تفاصيل الخبر

هل تنفجر حكومة لبنان الجديدة أم تصبح مدخلا لهدنة إيرانية - أميركية في المنطقة؟

24/01/2020
هل تنفجر حكومة لبنان الجديدة أم تصبح مدخلا لهدنة إيرانية - أميركية في المنطقة؟

هل تنفجر حكومة لبنان الجديدة أم تصبح مدخلا لهدنة إيرانية - أميركية في المنطقة؟

 

بقلم خالد عوض

 

كان يمكن لحكومة رئيس الوزراء حسان دياب باسمائها نفسها أن تستحق فرصة من المنتفضين لو كان دياب قد  شكلها خلال أيام ولو لم تطغَ عليها تدخلات الأحزاب بالشكل الذي ظهرت عليه، وكان يمكن أن يصدق الناس كلام رئيس الحكومة ونيته الجدية في الإنقاذ وفي تلبية مطالبهم لو بقي بعيدا عن أي اجتماعات مع رموز السلطة نفسها التي كانت تساهم في تأليف الحكومة في السابق، أما وقد دخل في معمعة التأليف القديمة نفسها فهو أصبح اليوم مطالبا بالكثير وبسرعة فائقة إذا أراد لحكومته أن تجتاز قطوع ثقة الشارع وثقة الخارج حتى قبل أن تذهب إلى المجلس النيابي.

 

شروط ثقة الإنتفاضة!

مطلوب أولا أن تعلن الحكومة من خلال البيان الوزاري نيتها في إجراء إنتخابات نيابية خلال مدة لا تزيد عن ستة شهور. ومطلوب ثانيا أن تفتح بسرعة ملفات الفساد في وزارة الإتصالات والكهرباء والأشغال وغيرها وأن تحيل إلى القضاء تلك الملفات. ثالثا على الحكومة الإعلان عن نيتها ملاحقة كل السياسيين الذين هربوا أموالهم إلى خارج لبنان على الأقل خلال عام ٢٠١٩ من خلال قوانين مكافحة التبييض والإثراء غير المشروع. ومطلوب منها رابعا تعيين هيئات ناظمة في قطاعات الكهرباء والإتصالات والطيران المدني وتعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان ونواب حاكم المصرف المركزي. كما المطلوب منها إحالة بعض رؤساء المجالس والمدراء العامين وبعض المتعهدين المعروفين الذين لم يتوقفوا عن الإستفادة من عقود الدولة حتى بعد ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩ إلى القضاء. وأخيرا يجب على الحكومة محاسبة بعض العناصر في قوى الأمن التي أفرطت في إستخدام القوة ضد المتظاهرين.

إذا كان حسان دياب جدياً وصادقا ومستقلا كما يقول فكل هذه الأمور يمكن أن تبت خلال عشرة أيام في أقصى حد. صحيح أن رئيس الحكومة وعد بالسرعة وليس التسرع ولكن السرعة الفائقة ولو الى حد <التسرع> في التعيينات وإحالة الملفات إلى القضاء هي الطريق الوحيد أمامه لإطفاء غضب الناس. من دون هذه السرعة ستتحول الحكومة الجديدة إلى هدف جديد للإنتفاضة وستلطخ أيديها بسرعة بدماء المنتفضين.

 

شروط ثقة المجتمع الدولي!

 

منذ اليوم الأول لتكليفه صبغ رئيس الحكومة بأنه رجل حزب الله. وحتى عندما أعلن عن أسماء الوزراء ظل الخارج ينعت الحكومة الجديدة بأنها حكومة حزب الله. والطريقة التي تشكلت بها الحكومة أكدت أنها من إنتاج <٨ آذار> وبالتالي هي صنيعة حزب الله ولو بشكل غير مباشر. ليس المطلوب من رئيس الحكومة أن ينفي ذلك كل يوم بل المرجو منه أن يتبنى بعض المواقف السياسية التي تدل فعلا على سياسة النأي بالنفس. فالمجتمع الدولي يمكنه أن يمنح الحكومة الجديدة فرصة إذا تمكنت أولا من تهدئة غضب الناس وإذا قامت بخطوات سيادية واضحة. يمكن أن تستقبله بعض الدول الخليجية ويمكن أن لا يعترض البيت الأبيض أو الأوروبيون على الحكومة وان يمنحها المجتمع الدولي فرصة، ولكن المطلوب من الخارج أكثر

بكثير من فرصة فالبلد بحاجة إلى دعم سريع ومباشر وبمليارات الدولارات حتى لا تكبر كرة الكساد الإقتصادي أكبر مما هي اليوم.

وادي شروط الثقة النيابية!

هناك فريق كبير من السلطة لا يزال يعتبر أن الإنتفاضة لم تسلبه شرعيته الشعبية التي كسبها من خلال إنتخابات عام ٢٠١٨. هذا الفريق الذي هو الداعم الأول لحكومة دياب لن يقبل ببيان وزاري فيه كلام عن إنتخابات نيابية مبكرة أو عن محاسبة وزراء ومدراء عامين ورؤساء مجالس ومتعهدين تابعين له بطريقة أو بأخرى. إذاً حكومة حسان دياب أمام تحدي التوفيق بين رغبة المنتفضين من جهة وخوف الزعماء السياسيين، الذين عليهم أن يمنحوها الثقة البرلمانية، من الملاحقة. وحتى لو منح فرقاء <٨ آذار> الثقة يمكنهم سحبها في أي لحظة يستشعرون أن دياب سيكون بالمرصاد لهم. الطرف الوحيد القادر على تأمين الثقة البرلمانية للحكومة الجديدة والسماح لها بالشروع في إصلاحات جدية ولو على حساب حلفائه هو حزب الله.

حزب الله إلى سياسة <لبنان أولا>؟

لذلك فإن كرة الإنقاذ اليوم هي في ملعب حزب الله أكثر من أي يوم مضى، فهو بإمكانه قلب الطاولة على فساد حلفائه والدخول جديا في مشروع بناء الدولة من خلال الحكومة الجديدة أو يختار الإستمرار في الدفاع عن سلطة رثة تأكل ما تبقى من رصيده. الإنقلاب على الفساد في الداخل يمكن أن يفسح المجال لإنفتاح على توافق معين بين إيران والولايات المتحدة حول المسألة اللبنانية. هذا السيناريو غير مطروح حتى الآن ولكن بإمكان الحزب من خلال تعامله مع الحكومة الجديدة أن يعزز إمكانية حصوله. ليس المطلوب من حزب الله تسليم سلاحه أو إعطاء إسرائيل أي ضمانات، ولكن يمكنه من خلال إعلان انسحابه من سوريا أن يعطي إشارة جدية عن نية إيران التهدئة على الجبهة اللبنانية. من دون خطوة واضحة من قبل حزب الله بإتجاه مفهوم <لبنان أولا> من الصعب أن يكتب أي نجاح لحكومة لبنان الجديدة مهما خلصت النوايا وصدقت استقلالية ثلاثة أرباع الوزراء.