تفاصيل الخبر

هل يبادر حبيش الى الاستقالة من مجلس النواب أم ينتظر قراراً برفع الحصانة عنه لمحاكمته؟!

20/12/2019
هل يبادر حبيش الى الاستقالة من مجلس النواب أم ينتظر قراراً برفع الحصانة عنه لمحاكمته؟!

هل يبادر حبيش الى الاستقالة من مجلس النواب أم ينتظر قراراً برفع الحصانة عنه لمحاكمته؟!

في الوقت الذي كان فيه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود يقول أمام 32 قاضياً متدرجاً اقسموا اليمين، ان التحديات التي تواجه القضاة تكون مواجهتها في ممارسة استقلالية <نريدها حقيقية وفي استعادة ثقة نودها ثابتة وفي طمأنينة قاض الى يومه وغده (...) من دون تدخلات وعواقب وضغوطات>، كان قصر العدل في بعبدا يشهد مواجهة من نوع آخر: نائب عكار هادي حبيش يقتحم مكتب المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون ويطلق التهديدات والإهانات بحقها على خلفية قرار اتخذته عون بتوقيف قريبته رئيسة هيئة السير السيدة هدى سلوم على خلفية ارتكابات مالية وقبض رشاوى وغيرها من المخالفات التي حققت فيها القاضية عون منذ أكثر من أربعة اشهر ووصلت الى معطيات تدين السيدة سلوم. <غزوة> النائب حبيش على القاضية بررها نائب عكار بأنه لا يحق للقاضية توقيف سلوم من دون إذن من رئيستها، أي وزيرة الداخلية ريا الحسن التي أذنت فقط بالاستماع الى رئيسة هيئة السير من دون أن توافق على أي تدبير آخر في حقها. في حين اعتبرت القاضية عون ان لديها من الادلة والمستندات ما يكفي لاتخاذ التدبير الذي استندت الى القوانين لاتخاذه. هذه الخطوة جعلت النائب حبيش <يخرج من ثيابه> ويوجه سلسلة اتهامات الى القاضية إضافة الى نعوت وتوصيفات يعاقب عليها القانون لأنها تتضمن تحقيراً وإهانات وغير ذلك من التهم التي كانت كافية لو شاءت القاضية ان توقف النائب حبيش بالجرم المشهود الذي يسقط الحصانة النيابية التي يتمتع بها.

إلا ان القاضية عون اكتفت بالرد على النائب حبيش ورفض كلامه وغادرت مكتبها بعدما أبلغت مجلس القضاء الأعلى ما حصل معها مع النائب الذي ظل يصرخ ويشتم في الممر المؤدي الى مكتب القاضية التي غادرت قصر العدل بحماية قوة من الفوج المجوقل في الجيش! وأثارت هذه الحادثة ردود فعل مختلفة لكن غلبت عليها السلبية كون الحادثة تحصل للمرة الأولى في تاريخ القضاء ان يقدم نائب ومحام على إهانة قاض في مكتبه والتهجم عليه وكيل التهم بحقه.

مجلس القضاء يدعي!

 

ولعل أبرز ردود الفعل كانت من مجلس القضاء الأعلى الذي قرر الادعاء على النائب حبيش وراسل رئيس مجلس النواب نبيه بري لاعتبار الحصانة على النائب ساقطة بسبب وقوع ما حصل تحت إطار الجرم المشهود الذي يسقط الحصانة مباشرة. ولم تكن الحاجة الى تقديم الشهود لهذه الشكوى بعد أفلام الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل ومحطات التلفزة خصوصاً ان النائب حبيش أصر على تصوير وقائع <هجومه> على مكتب القاضية والممر المؤدي إليه... إلا ان ثمة من رأى ان صفة الجرم المشهود سقطت بعد 24 ساعة من حصول الجرم لاسيما وان الادعاء على النائب حصل بعد ساعتين من مرور مهلة الـ24 ساعة المحددة قانوناً، في حين أصر مجلس القضاء على موقفه وأوكل الى المدعي العام التمييزي غسان عويدات متابعة القضية للاختصاص.

وفيما كرت سبحة التحقيقات في ملف هيئة السير ومصلحة تسجيل السيارات والآليات المعروفة بـ<النافعة> بعد توقيف نحو 16 شخصاً بين متهم بالرشوة ومستفيد منها ومزوّر ومصدر قرارات على بياض... برز نقاش حول ما إذا كان الرئيس بري سيستجيب لطلب مجلس القضاء الأعلى رفع الحصانة في أول جلسة يعقدها، لاسيما وان المعلومات أشارت الى ان بري كان منزعجاً مما فعله حبيش ولامه على تصرفه قائلاً: <ورطنا هادي حبيش بغلطة كبيرة>. وفي هذه الأثناء كان وصل الى مجلس النواب استدعاء القاضي عويدات للنائب حبيش بعد الادعاء عليه بجرم التهجم على القاضية عون، إلا ان نائب عكار لم يحضر الى قصر العدل بل حضر موكله وقدم مذكرة دفوع في حين كانت الملاحقة جزائية في حقه.

هل يحذو حبيش حذو الموسوي؟

 

وفيما استذكر نواب ما فعله النائب السابق نواف الموسوي يوم دخل مع مسلحين الى مخفر الدرك في الدامور على خلفية اعتداء طليق ابنته عليها ومطاردتها وإهانتها، حين قدم استقالته من مقعده في مجلس النواب قبل أن يتخذ المجلس أي اجراء بحقه، رأى مطلعون ان النائب حبيش لن يكرر ما فعله زميله السابق نواف الموسوي، خصوصاً انه توارى عن الأنظار بعد الحادثة وحرك موكله في اتجاه النيابة العامة لينوب عنه. أما الجدل الذي نشأ فهو حول رفع الحصانة عن النائب حبيش استناداً الى الفصل الثالث عشر من النظام الداخلي لمجلس النواب، بين قائل انه في حالة الجرم المشهود تسقط الحصانة حكماً نظراً لحالة التلبس، وقائل بأن رفع الحصانة شرط أساسي للتمكن من محاسبة النائب الذي هو أيضاً محام مسجل في نقابة محامي الشمال، وثمة من رأى ان ملاحقة حبيش تجوز لأنه ضبط متلبساً (الجرم المشهود) غير ان هذا الأمر لم يحسم بشكل نهائي، في وقت استمرت ردود الفعل السلبية على ما فعله النائب حيث اعتبر منتقدو تصرف حبيش ان ما فعله يستحق المحاسبة لأنه أساء الى النواب بقدر ما أساء الى نفسه، وبالتالي لا حاجة لطلب الاذن المسبق للملاحقة من مجلس النواب.

وتوقعت مصادر معنية ان يستمر النقاش حول هذه المسألة ما لم يحصل تطوران: الأول تطبيق القانون بحق النائب حبيش بعد موافقة الرئيس بري ومن دون حاجة الى جلسة لرفع الحصانة، والثاني مبادرة حبيش نفسه الى الاستقالة لعدم وضع مجلس النواب أمام حالة من الاحراج. لكن ثمة من يؤكد ان حبيش لن يقدم استقالته وسيترك النقاش قائماً حول ضرورة اعتماد الآلية الخاصة برفع الحصانة، علماً ان حالة التلبس بالجريمة تتجاوز إذن المجلس.

 

<مغارة> النافعة!

 

في هذه الأثناء أكدت مصادر قضائية ان التحقيقات التي أجرتها القاضية عون في النافعة اسفرت عن توقيف 16 شخصاً، والعدد مرشح للارتفاع، وبين الموقوفين موظفين وسمسارين يجري التحقيق معهم في ثلاثة ملفات، الأول يتعلق بالسمسار جوزف ح. ووالده الذي عثر في مكتبه على أكثر من مئتي صك بيع مسجلة بأرقام وأسماء أصحابها وهي صكوك يمنع أن تكون موجودة خارج النافعة وقد ضبطها جهاز أمن الدولة لدى دهم المكتب، وتبين ان هذا السمسار يدفع بين 300 و500 دولار أسبوعياً لكل موظف في النافعة من الموظفين المشتبه بهم تبعاً لعدد صكوك البيع التي ينجزونها له. أما الملف الثاني فيتعلق بمفاوضة موظف يدعى علي م. طُرد من النافعة لاتهامه مع آخرين باختلاس ثلاثة مليارات ليرة لإعادته الى العمل مقابل 100 ألف دولار، والملف مرفق بتسجيلات صوتية مع موظفين مقربين من سلوم أحدهما من بلدتها! اما الملف الثالث فيتعلق بقرارات شفهية صادرة عن سلوم تسببت بهدر ملايين الليرات وتتعلق بدفاتر القيادة المؤقتة المعروفة بـ<دفاتر الشركات> وقد تبين ان سلوم كانت تمنح هذه الدفاتر موقعة على بياض، إضافة الى شبهات بإعادة بيع طوابع سبق استخدامها فيما يفرض القانون اتلافها!

وتضيف المصادر ان ملف النافعة الذي فتح أظهر وجود <مغارة> تعج بالمخالفات التي ضبطها التفتيش المركزي لكن لم يكن بالامكان متابعتها نتيجة تدخل جهات ذات نفوذ سياسي واداري في آن لمنع فتحها أو المضي بالتحقيق في شأنها. ويتحدث معنيون عن <كرة ثلج> بدأت تتدحرج لتكشف معلومات خطيرة عن تجاوزات حصلت في مصلحة تسجيل السيارات والآليات (النافعة)، وان هذا الملف الذي فُتح لن يجد هذه المرة من يقفله!