تعيش قرى حاصبيا وراشيا قلقاً بالغاً بعد سيطرة الجماعات المسلحة في سوريا على مساحة واسعة من القنيطرة، ويعزز هذا القلق ما يجري اليوم في عرسال المرافق للغضب العام من النزوح السوري إضافة الى التقارير الأمنية الواردة والتي تؤكد ان مناطق شبعا وراشيا الفخار وحاصبيا وكفرشوبا أصبحت جميعها من المناطق التي تُعتبر ساخنة جداً ويمكن الا تكون في منأى عن المعارك المقبلة لـتنظيم <داعش> و<جبهة النصرة> ضدّ المناطق اللبنانية في إطار إصرارهما على مد دولة الخلافة الى لبنان.
السر وراء انسحاب الكتيبة النمساوية
تتصدر مناطق شبعا وراشيا واجهة الحدث الأمني والإعلامي بعد نشر معلومات تتعلق بوجود كثيف لعناصر تنتمي إلى تنظيمي <داعش> و<جبهة النصرة> على أراضي هذه القرى يقابله غض طرف إسرائيلي هدفه خلق شبكة أمان لهذا الكيان على غرار تلك التي كان يُقيمها جيش أنطوان لحد في زمن الاحتلال الإسرائيلي للجنوب. لكن المستغرب هو انه وفي ظل هذا الوجود أو التمدد للتنظيمات الاسلامية المسلحة الذي يصل الى الجولان المحتل والقنيطرة تؤكد مصادر عسكرية ان عيون الجيش وحزب الله اكثر من متيقظة عند المناطق اللبنانية المحاذية لقرى العرقوب، حيث من المتوقع ان تقوم العناصر الارهابية وبمساعدة من وحدات من <الكوماندوس> الاسرائيلي، باقتحام بعض البلدات اللبنانية انطلاقاً من هضبة الجولان الى لبنان بمحاذاة انتشار قوات حفظ السلام وما يعزز هذه الفرضية انسحاب الكتيبة النمساوية في <أندوف> التي توجد هناك منذ حوالى العام ونصف العام من المنطقة العازلة بعد رصدها تعامل الجيش الاسرائيلي مع الارهابيين من خلال دعمه لهم بالعتاد والاسلحة بالإضافة الى نقل جرحاهم للعلاج في مستشفيات اسرائيل. واللافت ان هذه الكتيبة انسحبت من دون ان تصدر تقريراً مفصلاً توضح فيه سبب انسحابها.
احتضان اسرائيلي وملاحقة عربية ــ غربية
لا مظاهر مسلحة في شبعا وبلدات الجوار ولا بيئة حاضنة للإرهاب والتكفير. مشهد الأمن والاستقرار وحده الذي يُخيّم على هذه القرى التي تتحكم أصابع عناصر الجيش القابضة على الزناد بأمنها وأمانها حيث يبعث وجود البزة العسكرية الامل في نفوس الاهالي ويزيدهم عزماً على انهم في اي معركة مقبلة مع <العصابات> سيكونون في المقدمة وسيدافعون عن أرضهم وعرضهم الى جانب جيشهم ان لم يكن في المقدمة خصوصاً في ظل المعلومات التي تصل الى أهالي شبعا والتي تتحدث عن ان المسلحين أصبحوا في بيت جن على الحدود معهم وبتسهيل من القوات الاسرائيلية وهذا ما يدعو الاهالي الى الاستغراب اذ كيف تُسهل اسرائيل أمور هذه التنظيمات في الوقت الذي تقوم فيه طائرات التحالف الغربي ـ العربي بضرب أهداف هذه التنظيمات وكل الفصائل التي تسير على نهجها في مناطق أخرى في العراق وسوريا؟
الجراح: لعدم استدراج اسرائيل في هذا الوقت
عضو كتلة <المستقبل> النائب جمال الجراح اكتفى بالتعليق على ما يجري اليوم بالقول ان ما حدث في بريتال. منذ فترة هو نتيجة تدخل <حزب الله> في سوريا ما استدعى من <جبهة النصرة> أو غيرها أن يتدخل في لبنان ويهاجم مواقع داخل الأراضي اللبنانية، معتبراً ان جبهة شبعا معرضة لأن تكون الجبهة الثالثة بعد جبهتي عرسال وبريتال، فالحزب قام بتفجير العبوة على الحدود الجنوبية لفتح جبهة جديدة بما أنّ هناك حرباً في المنطقة والحزب يريد أن يكون جزءاً فيها. الحل الانسب هو بانسحاب الحزب من سوريا ونشر الجيش اللبناني على الحدود، كما يجب أن نحاول عدم استدراج إسرائيل إلى معركة في وقت غير مناسب.
الريس: زيارة جنبلاط لوادي التيم طبيعية
منذ فترة قصيرة قام الزعيم الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بزيارة لوادي التيم وفيها نصح البيك أبناء طائفته بالعودة الى أركان الاسلام الخمسة، الأمر الذي فسّره البعض ان انعطافة جديدة تسبق ربما سيطرة <النصرة> و<داعش> على هذه المناطق، ليعود ويعتبر لاحقاً خلال مقابلة تلفزيونية أن <جبهة النصرة> ليست ارهابية انما فصيل سوري مقاوم. وفي حين وُضعت زيارة جنبلاط للمنطقة في إطار الخطر المتنامي عليها ومن خوفه على مستقبل الدروز فيها، نفى مفوّض الإعلام في الحزب <التقدمي الاشتراكي> رامي الريس هذا الأمر وأكّد أن زيارة جنبلاط <أتت في إطار جولاته المناطقيّة التي كان بدأها في قرى الشحار للتأكّيد على وحدة الصف وعلى وضع الخلافات السياسيّة جانباً في هذا الوضع الحساس وللتأكيد على الالتفاف حول الجيش، مشدداً على أنّ الأمن في منطقة العرقوب مسؤولية القوى الأمنيّة التي تقوم بدورها وبجهد جبار للحفاظ على الاستقرار الداخلي.
ولفت الريس إلى أنّ <القلق الموجود في تلك المنطقة شبيه بالقلق الذي يسود كل المناطق الأخرى والذي يشعر به اللبنانيون بسبب التحديات المتنامية، وما تتعرّض له المنطقة شبيه بما تتعرّض له مناطق أخر
ى، مشدداً على أهمية تعزيز التواصل الداخلي ووحدة الصف بين مختلف المكونات في منطقة العرقوب لتمرير هذه المرحلة الحساسة. وفي معلومات خاصة بـ<الافكار> أن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان نصح القادة الدروز بالتنبّه الى خطر <القاعدة> الموجودة في القرى والبلدات الدرزية، لأن هؤلاء يتحضّرون لعمل ما يشمل مناطق كفرشوبا وراشيا الفخار وشبعا وحاصبيا وكوكبا ومرجعيون.
الجماعة الاسلامية:
عبوة حزب الله لتلميع صورته
بدوره قال مسؤول الجماعة الإسلاميّة في منطقة العرقوب وسيم سويد: لا معلومات مؤكدة عن دخول مسلحين إلى لبنان. ونحن قمنا بجولة في الفترة الأخيرة على المرجعيات الروحيّة والأمنيّة في المنطقة لتأكيد رفض هذا الأمر. ووضع المنطقة الأمني من مسؤولية الجيش اللبناني وواجبه حماية المواطنين، ودورنا يقتصر على تأكيد الوحدة مع كل الأحزاب ورفض أي عمل إرهابي. وحول العبوة التي فجرها حزب الله مؤخراً بدورية إسرائيلية في مزارع شبعا، أوضح سويد أن لا وجود للحزب في منطقتنا والعملية الأخيرة لها أهدافها، ونحن نرى ان الحزب يعيش وضعاً مأزوماً ويحاول تلميع صورته من خلال ما قام به، ونحن كجماعة إسلامية نتمنى أن يعود إلى المنطقة لتعود عنواناً للمقاومة ولتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وقد كنا في السابق على شراكة معه في وجه العدو الاسرائيلي لذلك رفضنا دخوله إلى سوريا. واليوم كلنا نرفض أن يدخل المسلّحون إلى لبنان وسنكون ضد أي شخص يريد الاعتداء على الحدود اللبنانيّة والسيادة وسنكون كلنا يداً واحدة في مواجهته. نافياً ما يتردد عن أن المنطقة تحتوي على مسلحين من <داعش>، فالسوريون يعيشون بيننا ونعرفهم بالأسماء ولا مخيمات مخصصة.
صعب: لا تسليح ولا أمن ذاتي
في شبعا تؤكد المعطيات الميدانية التي لاحظناها خلال جولتنا عند حدودها ان المؤسسة العسكرية استطاعت أن تقلب المشهد هنا بنسبة 180 درجة وهي اتخذت احتياطاتها واستعداداتها بشكل كامل لجهة تأمين المعابر الوعرة التي سبق واستخدمت للتهريب ومرور النازحين من بلدة بيت جن السورية. والملاحظ أيضاً ان الجيش قد ضاعف عديد جنوده بنسبة كبيرة، توزعوا على نقاط مختلفة من الجبال والممرات من شبعا حتى العرقوب، قاطعاً بذلك كل طرق وخطوط الإمداد التي كان يستخدمها المسلحون للعبور من الأراضي السورية إلى اللبنانية، إما لتلقي العلاج أو لنقل المال الداعم لهم. وخلال تعبيره عن حالات القلق التي تعتري الناس في قرى العرقوب ومحيطها يقول رئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب أنّ القلق الموجود في المنطقة سببه الأخبار التي تصل إلى أهاليها بالرغم من انه لا توجد خلايا نائمة في المنطقة، ولذلك نحن مرتاحون اذ ان هناك حراساً من البلديات يحمون المنطقة ونحن بدورنا أخذنا احتياطاتنا لمواجهة أي خطر. وأؤكد بأننا لا نتسلح ولا أمن ذاتياً عندنا خصوصاً وأن الجيش اللبناني عزز إجراءاته ووجوده الأمني.
ومن جهة أخرى يرى صعب أنّه في حال فتحت إسرائيل الطريق للمسلحين فسيدخلون إلى المنطقة وحزب الله لن يسمح لإسرائيل بذلك و<مش وقتا>، ونحن سندافع عن أنفسنا حتى الموت، ونحن أيضاً على تواصل دائم ومستمر مع الأجهزة الأمنيّة. قد يكون هناك نازحون ينتمون أو يؤيدون هذا الطرف أو ذاك لكن يمنع على أي كان ان يعمل تحت الخط الذي يؤيده في شبعا. وعندنا من ينتمي لحزب الله وتيار <المستقبل> والجماعة الاسلامية والسلفيين، لكن ما يجمع كل هؤلاء هو شبعا وحبهم لها.
جابر: المسلحون سيستغلون فصل الشتاء
من المحتمل أن يؤدي اقتراب فصل الشتاء إلى تزايد هجمات الجماعات المتطرفة سواء على النقاط الضعيفة على طول الحدود أو داخل لبنان نفسه مما يضع الجيش اللبناني وحزب الله في خطر كبير جراء التمدد فوق طاقتهما، وذلك يُعتقد انه من الصعب القيام بعمليات عسكرية في هذا الفصل حيث تنعدم الرؤية ويصبح من الاصعب تحريك المركبات، اضافة الى ان جميع القوات العسكرية تصبح مكشوفة بشكل أكثر. لكن لرئيس <مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة> العميد المتقاعد هشام جابر رأي آخر اذ يقول: إن المقاتلين في سوريا ومع بدء فصل الشتاء سيستغلون خاصرة لبنان الرخوة أي منطقة شبعا - العرقوب ومرتفعات كفرشوبا ومنطقة راشيا الوادي في البقاع الغربي للهروب من قسوة الشتاء في منطقة القنيطرة بحثاً عن منطقة دافئة وآمنة لهم.
وتابع: نحن لا نتوقع انفراجاً في مكان ما على طول الحدود. هؤلاء المسلحون لا يستطيعون البقاء حيث هم لأنهم بحاجة إلى دعم لوجستي وخصوصاً عندما يأتي الشتــــاء سيحتاجــــون إلى مكان أكثر دفئاً، لافتاً الى ان العديد من المواقــــــع الأخرى الضعيفــــة المحتملة على حدود لبنان بمـــا في ذلك عكــــار في الشمـــــال وشــــــبعا في الجنــــــوب فضلاً عن البقاع الغربي جميعها ليس لحزب الله وجود قوي فيها وعدد سكان المسلمين الشيعة فيها يكاد يكون غير موجود.
حكمة راعي الغنم
عند الطريق العام الفاصلة بين منطقة المزارع وشبعا البلدة يمر أحد رعيان الغنم مع قطيعه في النقطة الفاصلة فنسأله ما اذا كان لاحظ وجود عناصر ارهابية عند التلال أو في الوديان، فيقول: أنظر كيف يراقب الإسرائيلي من فوق كل تحركاتنا من أعالي الجبال، وانظر الى تلك القوة من الأمم المتحدة وهي تقوم بدورية عند الخط الازرق منعاً لحدوث أي خرق، وانظر أيضاً الى حواجز للجيش اللبناني على المعابر وتحديداً عند معبري الرشّاحة وعين السودا المتاخمين لجبل الشيخ. وهناك أيضاً وجود خفي لعناصر حزب الله. <اذا دخلت <النصرة> أو <داعش> لهون بكون في شي غلط>.