تفاصيل الخبر

هل تتحول العقوبات ضد إيران إلى عقوبات ضد حزب الله و... لبنان؟

24/12/2015
هل تتحول العقوبات ضد إيران إلى  عقوبات ضد حزب الله و... لبنان؟

هل تتحول العقوبات ضد إيران إلى عقوبات ضد حزب الله و... لبنان؟

 

بقلم خالد عوض

hassan-nasrallah بدأ العد العكسي لرفع العقوبات الدولية عن إيران. ففي الإجتماع الأخير للهيئة الدولية للطاقة الذرية في ١٥ كانون الأول/ ديسمبر المنصرم أعلن مدير عام الهيئة الياباني <يوكيا أمانو> عن قرار بالإجماع يؤكد أن إيران لم تقم منذ ٢٠٠٩ ولا تقوم حالياً بأي أعمال تسلح نووية، وكل المطلوب منها هو استكمال برنامج تخفيف أجهزة الطرد المركزي والخطوات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع الدول الـ(٥+١).

وبما أن الهيئة تأكدت أن إيران تزيل حوالى ١٦٢ جهاز طرد نووي يومياً منذ أول تشرين الثاني/ نوفمبر، فهذا يعني أنها ستتمكن من النزول من حوالى ١٨٠٠٠، وهو العدد الأساسي للأجهزة لديها، إلى مستوى ٥٠٠٠، وهو العدد المسموح به في الاتفاق، خلال شهرين ونصف الشهر تقريباً. أي أن موعد إزالة العقوبات المتعلقة بالنفط والتحويلات المالية، والمربوطة أساساً بإزالة أجهزة الطرد، مفروض ألا يتأخر عن نهاية كانون الثاني/ يناير المقبل.

إذاً فالمصارف الإيرانية ستدخل إلى عالم <السويفت> مع شباط/ فبراير ٢٠١٦، ويمكن ساعتئذٍ إرسال واستقبال أموال من إيران بأي عملة وفي أي مكان في العالم، بما فيها لبنان.

إلاّ أنّه رغم هذا التحول الاقتصادي الكبير فسوف تبقى هناك عقوبات تجارية أميركية مرتبطة بضلوع إيران بتمويل <نشاطات ارهابية>، وهي تمنع أي مواطن أو شركة أميركية من القيام بأي أعمال تجارية في إيران ما عدا قطاع الطيران المدني. الأوروبيون يتجاهلون هذه العقوبات ويهرولون إلى عقد صفقات تجارية في إيران ستظهر مؤشراتها خلال النصف الأول من عام ٢٠١٦ في عدة قطاعات. ولذلك لا يكترث الإيرانيون كثيراً إلى الموقف الأميركي لأنهم مقتنعون أنهم، من خلال صفقات مع كبرى شركات النفط الأميركية وشركة <بوينغ>، ومن خلال دخول مصارفهم في النظام المالي العالمي وانفتاحهم على السوق الأوروبية، سيقللون كثيراً من أهمية ووطأة العقوبات الأميركية الباقية.

<اللوبي> الإسرائيلي في الولايات المتحدة غير راض بالطبع عن كل ذلك. وهو يريد تعويض فشل إسرائيل في منع الاتفاق النووي مع إيران بالضغط عليها من خلال تقويض حزب الله. وقد نجح الإسرائيليون إلى حد كبير في إقناع الإدارة الأميركية بضرورة محاصرة حزب الله اقتصادياً ومالياً، خاصة عندما تُزال العقوبات ضد إيران خلال شهور. فالمساحة المالية التي ستكسبها إيران يمكن أن يستفيد منها الحزب اللبناني بطريقة أو بأخرى. لذلك تسعى إسرائيل إلى إقناع الأميركيين والغرب بشكل عام بضرورة تشديد الخناق على حزب الله حتى لو كان ذلك عبر التشدّد مع القطاع المصرفي اللبناني برمته. وكلام السيد حسن نصر الله منذ أيام أن ليس لدى حزب الله أي أموال في البنوك اللبنانية أو أي مصارف أخرى مفيد جداً، ولكنه لن يكفي لإزالة خطر الكابوس المالي الذي يمكن أن يتعرض له لبنان في حال تعرض بعض بنوكه لعقوبات مالية بسبب تعاملها Riad-Salameبشكل أو بآخر مع الحزب حتى لو كان ذلك منذ عدة سنوات.

ليس المطلوب ردة فعل سلبية وعمياء للبنوك اللبنانية من خلال <مقاطعة> حزب الله أو أي جهة قريبة منه مالياً. وهذا كان بدأ بالحصول مع عدة مصارف. كما أنه ليس سهلاً على الدولة اللبنانية أن تحارب هذه <الهجمة> المالية الإسرائيلية المنشأ بتصريحات حول <السيادة>.

المطلوب جهد ديبلوماسي كبير يشرح خصوصية لبنان وقطاعه المصرفي، وامتثاله الكامل لكل مقررات <بازل>. والمطلوب أيضاً مواكبة ذلك بمزيد من القوانين التي تثبت أن لبنان جدي في مكافحة غسيل الأموال ومنع استخدام قطاعه المصرفي في أي عمليات ارهابية. وكما كان مصرف لبنان سباقاً في وضع قيود على المصارف اللبنانية لمنعها من الاستثمار في الأدوات المالية العقارية قبل الأزمة العالمية عام ٢٠٠٨، كذلك يمكنه المبادرة إلى إصدار جملة قيود تشدد الرقابة على مصادر ووجهة استعمال الأموال من وإلى خارج لبنان. وقد يتعارض ذلك مع بعض أوجه السرية المصرفية أو مستلزمات الاقتصاد الحر، ولكن المهم هنا سلامة القطاع المالي اللبناني وليس بعض الأشخاص أو الشركات.

السير بين الألغام هو التعبير الأدق للمرحلة المقبلة لمصرف لبنان. فالهجمة على حزب الله ستكون شرسة جداً ويجب النأي عنها لبنانياً بشتى الوسائل. ومن واجب حزب الله تفهمها من دون التخوين أو التجييش السلبي ضد الدولة، فمصلحته الأولى تقضي بأن يستمر الوضع المالي في البلد مستقراً حتى لو كان ذلك عبر بعض الخطوات البنكية التي يعتبرها إنتقاصاً من.... السيادة.