تفاصيل الخبر

هــــل تـتجــاوب الحسن مع طلب مجلــس القضــاء الأعلــى إلغـــاء العـلــــم والـخـبـــر لـ”نـــادي قـضــــاة لـبـــــنـان“؟!

22/02/2019
هــــل تـتجــاوب الحسن مع طلب مجلــس القضــاء الأعلــى  إلغـــاء العـلــــم والـخـبـــر لـ”نـــادي قـضــــاة لـبـــــنـان“؟!

هــــل تـتجــاوب الحسن مع طلب مجلــس القضــاء الأعلــى إلغـــاء العـلــــم والـخـبـــر لـ”نـــادي قـضــــاة لـبـــــنـان“؟!

ينتظر أن يواجه وزير العدل القاضي البرت سرحان ووزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريا الحسن، أول اختبار لمدى تعاون الوزيرين المنتميين الى تيارين متحالفين، التيار الوطني الحر وتيار <المستقبل>. وماهية هذه المواجهة حساسة إذ تتصل بالسلطة القضائية التي يفترض أن تكون مستقلة وأن تتم حماية استقلاليتها. أما سبب هذا الاختبار - أو ربما المواجهة - فيعود الى بيان العلم والخبر الذي وقّعه وزير الداخلية والبلديات السابق نهاد المشنوق بتأسيس جمعية تحمل اسم <نادي قضاة لبنان> قبل صدور مراسيم تشكيل الحكومة في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، والذي نُشر في العدد رقم 7 من الجريدة الرسمية الصادر في 7 شباط/ فبراير الجاري. واللافت أن بيان العلم والخبر صدر بعدما كان طلب الجمعية استُبقي في المديرية الإدارية المشتركة في وزارة الداخلية منذ 20 نيسان/ أبريل 2018!

وتعود دقة الاختبار الذي سيواجه الوزيرين سرحان والحسن الى أن تأليف <جمعية نادي قضاة لبنان> واجه منذ الإعلان عنه (قبل الحصول على العلم والخبر) اعتراضاً عن مجلس القضاء الأعلى الذي راجع رئيسه القاضي جان فهد وأركانه مراراً الوزير المشنوق لعدم الموافقة على العلم والخبر لكون شؤون القضاء والقضاة يرعاها مجلس القضاء الأعلى والهيئات المنبثقة عنه ولا يمكن لأية جهة أخرى أن تتعاطى في شؤون السلطة القضائية، وهي إحدى السلطات الثلاث التي نص الدستور على وجودها. وتقول مصادر قضائية إن الوزير المشنوق كان يتريث في توقيع العلم والخبر، في وقت نشط موقّعو طلب تأسيس الجمعية في أكثر من اتجاه لـ<الإفراج> عن العلم والخبر الخاص بجمعيتهم وزاروا كبار المسؤولين لهذه الغاية ومنهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لفتهم الى بعض الملاحظات المتعلقة بطريقة تأليف الجمعية واعداً بدرس الملف من الناحيتين المسلكية والقانونية.

مجلس القضاء يعترض... وهذه الأسباب!

 

وفي وقت يقول فيه القضاة الذين انشأوا الجمعية أن الغاية من تحرّكهم ليست مواجهة مجلس القضاء الأعلى أو تشكيل <حالة انفصالية> عنه، ذلك أن أعضاء الجمعية هم من القضاة ويتبعون مسلكياً لمجلس القضاء الأعلى، ترى مصادر المجلس أن الأهداف المعلنة للجمعية في العلم والخبر الذي استحصلت عليه تجعل من الجمعية <كياناً قضائياً> مستقلاً لأن هذه الأهداف مماثلة لتلك التي يعمل من أجلها مجلس القضاء الأعلى لاسيما ما يتصل <بتحقيق استقلالية السلطة القضائية وترجمة هذه الاستقلالية عملياً من الناحيتين المادية والمعنوية>، و<تعزيز معايير الحياد والنزاهة والتجرّد في العمل القضائي والتأكيد على وجوب الالتزام بقواعد الأخلاقيات القضائية لاسيما المقرّة في <شرعة بنغالور للأخلاقيات القضائية> وفي مواثيق وقرارات الأمم المتحدة>. وتضيف مصادر مجلس القضاء الأعلى أن الازدواجية المحققة عملياً بين دور المجلس و<أهداف> الجمعية، تبرز خصوصاً في البند الثالث من العلم والخبر الذي يشير الى أن من أهداف الجمعية <العمل على تعزيز كرامة القضاة والدفاع عنها، مع تغليب روح المساءلة والشفافية بحيث يكون لها (أي الجمعية) الحق في الادعاء والتدخل في دعاوى الجرائم الواقعة على القضاء والقضاة من أعمال شدة وتحقير وذم وقدح>. وهنا تقول المصادر ان هذه الأهداف تدخل في صلب عمل مجلس القضاء الأعلى الذي لم يتوان يوماً عن الدفاع عن كرامة القضاة ومساءلتهم عند الضرورة، وذلك الى حد الطلب من عدد منهم الاستقالة لارتكابهم مخالفات في ادائهم القضائي، لكن من دون التشهير بهم لاسيما بعد استقالتهم وخروجهم نهائياً من السلك القضائي، وصولاً الى حرمان بعضهم من أي لقب شرفي أو دور في لجان أو هيئات إلخ... وفي تقييم مصادر مجلس القضاء أن القضاة الأعضاء في الجمعية تجاوزوا القواعد والأسس والمناقبية القضائية عندما أعطوا لأنفسهم حق <المساءلة> و<الادعاء> و<التدخل> في دعاوى الجرائم الواقعة على القضاء والقضاة لأن ذلك من مسؤولية مجلس القضاء الاعلى دون غيره، خصوصاً أن للقاضي حصانة لا تُنزع منه إلا بقرار من مجلس القضاء الأعلى ووفقاً لأسس وقواعد لا تسمح لأية جهة غير تلك المختصة من التدخل فيها.

 

تجاوز لصلاحيات مجلس القضاء!

 

وتساءلت المصادر نفسها عما ترمي إليه الجمعية من خلال الإيراد في لائحة أهدافها <التأكيد على البُعد الاسمى للرسالة القضائية وتعزيز مكانة القاضي ودوره الفاعل في المجتمع انطلاقاً من المنزلة المعنوية الرفيعة التي يتمتع بها>، فهل قصّر مجلس القضاء يوماً في الدفاع عن سمو الرسالة القضائية؟ وكيف تجيز مجموعة من القضاة لنفسها بـ<منافسة> مجلس القضاء الأعلى في مهمة هي من صلب عمله ودوره؟ أما بقية الأهداف، مثل تواصل القضاة في ما بينهم ومع جميع المؤسسات المعنية بشؤون القضاء، والتعاون مع جمعية قدامى القضاة، وتعزيز التدريب المستمر إلخ... فلا تحتاج الى إنشاء جمعية لأنه عمل شبه يومي يمكن للقضاة القيام به مجموعين أو منفردين من دون أن يُعطى لهذا التواصل إطار مؤسساتي رديف لمجلس القضاء. إلا أن ما أثار اعتراض مجلس القضاء الأعلى فهو إعلان الجمعية <السهر على احترام مبادئ الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان> و<تعزيز ثقافة المساءلة في المجتمع وتكريس دولة القانون وتقديم الاخبارات بخصوص جرائم الفساد والإثراء غير المشروع>، ذلك أن المجلس وجد في هذه الأهداف تجاوزاً واضحاً غير مقبول لدور مجلس القضاء الأعلى، خصوصاً أن القضاة الذين أسسوا الجمعية تحدّثوا عن تنظيم دورات تدريبية وتثقيفية وندوات ومؤتمرات وإصدار نشرات ومطبوعات والتعاون مع مؤسسات ونقابات وجهات رسمية داخل لبنان وخارجه، مع ما يعني ذلك من تجاهل لدور مجلس القضاء وسعياً للحلول مكانه...

هل تلغي الحسن العلم والخبر؟!

 

ويبقى السؤال: ماذا عن الخطوة التالية؟

تقول مصادر مجلس القضاء الأعلى أن المجلس طلب من وزير العدل الجديد ألبرت سرحان متابعة الملف، ومن الوزيرة ريا الحسن إلغاء العلم والخبر الصادر عن سلفها حتى تستقيم الأوضاع داخل الجسم القضائي، في وقت هدّد موقّعو تأسيس الجمعية بالتوقف عن العمل وشل المحاكم التي يعملون فيها لأنهم يعتبرون أن من حقهم الالتقاء في جمعية تهدف الى الاهتمام بأوضاع زملائهم الذين يعانون من عدم تجاوب مجلس القضاء الأعلى مع مطالب لهم، خصوصاً أنهم سبق أن أعلنوا التوقف عن العمل قبل مدة واستمر ذلك لأسابيع من دون أن يلقوا من مجلس القضاء الأعلى آذاناً صاغية... من هنا تبدو المسألة في غاية التعقيد لاسيما وأن الوزير سرحان هو قاضٍ إداري سابق في مجلس شورى الدولة ويدرك معنى حصول خلافات راهناً بين أعضاء الجسم القضائي لأسباب يمكن معالجتها وعدم <تكبير حجمها> في الظروف التي تمر بها البلاد. أما الوزيرة الحسن التي باشرت درس الملف مع مجموعة من القانونيين فلم تشأ التعليق على هذه المسألة قبل توافر كل المعطيات المتصلة بها نظراً لدقتها.

وفي الانتظار، باشرت <جمعية نادي قضاة لبنان> عملها واتخذت مقراً لها في فرن الشباك شارع مار نهرا، وتستعد لمراسلة جمعيات مماثلة لها في الخارج، علماً أن هذه الجمعيات يغلب عليها الطابع الاجتماعي والرياضي، ولا تقوم بأعمال تدخل في صلب العمل القضائي الصرف.

وفي ما يلي أسماء الأعضاء المؤسسين، كما ورد في العلم والخبر، وهم القضاة السيدات والسادة: أماني علي فواز، نجاة رامز أبو شقرا، بلال علي وزنة، أماني رياض سلامة، ربيع محمد الحسامي، حسن نمر الشامي، رؤى حيدر حمدان، فيصل محمد مكة، رشاد عادل حطيط، محمد رضا رعد، إيهاب عبد الرحيم عبد الرحيم، يحيى محمد علي غبورة، حمد مرعي صعب، محمد فرج الله فواز، حمزة عوض شرف الدين، سهى عبد القادر فليفل، جمال أحمد محمود، مايا أحمد عساف، رولى عدنان الحسيني، جويل فواز، فؤاد حليم مراد، زاهر منير حمادة، ندين بولس رزق، حسن محمد حمدان، فاطمة فوزي جوني، يولا مصطفى غطيمي، هبة محمد عزت عبد الله، بلال عدنان بدر، كارلا مخول شواح، وائل حسن أبو عساف، سمر محمد البحيري، لارا عبد الصمد. ويمثل الجمعية لدى الحكومة القاضي فيصل محمد مكة.

وفي العلم والخبر أن على الهيئة التأسيسية استكمال إجراءات تأسيس الجمعية والدعوة الى انتخاب هيئة إدارية خلال مهلة سنة من تاريخ نشر العلم والخبر في الجريدة الرسمية.