تفاصيل الخبر

هل ينهي ”باراك اوباما“ ولايته بكارثة مالية فيأتي ”ترامب“؟ أم يتجنبها فتستقبلها ”هيلاري كلينتون“؟  

06/05/2016
هل ينهي ”باراك اوباما“ ولايته بكارثة مالية فيأتي ”ترامب“؟ أم يتجنبها فتستقبلها ”هيلاري كلينتون“؟  

هل ينهي ”باراك اوباما“ ولايته بكارثة مالية فيأتي ”ترامب“؟ أم يتجنبها فتستقبلها ”هيلاري كلينتون“؟  

بقلم خالد عوض

janette

لا يمكن تصوير ما يحصل في العالم اليوم أنه تحول اقتصادي عادي. هناك معايير ومفاهيم اقتصادية ومالية جديدة لم يعد باستطاعة المؤسسات التي خلقت منذ نصف قرن وأكثر أن تديرها. ربما ينطبق ذلك أيضا على المؤسسات السياسية والأممية الأخرى. فما دور الأمم المتحدة مثلا وممثلها <ستيفان دي مستورا> في مجازر حلب؟ أليست شاهد زور في أحسن الأحوال؟ ولو كان لها دور غير ذلك، ماذا يفعل إذاً وزير الخارجية الأميركية <جون كيري> في جنيف؟

بالعودة الى التحولات الاقتصادية والمالية يبدو العالم اليوم بحاجة إلى تغيير كبير في طريقة إدارة النمو الاقتصادي في عصر رقمي لا تنفع معه الأدوات المالية التقليدية.

لنأخذ اليابان على سبيل المثال. الحكومة اليابانية منذ عام ١٩٩٠ وحتى اليوم جربت كل شيء تقريبا ولم تستطع الوصول بالنمو الاقتصادي في اليابان إلى أكثر من ١ بالمئة سنوياً في أحسن الأحوال. ضخ البنك المركزي الياباني عشرات آلاف المليارات من الين لتحفيز الاقتصاد، جرب رفع الفائدة، ثم أنزلها إلى الصفر ومؤخراً جعلها سلبية. كل ذلك لم ينفع ولا يزال الاقتصاد الياباني عاجزاً عن النمو بالرغم من كل الوسائل المالية التي استخدمها والتي، حسب كل النظريات الاقتصادية والمالية التي لا تزال سائدة، كان من المفترض أن تنعش الاقتصاد الياباني.

الموضوع نفسه بدأ ينطبق على أوروبا اليوم. البنك المركزي الأوروبي لا يزال يضخ عشرات مليارات اليورو كل شهر ونزل بالفائدة إلى تحت الصفر، كل ذلك من أجل تحفيز النمو ولكن البيانات الآتية من أوروبا لا تشير إلى بداية نمو حقيقي هناك بل العكس هو ما يحصل. الأسعار لا ترتفع أي أنه بالكاد هناك أي تضخم مما يعني أن الاقتصاد جامد.

ظن الكل أن الولايات المتحدة ستغرد وحدها خارج سرب الغرب وتتجه إلى النمو عندما أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في كانون الأول (ديسمبر) المنصرم عن رفع الفائدة على الدولار بنسبة ٢٥ بالمئة وأكد أنه سيرفعها أربع مرات في ٢٠١٦. وكانت بيانات الناتج المحلي الأميركي للفصل الأول من هذه السنة قد صدرت منذ أيام وأشارت إلى نمو يساوي نصف بالمئة فقط، مما جعل البنك المركزي الأميركي يعدل عن أي زيادة جديدة للفائدة بل يمكن أن يعيد النظر في الرفع الذي كان قد أقره في نهاية العام الماضي ويعود بالفائدة إلى الصفر. وأصبح كل هم رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي <جانيت يلين> أن لا تبدو علامات الضعف على الاقتصاد الأميركي قبل نهاية عهد <اوباما> فتصب لصالح المرشح الجمهوري <دونالد ترامب>.

salameh-2ماذا يحصل؟ لماذا لا تنفع كل الأدوات المالية في تحفيز الاقتصاد الغربي؟ هل فقدت البنوك المركزية دورها وسبب وجودها؟

من المؤكد أن هناك عدة عوامل تجعل الاقتصادات الغربية في حالة جمود طويلة الأمد، اولها هو حجم الديون الموجودة في العالم. الديون الشخصية وديون الشركات الكبيرة والديون الحكومية بحيث من الصعب على أي من الأطراف الثلاثة تحمل المزيد من الديون والفوائد.

السبب الثاني هو العولمة، فإذا مرض اقتصاد الصين يدوخ الاقتصاد الأميركي. الترابط بين الاقتصادات يجعل من الصعب أن تنجح حوافز مالية محدودة في بلد ما في تغيير المسار الاقتصادي العام لدولة معينة.

أما السبب الثالث فهو التحول التكنولوجي والرقمي الذي غير ولا يزال في المجالات الاقتصادية التي يمكن أن تنمو في الحاضر والمستقبل. ما هي القطاعات التي ستلقى تجاوب المستهلكين في المستقبل؟ ما هي المنتجات والخدمات التي ستشهد الطلب الحقيقي الذي يمكن أن يصرف المستهلك المال له؟ هذا التغيير هو ما يحصل حاليا، والبنوك المركزية، كما غيرها من المؤسسات التقليدية التي أُنشئت زمن الثورة الصناعية، عاجزة عن توقعه واستقراء حجمه الاقتصادي.

ماذا يعني كل ذلك بالنسبة للبنان والمنطقة؟ هناك بصيص أمل صغير جدا بأن ينجح القطاع الخاص في بعض الدول العربية بأن يستقرئ المستقبل ويشارك في هذه الثورة الرقمية بدل أن يكون المتلقي لها. ولكن الاقتناع العام هو اننا سنكون جزءاً صغيراً من الذين سيستهلكون وليس من الذين سيغيرون، لأننا لا نجاري كما يجب التغيير الحاصل في العالم. فالموضوع نفسه ينطبق علينا في الأمور المالية: سنلحق تراجع الدولار وكل العملات الأخرى عالمياً من دون أن نتمكن من فعل أي شيء.

لقد ارتضينا منذ زمان طويل أن نكون في مقاعد المتفرجين والمتلقين لما يحدث في العالم وحولنا. وما أحداث حلب إلا تأكيد على هذا الدور السلبي الذي أدمنا عليه حتى أصبح خيارنا الوحيد اليوم هو النحيب... أو التصفيق.