تفاصيل الخبر

  هل يقر مجلس النواب موازنة 2020 أم تكون الأفضلية للبيان الوزاري والثقة؟!

24/01/2020
   هل يقر مجلس النواب موازنة 2020  أم تكون الأفضلية للبيان الوزاري والثقة؟!

  هل يقر مجلس النواب موازنة 2020 أم تكون الأفضلية للبيان الوزاري والثقة؟!

 

مع تسلم مجلس النواب مشروع موازنة العام 2020 ومناقشته، بدا واضحاً ان أرقام هذه الموازنة لم تعد كما أرسلتها حكومة الرئيس سعد الحريري قبل استقالتها وذلك نتيجة الظروف الاقتصادية الحادة التي أسفرت عنها <ثورة 17 تشرين> التي أرخت بثقلها على القطاعات كافة، فشلّت الحركة، وأقفلت المصارف، وتوقفت المدارس وعدد كبير من المصانع وترجعت عملية الانتاج وغيرها من التداعيات التي لم تكن في الحسبان، إلا انها عدّلت قسراً لا طوعاً، أرقام هذه الموازنة لاسيما لجهة المداخيل حيث لم يعد من الممكن احتساب موارد الموازنة كما كانت توقعت الحكومة عندما أحالتها على مجلس النواب.

والتبديل لم يطاول أرقام المداخيل فحسب بل هي شملت ما أحدثته لجنة المال والموازنة النيابية برئاسة النائب ابراهيم كنعان، من خفض النفقات الى أقصى حد نتيجة تغير المعطيات التي ارتكز عليها وزير المال علي حسن خليل في إعداد الموازنة. ولم يكن في مقدور لجنة المال أن تدخل المزيد من التغيير في الأرقام، لأن هذه التغييرات ــ كما يقول أحد أعضاء لجنة الموازنة النيابية ــ تمس في هيكلية الدولة، وهذا لا يدخل ضمن صلاحيات اللجنة إنما على الحكومة الجديدة اذا ما نالت الثقة أن تعد موازنة 2021. لقد تجاوبت الموازنة مع التخفيضات الى ان وصل حجمها الى 17 ألف مليار ليرة بعدما كانت 24 ألف مليار ليرة. صحيح ان ما حصل في لجنة المال لا يمكن وصفه بـ<الاجراءات الجوهرية> في العمق، انما استطاعت خفض بعض الأرقام وذلك بعدما تجاوب مصرف لبنان بأن يأخذ على عاتقه مبلغ 4 آلاف مليار ليرة.

لقد سبق أن أكدت وزارة المال تراجع ايرادات الدولة الى 14 ألف مليار ليرة، لكن الظروف المستجدة قد تجعل الرقم أعلى مما هو مرتقب لأن التعثر الاقتصادي الحالي لا يسمح بالارتكاز على رقم دقيق للانطلاق منه خصوصاً ان ايرادات الدولة تراجعت في الأشهر الأخيرة من سنة 2019، وفي الشهر الأول من العام 2020. صحيح ان لجنة المال والموازنة تحفظت على الأرقام التي أوردتها وزارة المال، لكن إعطاء أرقام دقيقة جديدة هو من مسؤولية السلطة التنفيذية التي تمثلها الحكومة الجديدة، وتقول مصادر نيابية ان على الحكومة الجديدة، أن تأخذ في الاعتبار، مع الطقم السياسي، ضرورة الاسراع الى وضع برنامج اصلاحي متكامل أي برنامج لإعادة هيكلة الاقتصاد الذي يحتاج الى إعادة صياغة على صعد مختلفة. كذلك ــ وفقاً للمصادر نفسها ــ على الدولة أن تعيد النظر في السياسات الاجتماعية، لا بل كل مكونات الاقتصاد بحاجة الى ذلك أيضاً.

تغيير المسار الاقتصادي!

 

وترى هذه المصادر ان المطلوب اليوم تغيير كل المسار الاقتصادي المعمول به راهناً، وبناء مسار مختلف ومغاير، لأنه لا يمكن الاستمرار على النحو نفسه لاسيما وأن امكانات الدولة الاقتصادية لم تعد قادرة على تحمل حجم الانفاق المقدر بـ24 ألف مليار ليرة، علماً ان 40 بالمئة من الانفاق يذهب نحو الأجور ورواتب التقاعد، وما بين 30 بالمئة الى 31 بالمئة فوائد. وتبقى نسبة 25 بالمئة منه للانفاق العام، وهو رقم غير كافٍ لتسيير منشآت الدولة والاستثمار، وتشكل الكهرباء 8 بالمئة من حجم الموازنة،لاسيما وان ثمة من يعتبر ان الكهرباء هي عنوان التخبط السياسي الموجود.

وفيما تدعو مصادر نيابية معنية الى اعتماد خطة انقاذية متكاملة تتعلق بكل مكونات الاقتصاد، مماثلة لما يجري في عدد من بلدان العالم التي تواجه أزمات اقتصادية ومالية شبيهة بالأزمة اللبنانية، ترى جهات رسمية الى ان المهم الآن هو الاصلاح المرتقب، وليس ادخال الأموال فقط، لأن الخطة الاصلاحية مطلوبة من جميع الأفرقاء، بمن فيهم <ثوار> 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وكان نشأ نقاش قبل ولادة الحكومة حول قانونية مناقشة موازنة 2020 في ظل حكومة تصريف الأعمال، حسمه الرئيس نبيه بري بالقول إن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد هي التي تحدد مسار الأمور، واستطراداً فإن الموازنة أمر أساسي في الانتظام العام، لا بد من تأمينه بعيداً عن الحسابات والتعقيدات السياسية أكثر منها الاجتهادات القانونية والدستورية. وفي هذا السياق نقل عن الوزير السابق زياد بارود ان هناك العديد من النصوص والمواد الدستورية التي تحسم هذا الأمر، إذ تعطي الأولوية لإقرار الموازنة قبل انتهاء شهر كانون الثاني (يناير) الجاري لأنه عندما تتشكل الحكومة الجديدة، تصبح الأولوية لإعطاء الثقة وفقاً للنص الدستوري ولاسيما الفقرة الثالثة من المادة 69 التي تنص على انه <عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة>، وبمجرد صدور مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة لا يعود هناك من وجود لحكومة تصريف الأعمال أو الحكومة المستقيلة.

في أي حال، توقعت مصادر سياسية متابعة ألا تطول مناقشة مجلس النواب لمشروع موازنة 2020 لأنه أشبع درساً في لجنة المال والموازنة النيابية التي شارك في جلساتها ممثلون عن مختلف الكتل النيابية،وقد تم تعديل العديد من البنود لاسيما ما يتصل منها بالبنود المتعلقة بالانفاق الذي تراجع نتيجة الظروف الراهنة. لكن العنصر الذي طرأ مع نهاية الأسبوع الماضي هو ارتفاع أسعار النفط عالمياً، مما سيرفع تلقائياً من أسعار السلع والبضائع إن من ناحية كلفة التصنيع أو من ناحية كلفة النقل. ويقول خبراء ان ارتفاع أسعار النفط سوف يعقد أكثر من مسار موازنة 2020!