تفاصيل الخبر

هل يحرك دخول الباخرة اليونانية ”البلوك 9“عملية ترسيم الحدود البحرية لمنع تكرار الخرق؟

27/12/2019
هل يحرك دخول الباخرة اليونانية ”البلوك 9“عملية ترسيم الحدود البحرية لمنع تكرار الخرق؟

هل يحرك دخول الباخرة اليونانية ”البلوك 9“عملية ترسيم الحدود البحرية لمنع تكرار الخرق؟

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فاجأ زواره الأجانب الأسبوع الماضي الذين حضروا لسؤاله عن التطورات المتصلة بتشكيل الحكومة الجديدة، تكليفاً وتأليفاً، بإثارة مسألة دخول سفينة يونانية مهمتها استكشاف قعر البحار، المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية عند الحدود والبقاء فيها لمدة سبع ساعات ثم العودة في اتجاه المياه الاقليمية المحتلة. والواقع ان هذا الخبر فاجأ أعضاء الوفود الذين لم يكونوا يتوقعون أن يثير الرئيس عون هذه المسألة، في وقت <غرق> فيه لبنان بأزمة سياسية نتيجة تعثر تشكيل الحكومة الجديدة بعد استقالة الرئيس الحريري وانتظار أكثر من 50 يوماً على تكليف رئيس جديد للحكومة هو الدكتور حسان دياب. عملياً كانت السفينة اليونانية في مهمة استكشافية واضحة بدليل انها بقيت سبع ساعات في المياه الاقليمية اللبنانية داخل البلوك رقم 9 الذي سوف يجري التنقيب فيه بحثاً عن نفط وغاز يعتقد بوجودهما في هذه النقطة من المياه اللبنانية المجاورة للمياه المحتلة اسرائيلياً.

لم يكتف الرئيس عون بإثارة هذه المسألة جلياً كمواقف أو ايضاحات، بل أبلغ محدثيه بأن لبنان طلب من قادة القوات الدولية التحقيق في هذا الحادث الذي يعتبره لبنان خرقاً فادحاً للقرار 1701 الذي يتمسك لبنان بكل مندرجاته، فيما تستمر اسرائيل في انتهاكها له بحراً وبراً وجواً. أحد الذين فاتحهم الرئيس عون في هذه المسألة كان قائد القوات الدولية الجنرال <استيفان دل كول> العائد حديثاً من نيويورك وواشنطن، حيث أجرى بالأولى محادثات مع المسؤولين الدوليين حول الوضع في الجنوب عموماً، وعلى الحدود خصوصاً ومسار عمل القوات الدولية بالتنسيق مع الجيش اللبناني، فيما سعى في الثانية الى اقناع المسؤولين الأميركيين بالاستمرار في دفع حصة الولايات المتحدة الأميركية في تمويل عمليات حفظ السلام في العالم، بما في ذلك عمل <اليونيفيل> في الجنوب اللبناني حفاظاً على الأمن والاستقرار فيه ومنعاً لأي خلل يمكن أن يحصل ويهدد المناخ الأمني المقبول السائد حالياً في الجنوب على رغم النيران المشتعلة في الجوار اللبناني.

وتقول مصادر ديبلوماسية لبنانية ان الجنرال <دل كول> الذي أحيط علماً بتحرك السفينة اليونانية، اعتبر ان هذه المسألة تتجاوز عمل <اليونيفيل> ولا بد من معالجة ما حصل مباشرة مع نيويورك لأن لا دور للقوات لدولية في مسألة النزاع القائم بين لبنان واسرائيل في ما خص ترسيم الحدود البحرية، خلافاً لما هو حاصل في الحدود البرية. ومراجعة نيويورك ــ حسب المصادر نفسها ــ تعني ان لحادثة دخول السفينة مضاعفات في حال تكررت عملية التسلل الى المياه الاقليمية اللبنانية تتجاوز قدرة <اليونيفيل> على معالجتها وتحتاج الى تدخل الأمين العام للأمم المتحدة <أنطونيو غوتيريس> شخصياً تحسباً من تداعياتها. وتقول المعلومات ان المسؤولين في الحكومة اليونانية لم يكونوا على علم بتحرك السفينة اليونانية التي ترفع علم باناما وهم لهذه الغاية سألوا الجانب اللبناني عن مزيد من التفاصيل لمتابعة ما حصل وفقاً للأصول. ولعل هذا الحادث أتى في غمرة محاولات اسرائيلية لتحريك ملف الترسيم البحري للحدود مع لبنان برعاية أميركية علّ واشنطن تضغط على لبنان لتقديم تنازلات رفضها الجانب اللبناني مراراً تقضي باقتطاع مساحة بحرية محددة من <البلوك 9> في المنطقة الاقتصادية الخالصة على الحدود تستفيد منها اسرائيل التي تدعي بوجود حقل للنفط والغاز مجاور للحقل اللبناني وهو يتداخل معه في عدد من الأماكن. في وقت يرى لبنان ان لا مجال للتنازل عن أي متر مكعب من المياه الاقليمية اللبنانية لأنه يرتبط بنظرة لبنان الى الحدود والتي تضع <البلوك 9> بكامله تحت السيادة اللبنانية.

 

تصعيد اسرائيلي يواكب الباخرة!

 

وفي انتظار جلاء حقيقة ما حصل والدور الفعلي الذي قامت به السفينة اليونانية، توقفت مصادر متابعة عند تلازم تحرك السفينة وسط تصعيد اسرائيلي ظهر من خلال مواقف عدد من القادة الاسرائيليين حيال لبنان عموماً، وحزب الله خصوصاً تصب كلها في ان حزب الله طوّر من استعداداته العسكرية على طول الحدود، إضافة الى إشارة قبل أيام الى ادخال صواريخ ايرانية جديدة ضد الطائرات الى ترسانة الحزب... وكانت ذروة التصعيد الاسرائيلي في مضمون التهديد الذي أطلقه الأسبوع الماضي رئيس الوزراء الاسرائيلي <بنيامين نتانياهو> وحذر فيه من <ان لبنان كله سيدفع ثمناً باهظاً إذا ما تجرأ حزب الله على تنفيذ تهديداته لاسرائيل انفاذاً لأوامر أتته من طهران أخيراً>. وبناء على هذه الوقائع وغيرها أثيرت علامات استفهام حول المستجدات الفعلية التي دفعت تل أبيب الى رفع مستوى تهديداتها على هذا النحو، وهل من رابط بين تحريك السفينة اليونانية في اتجاه المياه الاقليمية اللبنانية <لاستفزاز> حزب الله وجره الى مواجهة مع اسرائيل في هذا الوقت بالذات الذي يشهد فيه لبنان ظروفاً سياسية وأمنية واقتصادية صعبة، وفي وقت تنشغل وحدات عدة من الجيش اللبناني في حفظ الأمن في الداخل ما دعاها الى تخفيف حضورها الميداني في الجنوب بنسبة قليلة وتزامنت هذه التهديدات مع تحركات مريبة للجيش الاسرائيلي على طول الحدود، فرضت استنفاراً عسكرياً لبنانياً في المقابل ما أحدث قلقاً في صفوف السكان الحدوديين والمسؤولين اللبنانيين على حد سواء.

 

موقف حزب الله!

حيال هذه الوقائع ماذا كانت ردة فعل حزب الله المعني مباشرة بما يجري على الحدود؟

المصادر المطلعة على مواقف الحزب، أكدت لـ<الأفكار> انه لا يجب الاستسهال حيال التهديدات الاسرائيلية علماً ان كل تحرك معادٍ على الطرف الآخر من الحدود الجنوبية هو تحت عين الرصد، بالتزامن مع تطوير امكانات التصدي لأي عدوان مفاجئ من خلال تحديث القدرات القتالية من مختلف النواحي. لكن المصادر نفسها تقول إنه في كل مرة يصعّد فيها قادة العدو من لهجة تهديداتهم ضد الحزب ولبنان، يريدون فعلياً ايصال رسالة الى جمهورهم في كل مرة تقع فيها أزمات داخل الكيان المعادي، وثمة من يستبعد من الخبراء لجوء اسرائيل في هذه المرحلة الى عمل عسكري من أي نوع كان ضد الساحة اللبنانية، وعليه فإن كل التهديدات الأخيرة التي دأب على اطلاقها قادة العدو في الآونة الأخيرة وفي مقدمهم <نتانياهو> هي عملياً محاولة مكشوفة لتصدير أزمة الداخل الاسرائيلي الى الخارج، إذ لم يعد خافياً ان اسرائيل تلجأ للمرة الثالثة خلال نحو عام الى انتخابات عامة مبكرة للهرب من أزمة سياسية داخلية مفتوحة وفق كل التقديرات على الاحتمالات السلبية. وعليه ــ تضيف المصادر ــ ان اطلاق رئيس الوزراء الاسرائيلي التهديدات تهدف الى تعزيز أوراقه ومواقفه من المعادلة الداخلية المرتجاة، والسعي الى تأمين العودة الى رأس هرم السلطة وتجنب كأس الهزيمة السياسية المرة وتلافي القضاء الذي يلاحقه.

في المقابل، ثمة من يرى من الخبراء ان <نتانياهو> يحاول من خلال التهديد والوعيد <الاستثمار> في الأزمة اللبنانية الراهنة من خلال ممارسة الضغوط على هذه الساحة الغارقة في همومها ومشاكلها، في محاولة لـ<حشر> حزب الله في الزاوية واظهاره في موقع المتهم. فضلاً عن أي عدوان اسرائيلي ضد لبنان يحتاج الى <مباركة> أميركية غير متوافرة اليوم من ادارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> الغارق هو أيضاً بمشاكل داخلية وبخلافات مع مجلس النواب الأميركي. وفي الإطار نفسه، يرى خبراء عسكريون انه ليس في الأفق من مستجد على جانبي الحدود يوحي بأن الأمور آيلة الى التدرج في اتجاه المواجهة المفتوحة أو حتى المحدودة. لكن ذلك لا يلغي استغلال قادة اسرائيل للأوضاع في لبنان لـ<يقنعوا> الداخل الاسرائيلي بأن قوة الردع الاسرائيلية تبقى <الضمانة> الوحيدة لحماية الاسرائيليين وللرد على استطلاعات الرأي التي تعكس قلق الاسرائيليين من أوضاعهم الداخلية المضطربة أيضاً.