أنتج ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري، هو نفسه الذي أدى الى <تجريد> يوسف من المسؤوليات التي كان يشغلها، فإن ثمة معطيات تشير الى أن الشروع بالتعيينات بدءاً من إبعاد يوسف، كان من بين النقاط التي تم التفاهم عليها بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري خلال المفاوضات التمهيدية التي سبقت تشكيل الحكومة، وأن الثنائي المؤلف من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري المهندس نادر الحريري، نجح في التوصل الى سلسلة اتفاقات تتناول مواضيع كانت عالقة في ما مضى وموضع خلاف تم تذليله بـ<التفاهم على كل شيء> كما قال الرئيس الحريري في أكثر من مناسبة.

وفي وقت بدا فيه إبعاد يوسف أولى ثمار هذا <التفاهم> فإن الاوساط السياسية ترقب كيف سيكون التعاطي مع التعيينات الأخرى لاسيما تلك الحساسة منها، مثل التعيينات الأمنية ورؤساء المؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية، ناهيك عن السلك الديبلوماسي الذي كثرت فيه الشواغر خصوصاً في صفوف السفراء الذين ينتمون الى الطائفة السنية الذين يفتقد ملاك وزارة الخارجية الى الكثيرين منهم ما قد يضطر الى الاستعانة بسفراء من خارج الملاك إذا ما اقتضت الضرورة، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بـ<التفاهم> بين رئيسي الجمهورية والحكومة وقد يتطلب <تشاوراً> مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يملك مع حلفائه في الحكومة القدرة على تعطيل أي تعيين لا يُسأل عنه سلفاً من خلال حجب ثلثي أصوات أعضاء الحكومة عن أي تعيين، لأن موظفي الفئة الأولى أو من يوازيهم في رؤساء مجالس الإدارة يتطلب تعيينهم توافر غالبية الثلثين.

 

التعيينات العسكرية تحتاج الى توافق

وفيما ترى الأوساط نفسها أن ورشة التعيينات الإدارية والاقتصادية والمالية قد تتطلب المزيد من التشاور والتنسيق، فإن السير بالتعيينات العسكرية والأمنية يحتاج الى توافق واسع يرقى الى مستوى <التوافق الوطني> نظراً لدور قادة الأجهزة الأمنية من جهة، ولدقة الغوص في ملفاتهم من جهة أخرى. وفي هذا السياق، كشفت مصادر وزارية أن ملف التعيينات الأمنية يشمل في حال فتحه، مواقع قائد الجيش والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام لقوى الأمن الداخلي ونائب المدير العام لجهاز أمن الدولة الذين يحتاجون لقرارات من مجلس الوزراء، فيما يتطلب تعيين قادة وحدات قوى الأمن الداخلي توافقاً سياسياً يُترجم بمراسيم عادية لا تحتاج الى قرارات من مجلس الوزراء. وأتت إشارة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الى إمكانية تعيين خلف له خلال زيارات التهنئة بالاعياد التي قام بها على رأس وفد من قادة قوى الأمن لرئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية نهاد المشنوق، لتؤشر الى أن ملف التعيينات في قوى الأمن بات قيد البحث وهو لن ينتظر طويلاً حتى يُدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء.

إلا أن ثمة من يرى أن هذا الانطباع ليس في محله في الوقت الراهن نظراً لوجود توجه لدى بعض أركان الدولة الى عدم مقاربة ملف التعيينات في القيادات الأمنية راهناً لاعتبارات عدة، منها أن الظروف الأمنية تفرض عدم حصول تغييرات على المستوى القيادي الأمني لاسيما في ظل المعطيات التي تدل على أن خطر الإرهاب لا يزال ماثلاً، والتقارير التي تتحدث كلها عن ضرورة التنبه الى الخلايا الإرهابية النائمة التي يتم كشفها تباعاً من خلال الخطط الموضوعة لذلك والتي تنفذها الأجهزة الأمنية بإشراف قادتها الحاليين، وبالتالي فإن أي تغيير يمكن أن يطرأ على صعيد القيادة سوف يؤخر استكمال التنفيذ ويعرض الجهود المبذولة للقضاء على هذه الخلايا الإرهابية لنكسات لا تتحملها هشاشة الوضع الأمني السائد.

وتوقفت المصادر الوزارية عند <الجردات> التي وردت في عدد من وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي حول <إنجازات> بعض الأجهزة الأمنية للدلالة على أن المرحلة تتطلب إبقاء الوضع على حاله الى أن يتبلور المشهد الأمني أكثر فأكثر كي تستمر العمليات الأمنية الاستباقية على زخمها بحيث تؤتي ثمارها من دون أي إرباك قد ينتج عن تغييرات على مستوى القيادة، لأن ذلك سوف يفرض أيضاً تغييرات على مستوى الضباط المعاونين الذين لا تتوافر لديهم المعطيات التي في حوزة من هم حالياً في مواقع المسؤولية. وما يُقال عن الوضع في مؤسسة الجيش حالياً - تضيف المصادر المعنية - يُقال ايضاً عن المؤسسات الأمنية الأخرى لاسيما مع غياب أي تفاهم على التغيير بين أركان الدولة الذين تتمايز مواقفهم من فكرة التغيير على مستوى القادة الأمنيين في الجيش وقوى الأمن الداخلي، علماً أنه في ما يتعلق بالأمن العام فلا توجد استحقاقات داهمة ترتبط بانتهاء الخدمة أو الإحالة على التقاعد، كما هو الحال بالنسبة الى الجيش وقوى الأمن الداخلي حيث غالبية المواقع الأمنية القيادية يتولاها ضباط تم تأخير إحالتهم الى التقاعد، أو هم يمارسون مسؤولياتهم بالوكالة والتكليف بقرارات وزارية أو إدارية.

عبد-المنعم-يوسف----1 

<إشارات> و<تلميحات>

وينقل أحد الوزراء المعنيين بملف التعيينات الأمنية أن أحداً لم يفاتحه بعد بشكل واضح بضرورة الاستعداد للخوض في هذا الملف، وإن كان يتلقى من حين الى آخر <إشارات> و<تلميحات> بوجوب مقاربة هذا الموضوع ووضعه على نار حامية، لاسيما بعد نيل حكومة الرئيس الحريري ثقة النواب، ما جعلها <كاملة الأوصاف> دستورياً للشروع في إجراء التعيينات في المؤسسات الأمنية وخصوصاً الجيش وقوى الأمن الداخلي، علماً أن مثل هذه الخطوات - يضيف الوزير المعني - تحتاج الى تفاهمات مسبقة قبل طرحها على طاولة مجلس الوزراء أو تناولها في وسائل الإعلام نظراً للأضرار المعنوية التي قد يسببها التداول في مسألة التعيينات الأمنية والعسكرية في وسائل الإعلام و<صالونات> السياسيين إذا لم يتم الاتفاق عليها وحسمها بشكل نهائي، وأبرز هذه الأضرار حصول ارباكات على صعيد عمل الأجهزة الأمنية وعلى صعيد علاقة الضباط مع بعضهم البعض من جهة، ومع قياداتهم من جهة أخرى، في وقت تتطلب فيه الظروف الأمنية الراهنة، المزيد من التلاحم والتعاون بين المؤسسات الأمنية خصوصاً في حربها ضد الإرهاب وتنظيماته وخلاياه النائمة.

وفي هذا السياق تتحدث مصادر مطلعة على ملف التعيينات الأمنية عن أن بعض <الطامحين> من كبار الضباط لتولي مسؤوليات أمنية محددة، بدأوا يجولون على مرجعيات سياسية بهدف <تسويق> أنفسهم لديها وجمع أوراق التأييد لهم، والملفت في هذا السياق ان وعوداً تعطيها هذه المرجعيات لهؤلاء <الطامحين> تجعلهم ينامون <على حرير> ليتبين لاحقاً أن الوعود نفسها أُعطيت لأكثر من <طامح>، وان تفاصيل هذه اللقاءات وصلت الى الجهات الرئيسية المعنية بالتعيين مع كل ما يرافقها من <التزامات> مسبقة و<تطمينات> بالتعاون والتنسيق والتجاوب مع مطالب وحاجات!

في أي حال، ثمة مصادر وزارية تجزم بأن إعفاء عبد المنعم يوسف من مسؤولياته خطوة منفصلة عن التعاطي مع ملفات التعيينات الأخرى ولاسيما منها التعيينات العسكرية، لأن الأسباب التي أملت اتخاذ التدبير بحق يوسف غير متوافرة في ملفات أخرى، وان ما يصح في هذا الملف قد لا يصح في مراكز إدارية أو أمنية أخرى، ولكل موقع ظروفه ومعطياته وفروضه، وبعضها داخلي صرف والبعض الآخر له امتدادات خارجية!