تفاصيل الخبر

هل تكليف الحريري بتشكيل الحكومة بداية الحل للأزمة المالية والاقتصادية أم أن الوضع سيراوح مكانه؟

04/11/2020
هل تكليف الحريري بتشكيل الحكومة بداية الحل للأزمة المالية والاقتصادية أم أن الوضع سيراوح مكانه؟

هل تكليف الحريري بتشكيل الحكومة بداية الحل للأزمة المالية والاقتصادية أم أن الوضع سيراوح مكانه؟

بقلم طوني بشارة

  الخبير المالي والاقتصادي الدكتور سامر سلامة: آلية الدعم الحالية خاطئة ويجب أن تتم بطريقة مباشرة للمواطنين وبالليرة اللبنانية لمدة ثلاث سنوات

 

[caption id="attachment_82687" align="alignleft" width="417"] الدولار سيرتفع جنونياً اذا لم تتخذ اجراءات عاجلة.[/caption]

اذا لم يتم تحرير الأموال المحجوزة بالدولار سيستمر انخفاض قيمة الليرة وسيصل سعر الدولار الى 20 الف ليرة

   لبنان بلد الأزمات، ما إن نخرج من أزمة حتى ندخل بأزمة أخرى، وبات الجميع بانتظار خشبة خلاص من الهلاك الذي بتنا نحيا تداعياته على جوانب حياتنا كافة من مالية - اقتصادية - معيشية وحتى صحية وتربوية . فهل من حل يلوح بالأفق القريب - البعيد؟ وهل يعتبر تكليف الرئيس سعد الحريري بداية للحل؟ أم أنه مجرد مراوحة بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية واثرها على المفاوضات الأميركية الإيرانية من جهة وعلى تأمين الدعم والمساعدة للبنان من جهة أخرى؟ فماذا يقول خبراء المال والاقتصاد؟

سلامة يشرح جوانب الأزمة وسياسة عدم الدعم

 "الأفكار" حاورت بهذا الخصوص الخبير المالي والاقتصادي الدكتور سامر سلامة  الذي قال بداية إن

الاقتصاد اللبناني وللأسف تراجع وبالارقام من 56 مليار دولار عام 2018 الى 26 مليار عام 2020، ومن المنتظر استمرار التراجع والهبوط وذلك

[caption id="attachment_82688" align="alignleft" width="376"] مصرف لبنان مسؤول عن اختفاء 85 مليار دولار من ودائع المواطنين.[/caption]

لمدة ثلاث سنوات متتالية طالما لم يتم حتى الآن اتخاذ اي إجراءات إصلاحية لمعالجة الخلل الطارئ على الاقتصاد الوطني ، مما يعني تدهور مستمر لقيمة الليرة ، وقال إن وضع الليرة وقيمتها مرتبطان تلقائياً بما يضخه مصرف لبنان من عملة في السوق اللبناني من جهة، وبالمساعدات المرسلة من الخارج من جهة ثانية، علماً ان هذه الأخيرة قليلة نسبياً مقارنة مع ما يضخه مصرف لبنان، على اعتبار ان مصرف لبنان يضخ شهرياً وبالعملة الوطنية ما يعادل المليار دولار، اما المساعدات المرسلة فلا تتعدى قيمتها الـ 150 مليون دولار  .

واستطرد سلامة قائلاً: وبالعودة الى النسب المئوية وبمراجعة دقيقة للموازنات السابقة نلاحظ انه عامي 2008 و2009 تراوحت نسبة النمو الاقتصادي ما بين الـ 5 والـ 6 في المئة ، اما ابتداء من عام 2010 فلم يشهد الاقتصاد الللبناني أي نمو مما أدى حكماً الى تراجع بقيمة العملة الوطنية التي أصبحت فعلياً آنذاك قيمتها 2700 ليرة مقارنة بالدولار الأميركي ، علماً ان مصرف لبنان ضخ ما يقارب الـ 30 مليار دولار بغية ضبط سعر الليرة مقارنة بالدولار المعتمد وفقاً للدولة بـ 1500 ليرة. مبالغ طائلة صرفت من ودائع المواطنين واستفاد منها السياسيون وكل ذلك بغية تثبيت سعر الدولار على الـ 1500 ليرة مما اثر سلباً على اقتصاد لبنان.

*- ولكن اعتماد سعر رسمي  للدولاربـ 1500 ليرة ، اليس له انعكاسات إيجابية على الزراعة والصناعة والتجارة؟

 إن اعتماد السعر الرسمي للدولار على الـ 1500 ليرة في ظل شح الدولار وعدم اعتماد دعم ممنهج ومنطقي للصناعة والزراعة دمر للأسف القطاعات كافة من صناعية وزراعية وسياحية وتجارية . ففي القطاع الزراعي على سبيل المثال نستورد ما حوالى مليارين دولار من الخارج ونصدر ما لا يتجاوز قيمته الـ 300 مليون دولار، ونستورد على سعر السوق السوداء للدولار في ظل غياب الدعم ، الامر الذي جعلنا  نلاحظ  أن عائدات القطاع الزراعي حالياً تعادل نصف عائدات سنة 1980. وللأسف إجراءات كهذه دمرت القطاع الزراعي والصناعي والسياحي والتجاري.

*- وماذا عن انفجار مرفأ بيروت، وألم يؤثر أيضاً وبطريقة سلبية على القطاع التجاري؟

بالرغم من الانفجار الكبير الذي حصل في مرفأ بيروت نلاحظ ان عملية الاستيراد ما زالت قائمة، مما يعني ان الانفجار وبالرغم من ضخامته لم يؤثر على الحركة التجارية. فما اثر فعلاً هو قرارات مصرف لبنان وتدابير المصارف وعدم إعطاء التجار ما يحتاجونه من دولار بسعر مدعوم من اجل إتمام عمليات الاستيراد . فمعظم التجار عاجزون عن القيام بعملية الاستيراد والتصدير بسبب ضوابط المصارف ولا يوجد أي تأثير سلبي لانفجار المرفأ على الحركة التجارية. واذا عدنا الى الأرقام نلاحظ ان  قيمة التصدير السنة الماضية تجاوزت الـ 4 مليار دولار، في حين انها هذه السنة لم تلامس حتى تاريخه الـ 2 مليار دولار، والسبب تقلبات سعر الدولار بالسوق السوداء وعدم توفره بالسعر الرسمي للتجار.

*- نفهم من حديثك بأنك ضد آلية الدعم المعتمدة حالياً؟

[caption id="attachment_82686" align="alignleft" width="172"] الدكتور سامر سلامة: هم مصرف لبنان اتخاذ اجراءات واصدار قرارات لمصلحة المصارف ولحمايتها وللحفاظ عليها.[/caption]

إن آلية الدعم تمت للأسف بطريقة خاطئة ومن دون اية رقابة او ضوابط  فعلية، فعلى سبيل المثال دعم الدواء لم يستفد منه المواطن-المريض، بل التجار الذين استغلوا عملية الدعم وقاموا بإعادة تصدير الدواء المدعوم الى تركيا ومصر وسوريا  ...وحققوا أرباحاً طائلة بدل من ان يستفيد المواطن ، الامر ذاته ينطبق على عملية استيراد النفط الذي يهرب الى سوريا، مما يعني ان الدعم المعتمد نتائجه بعيدة كل البعد عن مصلحة المواطن بل تصب في مصلحة التجار، علماً انه وبعملية الدعم يتم استخدام أموال المصرف اللبناني وتستفيد منها الدول الأخرى . فمصرف لبنان منذ ستة اشهر ومن اصل 10 مليارات دولار موجودة لديه اعطى المصارف 8,8 مليار دولار مما يعني انه يفضل مصلحة المصارف على مصلحة المودعين . 

*- اشرت الى ان الدعم لم يصب لصالح المواطن، فهل من آلية معينة يفترض اتباعها لتطبيق الدعم؟

الدعم يجب ان يتم بطريقة مباشرة للمواطنين وبالليرة اللبنانية، فهناك فعليا 500 الف عائلة أي ما يعادل الـ مليوني مواطن يجب دعمهم وبطريقة مباشرة وذلك عن طريق إعطاء كل عائلة وبالليرة اللبنانية ما يعادل الـ 400 دولار شهرياً أي بتكلفة مليارين ونصف المليار شهرياً ويجب ان تستمر عملية الدعم لمدة ثلاث سنوات أي الفترة الكفيلة بإيجاد حل للازمة وبتصحيح أجور المواطنين.

مصرف لبنان والقرارات الخاطئة!

*-مصرف لبنان اصدر مؤخراً قراراً بتخفيض حجم السحوبات بالليرة وبالدولار للمواطنين ، فكيف تفسر هكذا اجراء ؟ ولمصلحة من قد اتخذ؟

 لا نية اطلاقاً لدى مصرف لبنان، كما لا يوجد أي قرار سياسي لحل المشكلة الأساسية إلا وهي إختفاء 85 مليار دولار من ودائع المواطنين، مبالغ استهلكها مصرف لبنان ولا نية لديه لاعادتها لاصحابها.همه الوحيد اتخاذ إجراءات وإصدار قرارات لخدمة مصالح المصارف لا بل لحمايتها والدفاع عنها ، فكل ما اتخذ حتى الان يعتبر إجراءات لا منطقية وقرارات لا تعالج الازمة، فالمصرف يضخ شهرياً مليار دولار بالعملة الوطنية وبالمقابل لا يريد إعطاء المودع حقوقه ، لذا ما يتم اتخاذه يعتبر حلاً غير منطقي ولا يعالج الازمة بل يضاعف من مشكلة التضخم.

*-البعض يروج بأن تكليف الحريري يعتبر بداية  لحل الازمة، فهل تؤيد ذلك؟ 

 هنا لا بد من التساؤل، هل الحريري كلف بدعم أميركي- أوروبي - سعودي؟ ففي حال توفر هذا الدعم عند التكليف يمكن عندها الحديث عن بداية للحلحلة. اما اذا ثبت ان تكليفه لم يترافق مع الدعم فالازمة ستبقى قائمة ومستمرة، على اعتبار ان توافر الدعم يعني بالمقابل الحصول حكماً على مساعدات من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي .

وتابع سلامة قائلاً: حالياً 24 في المئة من الشعب اللبناني غير قادر على تأمين لقمة عيشه، ونصف الشعب تحت خط الفقر مما يعني ان لا قدرة اطلاقاً في ظل الظروف الراهنة على ضبط الوضع . وهنا أؤكد انه في حال لم نحصل على دعم ولا على مساعدات من البنك والصندوق الدولي سيصل الدولار حكماً الى عتبة الـ 100 الف ، وفي حال تمكن الحريري من الحصول على دعم سينخفض الدولار ولكن لن يتم تثبيته اطلاقاً على الـ 1500 ليرة.

*-كيف تفسر إعادة تكليف الحريري، وهل من ارتباط ما بين وجوده والمفاوضات الأميركية الإيرانية؟

 وفقاً للمعطيات أرى ان وجود الحريري وإمكانية المساعدات مرتبطان بالانتخابات الأميركية وبالمفاوضات المقبلة ما بين اميركا وايران وما ينتج عنها من تأثير على العلاقة بلبنان وحزب الله، مما يعني اننا سنمر حكماً بسنة كاملة من الصعوبات المالية ولن نحصل على مساعدات تحل الازمة بشكل نهائي وكامل، وستنحصر المساعدات لقطاعات معينة كالكهرباء مثلاً ، أي ان الحلول ستكون جزئية وليست كاملة.

*-  ولكن ما ان تم تكليف الحريري حتى هبط سعر الدولار بالسوق السوداء، فما سبب ذلك؟

 بات يعلم الجميع بأن من يتحكم بسعر الدولار في السوق السوداء هم ثلاثة تجار أماكن عملهم تقع بالقرب من المطار، ويحددون سعر السوق السوداء وفقاً لمأرب وغايات سياسية باتت معروفة للجميع. اي ان السعر مرتبط بالحزب المهيمن وبرغبته بتحديد السعر اليومي.

*- لقد المحت سابقاً بأن الدولار سيلامس الـ 20000 ليرة مع بداية عام 2021، فهل ما زال توقعك قائماً ؟

في حال لم يتم إعطاء حقوق الناس بالدولار ، أي في حال استمرت المصارف على إعطاء الناس أموالهم المحجوزة  التي هي أساساً بالدولار بما يقابلها  بالليرة اللبنانية ، ولم يتم تحرير الأموال المحجوزة بالدولار سيستمر انخفاض قيمة الليرة ، وبالتالي سنصل حكماً الى عتبة الـ 20000 ليرة للدولار الواحد.

الحل المنشود

*- وما الحل؟

 لا بد من السعي لايجاد توازن بين قيمة الاستيراد والتصدير، وتحديد الاستيراد بالسلع  التي لا يتم انتاجها محلياً، كما لا بد أيضاً من زيادة عائدات التصدير من 4 مليار دولار الى 10 مليار . وذلك عن طريق الاهتمام بالقطاعات المنتجة والقادرة بمواصفاتها على دخول الأسواق العالمية، مما يجعلنا عندها قادرين على الاكتفاء بالدولار الموجود في السوق، ونقلل لا بل نقضي على فكرة  طلب الدولار من اجل الاستيراد. ومقابل ذلك على المصارف ان تؤمن السيولة والدعم المالي لاصحاب الشركات القادرة على انتاج السلع البديلة للسلع التي نستوردها حالياً.عندها وخلال خمس سنوات سترتفع عائدات الاقتصاد الوطني من 26 مليار دولار الى حوالي الـ 70 مليار وسترتفع حكما معاشات المواطنين. أي ان الحل يكمن بتقوية الاقتصاد اللبناني عن طريق ضبط قيمة الليرة وتقوية ودعم القطاع الصناعي الزراعي والتجاري.